العرف العام

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

العرف العام

إن المختصين في علم الاجتماع والجغرافيا السكانية وعلماء دراسات العلوم الإنسانية قد استقرأوا الأطر الاجتماعية العامة فوضعوا مصطلحاتهم على ضوئها، ففي كل مجتمع هناك زواج وطلاق وبيع ومعاملات بين بني البشر نظرا لتشابه الحاجة عندهم بمتطلبات الحياة فطريا وفعليا.

والاختلاف واضح بقدر وضوح الائتلاف، فلو استقرأنا لوجدنا الاختلاف في الكيفيات وطرق انعقادها بحسب تقاليد وموروثات ذلك المجتمع وقواعده العرفية التي تتخذها شريعة في التعامل والتواصل لأنها متسالم عليها بمنظورهم العام حيث تختلف بعدة مؤثرات مختلفة كالبيئة والطبيعة النفسية الخاصة بهم أو التربية النفسي التي تطبعوا عليها.

فمن هذا المنطلق فإن هذه الأطر العامة المختلفة تلتزم وتلزم بالتأثير الفعلي في المجتمع على كل الأصعدة ولهذا قد لوحظ حصولها بطقوس الأديان المختلفة بحسب اعتقاد أفراد المجتمع وما يتعبدون به في أي شريعة.

العموم في مواضيع هذه العرفيات الملحة والمختلفة يجعلها واسعة المحتوى بكليات متعددة الأفراد على نحو جوامع عدة من كيفيات أو حقوق الأطراف أو كيفيات الواجبات أو غير ذلك مما يجعل وجود مثل هذا الموضوع مؤثرا في وجوده بوجود أفراده المؤثرة شرعا في أي شريعة.

من هنا نستشف أن المواضيع الاجتماعية المتمثلة في أطرها العامة تحوي كثيرا من أفراد تكوينها على شكل جزئيات في تأثيرها بشكل أو بآخر لتحقيق الغاية المنشودة منها وإن اختلفت طرق إقامتها لأن مباني إقامتها وغاياتها وقصودها واحدة متحدة.. فما لا يتدخل فيه الشرع من اختصاصات علماء الاجتماع لا كلام لنا فيه، وما يحتاج للمعيار الشرعي ورعايته فهو العنصر المراد إثباته شرعا لتحقيق التأثير الشرعي لتحصيله وإحراز وجوده وآثاره عند المتشرعة.

فلو أخذنا الزواج مثلا كإطار اجتماعي عام لوجدنا أنه ينحل لعرفيات وتجريبيات وشرعيات على نحو العناوين الخاصة بكل جانب على حده من حيثيات العناوين العامة.

ولكن لإحداث تأثيره الشرعي نحتاج للإيجاب والقبول من الطرفين وصيغة العقد المجعولة من الشريعة لإحراز وجوده فعلا، ولكن الكيفيات الإعلامية _ وإن كان الإعلام مستحبا في نظر الشارع الحنيف_ لم يتدخل فيها الشرع إلا إذا تجاوزت حدوده المحرمة فيكون وجود تلك الأفراد المحرمة سببا للتدخل الشرعي وإلا فالكيفيات المباحة لا ملاك شرعي فيها وإن وجد الملاك فإنه يكون بلا أثر ملحوظ ويساوق العدم هنا، فلا يتدخل الشارع المقدس فيها، ففي الإعلام يهم الشارع إحرازه بما يشخصه المجتمع بهيئته كموضوع إعلام بالزواج.

لذا فإن الضابط العام في المورد أن يصح حصول هذه الأطر بكونها مواضيعا شرعية مؤثرة على وفق القواعد والأصول الشرعية بحسب أفراده الكلية وأجزائها المندرجة تحت ذلك العموم بنحو كونها معتبرة شرعا وتصلح أن تكون فيما بعد كاشفة أو حاكية أو متمخضة عن المبنى الشرعي، فقد تمضي الشريعة الحكم بزواج قد تم العقد فيه بمنظور أديان أخرى لمجرد كونها قد طابقت الواقع الشرعي بهيئتها وتوفرت فيها شروط الشريعة ولو اتفاقا..

 

عباس العصفور

النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *