خياركم مَن تعلمَ الْقُرآنَ وعلمه ..

الشيخ زهير الشيخ محمد الشيخ جعفر الخال

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمدلله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدِ الأنام ونور الملك العلام، المبعوث الأمين قائد الخيرِ والبركة وخازنُ المغفرة، البشير النذير والسراج المنير والنور المبين أبي القاسِمِ محمدٍ على آله الأصفياء الأوصياءِ الطاهرين ..
? روي في الحديث الشريف عن رسولِ الله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم): (( خياركم مَن تعلمَ الْقُرآنَ وعلمه )).

بحار الأنوار، ج89، ص19. / أمالي الطوسي ج1، ص367.

? إنَّ لِلقُرآن الكريم موقعِيةٌ خاصةٌ في كلامِ الرسول الأكرم (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، وكلام أهلِ البيت (عليهم السلام)، لما للقُرآن الكريم مِن دَورٍ كبيرٍ في تحصيلِ الهداية، والتغلُبِ على نزعات الشيطان الرجيم، وأنَّه الكتابُ المنزل مِن عندِ الله على رسوله الكريم محمد (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، الذي فيهِ تِبيانٌ لكلِّ شيء.

قال اللهُ تعالى: { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } سورة النحل، آية 89.

? فالبُشرى لكلِّ المسلمين والهدايةُ والرحمة الإلهية يحملها لنا القرآن الكريم، فبِهِ ينالُ الإِنسانُ السعادَةَ في الدارين، دار الدنيا ودار الآخرة، وهو حبلُ النجاةِ الممدود من اللهِ سبحانهُ إلى عِبادِه.
? ففي الحديث عن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم): (( إِذا أردتُم عيش السُعَداءِ وموتَ الشُهداءِ، والنجاةَ يومَ الحسرةِ، والظل يومَ الحرور، والهُدى يومَ الضلالةِ، فادرسوا الْقُرآن، فإنَّهُ كلامُ الرحمانِ، وحِرزٌ مِنَ الشيطان ورجحانٌ في الميزان )).

ميزان الحكمة ج8، ص75.

? فإنَّ الإنسانَّ إذا أراد تحصيل هذا الخير العظيم،

وهذِهِ البركة التي تكونُ مُصاحِبةً لهُ في دارِ الفناءِ ودارِ البَقاء فاليتمسك بكتاب اللهِ المجيد.
? فلذلك وردتْ رواياتٌ مُباركةٌ عديدة عن أهلِ بيتِ العِصْمَةِ والطهارة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تحُثُنا على تعلمِّ الْقُرآن الكريم، والتمسُكِ بِهِ.

والإرتباطِ الدائمِ بآياتِهِ الشريفة، فهو الطريقُ الموصِلُ إلى جنةِ الله ورضوانِهِ.
?ومن الروايات الشريفة ما جَعَلَتْ وجوبَ تعلم القرآن على المؤمنين من ذَكرٍ وأُنْثى، وحُرٍ وعبدٍ مملوك.

? ففي الحديث النبوي الشريف:

(( ما مِنْ مؤمنٍ ذكرٍ أو أُنْثى، حرٍ أو مملوكٍ، إلاّ ولله عليهِ حقّ واجبٌ أن يتعلّمَ مِنَ القرآن )).

مستدرك وسائل الشيعة ج1، ص287.

? وهذا أمرٌ نبويٌ لِعبادِ الله المؤمنين في وجوب أن نتعلم “مِنَ الْقُرآن”، فما أحرانا أن نمتثِلَ لدعوةِ رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، وأنْ نكون من المسارعين إلى أن نتعلمَ مِن آيات الله سبحانه وكتابه المجيد، مثلما نُعطي وقتاً طويلاً لتعلم العلوم والدراساتِ الأَكادِيمية، ونعطي وقتاً طويلاً لأعمالنا مِنْ أجلِّ أن نرتقي في دار الدنيا الفانية، لِنُعمرَّ دارَ البقاء بإرتباطنا بالْقُرآن الكريم.
? ومما وردَ في هذا الأمر المهم عن إمامنا ومقتدانا الإِمام جعفر بن محمدٍ الصادق (عليه السلام) أنهُ قال: (( ينبغي للمُؤمنِ أن لا يموت حتى يتعلّم القرآن، أو يكون في تعلّمه )).

بحار الأنوار ج92، ص189.

? هنا يريد إِمامنا الصادقُ جعفر (عليهِ السلام) أن ينبهنا على ضرورة تعلم الْقُرآن في الحياةِ الدُنيا، لما ينالُهُ مُتعلِّمُ الْقرآن في الدارِ الآخرةِ مِن الحظ والنعيم الوفير، ولما لهُ من مردوداتٍ طيبةٍ في الدنيا والآخرة.
? وهذا ما أوضحهُ لنا النبيُّ الأعظم محمد بن عبدالله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، في الحديث الشريفِ أنهُ قال:

(( مَنْ تعلّم الْقُرآنَ وتواضَعَ في العِلم، وعلّمَ عِبادَ الله، وهو يريد ما عِندَ اللهِ لمْ يكن في الجنّةِ أعظمَ ثواباً مِنهُ، ولا أعظمَ منزلةً منه، ولمْ يكن في الجنّةِ منزل ولا درجة رفيعة، ولا نفيسة إلاّ وكانَّ لهُ أوفر النّصيب، وأشرفَ المنازل )).

ثواب الأعمال ص51.

? وكما حثتْ رواياتُ المعصومين على تعلم الْقُرآن الكريم، كذلك حثتْ الرواياتُ الشريفةُ على تعلّيمهِ للآخرين، وبذل العلم هي زكاته.
? ولقد بينَّ الرسول الأكرمُ (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، ثواب الذي يُعلمُ القرآن وعطاءُ الله الجواد إليه، ففي الحديث الشريف: (( إذا قالَ المُعلم للصبي: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال الصبي: بسم الله الرحمن الرحيم، كتبَّ اللهُ: “براءةً للصبي”، و”براءةً لأبويه”، و”براءةً للمعلّم” )).

مجمع البيان ج1، ص18.

? بل حثت الرواياتُ الشريفة عن أهل البيتِ (عليهم السلام) أن يعلِّم الوالدُ ابنّهُ الْقرآن.

ففي الرواية عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): (( حَقُّ الولدِ على الوالِدِ أنْ يُحسِنَ اِسمه، ويُحسِنَ أدبهُ، ويعلّمهُ القرآن )).

نهج البلاغة، الحكمة رقم 399.

? فما أحوجنا اليوم إلى أنْ نأخذَ بأيدي أبنائِنا وفلذاتِ أكبادنا إلى كتاب الهِداية والرشاد، وطريقِ الجنةِ والصواب، ودربِ الصلاح، ونُعلِّمهُمُ القرآن الكريم، ليكونوا أقوياءَ ومُحصنين أمامَ هجماتِ الأعداء، وكوارثِ هذا الزمان .
جعلنا اللهُ وإِياكُم مِنَ المتمسكين بِالْقُرآن الكريم.
والحمدُلله رب العالمين ..

وصلى اللهُ على محمدٍ وآلِهِ الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الجمعة 22 شعبان 1438هـ.

البحرين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *