علامة الفعل المضارع وأحكامه – 2

الشيخ فواز سرحان
Latest posts by الشيخ فواز سرحان (see all)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين

 

علامة الفعل المضارع وأحكامه – 2

 

تمَّ ذِكرُ علامة الفعل المضارع وأحكام المبني منه في المقالة السابقة، وبقي ذِكرُ المعرب منه، المرفوع والمنصوب والمجزوم.

سؤال: متى يُعرب الفعل المضارع؟

الجواب: يعرب إذا لم تتصل به نون النسوة أو نون التوكيد.

 

أولا: الرفع:

سؤال: متى يُرفع الفعل المضارع؟

الجواب: يُرفع إنْ لم يسبقه ناصب ولا جازم، ولم تتصل به نون النسوة أو التوكيد.

مثال على الرفع: قال تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[1]، وتقول: يَـقومُ زيدٌ.

وذكر البعض أن الأصل في الفعل المضارع هو الرفع لخلوِّه من العوامل.

إن كان الفعل الضارع مفردا، فهو على قسمين، صحيح الآخر ويُرفع بالضمة الظاهرة، ومعتل الآخر ويُرفع بالضمة المقدرة، نحو قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[2]، فـ {يَدْعُو} و {وَيَهْدِي} مرفوعان بالضمة المقدرة، وإن كان مُثنّى أو جمع أو اتصلت به ياء المخاطبة، فيُرفع بثبوت النون، نحو: (يَضْرِبان، يَضْرِبون، تَضْرِبين).

واختلف النَّحويون في رافع المضارع، فقال الفراء وأصحابه أن تجرّده من الناصب والجازم هو نفس رافعه وأيّده ابن هشام في القطر[3]، وقال الكسائي حروف المضارعة، وهو مردود لأن أحرف المضارعة جزء من الكلمة، والعامل لا بد أن يكون خارجيا، وقال ثعلب مضارعته للإسم وهو مردود أيضا لأن ذلك يستلزم الرفع في كل الحالات، فراجع قطر الندى للزيادة.

 

ثانيا: النصب:

نواصب الفعل المضارع

علامة النصب الأصلية هي الفتحة، ويُنصب الفعل المضارع بالفتحة سواء كان (سليم الآخر) أم (معتل الآخر) بالواو أو الياء، نحو قوله تعالى: {لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ}[4] {لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا}[5] {لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ}[6]، أو بالفتحة الـمُقدرة إن كان معتل الآخر بالألف للتعذر، نحو (عليك أن تسعى إلى الخير)، أو بحذف النون إن كان من الأفعال الخمسة، نحو قوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}[7].

 

حروف النصب:

لنْ:

وهو حرف نفي ونصب واستقبال، فعندما يدخل على المضارع يقلبه للإستقبال، وللفائدة أن (لنْ) نقيضة (سوف) كما أفاد الدكتور السامرائي[8]، فلا يصح استعمالهما كما هو شائع اليوم، نحو: (سوف لن أفعل) أو (سوف لا أعمل).

قال الزمخشري في أنموذجه أنَّ (لنْ) تفيد التأبيد، واستدلّ بقوله تعالى: {فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ}[9] {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}[10]، والواقع بخلاف ما قال، فهي تفيد النفي في الإستقبال حتى لو كان منقطعا، نحو قوله تعالى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا}[11]، ويُفيد يوم واحد فقط، وقوله تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُنزَلِينَ}[12]، ويفيد هنا وقت المعركة فقط.

 

كيْ المصدرية:

وهو حرف مصدري ونصب واستقبال، ويشتط في عمله أن تسبقه (لام التعليل) لفظا أو تقديرا، نحو قوله تعالى: {فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ}[13]، وقولك: (زَجرتهُ كَيْ يَستَقيم)، والتقدير لكي يستقيم، ومثله مثل (أنْ) المصدرية، تُجعل مع ما بعدها في تأويل مصدر، نحو قولك: (كلّمتك لكي أسألك)، والتأويل كلّمتك لأسألك.

 

إذنْ:

كتابتها بالنون مشهورة، وكتبها البعض بالألف، وآخرون بالنون إن كانت عاملة وبالألف إن كانت غير عاملة، واختُلِفَ في كونها اسم أم حرف، وذهب الجمهور أنها حرف[14].

يقول الدكتور السامرائي: (حرف نصب وجواب وجزاء واستقبال)[15]، تقول: (سأزورك)، فـيُجيبك: (إذنْ أحسنَ إليك)، فالإجابة والإحسان جزاء لزيارتك، فهو هنا جوابا وجزاء.

أمّا إن تمحضت الجواب، فإنها لا تعمل، نحو قولك لأخيك: (أنا أحبك)، فـيُجيبك: (إذنْ أظنُّك صادقا)، والفعل هنا مرفوع لكونه جوابا، وليس جزاءً لقولك: (أنا أحبك).

وذكروا لها ثلاث شروط لعملها كناصبة:

  1. أنْ يكون الفعل مستقبلا، غير دالّاً على الحال، فلو قُلتَ: (إنّي أعزّك)، وقال: (إذنْ تصدقُ)، كانت مرفوعة لأن القصد ملازم للحال.
  2. أن يكون في في صدر الجملة، نحو قولك: (سأزورك)، فيكون الجواب: (إذنْ أكرمَك)، وإلا فهي ملغية وذلك على ثلاث حالات:
    1. أن يكون ما بعدها خبرا لما قبلها، نحو: (أنا إذنْ أناصِحُك)، و (إنّي إذنْ تاركُك)، فهي بمنزلة كلمة معترضة، ويبطل عملها.
    2. أن يكون جزاء للشرط الذي قبلها، فينقلب الفعل مجزوما، وسيأتي عليه الكلام في جوازم المضارع، نحو: (إن تأتني إذنْ أكرمْك).
    3. أن يكون جوابا للقسم الذي قبلها، نحو: (والله إذنْ أكرمُك)، فالفعل هنا مرفوع لعدم سبقه بناصب أو جازم، وكذلك: (والله إذنْ لأفعلَنَّ)، والفعل هنا ليس بمنصوب ولكنه مبني على الفتح لإتصاله بنون التوكيد.
  3. أن لا يفصل بينها وبين الفعل غير القسم، نحو قولك: (سأزورك)، فـيُجيب: (إذنْ والله أكرمَك)، ولو جاء فاصل غير القسم كانت مهملة، وهذا رأي المشهور.

واختلف العلماء في ثلاث مواضع للفصل، بأن تكون (إذنْ) عاملة ناصبة أو لا:

  1. إذا كان الفصل بالنداء، نحو: (إذن يا زيدُ)، فيكون الرد: (أكرمُك) (أكرمَك).
  2. إذا كان الفصل بالجار والمجرور، نحو: (إذنْ في الدارِ “أكرمُك” ” أكرمَك”).
  3. إذا كان الفصل بظرف، نحو: (إذنْ قبل الغروب “أكرمُك” “أكرمَك”).

وذكر ابن مالك في أرجوزته مسألة تفيد التخيير في إعمال (إذنْ) أو إهمالها إن كان ما قبلها واواً أو فاء، نحو: (أنا أزورك وإذنْ “أنفعُك” ” أنفعَك”) وكذلك: (أنا أزورك فإذنْ “أنفعُك” ” أنفعَك”)، وهو قوله في:

وَنَصَبُوَا      بِإِذَنِ      المُسْتَقْبَلاَ                         إِنْ  صُدِّرَتْ  وَالفِعْلُ بَعْدُ مُوصَلاَ

أَو  قَبْلَهُ  اليَمِيْنُ  وَانْصِبْ وَارْفَعَا                        إِذَا   إِذَنْ  مِنْ  بَعْدِ  عَطْفٍ  وَقَعَا

 

ويأتي الكلام على الحرف الرابع من النواصب (أنْ) والجوازم إن شاء الله.

 

والحمد لله رب العالمين

 

فواز سرحان

23 فبراير 2016

14 جمادى الأولى 1437

 

[1] سورة البقرة: 216.

[2] سورة يونس: 25.

[3] قطر الندى وبل الصدى – ابن هشام ص79، طبعة ذوي القربى الطبعة الخامسة

[4] سورة طه: 91.

[5] سورة الكهف: 14.

[6] سورة آل عمران: 10.

[7] سورة آل عمران: 92.

[8] النحو العربي ج2 ص423، للدكتور فاضل السامرائي، الطبعة الأولى 2014، دار ابن كثير.

[9] سورة البقرة: 80.

[10] سورة الحج: 73.

[11] سورة مريم: 26.

[12] سورة آل عمران: 124.

[13] سورة طه: 40.

[14] راجع تعليقة الشيخ الكرباسي رحمه الله على قطر الندى ص82.

[15] النحو العربي: ج2 ص424.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *