إشكال من القراء

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين
قد مر في المقالت السابقة أن الانتزاع يجب أن يكون من المصاديق الخارجية ليلامس الحقيقة، ويكون مأخوذا منها فعلا بطريق مجرد وواضح .
وقد أشكل بعض القراء الأعزاء بأن الانتزاع لا يختلف بين الأفراد التي تم استقراءها وبين الفرد الواحد، فمبدأ الاستقراء لانتزاع الحقيقة واحد سواءا كان من فرد أو من أفراد متعددة.
فلو دققنا في الأفراد المتعددة لوجدنا عدة أمور:
العدد والتعداد: ان تم الانتزاع من عدد معين تن حصره تحت مسمى متفاوت يصعب انتزاع الجامع بينه نظرا لكون الجمع العددي المميز لا يجمعه إلا تمييز العدد
الاستقراء: الجامع فيه عنوان عام وما يندرج تحته فهو مندرج أصلا تحت الجامع العنواني العام ، ومادام عاما فلا يمكن ملاحظة الخصوصيات من خلاله.
الفردي: انتزاع الحقيقة من الفرد بملاحظة جميع خصوصياته وماهيته يكون أكثر دقة في الوصول للحقيقة، ويمكن ذلك بملاحظة الفرد وجزئياته ومركباته وجهاته لتحديد ءلك والوصول للحدود المقنعة بالحقيقة.

بينما انتزاع العنوان العام والمعنى العام لا يرقى أكثر من كونه ملاحظة الجامع وتحديد عنوان عام، فما كان تحت هذا العنوان متفق عليه فلا كلام، ولكن ماذا في الأفراد المشككين والمتفاوتين الذين يشملهم هذا العنوان من وجه أو لا يمكن إدراك ما يشملهم او لا؟
هكذا اذا حاول اللاأدريون انتزاع مفهوم الرب من استقراءاتهم الخاصة من أفراد جمعوها أصلا من مفهوم ذهني عام جاهز، ثم جاؤوا لينتزعوا منه عنوان الرب مرة أخرى..
فهم قد جمعوا على نحو التعداد قائمة من كل مسمى للرب في عالم الأديان ثم جاؤوا يبحثون عن انتزاع الحقيقة؟!
كيف جمعوا عباد الأصنام الذين اخترعوا ربا من أذهانهم مع الوثنيين الذين اعتقدوا بالظواهر الطبيعية أو مخترعي الأديان من عبدة الحيوانات والإبراهيميين ليجعلوهم في معنى رب واحد؟ بالتعداد ! واعتبروهم مثيليين في استقراء موحد ليحاولوا انتزاع عنوان الرب ؟؟!
ولو أمعنا التأمل والتركيز، سنرى بأن في أفرادهم مجموعة من الممكنات والمفتقرة للعباد لتوجد في الخارج كمصاديق، ولكن الرب الذي أرسل ملائكته ورسله واجب الوجود قائما بذاته، فلذلك وجب أن يدل عل ذاته بذاته، فيسهل انتزاع حقيقة معنى الربوبية بما يدل عليه بذاته وصفاته حتى بالاستدلال البسيط والمباشر..
ومن هذا المنطلق اختلف الانتزاع ومؤداه والتبادر ومؤداه بين كونه من مجموعة أو أفراد، استقراءا أو استنباط، فالباحث عن الحقيقة لا يلقاها في جامع أفراد تتفاوت من جهة وتتباين من جهة، بل يبحثها في الفرد الجوهري المثالي الأسمى المميز الدال على ذاته بذاته..
والحمد لله رب العالمين

عباس العصفور
النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *