التطبيق الثامن عشر

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد
الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*)
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد

التطبيق الثامن عشر

وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50) (1).

إن تكرار ذكر النعم لبني إسرائيل نعمة بعد نعمة لأنهم لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه و آله، والنعم هنا تذكير لما حصل لأجدادهم و عتاب، و الآية تختصر ما حصل و لكن التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام يفصل الحادثة في قوله عز وجل: ” وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون.

  • <<قال الإمام العسكري عليه السلام: قال الله عز وجل: واذكروا إذ جعلنا ماء البحر فرقا ينقطع بعضه من بعض ” فأنجيناكم ” هناك وأغرقنا فرعون وقومه ” وأنتم تنظرون ” إليهم وهم يغرقون
    اما نجاة بني إسرائيل لاقرارهم ولاية محمد صلى الله عليه وآله، وتجديدها وذلك لأن موسى عليه السلام لما انتهى إلى البحر، أوحى الله عز وجل إليه:
    قل لبني إسرائيل: جددوا توحيدي وأعمروا بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي وإمائي، وأعيدوا على أنفسكم الولاية لعلي أخي محمد وآله الطيبين، وقولوا:
    اللهم بجاههم جاوزنا على متن هذا الماء، فإن الماء يتحول لكم أرضا،
    فقال لهم موسى ذلك.
    فقالوا: أتورد علينا ما نكره، وهل فررنا من آل فرعون إلا من خوف الموت؟ وأنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات، وما يدرينا ما يحدث من هذه علينا؟
    فقال لموسى عليه السلام كالب بن يوحنا [يوقنا] – وهو على دابة له، وكان ذلك الخليج أربعة فراسخ -: يا نبي الله أمرك الله بهذا أن نقوله وندخل الماء؟ فقال: نعم.
    قال: وأنت تأمرني به؟ قال: بلى.
    قال: فوقف وجدد على نفسه من توحيد الله ونبوة محمد وولاية علي بن أبي طالب والطيبين من آلهما ما أمره به، ثم قال:
    اللهم بجاههم جاوزني على متن هذا الماء.
    ثم أقحم فرسه، فركض على متن الماء، وإذا الماء من تحته كأرض لينة حتى بلغ آخر الخليج، ثم عاد راكضا، ثم قال لبني إسرائيل:
    يا بني إسرائيل أطيعوا موسى فما هذا الدعاء إلا مفتاح أبواب الجنان، ومغاليق أبواب النيران، ومنزل الأرزاق، وجالب على عباد الله وإمائه رضا الرحمن المهيمن الخلاق.
    فأبوا، وقالوا: نحن لا نسير إلا على الأرض.
    فأوحى الله إلى موسى: ﴿أن اضرب بعصاك البحر﴾ وقل:
    اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما فلقته.
    ففعل، فانفلق، وظهرت الأرض إلى آخر الخليج.
    فقال موسى عليه السلام: ادخلوها، قالوا: الأرض وحلة نخاف أن نرسب فيها.
    فقال الله عز وجل: يا موسى قل: اللهم بحق محمد وآله الطيبين جففها.
    فقالها، فأرسل الله عليها ريح الصبا فجفت.
    قال موسى: ادخلوها.
    فقالوا: يا نبي الله نحن اثنتا عشرة قبيلة بنو اثني عشر أبا، وإن دخلنا رام كل فريق منا تقدم صاحبه، ولا نأمن وقوع الشر بيننا، فلو كان لكل فريق منا طريق على حدة لامنا ما نخافه.

فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعددهم اثنتي عشرة ضربة في اثني عشر موضعا إلى جانب ذلك الموضع، ويقول: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين بين الأرض لنا وأمط الماء عنا.
فصار فيه تمام اثني عشر طريقا، وجف قرار الأرض بريح الصبا فقال: ادخلوها.
فقالوا: كل فريق منا يدخل سكة من هذه السكك لا يدري ما يحدث على الآخرين.
فقال الله عز وجل: فاضرب كل طود من الماء بين هذه السكك. فضرب وقال:
اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما جعلت في هذا الماء طيقانا واسعة يرى بعضهم بعضا منها ، فحدثت طيقان واسعة يرى بعضهم بعضا منها ثم دخلوها.
فلما بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه، فدخل بعضهم، فلما دخل آخرهم، وهم أولهم بالخروج أمر الله تعالى البحر فانطبق عليهم، فغرقوا، وأصحاب موسى ينظرون إليهم فذلك قوله عز وجل: (وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) إليهم.
قال الله عز وجل لبني إسرائيل في عهد محمد صلى الله عليه وآله: فإذا كان الله تعالى فعل هذا كله بأسلافكم لكرامة محمد صلى الله عليه وآله، ودعاء موسى، دعاء تقرب بهم إلى الله أفلا تعقلون أن عليكم الايمان بمحمد وآله إذ قد شاهدتموه الآن؟>>(2)

وهذا التذكير و العتاب هو رحمة من الله لعلكم تؤمنون
وخطاب لبني إسرائيل بشكل أولي، و يتعدى للبشرية جمعاء، و من البشرية نحن أتباع أهل البيت بشكل أولى من الجميع، و حملنا لهذا الإيمان و هو رسالة للبشرية، فلابد من جميع أفعالنا مطابقة لأفعال و أخلاق و اعتقاد محمد و آل محمد.

  • اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد، وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد صلى الله على محمد وآل محمد.(3)

—————————————————————

*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.

1- تفسير الإمام العسكري (ع) – المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) – الصفحة 247، 246، 245.

2- بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 83- الصفحة 295.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *