التطبيق الرابع والعشرون


بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ


اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدالحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*) اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد
و لازلنا نطبق هيمنة البسملة بشكل متسلسل لآيات سورة البقرة و بعض الأحيان نقوم بتفسير موضوعي وطريقته استقراء آيات الموضوع.

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)(1)

الله عزوجل يمن في ذكر النعم التي انزلها على بني إسرائيل لكي يتذكر يهود أهل المدينة ويرجعوا إلى رشدهم، ولكي يرجعوا عما حرفوه، و من ثم يؤمنون بالنبي الأعظم و الوصي العلي صلوات الله وسلامه عليهما .

وسياق ذكر النعم غالبا يبتدئ آياته بكلمة {و إذ} ولكن هذه المرة في وسط تذكيرهم بالنعم جاء زجر و عذاب في الدنيا قبل الآخرة.

بنسبة إلى التحريف هناك عدة جهات يمكن النظر إليها:

1- الجهة الأولى: الذين يحرفون الكتب السماوية، و هؤلاء عليهم لعنة الله عزوجل، و قد ذكرو في عدة آيات { مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46)}(2)
و في هذه الآية تحدي و تجري و تجاسر منهم بدون عقل على الله عز وجل.
و آية أخر ذكرت في موضعين من سورة المائدة:

  • الآية ١٣: و لكن فصل في شخصية المحرّف المغير في كلام رب العزة و الجبروت..
  • الآية ٤١: حيث يسارعون للكفر، ميالين للنفاق، و يستمعون للكذب، و يستمعون لأهل الفتن،فوصف الله عزوجل بهذه الصفات قلوبهم بعدم الصفاء، و توعدهم بعذاب الدنيا قبل الآخرة في قوله تعالى مخاطبا نبيه و مواسيه على عدم إيمانهم {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ۛ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41)}(3)

٢- الجهة الثانية: الذين يطمعون بإيمان المحرفين و هذا لا يحصل عادة.

{أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) } .(4)

٣- الجهة الثالثة: أنه الحق في محكمه و متشابهه و ظاهره و باطنه و ناسخه و أحكامه و عقائده و أخلاقه و وعيده {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) }(5)خطاب طمأنة من رب العزة في من يريد تحريف آخر الكتب و هو القرآن الكريم { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} (6)هذه الآية تثبت انه لا يمكن تغيره.

٤-الجهة الرابعة : أي شيء يخالف كتاب الله عزوجل لا يؤخذ به..

  • أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا تثق به؟ قال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وإلا فالذي جاء كم به أولى به.(7)
  • عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
    كل شئ مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف.(8)

——————————————————
*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.
1- البقرة:59.
2-النساء:46.
3-المائدة:41.
4-البقرة:75.
5- المائدة:48.
6-الحجر :9.
8-7-الكافي – الشيخ الكليني – ج 1- الصفحة 69.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *