الليلة العشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه عليه السلام في دعائه: عَقْدِ عَزَمَاتِ يَقِينِي، وَخَالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي، وَبَاطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي، وَعَلاَئِقِ مَجَارِي نُورِ بَصَرِي، وَاَسَارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة آل عمران:(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ).

وقال تعالى في سورة الواقعة:(إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ).

إن العزم مقترن باليقين الخالص لله، والعزم إرادةٌ يريد بها الإقدام على التصريح في توحيده لله عزوجل بكل تكوين الإنسان من جسد وأمر قلبي أو وجداني، فاليقين روح أعمال القلوب التي هي أرواح أعمال الجوارح، فهو مادة جميع المقامات والحامل لها.


روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: من الحزم صحة العزم، من الحزم قوة العزم.
اليقين الخالص في توحيد الله هو درك الفضائل النفسية، وأعز المواهب الإلهية، فيعطي العبد مكانة توليه السعادة في الدارين.


روي عن الإمام جعفر الصادق قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صلى بالناس الصبح، فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي برأسه، مصفراً لونه، قد نحف جسمه، وغارت عيناه في رأسه، فقال له رسول اللّه: كيف أصبحت يا فلان؟

قال: أصبحت يا رسول اللّه موقناً،

فعجب رسول اللّه من قوله، وقال له: إن لكل يقين حقيقة، فما حقيقة يقينك؟

فقال: إنّ يقيني يا رسول اللّه هو الذي أحزنني، وأسهر ليلي، وأظمأ هواجري، فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها، حتى كأني أنظر الى عرش ربي، وقد نصب للحساب، وحُشر الخلائق لذلك، وأنا فيهم، وكأني أنظر الى أهل الجنة يتنعمون في الجنة ويتعارفون، على الأرائك متكئون، وكأني أنظر الى أهل النار وهم فيها معذَّبون، مصطفون، وكأني الآن استمع زفير النار يدور في مسامعي.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لأصحابه: هذا عبد نوّر اللّه قلبه بالإيمان، ثم قال له: الزم ما أنت عليه،

فقال الشاب: أدع اللّه لي يا رسول اللّه أن أرزق الشهادة معك،

فدعا له رسول اللّه فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي فاستُشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر.

لقد اهتم الإمام عليه السلام بكلمات دعائه الشريف بهوية العبد بدءا من الاعتراف بالإخلاص لله بالضمير، وقد عرفوا الضمير بتعريفات عدة من علماء الكلام والنفس والفلسفة وعلم الحديث، وعرفه القرآن هو ذلك الوجدان او القلب، ونسب إليه صفات عدة العمي والمرض والتشتت والإثم والقسوة وغيرها من التقلبات التي تطرأ عليه من الخير أو الشر.
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)قال: إن للقلب أذنين: روح الإيمان يساره بالخير، والشيطان يساره بالشر، فأيهما ظهر على صاحبه غلبه.

يبدأ سلام الله عليه بالاعتراف الكلي من الجسد بتوحيد الله عزو جل، كأنه يُشرح جسم الإنسان ويدعو كل جزء منه الى الاعتراف لله بالوحدانية فهذا خالص العبودية لله.


وتناول ديننا البدن تشريحا وبياناً وتوضيحاً لوظائف أعضائه، فلا إهمال ولا لغوية في وجود كُلّ عضو، بل وُضِعَ كل عضو في محلّه، ونُظِّمَت علاقة الأعضاء بعضها بالبعض الآخر بتناسق وتناعُم وترابط عجيب حتی أنها تعمل كمجموعة واحدة وإن اختلفت وظائفها وتباعدت اماكنها في هذا البدن الغريب العجيب {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}فتبارك الله أحسن الخالقين.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة البلد:(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ).

وتعتبر العين آية عظيمة وكبيرة جداً وتدل على عظمة الله سبحانه وتعالي لما تتكون منه العين وقد عرفوها علماء التشريح.

عين الإنسان:

1 . الخلط الزجاجي

2. الحاشية المشرشرة

3. العضلة الهدبية

4. النطيفة الهدبية

5. قناة شليم

6. الحدقة

7.الغرفة الأمامية

8. القرنية

9. القزحية

10. قشرة العدسة

١١.العدسة

12. النواتئ الهدبية

  1. الملتحمة
  2. العضلة المائلة السفلية
  3. العضلة المستقيمة السفلية
  4. العضلة المستقيمة الوسطية
  5. أوردة وشرايين الشبكية.
  6. القرص البصري .
  7. الأم الجافية
  8. شريان الشبكية المركزي
  9. الوريد الشبكي المركزي
  10. العصب البصري
  11. الأوردة الدوارية
  12. غمد المقلة
  13. بقعة الشبكية
  14. النقرة المركزية
  15. بياض العين
  16. المشيمية
  17. العضلة المستقيمة العلوية
  18. الشبكية.

روي عن عباد بن صهيب عن أبيه عن جده عن الربيع صاحب المنصور قال : حضر أبوعبد الله عليه السلام مجلس المنصور يوماً وعنده رجل من الهند يقرأ عليه كتب الطب ، فجعل أبوعبد الله عليه السلام ينصت لقراءته ، فلما فرغ الهندي قال له : يا أبا عبدالله ، أتريد مما معي شيئاً ؟

قال : لا فإن معي خير مما معك

قال وما هو ؟

قال عليه السلام: أداوي الحار بالبارد والبارد بالحار والرطب باليابس واليابس بالرطب وأرد الأمر كله إلى الله عز وجل وأستعمل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله: وأعلم أن المعدة بيت الداء وأن الحمية رأس كل دواء واعط البدن ما اعتاده ….

قال عليه السلام : لا والله ما أخذت إلا عن الله سبحانه فاخبرني : أنا أعلم بالطب أم أنت ؟

قال: الهندي بل أنا ،

قال الصادق عليه السلام: فأسألك شيئاً ؟

قال: سل ،

قال الصادق عليه السلام: أخبرني يا هندي : لم كان في الرأس شؤون ؟

قال: لا أعلم .
فلم جعل الشعر عليه من فوق ؟

قال: لا أعلم .
فلم خلت الجبهة من الشعر ؟

قال: لا أعلم .
قال عليه السلام : فلم كان لها تخطيط وأسارير ؟

قال: لا أعلم .
فلم كان الحاجبان فوق العينين ؟

قال: لا أعلم .
فلم جعلت العينان كاللوزتين ؟

قال لا أعلم .
قال الصادق عليه السلام : لكني أعلم .
قال الهندي : فأجب .
قال الصادق عليه السلام : كان في الرأس شؤون لأن المجوف إذا كان بلا فصل اسرع إليه الصداع فاذا جعل ذا فصول [ شؤون ] كان الصداع منه أبعد .
 وجعل الشعر من فوقه ليوصل الأدهان إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ، ويرد الحر والبرد عنه .
وخلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور إلى العينين .
 وجعل فيهما التخطيط والأسارير ليحتبس العرق الوارد من الرأس إلى العين قدر ما يحيطه الانسان عن نفسه كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه .
 وجعل الحاجبان من فوق العينين ليردا عليهما من النور قدر الكفاية ، ألا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما قدر الكفاية منه .
وجعل الأنف بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء .   
وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء ، ولو كانت
مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل ولا وصل اليها دواء ولا خرج منها داء .


وروي من رسالة الحقوق للإمام السجاد عليه السلام قال: وَ أَمّا حَقّ بَصَرِكَ فَغَضّهُ عَمّا لَا يَحِلّ لَكَ وَ تَرْكُ ابْتِذَالِهِ إِلّا لِمَوْضِعِ عِبْرَةٍ تَسْتَقْبِلُ بِهَا بَصَراً أَوْ تَسْتَفِيدُ بِهَا عِلْماً فَإِنّ الْبَصَرَ بَابُ الِاعْتِبَارِ .

هذا أجمل وأدق وأرق ما في الإنسان وأعمقه وأقواه، صغيرٌ حجمها، لكنها تسع الكون بما فيه من بحار وأنهار وجبال وأشجار وشمس وقمر وأرض وسماء. الحواس بها جميعًا تكون حواسًّا، وبدونها تتعب كل حاسة في تصور ما في الوجود من أشياء.. فهي النافذة التي بها تعرف الأشكال والألوان والأسماء، وتكشف الأسرار وتدفع الشرور ،وبها يُقدر الجمال وتُدرك المعارف والعلوم، ويُستدل بها على خالق الوجود.

ونحن في هذه الأيام والليالي الحزينة بشهادة الامام أمير المؤمنين عليه السلام نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.

أوصى إمام المتّقين ورائد الحكمة أولاده عليهم السلام بكوكبة من الوصايا الذهبيّة قبل وفاته ، وهذه بعضها :
ـ قال عليه السلام للحسنين عليهما السلام وهو على فراش الموت يعاني من آلام الضربة الغادرة قال عليه السلام:
أوصيكما بتقوى الله ، وألاّ تبغيا الدّنيا وإن بغتكما ، ولا تأسّفا على شيء منها زوي عنكما ، وقولا بالحقّ ، واعملا للأجر ، وكونا للظّالم خصماً ، وللمظلوم عوناً.
أوصيكما ، وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي ، بتقوى الله ، ونظم أمركم ، وصلاح ذات بينكم ، فإنّي سمعت جدّكما ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يقول : صلاح ذات البيّن أفضل من عامّة الصّلاة والصّيام.
الله الله في الأيتام ! فلا تغبّوا أفواههم ، ولا يضيعوا بحضرتكم.
والله الله في جيرانكم ! فإنّهم وصيّة نبيّكم ؛ ما زال يوصي بهم حتّى ظننّا أنّه سيورّثهم.
والله الله في القرآن ! لا يسبقكم بالعمل به غيركم.
والله الله في الصّلاة ! فإنّها عمود دينكم.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *