التطبيق السادس عشر

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد
الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*)
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد

الموضوع.

التطبيق السادس عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ (48) (1)

في خطاب الرحمة الإلهية كرر الله ما أنعم على بني إسرائيل، و زاد على ذلك عدة أمور منها التودد بكلمة {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} ، و كرر ذكر الحساب يوم القيامة، و دقة الحساب، و عدالته، وبعد ذلك كرر ذكر النعم بتفصيل الآيات التي سنتكلم عنها في ما بعد.

و هناك سؤال بماذا فضل الله بني إسرائيل على العالمين؟
وكيف نوفق بين هذه الآية و آية {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}؟

في البداية فضل الله بني إسرائيل على عالمي أهل زمانهم الذين عاصروهم ، و فضلهم على أهل زماننا بكثرة المعاجز، و الأنبياء عليهم السلام.
وقول الله تعالى {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} فضلهم في (العطاء) ومع ذلك المتفق عليه أن النبي محمد خاتم الأنبياء صلوات الله عليه وعلى آل بيته الطاهرين هو أفضل الأنبياء.

كيف نوفق بين هذه الآية و آية {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ؟
(2)صارت خير أمة:
لعلة{تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ }(3)

لعلة فريضة النهي عن المنكر والأمر بالمعروف

والعلة الأخرى كثرة من آمن بالله

ولو حافظ أهل الكتاب على هذه الميزة أي هذه العلل لصاروا هم خير أمة{وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } (4) ولكن أكثرهم فاسقون لأنهم لا يأمرون بالمعروف و لاينهون عن المنكر، و قليلي الإيمان و الصلابة أي قوة الإيمان، أي أن إيمانهم ضعيف مثل بعض الأمم تأخذ من إسلامهم فقط أسم الإسلام و الإيمان و لكنهم ليس لديهم أي إلتزامات دينية.
ولو سأل سائل عن ملك سليمان الذي أعطي بعد دعاء سليمان {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}(5) أوليس قد أعطي أفضل من النبي صلى الله عليه و آله، يجيب على هذا السؤال الإمام علي عليه السلام حين سأله اليهودي.

قال له اليهودي: فإن هذا سليمان أعطي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده؟
فقال علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل من هذا إنه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الأرض قبله، وهو: ميكائيل فقال له: يا محمد عش ملكا منعما وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك، ويسير معك جبالها ذهبا وفضة، ولا ينقص لك مما ادخر لك في الآخرة شئ، فأومى إلى جبرئيل – وكان خليله من الملائكة – فأشار عليه، أن تواضع فقال له: بل أعيش نبيا عبدا آكل يوما ولا آكل يومين، والحق بإخواني من الأنبياء فزاده الله تبارك وتعالى الكوثر، وأعطاه الشفاعة، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة، ووعده المقام المحمود، فإذا كان يوم القيامة أقعده الله عز وجل على العرش، فهذا أفضل مما أعطي سليمان.(6)
—————————————————————

*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.

1- البقرة : 47،48.

2- آل عمران: 110.

3- نفس المصدر.

4- نفس المصدر.

5- ص : 35.

6- الاحتجاج – الشيخ الطبرسي – ج 1 – الصفحة 327.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *