البعث والزجر في لفظ الجلالة

الأمر (البعث) بالولاية والإلزام و النهي(الزجر) في أحرف لفظ الجلالة 

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ، مُنَزِّلَ القُرآنَ، هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وأنزَلتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقانِ. اللَّهُمَّ ارزُقنا صيامَهُ، وَأعِنّا عَلى قيامِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد.

الألف في لفظ الجلالة

‎من المعلوم أن إثبات الولاية مصرح بها في القرآن الكريم في قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (1) ، وغيرها من الآيات الصريحة في الولاية.

و مصرح بها في السنة الشريفة في حديث الثقلين و بيعة و خطبة غدير خم و الكثير منها لإثبات الولاية عنده جمهور المسلمين، و هناك روايات كثيرة جمعها بعض العلماء في كتاب واحد كوحدة موضوعية في تأويل بعض آيات القرآن بأنها لولايتهم سلام الله عليهم ، كما مر علينا في تأويل الباء وسين من البسملة وقلنا يرجع تأويلها لله عز وجل ويمكن أن تكون مشروطة أو الله يعطي الأذن في الشفاعة و هذه التأويلات لمن يتحمل قلبه(2).

و من بعد هذه المقدمة ، قد جاء عن المعصوم عليه السلام في الرواية السابقة حين سئُل عن الله فقال :<<الألف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا>>(3)أي أن نعمة الله على الخلق هي ولاية أهل بيت النبوة

التي عبرنا عنها مسبقا بالمشروطة، ومعنى آلاء هي النعمة و نعم الله كثيرةلا تحصى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)(4)، أعلى مصداق و أصدق مصداق هي نعمة الولاية وهناك رويات كثيرة تعضد تأويل هذا المعنى منها :

1- قال علي بن إبراهيم: حدثنا أحمد بن علي،قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن أسلم ،عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل:( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)، قال الله تعالى:فبأيً النعمتين تكفران، بمحمد أم بعلي عليهما السلام.(5)

24-محمد بن الحسن الصفار: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، ومحمد بن جمهور، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن الهيثم بن واقد ، عن أبي يوسف البزاز، عن أبي عبدالله عليه السلام قال تلا علي عليه السلام هذه الآية:(فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ) قال أتدري ما آلاء الله؟ قلت : لا.

قال: هي أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا(6).

اللام والهاء في لفظ الجلالة

قُرنت طاعة الله عزوجل و ولاية الله عزوجل مع طاعة و ولاية النبي و أولي الأمر منكم في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) (7)وفي قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) ( 8) فلا ضير أن يمن الله بالنعمة الكبرى وهي الولاية لبيت النبوة في تأويل الألف بآلاء الله في لفظ الجلالة كما سبق.

وفي قوله تعالى: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (9) حيث المنة لله عزوجل فقط ، و من  بعد الإقران منًة الله ، نذكر صيغة الأمر في أطيعوا التي مفادها الإلزام بطاعة الله عزوجل وأهل بيت النبوة صلوات الله عليهم، و نذكر الآية (إنما وليكم) التي مفادها حصر الولاية لله عزوجل ولبيت النبوة صلوات الله عليهم وهنا يظهر ما جاء من تأويل عن أبي عبد الله حين سئل عن الله لفظ الجلالة الى أن قال<<اللام إلزام الله خلقه ولايتنا>>(10).

وهنا جهتان:

 الجهة الأولى: لا ضير أن يكون إلزام الولاية من ضمن حروف لفظ الجلالة لأنه تعالى قرن طاعته و ولايته معهم .

و من جهة ثانية : هناك أوامر تذكير بالالتزام بها ، وظهر تكرارها في عدة مواضع حتى في لفظ الجلالة لأهميتها ، وأكثر من ذلك تأويل الهاء في لفظ الجلالة كما جاء في تكملة الرواية عن أبي عبدالله عليه السلام حين سئل عن الهاء فقال <<هوان لمن خالف محمدا وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين>> (11)تدل على البعث في تأويل اللام و الزجر في تأويل الهاء، أي لفظ الجلالة بعد المن بالنعمة الولاية ألزم بها و زجر وكل هذا الترتيب جاء في قوله تعالى{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}(12).

—————————————————

*- السيد ابن طاووس – إقبال الأعمال -ج 1- الصفحة 78.

‎1- المائدة:55

‎2- كامل الزيارات ص180

‎3- قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى    ، عمن  حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام  أنه سئل عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال: الباء بهاء الله، السين سناء الله، والميم ملك الله، قال: قلت: الله ، فقال: الألف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا ، و اللام إلزام الله خلقه ولايتنا ،  قلت : فالهاء ، فقال: هوانٌ لمن خالف محمدا وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.(1)

‎4- النحل:18

‎5- الرحمن:13،البحراني/الهداية الى الولاية2/ص321

‎6- الأعراف: 69، 74 ،،البحراني/الهداية الى الولاية1/ص227

‎7- النساء:59

‎8- المائدة:55

‎9- الحجرات:17

‎10- ، 11  – راجع هامش 3

1-الصدوق/التوحيدص230

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *