دعاء اليوم الحادي والعشرين

اللَّهُمَّ اجعَل لي فيهِ إلى مَرضاتِكَ دَليلاً، وَلا تَجعَل لِلشَّيطانِ فيهِ عَلَيَّ سَبيلاً وَاجعَل الجَنَّةَ لي مَنزِلاً وَمَقيلاً، يا قاضيَ حَوائِجِ الطَّالِبينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(اللَّهُمَّ اجعَل لي فيهِ إلى مَرضاتِكَ دَليلاً)، أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المؤمنين معرفة الدليل إلى مرضاة الله عزوجل التي تدخلهم جنته ورضوانه، والبحث عميقٌ ودقيق، نورد ما وفقنا الله إليه باختصار، قال الله عزوجل في سورة
المائدة: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ الْفَوْزُالْعَظِيمُ }.
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قلوب العباد الطاهرة مواضع نظر الله سبحانه، فمن طهر قلبه نظر الله إليه.
إن الدليل القلبي لمرضاة الله هي من أعلى  مراتب التوفيق للمؤمن، روي عن نبي الله موسى بن عمران عليه السلام قال: يارب! أخبرني عن آية رضاك عن عبدك، فأوحى الله تعالى إليه: إذا رأيتني أهيئ عبدي لطاعتي، وأصرفه عن معصيتي فذلك آية رضاي.
ومن أعطوا الله الرضا من قلوبهم، يأتيهم الثواب من ربهم بما فعلوا، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أعطوا الله الرضا من قلوبكم تظفروا بثواب الله تعالى يوم فقركم والإفلاس .
لكل القلوب محل إعراب لها عواملها  وأدواتها بحسب ذكر الله وطاعته التي تنجي في معرفتها النفس مما تحذر، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: ” إعْرَابُ القُلوب على أرْبَعةِ أنْوَاعٍ : رَفْعٌ وفَتْحٌ وخَفْضٌ ووَقْفٌ، فَرَفْعُ القَلْبِ في ذِكْر الله، وفَتْحُ القَلبِ في الرِّضا عَنِ الله، وخَفْضُ القَلْبِ في الاشتِغَالِ بِغَيرِ الله، ووقْفُ القَلْبِ في الغَفلَةِ عَن الله.
سبيل دليل الراضين إلى الله عنهم لا يحصل العباد عليه إلا بما قاله أمير المؤمنين عليه السلام: هيهات لا يخدع الله عن جنته، ولا تنال مرضاته إلا بطاعته.
فالطاعة والمرضاة لها أعمال ٌ يبلغنا بها أمير المؤمنين عليه السلام قال : ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله تعالى: كثرة الاستغفار، وخفض الجانب، وكثرة الصدقة.
كل ما تقدم هو سبيلٌ يسعى فيه المؤمنون لتحصيل الدلائل لمرضاة الله، وأشرف وأسمى وأرقى تلك الدلائل معرفتهم بأسرعها وهي معرفة محمد وال محمد عليهم السلام، والحسين عليه السلام هو محور الدلائل الكبرى لمرضاة الله، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال:
: اقْرَءُوا سُورَةَ الْفَجْرِ فِي فَرَائِضِكُمْ وَنَوَافِلِكُمْ فَإِنَّهَا سُورَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما السلام وَارْغَبُوا فِيهَا رَحِمَكُمُ اللهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَكَانَ حَاضِرَ الْمَجْلِسِ: كَيْفَ صَارَتْ هَذِهِ السُورَةُ لِلْحُسَيْنِ خَاصَّةً؟ فَقَالَ عليه السلام: «أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}، إِنَّمَا يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما السلام فَهُوَ ذُو النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ، الرَّاضِيَةِ الْمَرْضِيَّةِ، وَأَصْحَابُهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله الرَّاضُونَ عَنِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ رَاضٍ عَنْهُم،ْ وَهَذِهِ السّورَةُ فِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَشِيعَتِهِ وَشِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّة،ً مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَةَ الْفَجْرَ كَانَ مَعَ الْحُسَيْنِ عليه السلام فِي دَرَجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيم».
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَلا تَجعَل لِلشَّيطانِ فيهِ عَلَيَّ سَبيلاً) قال الله عز ذكره في سورة فاطر: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.
إن المخالفين لمرضاة الله قد جعلوا  للشيطان عليهم سبيلا، يروي لنا أمير المؤمنين عليه السلام : إن رجلا كان يتعبد في صومعة، وإن امرأة كان لها إخوة فعرض لها شيء فأتوه بها، فزينت له نفسه فوقع عليها، فجاءه الشيطان فقال: أقتلها فإنهم إن ظهروا عليك افتضحت، فقتلها ودفنها، فجاؤوه فأخذوه فذهبوا به، فبينما هم يمشون إذ جاءه الشيطان، فقال: إني أنا الذي زينت لك فاسجد لي سجدة أنجيك، فسجد له، فذلك قول الله تعالى : {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }.التفريق بين سبيل الله والسبيل الذي يدخل الشيطان علينا معياره النية، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في رجل جلد ونشاطه لما قال أصحابه فيه: لو كان في سبيل الله، قال صلى الله عليه وآله وسلم :(إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان).
ما ركب أحد هذه السفينة إلا نجى من سبيل الشيطان، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أحب أن يركب سفينة النجاة، و يستمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين، فليوال عليا بعدي، وليعاد عدوه، وليأتم بالأئمة الهداة من ولده، فإنهم خلفائي وأوصيائي، وحجج الله على الخلق بعدي،  وسادة أمتي، وقادة الأتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي، وحزبي حزب الله عز وجل، وحزب أعدائهم حزب الشيطان.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَاجعَل الجَنَّةَ لي مَنزِلاً وَمَقيلاً، يا قاضيَ حَوائِجِ الطَّالِبينَ).
قال الله عز وجل في سورة الأعراف: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}.
الجنة مراد المؤمنين لتكون مقرهم الذي لطالما عملوا جاهدين لأجل الوصول لأعلى درجاتها فتستقر نفوسهم، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الجنة درجات متفاضلات، ومنازل متفاوتات.منازل هذه الجنة ينالها المؤمنون، فيتفاضلون بينهم، فمنهم من هو أعلى درجة من الآخر لسبب جليل يعلمنا به الرسول الكريم ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:إن الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى تنتهي أمانيهم ، وفوقهم قوم في الدرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون: ربنا إخواننا كنا معهم في الدنيا فبم فضلتهم علينا؟ فيقال: هيهات! إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون، ويظمأون حين تروون، ويقومون حين تنامون، ويشخصون حين تخفضون.
الذكر يبقى ويستمر بين المؤمنين في الجنة ويعبر عنه بالحب الإلهي في جنته وهو لذيذ ، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إنّ أطيب شيء في الجنّة وألذّه حبّ الله ، والحبّ في الله والحمد لله ، قال الله عزّ وجلّ :
{ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، وذلك أنّهم إذا عاينوا ما في الجنّة من النعيم هاجت المحبّة في قلوبهم ، فينادَون عند ذلك : أن الحمد لله رب ّ العالمين.
ونحن نقول في هذا اليوم اللهم العن قتلة أمير المؤمنين عليه السلام، واقض لنا كل حاجة فنحن الطالبين لمرضاتك وجنتك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *