شرح دعاء اليوم الرابع عشر

اللَّهُمَّ لا تؤاخِذني فيهِ بِالعَثَراتِ، وَأقِلني فيهِ مِنَ الخطايا وَالهَفَواتِ، وَلا تَجعَلني فيهِ غَرَضاً لِلبَلايا وَالآفاتِ، بِعِزَّتِكَ يا عِزَّ المُسلِمينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
ويقول صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ لا تؤاخِذني فيهِ بِالعَثَراتِ) يتوجه صلى الله عليه وآله وسلم إلى تذكير العبد أن الوقوع في المؤاخذة و العثرات توصله إلى زيادة الذنوب التي تبعده عن مطلوبه في علو درجاته الإيمانية، قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة البقرة: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا}.ولا يفوتنا أن نلتفت جميعا إلى أن تتبع العثرات وإحصاءها هو من حق المولى جل وعلا لا غير، فلا يحق لأي شخص أن يتتبع عثرات المؤمنين ولا يجوز له ذلك، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لاتطلبوا عثرات المؤمنين، فإنه من تتبع عثرات المؤمنين تتبع الله عثراته، ومن تتبع الله عثراته يفضحه ولو في جوف بيته، لذلك فالراجين من الله عدم المؤاخذة في العثرات في دعائهم، يرومون عدم وصولهم إلى البغض الإلهي، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أبغض الناس إلى الله العثري.
واحتمال عثرات المؤمنين بعضهم بعض لهم درجة الفتوة فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: الفتوة احتمال عثرات الأخوان وحسن تعهد الجيران.
وعنه صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:(وَأقِلني فيهِ مِنَ الخطايا وَالهَفَواتِ) العابدون النادمون يرجون الإقالة ،فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: أربعة ينظر الله إليهم يوم القيامة من أقال نادما، أو أغاث لهفان، أو أعتق نسمة، أو زوج أعزبا .
نحن في شهر الإقالة من الخطايا والذنوب، وردت روايات كثيرة حتى في باب البيع عند إقالة النادم من البيع من وجوب الحسنات والمغفرة في الدارين، ونحن النادمون نسألك اللهم أن توجب لنا الإقالة في الدارين.
ويقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:(وَلا تَجعَلني فيهِ غَرَضاً لِلبَلايا وَالآفاتِ، بِعِزَّتِكَ يا عِزَّ المُسلِمينَ) قال الله عز وجل في سورة الشورى:{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}.
القصد الذي يرمى إليه من الغرض هو استمرار البلايا والأفات على العباد المؤمنين من نقصا في الأموال والرزق والمرض المستمر، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله يبتلي عباده عند الأعمال السيئة بنقص الثمرات وحبس البركات وإغلاق خزائن الخيرات ليتوب تائب، ويقلع مقلع، ويتذكر متذكر.
العبد التارك للشهوات لأجل إبعاد الآفات عنه، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: امنع نفسك من الشهوات تسلم من الآفات، وعنه عليه السلام قال: رأس الآفات الوله باللذات.
إن تعرض العبد المؤمن للدعاء وطلب عدم المعاقبة على الذنوب والصفح عن الخطايا في أيام البيض لهو عز الله الذي يعز فيه المسلمين.
روي عن  رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إِنَّ آدَمَ لَمَّا عَصَى رَبَّهُ تَعَالَى نَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ لَدُنِ الْعَرْشِ يَا آدَمُ اخْرُجْ مِنْ جِوَارِي؛ فَإِنَّهُ لَا يُجَاوِرُنِي أَحَدٌ عَصَانِي فَبَكَى وَبَكَتِ الْمَلَائِكَةُ فَبَعَثَ الله إِلَيْهِ جَبْرَئِيلَ فَأَهْبَطَهُ إِلى الْأَرْضِ مُسْوَدّاً فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ضَجَّتْ وَبَكَتْ وَانْتَحَبَتْ وَقَالَتْ يَا رَبِّ خَلْقاً خَلَقْتَهُ وَنَفَخْتَ فِيهِ مِنْ رُوْحِكَ وَأَسْجَدْتَ لَهُ مَلَائِكَتَكَ، بِذَنْبٍ وَاحِدٍ حَوَّلْتَ بَيَاضَهُ سَوَاداً، فَنَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ صُمْ لِرَبِّكَ الْيَوْمَ فَصَامَ فَوَافَقَ يَوْمَ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ فَذَهَبَ ثُلُثُ السَّوَادِ ثُمَّ نُودِيَ يَوْمَ الرَّابِعَ عَشَرَ أَنْ صُمْ لِرَبِّكَ الْيَوْمَ فَصَامَ فَذَهَبَ ثُلُثَا السَّوَادِ، ثُمَّ نُودِيَ يَوْمَ الْخَامِسَ عَشَرَ بِالصِّيَامِ فَصَامَ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ ذَهَبَ السَّوَادُ كُلُّهُ، فَسُمِّيَتْ أَيَّامَ الْبِيضِ لِلَّذِي رَدَّ اللهُ
فِيهِ عَلَى آدَمَ مِنْ بَيَاضِهِ ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ يَا آدَمُ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَيَّامٍ جَعَلْتُهَا لَكَ وَلِوُلْدِكَ مَنْ صَامَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *