الليلة الثالثة

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمُنْزِلُ الْمَنَافِعِ وَالْكِتَابِ الْجَامِعِ، بِالنُّورِ السَّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ، وَلِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ، وَلِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه عليه السلام في دعائه: وَمُنْزِلُ الْمَنَافِعِ وَالْكِتَابِ الْجَامِعِ، بِالنُّورِ السَّاطِعِ.

يسير الإنسان في هذه الدنيا متخبطا في دروبها، يغشى بحار الظلمات أحيانا ويحن إلى النور حيناً آخر، ليُحصل في مسيره أعظم النعم التي يأملها وهي: المعرفة التي تمنح المؤمن الثقة في دينه، لأن حقيقة العلم بوجود الله في قلبه تنيره، وتعطيه الطمأنينة في القدرة على تحمل مصاعب الدنيا ، كالمعرفة بأن الرب يملك صفات الكمال والعدل وأنه إليه تنتهي جميع أمور خلقه.


فيطمئن أن كل ما ينزل من المنافع الإلهية تكون منه رحمة للمؤمنين ومنفعة لهم، فمن ذلك قوله تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الرعد: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ).


روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: يقول الله تعالى: يابن آدم لم أخلقك لأربح عليك، إنما خلقتك لتربح علي، فاتخذني بدلا من كل شيء فإني ناصر لك من كل شيء.
كثرة المنافع الإلهية المنزلة على جميع عباده، التي تصب في مصلحتهم من إنزال الرسل والكتب السماوية التي ترشدهم وتعلمهم.


فإرسال الرسل وإنزال الكتب منفعة ونعمة من الله تعالى وهما وسيلة الهداية إليه، فالرسل يرشدون الناس إلى طريق الإيمان وكتبه كانت دليل للمعرفة أن الله سخر كل شئ في الكون للمنفعة للإنسان، وذلك قوله تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة لقمان: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً).


روي بالإسناد عن أبي ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه واله قال: قلت: يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب أنزل الله على شيث خمسين صحيفة وعلى إدريس ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم عشرين صحيفة وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.

روي عنه عليه السلام في دعائه: وَهُوَ لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ، وَلِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ، وَلِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ.

الدعاء هو كل ما يتقوى به العبد في حياته، ويرجو من خلاله أن يفيض الله عليه بسماع دعائه والاستجابة له بقضاء حوائجه، فكانت مدرسة النبوة محمد وآل محمد هي أساس كل علم لتعلم العبد كيفية الدعاء وآدابه، وقد تقدم مني التفصيل في هذا المطلب في الشروحات السابقة لأدعية الأيام والليالي شهر رمضان وكتاب شرح دعاء الافتتاح.


روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: اياكم ، إذا أراد أحدكم ، أن يسأل ربه شيئا من حوائج الدنيا والآخرة ، حتى يبدأ بالثناء على الله عزوجل ، والمدح له ، والصلاة على النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله ، ثم يسأل الله حوائجه.


من نتائج أعمال العبد الحسنة دفع الكربات من الله عنه، كما ورد ذلك في الروايات عن أهل البيت عليهم السلام ومنها ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من نفس عن أخيه المؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه سبعين كربة من كرب الآخرة.
روي عن صلى الله عليه وآله وسلم: داووا مرضاكم بالصدقة.
كثيرة هي الأفعال التي تدفع الكرب منها الدعاء، رضا الوالدين.
قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الأنعام : (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ).

الاعمال التي يسعى اليها العبد لنيل الدرجات الرفيعة عند الله من خلال طاعة الله والتمسك بولاية اهل البيت عليهم السلام.
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم، يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست على شيء حتى ينتهي إلى العاشر، فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق، ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، فإن من كسر مؤمنا فعليه جبره.

ونحن في هذه الأيام والليالي المباركة نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.
روي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : للقائم منا غيبة أمدها طويل كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته ، يطلبون المرعى فلا يجدونه ، إلا من ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة ، ثم قال ( عليه السلام ) : ان القائم منا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة فلذلك نخفي ولادته ويغيب شخصه.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *