شرح دعاء اليوم الثاني عشر

بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُمَّ زَيِّنّي فيهِ بِالسِّترِ وَالعَفافِ، وَاستُرني فيهِ بِلِباسِ القُنوعِ وَالكَفافِ، وَاحمِلني فيهِ عَلى العَدلِ وَالإنصافِ، وَآمِنّي فيهِ مِن كُلِّ ما أخافُ بِعِصمَتِكَ يا عِصمَةَ الخائِفينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ زَيِّنّي فيهِ بِالسِّترِ وَالعَفافِ).

يتوجه صلى الله عليه وآله وسلم إلى تعليم العبد في الدعاء لنفسه بالزينة النورانية التي تُتوجه بالمزايا الرفيعة الطيبة ومن تلك الزينة الستر النفسي والستر الغيري، فستر النفس بعدم المجاهرة بالمعصية، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات- المعاصي- التي نهى الله عنها فمن ألم فليستتر بستر الله ، فحفظ ستر العبد لنفسه تصعده وتعلمه الستر على الناس ، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من علم من أخيه سيئة فسترها، ستر الله عليه يوم القيامة.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم وقد سأله رجل: أحب أن يستر الله علي عيوبي، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: استر عيوب إخوانك يستر الله عليك عيوبك .
إن العبد محتاج للستر والتستر فالقرينة طلبه ذلك ودعائه بأحد أسماء الله الحسنى وهو الستار، روي عن الإمام الصادق عليه السلام: يجب للمؤمن على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة!
أما عن اقتران العبد بوصف العفاف ،الذي هو أفضل العبادة، روي عن الإمام علي عليه السلام:الصبر عن الشهوة عفة وعن الغضب نجدة.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: عليك بالعفاف فإنه أفضل شيم الأشراف. فزينة المؤمن العفة التي يسعى إليها ، فيقول فيهم أمير المؤمنين عليه السلام: ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجرا ممن قدر فعف، لكاد العفيف أن يكون ملكا من الملائكة.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (وَاستُرني فيهِ بِلِباسِ القُنوعِ وَالكَفافِ) .

ترفع درجة العبد بعلو أخلاقه التي يسأل ربه في أن يلبسه القناعة والكفاف التي هي أخلاق الأنبياء والأوصياء فيفعل مثلهم، فعن أمير المؤمنين عليه السلام في صفة الأنبياء: ولكن الله سبحانه جعل رسله أولي قوة في عزائمهم وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم، مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى وخصاصة تملأ الأبصار والأسماع أذى.
وعنه عليه السلام: انتقم من حرصك بالقنوع كما تنتقم من عدوك بالقصاص.
كفاف العباد الساعين لربهم بالوصول لرضاه ، بولاية محمد وآل محمد ليكونوا داخلين بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
و يروى أن مر رسول الله صلى الله عليه وآله براعي إبل فبعث يستسقيه، فقال: أما ما في ضروعها فصبوح الحي، وأما ما في آنيتنا فغبوقهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم أكثر ماله وولده، ثم مر براعي غنم فبعث إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها وأكفأ ما في إنائه في إناء رسول الله صلى الله عليه وآله وبعث إليه بشاة، وقال: هذا ماعندنا وإن أحببت أن نزيدك زدناك؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم ارزقه الكفاف فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله دعوت للذي ردك بدعاء عامتنا نحبه ودعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلنا نكرهه؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى: اللهم ارزق محمدا وآل محمد الكفاف.
بعد تتويج العبد برفعة الأخلاق التي يطمع فيها كل مؤمن ليحمل شرارة طلب المزيد من الرفعة بمعرفة العدل والإنصاف، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: ليكن أحب الأمور إليك أعمها في العدل و أقسطها بالحق.
وعنه عليه السلام: إن العدل ميزان الله سبحانه الذي وضعه في الخلق ونصبه لإقامة الحق، فلا تخالفه في ميزانه ولا تعارض في سلطانه.
وأهم غاية للعبد هي عدالة النفس لتتربى على التوازن بين عدل النفس وعدل الآخرين، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: غاية العدل أن يعدل المرء من نفسه ، ففضيلة العدل ميزان الدين، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: نظام الدين خصلتان إنصافك من نفسك ومواساة إخوانك.
و محاسن الإنصاف كثيرة تعطي للعبد فضائلها ، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: الإنصاف أفضل الشيم.
وعنه صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:(وَآمِنّي فيهِ مِن كُلِّ ما أخافُ بِعِصمَتِكَ يا عِصمَةَ الخائِفينَ).

إن دوام أمان العبد هو الخوف من معصية الله فيرجو عصمته ليكون من الخائفين منه عز وجل، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: إن المؤمن لا يصبح إلا خائفا وإن كان محسنا، ولا يمسي إلا خائفا وإن كان محسنا، لأنه بين أمرين: بين وقت قد مضى لا يدري ما الله صانع به، وبين أجل قد اقترب لا يدري ما يصيبه من الهلكات.من أعظم مخاوف العبد خروجه من الولاية والاعتصام من عصمة أهل البيت عليهم السلام لأنهم أمان الخائفين، فبهم يصل العبد إلى امن الله.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام في ذكر حال الأئمة وصفاتهم -:
جعلهم الله حياة للأنام، ومصابيح للظلام، ومفاتيح للكلام، ودعائم للإسلام .
وعن الإمام الباقر عليه السلام: السلم ولاية أمير المؤمنين  وولاية آل البيت(عليهم السلام)  فانظر بعين النظر والاعتبار إلى قول العزيز الغفار ما خص به علياً من الفخار ، وجعل ولايته هي  السلم  الذي من دخله كان آمناً في الدنيا والآخرة ، ومن لم يدخله كان محارباً لله ولرسوله، غير آمن في الدنيا والآخرة ، وهو من أصحاب النار”.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *