الليلة الرابعة عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه عليه السلام في دعائه: وَنَبَّهْتَنِي لِشُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَاَوجَبْتَ عَلَىَّ طَاعَتَكَ وَعِبَادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ، وَمَنْنْتَ عَلَىَّ فِي جَمِيعِ ذلِكَ بِعَونِكَ وَلُطْفِكَ.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة البقرة: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ).

لقد منّ الله سبحانه وتعالى على عباده بأنه لم يجعل لهم وقتاً محدّداً ومنحصراً للاتصال به، كما ولم يحصره في مكان معيّن، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ليس عمل أحبّ إلى الله تعالى ولا أنجى لعبد من كلّ سيّئة في الدنيا والآخرة من ذكر الله.
إنّ شكر الله تعالى حقّ شكره على عظيم نعمه وخيره على عباده لذكر الشكر من العبد الى خالقه، لأن الشكر لله سبحانه من الذكر له سبحانه وتعالى، وذلك قوله تعالى في سورة ابراهيم:(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ).
روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: يا موسى اشكرني حقّ شكري. فقال عليه السلام: “يا ربّ كيف أشكرك حقّ شكرك، وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به عليّ”؟! فقال (عزَّ وجلَّ): يا موسى شكرتني حقّ شكري حين علمت أنّ ذلك منّي.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة النساء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾.

من الحقوق الإلهيّة الواجبة على العباد تجاه الخالق عزّ وجلّ، والتي تتجلّى عظمتها من كونه سبحانه وتعالى المنعم الأعظم على الإنسان، فضلًا عن أنّه خالقه وموجده، والذي وهبه الكثير من النِّعَم ما يعجز عن وصفه وتعداده، هو حق طاعة الله سبحانه وتعالى فيما أمره به ونهاه عنه.

روي عن الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام): “وإذا أردت عزاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فاخرج من ذلّ معصية الله إلى عِزّ طاعة الله عزّ وجلّ”.

في الحديث المعروف بحديث الثَّقلين، والثَّابت عند جميع المسلمين، يأمر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميع النَّاس بالتَّمسُّك بالقرآن الكريم والعترة الطَّاهرة عليهم السلام.
روي عن النبي صلى الله عليه وآله: “يا أيُّها النَّاس إنِّي تارك فيكم الثَّقلين: الثَّقل الأكبر، والثَّقل الأصغر، إن تمسكتم بهما لا تَضِلُّوا، ولا تُبَّدلُوا*، وإنِّي سألت اللَّطيف الخبير أن لا يتفرَّقا حتَّى يردا عليَّ الحوض فأعطيت ذلك، قالوا: وما الثَّقلَ الأكبر؟ وما الثَّقلَ الأصغر؟ قال: الثَّقلُ الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله، وسبب طرفه بأيديكم والثَّقلُ الأصغر عترتي وأهل بيتي.

إن ادراك الكمالات ومعرفتها والوصول الى الكمال المطلق لتتم استقامة حياة العباد بجميع اشكالها وأحوالها الدينية والدنيوية والأخروية ،لابد إذن من المعرفة الصحيحة المتمثلة بإدراك الشيء عن دليل، سواء كانت معرفة عقلية أو نقلية ، ومن أراد معرفة الكمال والوصول إليه، فلا بد له من معرفته تمام المعرفة من خلال ما أمرنا به من أنهم عليهم السلام قد أعطوا لنا من كتاب الله عزوجل الدليل القاطع من الاخبار عن رسل الله وأنبيائه وما جرى عليهم، إذن هم عليهم السلام أبواب الله لكل علم ومعرفة.

روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: نحن خزّان علم الله، ونحنُ تراجمَةُ وحي الله.
روي عن الإمام عليّ عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى في سورة الرعد: ﴿قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾”أنا هو الذي عِندَه علم الكتاب”.

روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه، وسبيله والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا فإنهم عن الصراط لناكبون، فلا سواء من اعتصم الناس به، ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد لها ولا انقطاع.

ونحن في هذه الأيام والليالي المباركة نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.
روي عن الامام موسى بن جعفر عليهما السلام قال: طوبى لشيعتنا ، المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا ، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا ، أولئك منا ونحن منهم ، قد رضوا بنا أئمة ، ورضينا بهم شيعة ، فطوبى لهم طوبى لهم ، وهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *