حوارية اليوم الثالث عشر



بسم الله الرحمن الرحيم

السائل : شيخنا هلا حدثتنا عن الجزء الثالث عشر قبل أن أبدأ بقراءته.
الشيخ : نختار لك بعض الآيات و نبدء بآية النفس الأمارة بالسوء: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
هناك نفسٌ مضطربةٌ و تقابلها نفسٌ مطمئنة،ٌ وهناك نفسٌ لوامة تقاوم و تجاهد النفس الأمارة بالسوء الموصلة للنفس المضطربة التي لا ترتاح، وتكون دائما في غم و ملل، لأنها خارجة عن النظام التشريعي الذي جعله رب العالمين، فلا تصل إلى الاطمئنان لو فعلت كل ما تهواه، لأنها لا تدرك أنها لن تطمئن إلا إذا فعلت ما تهواه و تميل إليه تحت قيود شريعة رب العالمين.
روي عن أمير الموحدين و يعسوب الدين عليه السلام: (إن النفس لجوهرة ثمينة، من صانها رفعها، و من ابتذلها وضعها)، و عنه: ( من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهوته).
و كيف أرفع من مقام هذه النفس ؟
١- أقوي مجاهدة النفس بالنفس اللوامة، وهو مهم حتى إن رب العزة أقسم: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} ، و غالبا ما تخاطب الإنسان في مواطن الشبهة أو مواطن على شفى حفرة، أعني: الاقتراب من الذنوب.
٢- أقوي الحصن المنيع، وهي: التقوى، أن أملأ النفس تقوى وورعا _و هي أرقى من الأولى_ لأن النفس هنا لا تجد فيها همة للحرام، أي ليس هناك شيء في الوجدان يخاطبها محرضا لعمل السوء: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فجورها وَتَقْوَاهَا}.
٣- أقوي الجانب العبادي: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }.
٤-التستر بلباس الزواج: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }، الذي يأتي على أسس صحيحة لسكينة النفس و أستقرارها: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
٥- التوبة: وهو المعنى الذي جاء في نهاية الآية المعنية في قوله تعالى: {إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
٦-الصحبة الجيدة و الرفقة الجيدة: {وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ}، هذه المفردة محتوية على كل ما يودعه الرسول صلى الله عليه وآله من كمالات موجودة في ابن عمه أمير المؤمنين عليه السلام، و العديد من الطرق إلى الله.
إن لرفع الاضطراب في المصائب يمكن أن تستخدم نفس الطرق السابقة و الطرق إلى الله أكثر.
ومن جهة أخرى وموضوع آخر في نفس الآية : إقرار من زليخا بذنبها، وهناك إقرار من أخوة يوسف لأبيهم بذنبهم في الآية ٩٧من نفس السورة{قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ }، و الكلام في عدة أمور:ففي الموضوع الأول: تركيز النبي يوسف على إصلاح من ظلمه حتى لو كلفه ذلك العناء الشديد .
الموضوع الثاني: الرجوع لرب العالمين و عدم اليأس من رحمة الله حتى لو طال الأمد.
الموضوع الثالث: الاعتراف بالذنب والإقرار به.
الموضوع الرابع: التماس العفو من المظلوم و الطلب منه أن يستغفر له.
دعونا نختار الآية ٣٤ من سورة إبراهيم عليه السلام: {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }، روي أنه كان علي بن الحسين عليه السلام إذا قرأ هذه الآية: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} يقول : (سبحان من لم يجعل في أحدٍ من معرفة نعمة إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها ، و جعل معرفتهم بالتقصير شكراً ، كما جعل علم العالمين انهم لا يدركونه ايمانا).

ميزان الحكمة ج٤ ص٣٣٢٢،٣٣٣٥
بحار ج٧٨ ص١٤٢

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *