آثارها المادية علينا في الدنيا ٥

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

تدبر في آية البسملة 

آثارها المادية علينا في الدنيا عند قرائتها و آثار نسيانها أو تركها ٥*

الرابع : آثار نسيانها أو تركها.

هذه الآثار على حيثيتين 

الحيثية الأولى وهو مفهوم الروايات الوقائية التي تم ذكرها و ما يفهم من منطوق الرواية

 فإذا كان منطوق الرواية:

قال أمير المؤمنين عليه السلام : <ضمنتُ لمن يسمي الله عزوجل على طعامه أن لا يشتكي منه ، فقال ابن الكواء: أكلت البارحة طعاما و سميت عليه ، ثم أصبحت و قد آذاني فقال عليه السلام: لعلك أكلت ألوانًا  ، فسميت على بعض ولم تسم على بعض ، فقال : قد كان ذلك ،  قال عليه السلام: من ذلك أتيت يالكع(1)>>(2).

أي منطوق الرواية الوقائية إذا قال بسم الله الرحمن الرحيم لا يتضرر و يوضح لنا مفهوم الرواية ان الترك والنسيان فيه أحتمالية كبيرة أنه يتضرر بدونها، وهذا بيان الحيثية الأولى في التعداد الرابع المعنون بآثار تركها و نسيانها و هي تنطبق على جميع تعداد الآثار المادية و رواياتها.

أما الحيثية الثانية بطبيعة مقتضى الحال هو منطوق آثار تركها و نسيانها.

– قال الصادق عليه السلام ، <<و لربما ترك في افتتاح أمر بعض شيعتنا بسم الله الرحمن الرحيم فيمتحنه الله بمكروه لينبهه على شكر الله تعالى و الثناء عليه ، و يمحو فيه عنه وصمة تقصيره عند تركه قول بسم الله>>(٣).

و الرواية فيها بشكلٍ واضح ذم تركها  أو نسيانها و تصرح الرواية هنا أن المعنى العام لجميع مفردات البسملة و المعنى الكامل لمفردات البسملة هو الشكر و الثناء على الله سبحانه و تعالى بذكرها و هو منطوق وسط الرواية <<لينبهه على شكر الله تعالى و الثناء عليه >> و يفهم منه أننا لا نتحرك أو لا نفكر  إلا بحول الله و قوته فلابد أن نفتتح بشكر هذه النعم أو النعمة التي كنا مقبلين عليها  بالجوارح التي أنعم بها علينا أيضا  ونمدح و  نثني عليه .

وهناك رواية أخرى تعضد هذه الرواية و هي في الحقيقة مروية عن الإمام الصادق عليه السلام وهي تعضد الرواية السابقة وقد تعد تكملة للرواية السابقة .

– قال الإمام الصادق عليه السلام:لقد دخل عبد الله ابن يحيى على أمير المؤمنين عليه السلام وبين يديه كرسي فأمره بالجلوس عليه فجلس عليه فمال به حتى سقط على رأسه فأوضح عن عظم رأسه وسال الدم فأمر أمير المؤمنين بماء فغسل عنه ذلك الدم ثم قال: ادن مني فوضع يده على موضحته – وقد كان يجد من ألمها ما لا صبر له معه – ومسح يده عليها وتفل فيها فما هو أن فعل ذلك حتى اندمل فصار كأنه لم يصبه شئ قط، ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا عبد الله الحمد لله الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم لتسلم لهم طاعاتهم، ويستحقوا عليها ثوابها….

– فقال عبد الله: يا أمير المؤمنين قد أفدتني وعلمتني فإن أردت أن تعرفني ذنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس حتى لا أعود إلى مثله قال: تركك حين جلست أن تقول: ” بسم الله الرحمن الرحيم ” فجعل الله ذلك لسهوك عما ندبت إليه تمحيصا بما أصابك أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله حدثني عن الله جل وعز أنه قال: كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله فهو أبتر، فقلت: بلى بأبي أنت وأمي لا أتركها بعدها، قال: إذا تحظى بذلك وتسعد  (٤). 

كان وصف  الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بتعبير عال جدا في ذم تركها و نسيانها و زجره بكلمة <<ذنب>> والواضح الظاهر أن عبدالله بن يحيى جلس مع أمير المؤمنين عليه السلام لموضوع ما لكن أصابه  ما أصابه لتركه أو نسيانه البسملة حين جلس فامتحنه الله بذلك، فتعبير الإمام <<تمحيصا>> و هو مشابه في المعنى دون اللفظ في الرواية التي سبقت عن الإمام الصادق عليه السلام <<فيمتحنه الله بمكروه لينبهه>>.

آثار ترك أو نسيان البسملة لافتتاح شيء ما كبيرا كان أو صغيرا يكون أبترا على التقدير الأكبر، و لا يتم على أقل تقدير، ويكون هناك بلاء يمحص و ينبه على ترك الشكر و المدح و الثاء لمن أنعم علينا ب {بسم الله الرحمن الرحيم} فلابد من ذكرها، ففيها البركة أي تمام الشيء مع نمائه..

 و من البركة أيضا تجنب الأمراض و الأضرار الشريرة و نسيان ما هممت به و غيرها، و هذه الروايات ذكرت لنا بعض منها و لكن هي تتعدى لكل شيء .

وكل هذا تفسير أن لحالة النسيان و آثارها في الآية: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا}(٥).

——————————————————————

*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.

1- اللكع : هنا يعني لهذا لزمك المرض.

2- ابن فهد الحلي – المقتصر من شرح المختصر – ص6، الكليني – فروع الكافي – ج6- 295.

3 – المجلسي – موسوعة الآداب و المستحبات – ص255.

4 – المجلسي – بحار الأنوار – ج73 – ص306 – المجلسي – موسوعة الآداب و المستحبات – ص260.

5 – سورة الكهف آية 23،24.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *