شرح دعاء اليوم الرابع والعشرين

اللَّهُمَّ إنّي أسألُكَ فيهِ ما يُرضيكَ، وَأعوذُ بِكَ مِمّا يُؤذيكَ، وَأسألُكَ التَّوفيقَ فيهِ لأن اُطيعَكَ وَلا أعصيكَ، يا جَوادَ السَّائِلينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(اللَّهُمَّ إنّي أسألُكَ فيهِ ما يُرضيكَ، وَأعوذُ بِكَ مِمّا يُؤذيكَ
إن أعمال الصائمين كلها تدخلهم محور القبول و رضا الله عز وجل عنهم، حيث ينظرون إلى أفعالهم التي يفعلونها هل ترضي الله أم لا؟ فيجتهدون ويحذرون في إقامة كل فعل وعمل ، ويراقبون حتى كلامهم لأنه أشد ما يحذرون،لأنه المدار والمحور لرضا الله، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قلة الكلام تستر العيوب وتقلل الذنوب، وعنه عليه السلام قال: من كثر كلامه كثر خطأه.
الكلام يربط الإنسان به في الكشف عن صورته الحقيقية، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:  الْكَلاَمُ فِي وَثَاقِكَ  مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ، فَإذَا تَكَلَّمْتَ بِهِ صِرْتَ فِي وَثَاقِهِ، فَاخْزُنْ  لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَكَ وَوَرِقَكَ فَرُبَّ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً وَجَلَبَتْ نِقْمَةً.
كثرة الكلام تودي بصاحبها إلى سخط الله إن كان في الغيبة والنميمة والكذب فيخرج من رضاه إلى غضبه.
ما روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، إذ أنه قال: (يعذب اللسان بعذابٍ، لا يعذب به شيئاً من الجوارح؛ فيقول: اي رب عذبتني بعذابٍ لم تعذب به شيئاً من الجوارح؛ فيقال له: خرجت منك كلمة؛ فبلغت مشارق الأرض ومغاربها؛ فسفك منها الدم الحرام وانتهب بها المال الحرام، …وعزتي وجلالي لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئا من الجوارح)، فنفهم من ذلك يجب على المؤمن أن يحسب لكل كلمةٍ يتكلم بها، وأن يكون حذراً ممَّا يقوله وينطق به لسانهِ.عكس هذا الأمر ما روي عن الإمام السجاد عليه السلام عندما سئل عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟ فقال عليه السلام: (لكل واحد آفات؛ فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت، قيل: وكيف ذاك يا ابن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لأن اللَّه عز وجل، ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت، انما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت ولا استوجبت ولاية اللَّه بالسكوت ولا توقيت النار بالسكوت ولا يجنب سخط اللَّه بالسكوت، انما ذلك كله بالكلام ما كنت لأعدل القمر بالشمس انك تصف فضل السكوت بالكلام ولست تصف فضل الكلام بالسكوت).
قال الله عز ذكره في سورة الاحزاب:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}، وقال تعالى في سورة التوبة:{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، إن أذية الأنبياء والاوصياء من أذية الله عز وجل، ونحن مسؤولون عن عدم أذيتهم لأن الله عندما أضاف الأذية لنفسه تعظيماً لأوليائه ومبالغة في عظم المعصية.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (إن أعمال العباد تعرض على نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم كل عشية الخميس فليستحي أحدكم أن تعرض على نية العمل القبيح)، وروى أصحاب الحديث والرواية ان أعمال الأمة تعرض على النبي وآله عليهم السلام في كل اثنين وخميس فيعرفوننا وهم المعنيون{ الْمُؤْمِنونَ} في كتاب الله.
وأفضل الأعمال لتجنب أذية الله ورسوله، هي ما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَأسألُكَ التَّوفيقَ فيهِ لأن اُطيعَكَ وَلا أعصيكَ)، ان الوصول إلى طاعة الله عز وجل تحتاج إلى رضا الله عند العبد لأنه محور قبول كل شئ، قال الله عز وجل في سورة محمد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، الطاعة لله من خلال أعمال الصائمين الحسنة والتوفيق إليها، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله سبحانه قد جعل للخير أهلا، وللحق دعائم، وللطاعة عصما، وإن لكم عند كل طاعة عونا من الله سبحانه، يقول على الألسنة ويثبت الأفئدة، فيه كفاء لمكتف وشفاء لمشتف.
المعصية عدو المؤمنين الطائعين لأنها تحبط أعمالهم فيكون أسوأ ما فعلوا، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن من عزائم الله في الذكر الحكيم، التي عليها يثيب ويعاقب ولها يرضى ويسخط  أنه لا ينفع عبدا – وإن أجهد نفسه، وأخلص فعله – أن يخرج من الدنيا لاقيا ربه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها وأن يشرك بالله فيما افترض عليه من عبادته، أو يشفي غيظه بهلاك نفس، أو يعر بأمر فعله غيره، أو يستنجح حاجة إلى الناس بإظهار بدعة في دينه، أو يلقى الناس بوجهين، أو يمشي فيهم بلسانين، أعقل ذلك، فإن المثل دليل على شبهه.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(يا جَوادَ السَّائِلينَ)، الجود من أسماء الله تبارك وتعالى الحسنى، وهو الذي يحب أن يجود على عباده بالرضا وقبول طاعته، روي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله تعالى جواد يحب الجود، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *