- التطبيق السابع و العشرون - 22 مارس,2024
- التطبيق السادس و العشرون - 20 مارس,2024
- التطبيق الخامس و العشرون - 19 مارس,2024
السائل : شيخنا العزيز هل لك أن تكلمنا عن الجزء الثاني عشر.
الشيخ : نختار آيات من الجزء فنبدأ بآية الاستغفار من سورة هود الآية ٣: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}.
الاستغفار هو: طلب العفو، و أول طلب العفو الندم و الترك المسمى بالتوبة، فعن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله قال : ( خير الاستغفار عند الله الإقلاع و الندم) و لهذا قال الله تعالى {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}.
ثم قال تعالى بعد الاستغفار و التوبة: {يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}، و المتاع الحسن على حسب الشخص: {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} و المتاع الحسن الذي يعطيه الله مختلف عن عصمتنا من إبليس، فعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: ( ثلاثة معصومون من إبليس و جنوده : الذاكرون لله ، و الباكون من خشية الله ، و المستغفرون بالأسحار).
و من المتاع الحسن: الراحة النفسية و المعلوم إن اضطراب النفس من معصية الله لذلك تحتاج إلى الاطمئنان لكي يرتفع عنها الهم و الغم، فلابد من الرجوع إلى الله، فعن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله: ( من كثرت همومه فعليه بالاستغفار).
ومنه _أي من المتاع الحسن- عن الإمام علي عليه السلام: (الاستغفار يزيد في الرزق).
ومنه _ المتاع الحسن_ استلام صك أو قل استلام ورقة عفو من العذاب في الآخرة تجده عند الله عزوجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، وقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: ( أنزل الله عليّ أمانين لأمتي).
طبيعة الحال أن من يترك الرجوع إلى الله له العذاب و تجد هذا الكلام في نهاية الآية التي بدأنا بها: { وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}.
نختار آية الرزق أيضا، وهي الآية ٦ في سورة هود: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}
وهذا الرزق الذي يعطيه الله لمخلوقاته له شروط.
منها: الآية ١١٢ من سورة النحل: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}.
ومنها: قوله تعالى في الآية ٦٠ من سورة البقرة: {كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ }.
و منها: أن لا تحرموا حلال الله أو تحللوا بدون أذن، هذا صريح الآيه ٥٩ من سورة يونس في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}.
و منها: إن النعمة و الرزق تحتاج إلى شكر المنعم و هذا في قوله تعالى من سورة يونس الآية ٦٠: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ}. و الآية ١٥ من سورة سبأ : {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}.
و منها : من كانت عبادته مثل عبادة المُخلَصين و دليله قوله تعالى في سورة الصافات الآية ٤١ و ٤٢ : {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } وغيرها من الآيات الكثيرة.
و من هذه الشروط: أن لا ييأس من رحمة الله في قوله تعالى في سورة هود الآية ٩ بعد الآية التي أخترناها : {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ}
و من هذه الشروط: الآية ١٠ من نفس السورة، ألا يكون متفاخرا بل متواضعا إذا رزقه الله: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ }.
السائل : عجيب على الإنسان يتفاخر بشيء رزقه الله إياه!
الشيخ: لست من يعجب من ذلك فقط، فقد جاء عن إمامك باقر العلوم عليه السلام: (عجبا للمختال الفخور وإنما خلق من نطفة ثم يعود جيفة وهو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع).
و ما يناسب الكلام في نفس الجزء و السورة قصة نوح عليه السلام مع المتفاخرين الذين لا يريدون أن يؤمنوا إلا إذا أبعد أتباعه البسطاء، فإنهم يستنكفون منهم، فكان جواب نوح عليه السلام : {ۚ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}
والشيء الذي يرى بالعين ويشهد له: إن المتواضعين هم الحصن للدين، إن رزقهم الله الخير الكثير تجدهم في أعمال الخير بأموالهم و أنفسهم، و إن أعطاهم الله الرزق القليل تجدهم في أعمال الخير أيضا بأموالهم و أنفسهم بقدر ما يستطيعون.
أكتفي بهذا القدر أيها المحب و الحمد لله رب العالمين
ميزان الحكمة ج٣ ص٢٢٧٩
مستدرك الوسائل ج٢ ص٣٥١
فروع الكافي ج٨ ص٩٣
كنز العمال ص٢٠٨١
الكافي ج٢ ص٣٢٩