التطبيق الثالث عشر

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*) اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد

التطبيق الثالث عشر من سورة البقرة ووصلنا إلى آيات رقم 30،31،32،33،34،35،36،37،38.
بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) (1)

ذكرنا في المحطات الثلاث الرحمة التعلمية و المعرفية و الرحمة الوقائية و الآن وصلنا إلى المحطة الرابعة وهي محطة إبليس (الشيطان) لعنه الله.

(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)

وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)

فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36)

لابد من الالتفات لشيء وهو الذنب في الجنة، حيث هو ترك الأولى أي انه ليس عليه حساب ذنوب الدنيا.

فالشيطان لم تقام عليه العقوبات فقط، بل أخرج من الجنة لدار الدنيا دار التمحيص، و آدم أيضا أخرج من الجنة لأنه ترك الأولى، و لكن هناك أختلاف بين:
أن آدم عليه السلام تاب من فعل ( ترك الأولى) {فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) }
و إبليس لعنه الله لم يتب.
آدم عليه السلام حافظ على خلافته في الأرض وهو معصوم من الذنوب
أما الشيطان بعد ما طلب أن يكون من المنظرين يوم القيامة { قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ }(2)لا زال في تكبره و غروره و مشروعه المشئوم الذي أجابه الله على حكم مسبق قبل أن يفعل شيء في الدنيا{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

مع ثبوت الحكم على الشيطان إلا انه لا زالت شائعة تدوي أن الله جل جلاله سيتقبل توبة إبليس لعنه الله، كلا و ألف كلا {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (18)}

ماذا نعرف عن الشيطان ( إبليس) أي ماهية المعرفة عنه لكي تكتمل عندنا الرحمة المعرفية و تكون رحمة وقائية ؟

  • الإمام علي (عليه السلام): فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس، إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد [الجميل] وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة، لا يدرى أمن سني الدنيا أم من سني الآخرة عن كبر ساعة واحدة (3).
  • الإمام الصادق (عليه السلام): أمر الله إبليس بالسجود لآدم، فقال: يا رب وعزتك إن أعفيتني من السجود لآدم لأعبدنك عبادة ما عبدك أحد قط مثلها، قال الله جل جلاله: إني أحب أن أطاع من حيث أريد (4).
  • الاستعاذة بالله من الشيطان في القرآن
  • {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون} (5).
  • {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} (6).
  • {فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} (7).
  • {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم} (8).
  • الإستعاذة من الشيطان في الحديث

الإمام علي (عليه السلام): أحمد الله وأستعينه على مداحر الشيطان ومزاجره [مزاحره]، والاعتصام من حبائله ومخاتله (9).

  • عداوة الشيطان للإنسان القرآن
  • {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} (10)
  • {قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين}(11).

-{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا}(12).

  • عداوة الشيطان للإنسان في الحديث
  • الإمام علي (عليه السلام): ثم أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشه، وآمن فيها محلته، وحذره إبليس وعداوته، فاغتره عدوه نفاسة عليه بدار المقام، ومرافقة الأبرار، فباع اليقين بشكه (13).
  • رسول الله (صلى الله عليه وآله) – لابن مسعود وهو يعظه -:
    يا بن مسعود! اتخذ الشيطان عدوا، فإن الله تعالى يقول: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} (14).
  • الإمام الكاظم (عليه السلام) – لما سئل عن أوجب الأعداء مجاهدة -: أقربهم إليك وأعداهم لك…
    ومن يحرض أعداءك عليك، وهو إبليس (15).
  • الإمام علي (عليه السلام): احذروا عدوا نفذ في الصدور خفيا، ونفث في الآذان نجيا (16).
  • الإمام زين العابدين (عليه السلام) – في مناجاته -:
    إلهي أشكو إليك عدوا يضلني، وشيطانا يغويني، قد ملأ بالوسواس صدري، وأحاطت هواجسه بقلبي، يعاضد لي الهوى، ويزين لي حب الدنيا، ويحول بيني وبين الطاعة والزلفى (17).
  • الإمام الصادق (عليه السلام): إن الشياطين أكثر على المؤمنين من الزنابير على اللحم (18).
  • الإمام الباقر (عليه السلام): إذا مات المؤمن خلي على جيرانه من الشياطين عدد ربيعة ومضر، كانوا مشتغلين به (19).
  • الإمام الصادق (عليه السلام): لقد نصب إبليس حبائله في دار الغرور، فما يقصد فيها إلا أولياءنا (20).
    —————————————————————

*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.

1- البقرة: 30،31،32،33،34،35،36،37،38.
2- الأعراف 12، 13، 14، 15، 16، 17، 18.
3- نهج البلاغة: الخطبة 192.
4-بحار الأنوار – المجلسي : جزء63 – ص250 / 110.
5- المؤمنون: 97.
6- النحل: 98.
7- آل عمران: 36.
8- الأعراف: 200.
9- نهج البلاغة: الخطبة 151.
10 -فاطر: 6.
11-يوسف: 5.
12- الإسراء: 53.
13- نهج البلاغة: الخطبة 1.
15- مكارم الأخلاق: جزء2 – ص354- حديث 2660.
16- تحف العقول- منسوب لأمير المؤمنين – ص 399.
17- ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة 1451.
18- نفس المصدر.
19- نفس المصدر.
20-نفس المصدر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *