شرح دعاء اليوم العاشر

اللَّهُمَّ اجعَلني فيهِ مِن المُتَوَكِّلينَ عَلَيكَ، وَاجعَلني فيهِ مِن الفائِزينَ لَدَيكَ، وَاجعَلني فيهِ مِن المُقَرَّبينَ إلَيكَ، بِإحسانِكَ يا غايَةَ الطَّالِبينَ

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
يقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:(اللَّهُمَّ اجعَلني فيهِ مِن المُتَوَكِّلينَ عَلَيكَ) يتوجه صلى الله عليه واله وسلم إلى تعليم العبد المفتقر إلى الدعاء الذي يوصله إلى الرفعة في أعماله وسكناته ليكن من المتوكل المتبري من كل حول وقوة غير القوة الإلهية.
فيقول عزوجل في سورة الفرقان:{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ}
فللتوكل قصص يخبرنا الله عز وجل في كتابه الكريم عن أنبيائه في معنى الإخلاص والتوكل عليه ،كنبيه نوح عليه السلام في التصدي لكل الانحرافات من قومه مع قلة عدد المؤمنين، في سورة يونس الآية ٧١ ، نبيه شعيب عليه السلام تشير الآية ٨٨ من سورة هود ،عند وقوفه مقابل المشركين من قومه بسلاح التوكل على الله سبحانه وتعالى.

فيتبين لنا أن أرفع درجات الأخلاق هي التوكل، لأنها أخلاق الأنبياء والمؤمنين،فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: أقوى الناس إيمانا أكثرهم توكلاً على الله سبحانه.
ونحن في أيام الشهر الفضيل نرجو أن نكون من الذين يتوكلون على الله فنجاب بدعائنا لأن الشياطين قد غلوا، وباب الدعاء إليه مفتوح، ففي وصية أمير المؤمنين عليه السلام لابنه الحسن عليه السلام قال له: و ألجئ نفسك في أمورك كلها إلى إلهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز، ومانع عزيز.
ويقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:( وَاجعَلني فيهِ مِن الفائِزينَ لَدَيكَ).

قال تعالى في سورة التوبة: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}، يسأل المؤمن ربه ليكون من الفائزين لديه بتوكله عليه، وولايته لأهل بيت النبوة لأنها الفوز الأكبر بتوليه لهم وبغض أعدائهم، روى جابر عن الإمام الباقر عليه السلام قال له: يا جابر أبلغ شيعتنا أنهم إذا قاموا بما أمروا أنهم هم الفائزون يوم القيامة، فالفائز الباحث عن جنة الله المتمسك بولايتهم.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند تلاوته هذه الآية: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون} فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أصحاب الجنة من أطاعني وسلم لعلي بن أبي طالب بعدي، وأقر بولايته، فقيل وأصحاب النار؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: من سخط الولاية ونقض العهد، وقاتله بعدي.
وعنه صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:(وَاجعَلني فيهِ مِن المُقَرَّبينَ إلَيكَ، بِإحسانِكَ يا غايَةَ الطَّالِبينَ)
يطمح كل مؤمن في عبادته أن يكون من المقربين باللطف الإلهي، بدخول ولاية أهل البيت عليهم السلام لأنها هي القرب المنشود ،روي عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى:{السابقون السابقون*أولئك المقربون} قال عليه السلام:نحن السابقون والآخرون.
وعن الإمام الباقر عن أبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: قوله عزوجل ومزاجه من تسنيم، قال صلى الله عليه وآله وسلم:هو أشرف شراب في الجنة ليشربه محمد وآل محمد وهم المقربون السابقون.
دخولنا إلى قربهم بولايتهم لأنهم يعلموننا معنى الإخلاص في التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: أقرب الناس من الله سبحانه أحسنهم إيماناً.
وعن الإمام زين العابدين عليه السلام: إن أقربكم من الله أوسعكم خلقا . فتتجلى كلماتهم في قلوب المتوكلين المتقربين ، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: قال الله عز وجل: ما تقرب إلي عبد بشئ أحب إلي مما افترضت عليه، وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به،ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته.
يا من تتعطف وتحسن إلى عبادك أشعل نار الإيمان في قلوبنا ، كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها.
فالإحسان الإلهي يحتاج إلى حسن تعبد وتوجه العبد ، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما سئل عن الإحسان؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه يراك.
فإن نلنا إحسانه نكن في دائرة الحب الإلهي، الذي قال فيه أمير المؤمنين عليه السلام: الإحسان محبة .
غاية الطالبين هي ما نرجوه من الله في دخولنا من القرب إليه والإحسان منه وعلينا ببقاءنا في ولاية محمد وآل محمد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *