المثيلي والمثالي 3

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
هناك مفهوم مثالي ذهني بحمل أولي وهناك مصداق لهذا الفرد في حمل شايع، وللوصول له نحتاج لسياقات ومناهج قانونية بديهية لا يختلف عليها اثنان أو نظرية يحكمها قانون العقلاء كي تكون ملزمة، ولكل حقيقة ونتيجة سياق علمي يبحثها بطبيعة الفرد والجهة .. وقد مر النقاش في ذلك سابقا ولا نعيد..
فالعقل الباحث بأدواته المتساوية عند العقلاء، ومدركاته ومعاييره التي يقطع بنسبتها، ومشاهداته التي يدركها، وتجربياته التي يقطع بنتائجها المتكررة دون تخلف، قد يختلف مع التفاسير العلمية لتلك الظواهر نظرا لكونه قد ألف تغيراتها وعدم اجتماع العلماء على تفسير واحد فيها يخفف من جزمية القطع عنده .. وقد مر ذلك أيضا..
لذلك فعالم الإثبات والدليل والحجة يقودنا لهذا الفرد المثالي عبر الضرورات والوجوبيات التي يتوقف عليها الوجود بكل حال، وفي هذه الحالة لا يمكن جعل هذا الفرد كباقي كباقي الأفراد الممكنة ولا المقايسة عليها حتى في المخيلات، لأن المعايير العقلية تأبى النقش بلا عرش في وجود الأسياء بلا هذا الفرد، وإن تخيلوا شريك الباري وتعدد الأرباب فتلك صفات وجوبية تخيلتها بعض الأديان متعددة بتعدد الأرباب، ولكن لا يمكن تخيل وجود أفراد ممكنة بلا علة موجود واجب الوجود يكون أصلا لكل تلك الأشياء.
وعالم النقض والنفي والسلب سيقودنا أيضا لوجوده عبر سلب وجود كل الممكنات خصوصا أو عموما إن لم تكن مرتكزة على علة تامة لوجودها أو فاعل حقيقي يسلبها هذا الوجود.
وفي نفس عالم السلب يفرض الفرد المثالي وجوب وجوده بتنزيهه عما يناقضه عبر معطيات صفاته الحقيقية الوجودية..
مثلا:
أ- الطبيب يثبت نفسه بعمله وشهادة أهل الاختصاص وشهادته الأكاديمية.. فلولا مدارس الطب لما أمكن إيجاظ طبيب..
ب- والطبيب (ليس ) مهندسا و(لا) سباكا و(لا) حمالا و(لا) أي شيء آخر غير كونه طبيبا ..
ج- الطبيب بشرناطق (فهو ليس بحيوان فاقد العقل) .
وكما نلاحظ أننا مثلنا بالصفات لآدمي ممكن مفتقر لواجب الوجود إلا أن فرده المثالي الموصوف توافق مع بعض الصفات وأبى أخرى وتنزه عنها وسلب غيرها مما يمكن أن يتصف به ! فماذا لو مثلنا بالذوات أصلا؟!
فكيف استطاعوا عبر مناهجهم نفي علة الوجود التامة الواجبة التي يتوقف عليها وجود الأشياء، وبأي منهج نقضوا المفهوم المثالي ؟ وكيف أثبتوا له ما تنزه عنه؟! في الوقت الذي يحكم العقل حتى الصفات إن اتخذها موضوعا في حملياته..
واقعا ! إن إثبات المنفي ونفي المثبت ومحاولة النقض للثوابت في مثل هذه الحالة لا يمكن حتى تصوره في المخيلة في فرد واحد.. لأننا حينها سنكون في واقع آخر ونتكلم عن موضوع آخر أو نؤلف قضايا كاذبة تتحدث عما يغاير الواقع ..

عباس العصفور
النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *