المثيلي والمثالي 4

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

قد مر في الكلام في طريقة استقراء اللا أدريين لمصاديق الرب بين الأديان المختلفة ، فمع مافيه من طريقة تجميع الأفراد بطريقة المسمى اللفظي عند المتعبدين بما تسالموا على ربوبيته إلا أنهم جميعا أثبتوا نفس الصفات لذلك الرب بغريزتهم الفطرية ومعاييرهم العقلية، فمنهم من عدد الأرباب ومنهم من وحده ومنهم من ثلثه.
بقي أن مفهوم الإله المتفاوت بين الأديان تتحاور الأديان فيه بين بعضها البعض ، فمنهم من ارتكز المفهوم عنده في ذهنه قبل مراجعة الواقع وابتلي بالمخيلة، فصار يتخيل ربا ثم يبحث عن مصاديقه في الخارج فإن لم يجده صنع صنما يشبهه ، ومنهم من اتبع الأنبياء والرسل ووصل للواقع الأمثل بفرد مثالي للمفهوم فانتزع المفهوم من المصاديق الواقعية، وتوجه لربه..وهكذا، يكفي التعرض لهذا المبحث بهذا المقدار هنا ..
وما مر لا ينفي وجود رب واجب الوجود ، ولا يمكن الجمع بين خلافات الأديان بنفي الرب ووجوده، لأن الجامع لا يمتنع عن إثبات وجوده بل يقره _ كما مر _ حسب مقتضى استقرائهم ، حسب مدعى أقوالهم..
في كل الحالات الآنفة هناك مفهوم لواجب الوجود عند العقلاء لا يمكن نفيه ، سواء كان المفهوم انتزاعيا أو حمليا، فالعقل يدرك بفطرته وتوجهاته وتنظيراته لابدية وجود الإله .
بقي أن نسأل اللا أدريين عن مفهوم الرب الذي يبحثونه، مانوع الرب في قضاياهم الذهنية؟ ما هو تصورهم ؟ ما هي الدراسة التي اعتمدوها في إثباته ؟
للباحثين سبل نقضية وإثباتية في الاستدلال، فالنقض عادة طريق سهل يسلكه من لا يملك الحجة، ولكن البحث يجب أن يكون في جانب الإثبات كماهو في جانب النفي، فالتوقف عند النفي بسبب عدم اتحاد الناس على كلمة واحدة بعد استقراء بين المثيليات لا يكفي في نقض ونفي وجود الرب، لأن الموضوع أصلا موحود واقعا وقد يختلف العقلاء _ كل حسب معلوماته _ بين الشيئية حتى التشخيص الفعلي الواقعي أو التأويلي ، فالقضية ليست سالبة بانتفاء الموضوع حسب المدعى لينكروها.
ولإثبات المواضيع بالعلل اللزومية والدلالات لا يلجأ الباحث للاستقراء دائما، فالاستقراء معد للانتزاعيات عادة والتوصل لنتائج نسبية في الاثبات، وهم لجأوا له لنفي وجود الله الذي تعضده الدلالات والعلل والترتبات والزوميات والضرورات، فكيف لهم أن ينفوا ذلك بالاستقراء؟ ثم يقولون لا ندري؟!!

فما اتخذوه من طريق الاستقراء قد أوصلهم لنسبة إثبات كما أوصلهم لرؤى متعددة، فجعل الأديان المختلفة كلها في سمت واحد لتحديد وجود الرب غريب عن طرق البحث العلمي، لأنهم في اختلافهم تعدد الآراء ونسبية الصحة والاشتباه والغفلة عند مجموعات الأديان بين الوثنية والتقليدية والابراهيمية حسب اعتقادهم لا يكفي لنفي وجود الرب والخالق.. بل يثبت وجوده بطريقة يقينية لإجماع الكل على وجوده..

بقي أمر :

إن البحث عن الرب الخالق لايكون بالاستقراء، لأن الاستقراء يكون عادة لمن يتبعون كلام الناس، أي للمقلدين والمتبعين، بينما نبحث عن وجود الخالق والرب في أنفسنا وعقولنا ووجداننا، بعيدا عن أقوال غيرنا واستقراءاتها، فالوصول لوجود الله بسيط وليس معقدا..

والحمد لله رب العالمين

عباس العصفور
النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *