لماذا أختارالله سبحانه و تعالى  صفتي الرحمن الرحيم ١

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

تدبر في آية البسملة 

لماذا أختارالله سبحانه و تعالى  صفتي الرحمن الرحيم و أقسم بهما دون غيرهما من الصفات ١*

من المعلوم أن الباء هنا لها عدة معاني كالاستعانة المطلقة وتشمل كل الأمور الدنيا و الآخرة أي تستعين باسم الله على كل شيء أو يمكنك أيضا ان تضمر في داخلك استعانة لأمر خاص مثل الاستعانة لبدء القراءة أو اي امر آخر، و من معاني الباء القسم و القسم إذا تكرر لفظيا فالمؤدى إلى المعنى هو تأكيد على صفتي الرحمن والرحيم  ،التي تؤدي إلى معنى أن الله عزوجل الزم التزاما بهاتين الصفتين الرحمن و الرحيم.

الصفتان تنطوي تحتهما صفات كأسماء الله عزوجل، ولهذا تعد تاجا على كل سورة في القرآن.

 عن جعفر الصادق عليه السلام أنه قال<<البسملة تيجان السور>>(1) غير سورة البراءة التي نزع عنها الأمان والرحمة الموجودتين في صفتي الرحمن و الرحيم .

عن علي عليه السلام: << لم ينزل بسم الله الرحمن الرحيم على رأس سورة براءة، لأن بسم الله للأمان والرحمة، ونزلت براءة لرفع الأمان بالسيف>>(2).

بهاتين الروايتين نستطيع أن نقول إذا وجدت البسملة فصفتي الرحمن و الرحيم تستوعب تلك الآية بالأمان و الرحمة و غيرها من الصفات التي تندرج تحت هاتين الصفتين و إذا لم تذكر البسملة على رأس السورة لا يوجد أمان ولا رحمة.

و إذا جمعنا بين الفقرتين من حيث المعاني المتكثرة مع صفات وأسماء الله عزوجل التي  تنطوي تحت الرحمن و الرحيم عدا لفظ الجلالة(الله) و أيضا التأكيدات و معاني الباء و القسم و الروايتين نستنتج أن كل سورة تاجها البسملة  تشمل نعمة صفتي الرحمن و الرحيم، و الله سبحانه و تعالى يفيض بهاتين الصفتين كل آية ذكرت فيها البسملة.

فإذا تاملنا هاتين الصفتين على كل آية من آيات القرآن إلا ما وجد في سورة براءة تقربنا إلى المفاهيم أكثر، فمثلا:

ما جاء في أول سورة الفاتحة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3)أي  الشكر والثناء المختص برحمته المستوعبة معنى الرحمن الرحيم و تشمل- {رَبِّ الْعَالَمِينَ} – جميع العوالم التي نعرفها وهي عالم ما قبل الدنيا و عالم الدنيا و عالم البرزخ و عالم البعث و عالم يوم القيامة كلها تصب في رحمة تعليمه و تربيته بالرحمة المستوعبة الصفتين.

فتراه جل وعلا مؤكدا مرةٌ أخرى بتلك الصفتين { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } (4) التي استوعبت الشكر و الثناء المختص و التي استوعبت أحد تلك العوالم {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } (5)و أنت يا صاحب تلك العوالم من الرحمة المستوعبة الصفتين أنت الوحيد الذي تستحق العبادة و الاستعانة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }(6) {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } (7)مثل الذين أنعمت عليهم بالصراط المستقيم{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (8)دون غيرهم {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ }(9)و أصحابك أصحاب النعمة التي أنعمت علينا بهم  هم أكبر مصداق لرحمتك علينا وهم محمد و آل محمد صلى الله عليهم  أجمعين .

—————————————————————

*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.

1 – القرطبي – تفسير القرطبي – ج1 – الصفحة 92.

2 – الشيخ الطبرسي – تفسير مجمع البيان – ج 5 – الصفحة 6.

3 -4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 -الفاتحة :الآيات2,3,4,5,6,7,7.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *