تكملة لفظ اسم ٣

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ، مُنَزِّلَ القُرآنَ، هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وأنزَلتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقانِ. اللَّهُمَّ ارزُقنا صيامَهُ، وَأعِنّا عَلى قيامِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد.

معاني مفردات البسملة

 

الحيثية الثانية في الفئة الخامسة: وهي لفظ الاسم مضافا للفظ الرب وفيها دلالة واضحة على العلامة و الرفعة و العظمة و تشملها معاني الألوهية وأسرار عند الأولياء و أسرار خصها لنفسه ، حسب استقراء الآيات :

1-{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}(1).

2-{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}(2).

3-{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}(3).

4-{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}(4).

5-{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ}(5).

6-{ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}(6).

7-{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}(7).

مع وضوح العلامة والرفعة و العظمة إليه هناك أسرار قد كشفها الأمام الباقر عليه السلام:<<إن اسم الله الأعظم في ثلاثة وسبعين حرفا، وانما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة العين و نحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا وحرف عند الله تبارك تعالى استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم>>(8).

و هذه الرواية شرح لأدعية الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين <<باسمك العظيم>>(9) يمكن أن يكون عند بعض الناس، و يكتسب من خلال التدبر في اسمه، و زيادة المعرفة، و ترك ما حرم، و عمل ما أوجب، فإذا قال بسم الله الرحمن الرحيم يعطى ما يطلب.

 أما قولهم في الدعاء<< باسمك الأعظم>>(10) اختصه لأوليائه <<باسمك الأعظم الأعظم>>(11) اختصه لنفسه و مع ذلك نتعلم من المعصومين التوسل بهذه الأسماء التي لا تعمل إلا وفق إمكانية الشخص نفسه، وفي مقامنا هذا آية البسملة التي قيل فيها :

– وعن محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن الرضا (عليه السلام) قال : بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من بياض العين إلى سوادها (12).

و الحيثية الثالثة من الفئة الخامسة: أثر ذكر اسم الله و ترك ذكر اسم الله بيان واضح على معنى العلامة و العلو و الرفعة. 

فالله سبحانه وتعالى ينصر من يدفع  هدم أماكن العبادة التي يُذكر فيها اسم الله في قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}(13) و الله يصف الذي يخرب أماكن العبادة التي يُذكر فيها اسم الله بأنه ظالم، بل ليس هناك من هو أظلم منه في قوله تعالى:{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(14). و الغاية في الآيتين هي ذكر اسم الله و هذا واضح في بيان العلامة و الرفعة و غيرها من أسرار التعظيم.

والجدير بالذكر أذن الله سبحانه برفع اسمه في بيوت معينة لأن يذكر فيها اسمه : {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}(15) و هذا واضح جلي في دلالة العلامة و الرفعة.

و الحيثية الرابعة:  ذكر لفظ اسم مجموع و هو وصفٌ لله سبحان و تعالى في قوله تعالى : {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ }(16) و ذلك بيان واضح في التعظيم والتجليل والعلامة و الرفعة ، و بهذه ينتهي البحث القرآني الاستقرائي ، وعليه أن ما أضيف أو جعل موصوفاً للفظ الجلالة أو الرب يكون دعاء أو تعظيما وتجليلا لله الواحد القهار، وتكون الدلالة :

أما علامة: لأن الإضافة لخبر لفظ الجلالة هو ظهور المضاف إليه، بينما لفظ الجلالة بارز وظاهر ، 

و أما رفعه: و هو واضح في مسألة الدعاء من الداني الى العالي و واضحٌ في آيات التعظيم والتجليل و أدعية أهل البيت عليهم السلام تُعضد في ذكرهم: <<باسمك العظيم و باسمك الأعظم>>(17)

و عليه لابد أن نفرق بين معنى العلامة في اسم المضاف إلى لفظ الجلالة، و العلامة المضافة إلى أي اسم في الوجود ، فالأول: عبادة (علامة و رفعة ) أو إخبار عن عبادة

و الثاني: إخبار (علامة).

 ودليل الأول الاستقراء القرآني مع رواية الصدوق عن الرضا عليه السلام، قال سألتُ الرضا علي بن موسى عليه السلام عن {بسم الله} <<قال : معنى قول القائل {بسم الله} أي السمو على نفسي سمة من سمات الله عز وجل ، وهي العبادة ، قال: فقلت له: ما السمة ؟ فقال : العلامة>>(18).

أما معنى الأخبار (علامة فقط) دليله الاستقراء القرآني مع رواية أمير المؤمنين عليه السلام لأبي الأسود حيث جاء في الحديث << الاسم ما أنبأ عن المسمى>>(19)

 إلى هنا إنتهينا من مفردة (اسم) و الحمدلله رب العالمين.

 ————————————————-

*- السيد ابن طاووس – إقبال الأعمال -ج 1-ص 78.

1-الرحمن :78

2-الحاقة:52،الواقعة:74،96

3-المزمل:8

4-الأعلى:1

5-الأعلى:15

6-الإنسان:25

7-العلق:1

8-المجلسي/بحار الأنوار ج14/ص113

9-الطوسي/مصباح المتهجد ص 75،259،416

10-نفس المصدر ص69،572،804

11-القمي/مفاتيح الجنان ص97.

12-الحر العاملي – وسائل الشيعة( آل البيت)-ج6-ص59-60

13-الحج:40

14-البقرة:114

15-النور:36

16-طه:8

17-الطوسي/ مصباح المتهجد ص416،804،572،259،75،69

18-الصدوق/التوحيد ص 229

19-المجلسي/بحار الأنوار ج43/ص162

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *