الليلة السابعة عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه عليه السلام في دعائه: وَوفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ، فَاِنْ دَعْوَتُكَ اَجَبْتَنِي، وَاِنْ سَئَلْتُكَ اَعْطَيْتَنِي، وَاِنْ اَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي، وَاِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي، كُلُّ ذلِكَ اِكْمَالٌ لاَِنْعُمِكَ عَلَىَّ، وَاِحْسَانِكَ اِلَىَّ، فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورك هود:(وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).
التوفيق هو أول النعم التي يمن بها الباري على عباده، وهو رأس النجاح في كل عمل، روي عن الامام محمد الجواد عليه السلام قال: الْمُؤْمِنُ يَحْتَاجُ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: تَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وَوَاعِظٍ مِنْ نَفْسِهِ وَقَبُولٍ مِمَّنْ يَنْصَحُهُ.
بعد أن نستشعر التوفيق من الله عز وجل، تحصل النورانية للإنسان فتقربه إلى الله، وذلك بالزلفى لديه فيلتزم ببعض الأمور من دعاء و سؤال من الله عزوجل، والطاعة المشكور عليها من الله وكل ذلك من اتمام نعم الله عليه وإحسانه الكريم.
فآثار التوفيق التي يتبين للانسان من التوفيق في الحياة من خلال المرويات عن أهل البيت عليهم السلام.
روي عن الامام أمير المؤمنين عليه السلام قال: التوفيق رأس السعادة، والتوفيق أول النعمة، والتوفيق رأس النجاح.
اذا فعل العبد ما أمره الله عزوجل به من الطاعة التي تقربه اليه وتبعده عن المعاصي فيتركها بتوفيق من الله تعالى ذكره.
فالدعاء الى الله عزوجل هو روح العبادة وحقيقتها لأن الدعاء يقوي المعرفة بين الانسان وخالقه وكثيرة هي الأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام التي تعلمنا خصوصية العبودية له سبحانه، والابتهال إليه ، لأنه من أنجع الوسائل وأعمقها ، في تهذيب النفوس ، واتصالها بالله تعالى.
روي عن الامام جعفر الصادق عليه السلام قال: عليكم بالدعاء ، فإنكم لا تقربون بمثله ، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها ، إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار.
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام)قال: من سره أن يستجاب دعاؤه فليطيب كسبه.
إن السؤال من الله هو هيبة للمؤمن ووقار له من خذلان الناس.
روي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: التقرب إلى الله تعالى بمسألته وإلى الناس بتركها.

إن كمال الشكر هو في إظهار العجز عنه؛ كما أن نبي الله داوود (عليه السلام) ، في معرض جوابه على خطاب الله حين قال تعالى له في سورة سبأ: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} قد سأل ربه “كيف أشكرك يا رب والشكر نعمة منك؟!” قال الباري: “الآن قد عرفتني وشكرتني، إذ قد عرفت أن الشكر مني نعمة” وعندما قال موسى الكليم (عليه السلام) مخاطباً ربّه: “كيف أشكرك وأصغر نعمة وضعتها بيدي من نعمك لا يجازى بها عملي كله؟!فأوحى الله إليه: يا موسى الآن شكرتني.

روي عن الامام أمير المؤمنين عليه السلام قال: من شكر النعم بجنانه استحق المزيد قبل أن يظهر على لسانه .

العبادة لله عز وجل هى أن تكون حركات الإنسان وسكناته وحياته ومماته لله سبحانه وتعالى، فكل خطوة يخطوها يجب أن تكون استجابة لإرادة الله ومشيئته خالصة لله دون سواه، وذلك قوله تعالى في سورة الانعام: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.


روي عن الإمام الصادق عليه السلام عن جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: عن الله عز وجل في حديث قدسي: ما تقرّب إلىّ عبد بشيء أحب إلىَّ مما افترضت عليه، وأنه ليتقرّب إلىّ بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به ولسانه الذى ينطق به، ويده التي يبطش بها إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته‌.

وقد بلغ أهل البيت فى عبادتهم وأخلاقهم وعبوديتهم لله تعالى مرحلة أصبحوا فيها الأكثر قرباً من الله عز وجل، وهكذا أرادوا لشيعتهم أن يكونوا.
روي عن أبي بصير، قال: قال الامام الصادق عليه السلام : شيعتنا أهل الورع والاجتهاد، وأهل الوفاء والأمانة، وأهل الزهد والعبادة، أصحاب إحدى وخمسين ركعه في اليوم والليلّة، القائمون باللّيل، الصّائمون بالنهار، يزكّون أموالهم، ويحجّون البيت، ويجتنبون كلّ محرم.

ونحن في هذه الأيام والليالي المباركة نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.
روي عن دعبل بن علي الخزاعي قال : أنشدت مولاي الرضا علي بن موسى ( عليه السلام ) قصيدتي التي أولها :
مدارس آيات خلت من تلاوة                 ومنـزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي :

خروج إمام لا محالة خارج                  يقوم على اسم الله والبركات
يميّز فينا كل حق وباطل         *         ويجزي على النعماء والنقمات


بكى الرضا ( عليه السلام ) بكاء شديداً ، ثم رفع رأسه إليّ فقال لي : يا خزاعي! نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين! فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟

فقلت : لا يا مولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً ( كما ملئت جوراً ).
فقال ( عليه السلام ) : يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عزوجل ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً .

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *