كيف الخلاص وماهيته

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين..

حمل الخلاص أكثر من معنى في تأملات العقل البشري بحسب توجهات الناس والأديان، كما حمل معنى مغايرا بحسب التيارات والأنظمة العلمية والسياسية والاقتصادية وغيرها ممن بحث في معانيه وأسبابه.
ولو استقرأنا معاني الخلاص في الأمم والتيارات والأديان لوجدناها بعدة معاني على نحوين:
1_ متفائلون : جهة بحثت الخلاص بمعنى النتيجة والمآل والتطوير لتحقيق التغيير.
2_ متشائمون : جهة بحثت الخلاص بمعنى رفع البؤس .
فالجهة المتفائلة بشكل عام تسوق الأمل للناس في أطباق الخطط العلمية والأنظمة المزعومة حسب الاهتمامات ، فمن يرى الخلاص في الازدهار المادي يطرح الخطط الاقتصادية للوصول إلى الرخاء والسيولة، ويختلف هذا الطرح رغم كونه في نفس المجال بحسب تعدد الأنظمة الاقتصادية من رأسمالية أو اشتراكية أو حتى ماركسية ، ومن يرى الخلاص في النظام السياسي يطرح برامجه السياسية بما يدعي وجوده من الديمقراطية مع تفاوت مفاهيمها في مدارس الطرح السياسي سواء كانت ليبرالية أو جمهورية أو ملكية أو غيرها، ومن يبحث عنه في النظم الاجتماعية .. وهكذا دواليك، ولا يخفى على المتتبعين أطروحات كالجمهورية والمدينة الفاضلة وما شابهها من محاولات متفائلة لبناء مجتمع خالي من المشاكل ومتخلصا من الهموم البشرية.
والجهة المتشائمة تنظر للحياة أنها منبع البؤس ومكمن العذاب الإنساني الذي يجب أن تتحرر منه الروح البشرية وتتخلص، وفي ذلك لجأوا لكثير من البحوث التجريدية والتجردية استخدمت فيها آلات السحر أوروحانيات الأديان وقد وصلت لحالات متقدمة من جهة ومتخلفة من جهات أخرى، كالانتحار عند البوذيين والتجرد عند الصوفيين والرقص وبذل الجهود بالتقافز للوصول لحالة النشوة التي تفقدهم الشعور بالبدن.
وما مر سابقا قد يشير للخلاص على نحو النتيجة لاستمرار التطور والوصول للقمم والمتشائمون يشيرون له على نحو الموت والحياة والخلود والفناء..
وهنا نتوقف عند تقسيمهم للتفاؤل والتشاؤم بحسب الإيجاب والسلب ورمي الفكرة الدينية والعقدية بالتشاؤم، بينما الأمر بين الدنيوي وطول الأمل لدرجة وصلت لخيالية الإفلات من الموت بالتحرر من الزمن، وبين التعامل مع الخالق والخلاص من معصيته لتحقيق درجة الحصول على الجزاء بنفس العمل الإلهي والسرور بخدمته والانقياد إليه والتوحش من أي شيء غيره.

بمعنى آخر بسيط : الخلاص عند المتفائلين يعني الانتهاء من الشيء بعد الوصول للغاية القصوى..

وعند المتشائمين هو الخروج من البؤس والتخلص منه..

وقد يمكن الجمع بينهما عند المتدينين ولا خلاف في إمكانية ذلك في مذهب أهل البيت عليهم السلام..
ولكن !
هناك خلاص بالمعنى العام يتضمن التخلص من كل ما من شأنه أن يجلب البؤس، سواءا كان دنيويا أو أخرويا، حياة أو موتا ، وآخر يختص :
*بخلاص الفرد وخلوصه من أدرانه النفسية لتتحقق التخلية ليتسنى له بعدها التحلية.
* بخلاص المجتمع من مشاكله ومسببات تعاسته .
* بخلاص الروح مجردة واتحادها مع العالم الآخر رغم حياتها الدنيوية.
فهل يمكن تصور كل ما مر من المعاني منفردا كحل من الحلول الناجعة على نحو بسيط ؟
وهل يمكن أن يصنعها البشر بعقله دون الاستعانة من أحد؟

هذا ما لا يعتقده الشيعة الإمامية، فالخلاص عندهم يحتاج لأفراد مخلصة خلصت أنفسها من مشاكلها الفردية، ويتبعون قائدا ذو ولاية سماوية يقود الأمة بمنظومة تشمل كافة مجالات الحياة على نحو مترابط بقرار واحد حكيم منضبط واضح .
فالحيرة أن يقترح العالم للاقتصاد مئات الحلول وللاجتماعيات آلافها وللسياسة أنظمة مختلفة متعددة قد تتباين وتتداخل فيما بينها بقوانين متفاوتة قد تتعارض وتتصادم! وسنناقش ذلك إن وفقنا الله في المقالات القادمة..
لذلك فالخلاص الدنيوي والأخروي يحتاج لمخلص مبعوث من السماء..

والحمد لله رب العالمين..

عباس العصفور
النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *