معنى الراء في الرحمن و الرحيم

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ، مُنَزِّلَ القُرآنَ، هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وأنزَلتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقانِ. اللَّهُمَّ ارزُقنا صيامَهُ، وَأعِنّا عَلى قيامِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد.

عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: << فالراء من الرؤوف الرحيم>>(1) هناك تساؤلات تجول في الخاطر هي: أن الرأفة و الوقاية و العطاء كلها تطويها مفردة الرحمة، لماذا يقرن المولى مفردة رؤوف مع مفردة رحيم؟ هل هو تأكيد للرأفة؟ أم غلبة؟ أم تقدم على العطاء والوقاية؟ أو العطاء و الوقاية تصل في كل الأحوال ولكن الرأفة تحتاج إلى شروط؟ 

لا يمكن الوصول إلا باستقراء تقارن المفردتين في القرآن الكريم ، و القرآن الكريم تارة يصف الوصفين لله عز وجل و تارة أخرى للنبي الأكرم صلى الله عليه و آله،

 الآيات التي وصفت رب الجلالة في قوله: { وكذلك جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ}(2) إن اتباع النبي الأكرم صلى الله عليه و آله هو غاية الوصول للرأفة و الرحمة، وهذا العمل شاق وكبير و ليس من السهولة الوصول إليه، و مع ذلك تجزون بالرأفة و الرحمة، ومع أن النبي الأكرم سيكون شاهدا عليكم و ستكونون أنتم شهداء على أمم لم يجعلهم الله وسطا، هذا و الإيمان بالاتباع عمل جزاءه الرأفة و الرحمة . 

وعليه نفهم ما هي الآيات البينات التي إذا عملت بها تخرج من الظلمات إلى النور، الموصلة للرأفة و الرحمة معا في قوله تعالى: { هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ}(3) ويعضد هذا المعنى الذي ذُكر في آية (أمة وسطا السابقة) و ما جاء عن ابن شهرآشهوب عن أبي جعفر و جعفر عليهما السلام في قوله تعالى : { لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ} يقول: <<من الكفر الى الإيمان، يعني الى الولاية لعلي عليه السلام>>(4).

ونفهم أيضا لماذا هذا الفضل من الله و الرحمة من قوله تعالى: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}، حيث أن هذا الفضل و هذه الرحمة لأجل الإيمان وهو اتباع محمد وآله في (آية أمة وسطا).

و بعبارة أخرى: هم الفضل هم الرحمة لأهل الدنيا الموصلين الى الرأفة والرحمة في الآخرة ويعضد هذا المعنى روايات منها:

  • العياشي :بإسناده عن زرارة ، عن ابي جعفر عليه لسلام ؛ و حمران ، عن ابي عبد الله عليه السلام (في قوله تعالى ) { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} قال: رسوله ، ورحمته: ولاية الأئمة عليهم السلام . (5)
  • عنه : بإسناده عن محمد بن الفضيل ، عن ابي الحسن عليه السلام ، في قوله : { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } . قال الفضل : رسول الله صلى الله عليه و على آله ، ورحمته : ( أمير المؤمنين ) علي بن ابي طالب عليه السلام . (6)
  • و عنه : بإسناد [ عن محمد بن الفضيل ] ، عن عبد الصالح عليه السلام ، قال : الرحمة : رسول الله صلى الله عليه و على آله ، و الفضل : عليٌ بن أبي طالب عليه السلام . (7)
  • ابن شهر آشوب : [ عن ابن عباس ، و مجاهد ] في قوله تعالى : { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } ففضل الله ( يعني ) محمداً صل الله عليه و على آله ، ورحمته عليّ عليه السلام . و قيل : فضل الله : عليّ ، ورحمته : فاطمة صلوات الله عليهما . (8)

والحاصل أن  فضل الله ورحمته في الدنيا، و رؤوف رحيم في الآخرة، أي حصيلة العمل في الدنيا المعبر عنه الاتباع للنبي في الآية 143 من سورة البقرة وهو العمل الموصل للرأفة والرحمة في الآخرة.

—————

1- الجزائري/نور البراهين2 /ص8،9،10،11.

2- البقرة:143

3- الحديد:9

4-البحراني/الهدايةالقرآنية2/ص333.

5-6-7-8-نفس المصدر/ص457،ص458.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *