لماذا اختار الله سبحانه و تعالى صفتي الرحمن الرحيم ٣

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

تدبر في آية البسملة 

لماذا الله سبحانه و تعالى أختار صفتي الرحمن الرحيم و أقسم بهما دون غيرهم من الصفات *

التطبيق الثالث

وهو هيمنة آية البسملة والآيات التي بعد البسملة و الآيات مستمدة من البسملة فإذا قال الله عز وجل في صفات المتقين المتعلمين من القرآن الكريم التقوى رحمة بمقدار صفتي الرحمن و الرحيم 

١- {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ }

٢ – {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} 

٣ – {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }

٤ –  {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ}

٥ – { وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ }

٦ – {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}(١)

 وكل هذه الرحمة بالهداية التعلمية بقدار صفتي الرحمن و الرحيم  يزيد عليها رحمة أخرى وهي نتيجة التعليم ومؤداها هداية الطريق و حفظ الاستقامة المدعومة بالرحمة و يزايد المعرفة و الحفاظ من ربهم المعبر عنها {أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ }.(٢)

وهناك رحمة أخرى بوعدهم بالجائزة الكبرى {وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .(٣)

و هناك رحمة أخرى لأصحاب التقوى و هو إخبارهم بما آل إليه غيرهم من الذين رفضوا رحمة الهداية ، و هم في عناد التكبر و عدم الاستجابة حيث ترفع عنهم الرحمة الداعمة لما يعتقدون به و يؤمنون وهذا الأخبار للمتقين الذين أستوعبتهم آية البسملة لكي يحاربو النفس و يزكوها بطريقة التحذير لما سيؤول أليه غيرهم {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }(٤).

و لازال رب العزة يخبرنا و يؤكد لنا بالرحمة التحذيرية لما يؤول إليه المنافقون الذين عبر عنهم {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }(٥) و الرحمة التحذيرية هنا بالإخبار بأن الله عزوجل متوقف عن مساعدتهم في مرضهم المفتعل منهم بإرادتهم و لهم أيضا عذاب أليم.

و هناك أيضا أخبار آخرى حول الرحمة التحذيرية عن المنافقين و الحذر منهم أنهم أكبر من حرب المواجهات  في الحرب العلنية بين المسلمين و المشركين ، هي حرب في ضرب معتقدات المسلمين و ضرب المسلمين بالمسلمين أي ضرب الأركان التي بني عليها الإسلام والتي لازلنا نعاني منها لأنها هي التي تحاول إبعادنا عن الإسلام الحقيقي و جعلت لنا المذاهب والفرق وتوقف الفتح الاعتقادي لما أدخلت على الإسلام من معتقدات جديدة .

و عبر عنها الله عزوجل مخبرا لنا بالرحمة التحذيرية

{(10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ}(٦)

الله عزوجل برحمته التي وسعت بصفتي الرحمن و الرحيم هدانا بتعاليمه و بشارته و تحذيره بالقرآن الكريم الذي أنزله على نبينا رحمة للعالمين.

——————————————————————

*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.

1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – البقرة الآيات من 3 إلى 12.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *