أرشيف التصنيف: عام

ميثاق أصحاب السبت

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

سورة البقرة، من آية 64، إلى آية 66

 ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَ ما خَلْفَها وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ(1)

الكلام الثاني استقراء آيات أصحاب السبت و التأمل فيها .

– سورة النساء، آية 47، صفحة 86

 يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى‏ أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً

أنزل الله عزوجل العقاب الدنيوي قبل الأخروي كالذي أنزل على أصحاب السبت كزجر عام لعدة أمم، لبيان هول العقاب و بيان أن الله شديد العقاب، أولا على صعيد المعتقد الديني، وثانيا أنه ليس هناك تساهل في نصرت أنبياءه، و الجدير بالذكر أنه لم يقتصر الأمر في الزجر فقط، و إنما أكد على فعل هذا العقاب، و قد أخذ الناس به و كان رحمة على بقية الناس.

و قد استخدم اسلوب هذا الزجر رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم في يوم الغدير، في أحاديث الإمامية و أهل السنة، وهناك ثلاثين مصدر من طرق المذاهب نكتفي بواحد فقط، وكل رواياتهم مشبعة بالولاية  ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ:

  1.  الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى 310 (المترجم ص 100) أخرج بإسناده في – كتاب الولاية في طرق حديث الغدير – عن زيد بن أرقم قال لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم بغدير خم في رجوعه من حجة الوداع وكان في وقت الضحى وحر شديد أمر بالدوحات فقمت ونادى الصلاة جماعة فاجتمعنا فخطب خطبة بالغة – إلى أن قال في آخر فقرة- معاشر الناس؟ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أنزل معه مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ. النور من الله في ثم في علي ثم في النسل منه إلى القائم المهدي. معاشر الناس؟ سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون، وإن الله وأنا بريئان منهم إنهم وأنصارهم وأتباعهم في الدرك الأسفل من النار، وسيجعلونها ملكا اغتصابا فعندها يفرغ لكم أيها الثقلان؟ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ .

حيث ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذ آية من سورة التغابن، الآية 8، صفحة 556

 فَآمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ والنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ، و مزجها مع الآية الزاجرة، و إذا تتبعنا سياق الآيات في سورة النساء و جدنا الله عزوجل يؤكد على خصوص الأصول الثلاثة التي لها تفريعات حتى تصل إلى خمسة، ويؤكد على التوحيد الذي من تفريعه العدل، ردا على الجبرية، و المفوضة، و النبوة التي من تفريعها الإمامة، رداً على المذاهب السياسية و الميعاد.

سورة النساء، آية 136، صفحة 100

 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ الْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً

 ذكر الله عدة عقوبات دنيوية قد أخذ بها بني إسرائيل، مثل: موتهم بصاعقة، و حين قالوا أرنا الله ثم أحياهم، و عفى عنهم و أماتهم في الصحراء مرة أخرى حين عبدو العجل، و بعد ذلك أحياهم وعفى عنهم أيضا، زجرهم برفع جبل الطورعليهم و هم يشهدون لكي يؤمنوا بميثاقهم، و اختبرهم بباب حطة الذي فيه إعلان توبتهم، و حين لم يطيعوا الله في بعض نواهيه عاقبهم، مثل أصحاب السبت، لكي يستخلص لنفسه المتقين منهم، و شدد عليهم بالمواثيق الغليظة، و لكن بعد ذلك نقضوا تعاليم الرب، و قتلوا الأنبياء، و كذبوا في حق مريم عليها السلام،  و هموا بقتل عيسى عليه السلام و لكن الله قال في محكم كتابه شُبِّهَ لَهُمْ!

ونصر نبيه ورفعه إليه، و عاقبهم عقابا دنيويا لمصلحة هو يراها، و لا يستبعد بعض العلماء أن المصلحة في قتل أصحاب السبت لأنه لا يوجد في نسلهم من هو مؤمن، أما هؤلاء فإن أبنائهم ينصرون عزير النبي عليه السلام و عيسى المسيح عليه السلام و الإمام الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف.

سورة النساء، من آية 153، إلى آية  158

 يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى‏ أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَ آتَيْنا مُوسى‏ سُلْطاناً مُبِيناً وَ رَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَ قُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَ كُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً وَ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلى‏ مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَ ما قَتَلُوهُ يَقِيناً، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً

 بعيدا عن القصة المذكورة المروية عن الإمام العسكري هناك بعض التأملات في الآيات،  حيث أن السمك لا يتواجد إلا في يوم السبت، لكي يبلوهم الله و يمحصهم و يستخلص لنفسه المتقين، فإن دار الدنيا دار اختبار، فهناك ثلاث فئات:  فئة أقدمت على الفعل، و فئة لم تنهى عن المنكر، و فئة تأمر بالمعروف لفئة صمتت و لم تتكلم و تنهى عن فعل الفئة الأولى التي أقدمت على المحرم المنهي عنه، حيث أنهم لم يتوقفوا بل استمروا بالفعل بقوله تعالى واصفا إياهم (عتوا)، و بسبب استمرارهم من بعد إعطائهم المهلة عاقبهم، كما ان الله سبحانه في الآيات قد ألهمهم بالابتعاد عن المعتدين، و الذين لم ينهو عن السوء ولم ينهوا عن المنكر.

سورة الأعراف، من آية 163، إلى آية 166

 وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ وَ إِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى‏ رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ

 بطبيعة الحال قد اختلف أصحاب السبت، فمنهم وعشرة ألاف قالوا هذا الفعل محرم ونحن ملتزمون بأوامر الله ونواهيه ونأمركم بهذا الالتزام، ولسنا راضين على من لا ينهاكم، ومنهم السبعون ألف الباقين يقولون ليس هناك من حرج لأن الله بارك في رزقنا ونحن أصحاب نفوذ بفضل هذا الشيء، ومنهم من كان يشتري منهم، بل روجوا للباطل من خلال الشراء، وهكذا حصل الاختلاف في هذا اليوم، وسيحكم الله بينهم.

سورة النحل، آية 124، صفحة 281

 إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

——————————————————

*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.

1- البقرة : 64، إلى آية 66 .

شرح دعاء الليلة العاشرة

دعاء الليلة العاشرة

بسم الله الرحمن الرحيم 

اللهم يا سلام يا مؤمن يا مهيمن، يا جبار يا متكبر، يا أحد يا صمد، يا واحد يا فرد، يا غفور يا رحيم، يا ودود يا حليم، لست أدري  ما صنعت  بحاجتي، هل غفرت لي أم لا؟ فإن كنت غفرت لي فطوبى، وإن لم تكن غفرت لي فيا سوأتاه.

فمن الآن سيدي فاغفر لي وارحمني، وتب علي ولا تخذلني، وأقلني عثرتي، واسترني بسترك، واغفر لي واعف عني بعفوك، وارحمني برحمتك، وتجاوز عني بقدرتك، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وأنت على كل شئ قدير. 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(اللهم يا سلام يا مؤمن يا مهيمن، يا جبار يا متكبر، يا أحد يا صمد، يا واحد يا فرد، يا غفور يا رحيم، يا ودود يا حليم، لست أدري  ما صنعت  بحاجتي). 

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الإسراء:( قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ).

فإن كل واحد من أسماء الله الحسنىٰ مفتاح لباب من أبواب رحمة الله وفضله.

وروي عن الإمام علي بن الحسين عليه‌السلام قال : سمع النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم رجلاً يقول : يا أرحم الراحمين ، فأخذ بمنكب الرجل ، فقال : هذا أرحم الراحمين قد استقبلك بوجهه ، سل حاجتك. 

المؤمن: الله هو المعطي الأمان لمن استجار به واستعانه، الله المؤمن الذي وحد نفسه بقوله: (شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ) وهو الذي يؤمن أولياءه من عذابه، ويؤمن عباده من ظلمه، هو خالق الطمأنينة في القلوب، إن الله خالق أسباب الخوف وأسباب الأمان جميعا، وكونه تعالى مخوفا لا يمنع كونه مؤمنا لعباده كما جاء ذكره كلمة المؤمن مرة واحدة في سورة الحشر:{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلْمُؤْمِنُ}. 

السلام: الله هو السلام لأنه ناشر السلام بين الأنام، وهو مانح السلامة في الدنيا والآخرة، وهو المنزه ذو السلامة من جميع العيوب والنقائص لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله، فكل سلامة معزو إليه صادرة منه، وهو الذي سلم الخلق من ظلمه، وهو المسلم على عباده في الجنة.

والإسلام هو عنوان دين الله الخاتم وهو مشتق من مادة السلام الذي هو إسلام المرء نفسه لخالقها، وعهد منه أن يكون في حياته سلما ومسالما لمن يسالمه، وتحية المسلمين بينهم هي : (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).

المهيمن: الهيمنة هي القيام على الشيء والرعاية له، والمهيمن هو الرقيب أو الشاهد، والرقيب اسم من أسماء الله تبارك وتعالى معناه الرقيب الحافظ لكل شيء.

ومنه قوله تعالى في سورة المائدة: مصدقا لما بين يديه من الكتاب مهيمنا عليه. 

العزيز: هو المنيع الذي لا يغلب، وهو أيضا الذي لا يعادله شئ، وأنه لا أمثال له ولا نظير له. 

وفي قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) فالعزة هنا لله تحقيقا، ولرسوله فضلا، وللمؤمنين ببركة إيمانهم برسول الله صلى الله عليه وآله.

الجبار: هو الذي جبر مفاقر الخلق وكسرهم وكفاهم أسباب المعاش والرزق وقيل الجبار العالي فوق خلقه.

وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: لاجبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين. عنى بذلك أن الله لم يجبر عباده على المعاصي ولم يفوض إليهم أمر الدين حتى يقولوا فيه بآرائهم ومقائيسهم فالله عز وجل قد حد ووصف وشرع وفرض وسن. 

المتكبر: ذو الكبرياء، هو كمال الذات وكمال الوجود، والكبرياء والعظمة بمعنى واحد، فلا كبرياء لسواه، وهو المتفرد بالعظمة والكبرياء، المتعالي عن صفات الخلق، الذي تكبر عما يوجب نقصا أو حاجة، أو المتعالي عن صفات المخلوقات بصفاته وذاته.

الصمد: الصمد في وصف الله تعالى هو الذي صمدت إليه الأمور، فلم يقض فيها غيره، وهو صاحب الإغاثة عند الملمات، وهو الذي يصمد إليه الحوائج، أي يقصد. 

الواحد: الله تعالى واحد لم يرضى بالوحدانية لأحد غيره، والتوحيد ثلاثة: توحيد الحق سبحانه وتعالى لنفسه، وتوحيد العبد للحق سبحانه، وتوحيد الحق للعبد وهو إعطاؤه التوحيد وتوفيقه له، والله واحد في ذاته لا يتجزأ، واحد في صفاته لا يشبهه شيء، وهو لا يشبه شيء، وهو واحد في أفعاله لا شريك له.

الودود: الله تعالى ودود أي يحب عباده ويحبونه، والودود بثلاث معان الأول: أن الله مودود في قلوب أوليائه، الثاني: بمعنى الوادّ وبهذا يكون قريب من الرحمة، والفرق بينهما أن الرحمة تستدعي مرحوما محتاجا ضعيفا، الثالث: أن يحب الله أوليائه ويرضى عنهم.

روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة.

وروي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه:(هل غفرت لي أم لا؟ فإن كنت غفرت لي فطوبى، وإن لم تكن غفرت لي فيا سوأتاه).

حاجة المؤمن إلى الغفران الإلهي ملحة، روي عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال: العبد المؤمن إذا أذنب ذنباً أجلّه الله سبع ساعات، فإن استغفر الله لم يكتب عليه شيء، وإن مضت الساعات ولم يستغفر كُتِبت عليه سيئة، وإنّ المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له، وإنّ الكافر لينساه من ساعته.

قال تعالى في محكم كتابه المبين في المائدة: ﴿أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

روي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه:(فمن الآن سيدي فاغفر لي وارحمني، وتب علي ولا تخذلني، وأقلني عثرتي، واسترني بسترك).

قال تعالى في محكم كتابه المبين في سورة آل عمران: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.

و روي عن  رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن المعاصي يستولي بها الخذلان على صاحبها حتى توقعه بما هو أعظم منها.

الخذلان من الأمور التي توجب عدم النُّصرة، وعدم الإعانة الإلهية للعبد، روي عن النبي صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم قال: من أغتيب عنده مؤمنٌ، وكان قادراً على الانتصار له، فلم يدفع عنه، خذله الله في الدنيا والآخرة.

المؤمن يخاف الخذلان من الله فيناجي بما يناجي  به النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم:(إلهي لا تكِلني إلى نفسي طرفة عين أبدا).

طلب المؤمن في هذا الشهر المبارك ما يخاف أن يفضحه الله به فيكون من الخاسرين فيعمل ما يوجب ستره، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: من علم من أخيه سيئة فسترها، ستر الله عليه يوم القيامة.

وعنه صلى الله عليه وآله قال: كان بالمدينة أقوام لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس، فأسكت الله عن عيوبهم الناس، فماتوا ولا عيوب لهم عند الناس، وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلموا في عيوب الناس، فأظهر الله لهم عيوبا لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا.

اذا يعرف أن ستر العيوب مما توجب للمؤمن الكرامة الإلهية في ستره، روي النبي صلى الله عليه وآله، وقد سأله رجل: أحب أن يستر الله علي عيوبي، قال صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: استر عيوب إخوانك يستر الله عليك عيوبك.

وروي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه:(واغفر لي واعف عني بعفوك، وارحمني برحمتك، وتجاوز عني بقدرتك، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وأنت على كل شئ قدير).

إنّ من الفضائل الأخلاقية التي يأمر الله عز وجل الإنسان بها و لا يصل الإنسان إلى مراتب الكمال دونها، هي صفة العفو عن زلّات الآخرين وهفواتهم، وترك الانتقام منهم.

فقال عز من قال في محكم كتابه العزيز في سورة آل عمران: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

وهي من الصفات الإلهية والإنسانية، وعكسها _أي الانتقام_ من الصفات الحيوانية، لذلك نجد أنبياء الله وأوليائه المتّقين الذين يمثّلون بصدق معاني الإنسانية يتّصفون بها.

فيروي لنا عن كيفية العفو، أنّ شامياً رأى الإمام الحسن راكباً، فجعل يلعنه، والحسن لا يردّ، فلما فرغ، أقبل الحسن عليه السلام فسلّم عليه، وضحك، فقال: “أيها الشيخ، أظنّك غريباً، ولعلك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك الينا، وكنت ضيفنا الى وقت ارتحالك، كان أعود عليك، لأنّ لنا موضعاً رحباً، وجاهاً عريضاً، ومالاً كثيراً”. فلمّا سمع الرجل كلامه بكى، ثم قال: “أشهد أنّك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ، والآن أنت أحبُّ خلق الله إليّ، وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل، وصار معتقداً لمحبّتهم. 

هذا الإله يؤدبنا كي نصل إلى المراتب التي توجب العفو عنا ونحن الطامعون أن يشملنا عفوه  فنسأله بأحب الخلق إليه محمد وآل محمد أن يعفو عنا في ليلتنا هذه إنه على كل شئ قدير. 

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

السناء والملك في البسملة

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ، مُنَزِّلَ القُرآنَ، هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وأنزَلتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقانِ. اللَّهُمَّ ارزُقنا صيامَهُ، وَأعِنّا عَلى قيامِهِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد.

حرف السين في بسم الله الرحيم الرحيم لها مدلول خاص من قبل الأئمة عليهم السلام، وهو كما جاء في الرواية المتقدمة في حرف الباء السين سناء الله، وهو في اللغة الرفعة أو العلو والمجد و الشرف،حيث جاء في لسان العرب سنت النار تسنو سناء: علا ضوئها، وعن ابن السكيت السناء من المجد و الشرف و السناء من الرفعة و أنشده ابن البري : و هم قوم كرام الحي طرا، لهم حول إذا ذكر السناء.

وفي الحديث: <<بشر أمتي بالسناء >> أي بارتفاع المنزلة و القدر عند الله ، هذا كلام ابن منظور و ابن السكيت و ابن البري في لسان العرب بشكل موجز(1) و آيات العلو و الرفعة توصلنا الى بعض علوم حرف السين أو وجه من الوجوه، لان التأويل منسوب للمعصوم، و التدبر تكليفنا نحن عباد الله، فآية العلو و الرفعة في قوله عزجل: (سبحانه وتعالى عمَا يقولون علوا كبيرا)(2) جاءت هذه الآية تنزيها لله جل و تعالى عما يقولون، فقبل ذكر أشرف وأعلى لفظ وهو اسم الله في البسملة ليكن في معرفتنا العلو لله و تنزيهه عما يصفون ويقولون و يشركون، و على طريق الاستقراء لمفردات العلو نجد ثلاثة عشر آية تُنزه الله جل جلاله عما  يقولون وما يصفون و ما يشركون وهي:

1– قوله تعالى:(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ).(3)

2-(فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ۚ فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(4)

3-(وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(5)

4-(أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ).(6)

5-(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(7)

6-(سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا).(8)

7-(عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ).(9)

8-(عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) .(10)

9-(أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(11)

10-(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(12)

11-(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۖ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيْءٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ). (13)

12-(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(14)

13-(وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا).(15)

و هناك أربع آيات على طريق الاستقراء من القرآن الكريم في مفردة العلو، بيانها يختلف عن بيان تنزيه الله جل جلاله، وهذا البيان هو الدعاء من دون الله هو الباطل، بل حتى الشفاعة لا تكون إلا لمن أذن له ممن أذن له ، واختصاص البسملة بمفرداتها له جل جلاله وفيها اختصاص علو لفظ الجلالة (الله) و اختصاص علو الرحمن و اختصاص علو الرحيم، أما مسألة (حتى الشفاعة إلا من أذن له) فقد جعل الأمور التكوينية في يد الحجج وتقييمهم في الأمور و لها أمثلة كثيرة يمكن أن نستدل بالآية الكريمة في قوله تعالى : (وَقُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) الرؤية هنا ليست من الله عز وجل فقط ، فقد جعل الرسول والمؤمنين أيضا ، والمقصود هم الأئمة عليهم السلام، وهم مع الأنبياء أصحاب الشفاعة المأذونة، والآيات المستقرئة لبيان الدعاء من دون الله هو الباطل و لم يبقى إلا الوقوف على تلك الآيات و هي:

1-(ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).(17)

2-(وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).(18)

3-(ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ).(19)

وهناك فئة ثالثة في آيات الذكر الحكيم لمفردة العلو بيانها أن الله معنا و إذا نصرنا الدين ينصرنا ، ويجعل السكينة في قلوبنا، و يعطيك الدافع بأن تتلو البسملة قبل و حين تنصر الله، لتكون كلمة الله هي العليا ، وصريح الآيه قوله تعالى:(إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).(20)

و هناك فئة رابعة من آيات الذكر الحكيم وهي بيان الملك لله العلي القدير بحيثيتين الحيثية الأولى غير صريحة ولكن يفهم من تمام الكلام أنها لبيان الملك والحيثية الثانية مقرونة بالملك أي صريحة في بيانه من جهتين الجهة الأولى التصريح و الجهة الثانية تمام الكلام، والآيات التي تم استقراؤها هي:

1-الآيات السابقة.

2-(اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).(21)

3-(لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).(22)

4-(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ).(23)

5-(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا).(24)

و هنا يتضح بعض ما جاء عن المعصوم في معنى بسم البسملة حيث قال:<< الباء بهاء الله و السين سناء الله و الميم ملك الله>> (25)ويتضح أيضا تدبر آيات مفردات العلو مقرونة بالملك المذكورة باللفظي والمعنى معا، و المذكورة بالمعنى فقط، ويتضح أن الاستعانة المؤولة من حرف(الباء)بذاتها أو المشروطة ، المطلقة أو المخصوصة هي لله عزوجل، ويتضح العلو أو قل السناء المؤولة من حرف (السين) بذاته أو المشروط بالإذن لله عزوجل، ويتضح الملك المؤولة لله عزوجل، هذا بعض بيان  تأويل ما جاء عن المعصوم صلوات الله عليهم أجمعين.

1-           ابن منظور/ لسان العرب

2-           الإسراء:43

3-           الإنعام:100

4-           الأعراف:190

5-           يونس:18

6-           النحل:1

7-           النحل:3

8-           الإسراء:43

9-           الرعد:9

10-     المؤمنون:92

11-     النمل:63

12-     القصص:68

13-     الروم:40

14-     الزمر67

15-     الجن:3

16-     التوبة:105

17-     الحج:62،لقمان:30

18-     سبأ:23

19-     غافر:12

20-     التوبة:40

21-     البقرة:255

22-     الشورى:4

23-     المؤمنون:116

24-     طه:114

25-     الصدوق/التوحيدص230.

شرح دعاء الليلة الثالثة

بسم الله الرحمن الرحيم 

دعاء الليلة الثالثة

يا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب والأسباط، رب الملائكة والروح، السميع العليم، الحليم الكريم، العلي العظيم، لك صمت وعلى رزقك أفطرت، وإلى كنفك آويت، وإليك أنبت وإليك المصير، وأنت الرؤوف الرحيم، قوني على الصلاة والصيام، ولا تحزني يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

قد روي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(يا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب والأسباط).

قال الله تعالى في محكم كتابه المبين في سورة البقرة:﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾.

مقامات الأنبياء لدى كل الناس عالية، وأن كان بعض الناس جنحوا إلى تأليههم واعتبارهم شركاء الباري ،فلذلك دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الدعاء لبيان عظمة الله تعالى فوق كل شئ وأعلى من كل نبي أو وصي.

عن هشام بن الحكم قال: سأل الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه السلام فقال: من أين أثبت أنبياء ورسلا؟

 قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنا لما أثبتنا: أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق، و كان ذلك الصانع حكيما لم يجز أن يشاهده خلقه، ولا يلامسوه، و لا يباشرهم و لا يباشروه و يحاجهم و يحاجوه، فثبت أن له سفراء في خلقه يدلونهم على مصالحهم و منافعهم و ما فيه بقاؤهم، و في تركه فناؤهم، فثبت الآمرون الناهون عن الحكيم العليم في خلقه، و ثبت عند ذلك أن له معبرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبون بالحكمة مبعوثين بها، غير مشاركين للناس في أحوالهم، على مشاركتهم لهم في الخلق و التركيب، مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين و الشواهد، من إحياء الموتى، و إبراء الأكمه و الأبرص فلا يخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته.

فيعرف من ذلك أنهم الأدلاء على الله والمثبتين لدينه والعاملين بأمره وهم دلالة على وجوده ببينونة الشهود.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(رب الملائكة والروح، السميع العليم، الحليم الكريم، العلي العظيم).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة النحل:

﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا   يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ .

الحليم لغويا: الأناة والتعقل، والحليم هو الذي لا يسارع بالعقوبة، بل يتجاوز الزلات ويعفو عن السيئات، الحليم من أسماء الله الحسنى بمعنى تأخيره العقوبة عن بعض المستحقين ثم يعذبهم، وقد يتجاوز عنهم، وقد يعجل العقوبة لبعض منهم، وقال تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى).

الشهر الكريم الذي أكرم الله به عباده بالعفو والحلم والكرم بتأخير العقوبة عنهم وانتظارهم ليلجأوا إليه طالبين العفو والمغفرة، والعظمة لله ، فيفهم العبد معنى هذا الاسم  من تعظيم حرمات الله ويحترم شعائر الدين، ويوقر كل ما نسب إلى الله فهو عظيم عند الله وعند عباده .

روي أن إبراهيم عليه السلام رأى رجلا مشتغلا بمعصية فقال (اللهم أهلكه) فهلك، ثم رأى ثانيا وثالثا فدعا فهلكوا، فرأى رابعا فهم بالدعاء عليه فأوحى الله إليه: قف يا إبراهيم فلو أهلكنا كل عبد عصى ما بقي إلا القليل، ولكن إذا عصى أمهلناه، فإن تاب قبلناه، وإن أصر أخرنا العقاب عنه، لعلمنا أنه لا يخرج عن ملكنا.

ومن هنا نتبين أن الحلم من صفاته جل وعلا وهو الغفور الرحيم.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(لك صمت وعلى رزقك أفطرت، وإلى كنفك آويت، وإليك أنبت وإليك المصير، وأنت الرؤوف الرحيم).

إن الأعمال كلها لله وحده لا شريك فيها، توصل العبد إلى البشارة ماروي عن الإمام الصادق عليه السلام: من صام لله عز وجل يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ، وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه، حتى إذا أفطر قال الله عز وجل: ما أطيب ريحك وروحك، ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له.

فهذه الرأفة من الله على عباده مخصوصة في هذا الشهر الكريم، والفرق بين  الرؤوف والرحيم أنه تعالى قدم الرؤوف على الرحيم والرأفة على الرحمة. و بشارة العبد من  الروؤف أن يكثر من ذكره حتى يصير عطوفا على الخاص والعام ذاكرا قول رسول الله صلى الله عليه  وسلم: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، ومن قطع رجاء من ارتجاه قطع الله رجاءه يوم القيامة فلن يلج الجنة.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(قوني على الصلاة والصيام، ولا تحزني يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد).

المؤمن يطلب الاستعانة بفضل الله ومده بالقوة لاغتنام أيامه ولياليه في العبادة والدعاء والأعمال الدينية  لينال الرحمة والغفران في هذا الشهر.

روي عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أن قال له : لأي شئ فرض الله عز وجل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما وفرض الله على الأمم أكثر من ذلك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : إن آدم لما اكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله عز وجل على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عز وجل عليهم وكذلك كان على آدم ففرض الله ذلك على أمتي ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية : ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات ) قال اليهودي : صدقت يا محمد فما جزاء من صامها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله عز وجل له سبع خصال : 

أولها – يذوب الحرام في جسده . 

والثانية – يقرب من رحمة الله عز وجل .

 والثالثة – يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم . 

والرابعة – يهون عليه سكرات الموت . 

والخامسة – أمان من الجوع والعطش يوم القيامة . 

والسادسة – يعطيه الله براءة ومن النار . 

والسابعة – يطعمه الله عز وجل من طيبات الجنة قال : صدقت يا محمد.

و آخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

شرح دعاء الليلة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم
دعاء الليلة الثانية
يا إله الأولين وإله الآخرين، وإله من بقي، وإله من مضى، رب السماوات السبع، ومن فيهن، فالق الإصباح، وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا، لك الحمد ولك الشكر، ولك المن ولك الطول، وأنت الواحد الصمد أسألك بجلالك سيدي وجمالك مولاي أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي وترحمني، وتتجاوز عني إنك أنت الغفور الرحيم.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:( يا إله الأولين، وإله الآخرين، وإله من بقي، وإله من مضى)،
قال الله تعالى في محكم كتابه المبين: {وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ}. فهو إله العالمين سواء وجدت الأمم أم لم توجد، أو وجد الزمان أم لم يوجد، أو وجد الخلق أم لم يوجد، فصفاته عين ذاته، أمّا عن الأمم فقد تفاوت مفهومها بين الأقوام من ذراري آدم أو الأقوام التي سبقت آدم.
كما روي عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل ” أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ” فقال: يا جابر تأويل ذلك أن الله عز وجل إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم وأسكن أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار، جدد الله عز وجل عالما غير هذا العالم، وجدد خلقا من غير فحولة ولا إناث، يعبدونه ويوحدونه، و خلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم، وسماء غير هذه السماء تظلهم، لعلك ترى أن الله عز وجل إنما خلق هذا العالم الواحد؟ وترى أن الله عز وجل لم يخلق بشرا غيركم؟
بلى والله لقد خلق الله تبارك وتعالى ألف ألف عالم وألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(رب السماوات السبع، ومن فيهن، فالق الإصباح، وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا)

قال تعالى في محكم كتابه العزيز: {ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون}، :
روى عن الحسن بن ابي الحسن البصري: قدم علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) البصرة مر بي وأنا أتوضأ، فقال: يا غلام أحسن وضوءك يحسن الله إليك… ثم مشى حتى دخل سوق البصرة، فنظر إلى الناس يبيعون ويشترون فبكى بكاء شديدا، ثم قال: يا عبيد الدنيا وعمال أهلها!
إذا كنتم بالنهار تحلفون، وبالليل في فراشكم تنامون، وفي خلال ذلك عن الآخرة تغفلون، فمتى تجهزون الزاد وتفكرون في المعاد؟!!
فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إنه لابد لنا من المعاش، فكيف نصنع؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):
إن طلب المعاش من حله لا يشغل عن عمل الآخرة، فإن قلت: لابد لنا من الاحتكار لم تكن معذورا.
فولى الرجل باكيا، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام):
أقبل علي أزدك بيانا، فعاد الرجل إليه فقال له:
إعلم يا عبد الله إن كل عامل في الدنيا للآخرة لابد أن يوفى أجر عمله في الآخرة، وكل عامل دنيا للدنيا عمالته في الآخرة نار جهنم، ثم تلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله تعالى: * (فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى) .

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه: (لك الحمد ولك الشكر، ولك المن ولك الطول).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الفرقان:﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾
المؤمن الخالص الشاكر يعبد الله لا خوفاً من ناره فتلك عبادة العبيد، ولا طمعاً بجنّته فتلك عبادة التجّار، بل شكراً وحبّاً وإخلاصاً وحمداً، وتلك عبادة الأحرار.
كما روي عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال: «إنّ المؤمن ليشبع من الطعام والشراب ، فيحمد الله، فيعطيه الله من الأجر ما يعطي الصائم ، انّ الله شاكر يحبّ أن يُحمد».
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال : «ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه ، وحمد الله ظاهراً بلسانه ، فتمّ كلامه حتّى يؤمر له بالمزيد»

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(وأنت الواحد الصمد أسألك بجلالك سيدي وجمالك مولاي أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي وترحمني، وتتجاوز عني إنك أنت الغفور الرحيم).

يعلم النبي صلى الله عليه وآله المؤمن العاصي أن يحمل أثقال أعماله فيتأمل من الله في هذا الشهر الكريم، المغفرة والرحمة لأن الله في هذا الشهر قد أغلق أبواب النار وفتح أبواب رحمته ومغفرته لعباده المؤمنين .
وروي عن محمد بن مسلم، عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قال: يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له، فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة، أما والله إنها ليست إلا لأهل الإيمان، قلت: فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة؟ فقال: يا محمد بن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب، ثم لا يقبل الله توبته؟ قلت: فانه فعل ذلك مرارا يذنب ثم يتوب ويستغفر [الله]، فقال: كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة وإن الله غفور رحيم، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله.
فالرحمة تقي المؤمنين سخط الله وغضبه وتقربهم إليه، روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله تعالى خلق مائة رحمة يوم خلق السماوات والأرض كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض ، فأهبط رحمة منها إلى الأرض فبها تراحم الخلق ، وبها تعطف الوالدة على ولدها ، وبها تشرب الطير والوحوش من الماء ، وبها تعيش الخلائق.
و خصال المؤمن ترفع درجته بعمل، ما روي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : لا يهلك مؤمن بين ثلاث خصال : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وشفاعة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وسعة رحمة الله عز وجل.


تنويه: أن هذه الأدعية المباركة رواها أبو عبد الله الصفواني في كتاب بلغة المقيم وزاد المسافر أن النبي صلى الله عليه وآله كان يدعو بهذه الأدعية في ليالي شهر رمضان، ونقلها الميرزا النوري قدس سره في مستدرك الوسائل ج ٧ ص ٤٤٦ .
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

شرح دعاء الليلة الأولى

     بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أكرمني بك أيها الشهر المبارك! اللهم فقونا على صيامنا وقيامنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم أنت الواحد فلا ولد لك، وأنت الصمد فلا شبه لك، وأنت العزيز فلا يعزك شئ، وأنت الغني، وأنا الفقير، وأنت المولى، وأنا العبد، وأنت الغفور، وأنا المذنب، وأنت الرحيم، وأنا المخطئ، وأنت الخالق، وأنا المخلوق، وأنت الحي، وأنا الميت، أسألك برحمتك أن تغفر لي وترحمني، وتجاوز عني، إنك على كل شئ قدير.  

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

قال الله تعالى في محكم كتابه المبين:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). مع بداية الشهر الكريم هناك أدعية الليالي الفضيلة تحمل في معانيها توجيهات من النبي وأهل بيته عليهم السلام، في الامتثال والتقرب إلى الله عزوجل .

روي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه: الحمد لله الذي أكرمني بك أيها الشهر المبارك!

من الأعمال التي توجب زيادة تقرب العبد إلى الله هي كثرة الحمد لله على ما أنعم عليه، قال تعالى في محكم كتابه العزيز :(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ)، وما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه جاءه رجل فقال: أخبرني عن قول الله تعالى الحمدلله رب العالمين ماتفسيره؟ فقال عليه السلام: (الحمد لله) هو أن عرف عباده بعض نعمه جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل، لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال لهم: قولوا: (الحمد لله) على ما أنعم به علينا (رب العالمين).

هذه النعمة في بلوغ هذا الشهر الكريم بما فيه من أعمال ترفع العبد وتقربه من المنعم، روي عن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم قال: قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك شهر فرض الله عليكم صيامه.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه: اللهم فقونا على صيامنا وقيامنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

حاجة الصائم المؤمن إلى ألطاف الله لاستمراره في الامتثال الواجب في امتداد القوة من الله، وهو: طلب الصائم القائم للوصول إلى الفرح بهذا الشهر الفضيل لما له من آثار وضعية ، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ياعلي ثلاث فرحات للمؤمن:لقي الإخوان، والإفطار من صيام، والتهجد من آخر الليل.

وثبات الأقدام هو: 

  • الإخلاص في العبادة ، قال تعالى في محكم كتابه العزيز: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ).
  •  ودعوة المؤمنين لإعلان الثبات على عبادة الله وترك عبادة ما سواه، قال تعالى في محكم كتابه العزيز:( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ *لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ).

وروي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه: اللهم أنت الواحد فلا ولد لك، وأنت الصمد فلا شبه لك. 

معنى أحدية الله ووحدانيته التي لطالما بينتها الرسل الكرام، وحثت على الالتزام بالتوحيد لله، والنهي عن الشرك بالله بأي شريك أو ولد، وقد صرح القرآن الكريم بهذا حيث يقول في سورة المائدة:(لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ)، وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال:  إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام: فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل، و وجهان يثبتان فيه، فأما اللذان لا يجوزان عليه، فقول القائل: واحد يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز، لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد، أما ترى أنه كفر من قال: ثالث ثلاثة. وقول القائل: هو واحد من الناس، يريد به النوع من الجنس، فبهذا ما لا يجوز عليه لأنه تشبيه، وجل ربنا عن ذلك وتعالى . وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء شبه، كذلك ربنا، وقول القائل: إنه عزوجل أحدي المعنى، يعني به أنه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم  كذلك ربنا عز وجل.

وروي عن صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: وأنت العزيز فلا يعزك شئ، وأنت الغني، وأنا الفقير، وأنت المولى، وأنا العبد، وأنت الغفور، وأنا المذنب، وأنت الرحيم، وأنا المخطئ، وأنت الخالق، وأنا المخلوق، وأنت الحي، وأنا الميت.

بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها الصفات الثبوتية ونفى الصفات السلبية عنه جل جلاله مقارنا بينهما ليوضح لنا طرق الدعاء بصفات الله ليصل العبد الى مبتغاه، قال تعالى في محكم كتابه العزيز: ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ).

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:أسألك برحمتك أن تغفر لي وترحمني، وتجاوز عني، إنك على كل شئ قدير. 

أخذ النبي يتذلل في مخاطبة الله مبين علو الله في ذاته الإلهية على ذات النبي صلى الله عليه وآله الشخصية في الصفات وغيرها، وذلك ليعلمنا طرق التذلل بأن الربوبية لله وحده، كي لا يشرك أحد في بتأليهه في المستقبل كما حصل مع الأنبياء الآخرين. 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

حوارية اليوم الثامن و العشرين

بسم الله الرحمن الرحيم

السائل : في الجزء الثامن و العشرين في سورة المجادلة الآية١١{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، هل النبي صلى الله عليه و آله أقام (انشزوا) بعض الجالسين و أجلس من جاء متأخر؟

الشيخ : في الحقيقة جاء أصحاب الفضل على الإسلام و هم أركان لقيام الإسلام بالعلم الإسلامي و الجهاد في معركة بدر الذي قال عنهم الله عز وجل و رسوله صلى الله عليه و آله : {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } فلم يفسحوا لهم فأقام الرسول صلى الله عليه و آله من هم أقل شأنا، و المستنكرين هم المنافقون المحرضون باتهام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعنصرية ، و هذه الظاهرة ليست موجودة في مجتمعاتنا لأن الله عز وجل و أهل البيت عليهم السلام أسسو لأهل العلم الاحترام الإجتماعي ، لذلك فإن تفسيرىالقمي فسرها بمعنى آخر حيث روى : القمي: قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل المسجد يقوم له الناس فنهاهم الله أن يقوموا له، فقال: ” تفسحوا ” أي وسعوا له في المجلس، ” وإذا قيل انشزوا فانشزوا ” يعني إذا قال: قوموا فقوموا، فقد يكون هناك احترام للقادمين من أهل العلم كما عن الإمام علي عليه السلام قال: (طالب العلم طالب الرحمة ، طالب العلم ركن الإسلام ، و يعطى أجره مع النبين )، و عنه عليه السلام قال:( العلماء ورثة الأنبياء) وغيرها الكثير.

السائل : في الجزء الثامن و العشرين في سورة الحشر آية ٧: { مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} لم يذكر الله الغنيمة للمحاربين؟

الشيخ : نعم! هذه الآية شرعت الغنائم من غير الحرب، و تخويف _بدون قتل_ حين مطالبة يهود بني النضير بالهجرة  لمخالفتهم الصلح ، وتركوا ديارهم و بساتينهم التي حول المدينة، فمن حق  النبي صلى الله عليه وآله أن يأخذها و يوزعها كيف شاء، فعوض  النبي صلى الله عليه و آله فاطمة الزهراء عليها السلام بها بدل ما أنفقته أمها خديجة عليها السلام للإسلام ، و يعلم إن فاطمة ستجعل ذلك كله لخدمة الدين في خلافة أمير المؤمنين عليه السلام و من بعده من الخلفاء عليهم السلام .

و الفيء يقصد به ما يرجع إلى الله مثل : الأرض الموات، و الكنز، و المال الزائد عن مؤنة السنة …ألخ، يرجع إلى الله و الرسول وأهل البيت عليهم السلام ، و اليتامى ، والمساكين، وابن السبيل .

إن هذا التشريع علته التوازن الاقتصادي، لكي لا تكون دولة الأقلية من الأغنياء: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ }.

السائل : في الجزء الثامن و العشرين في سورة المنافقون ، فما هي صفاتهم؟

الشيخ : نذكر صفات المنافقين الموجودة في السورة لكي يبتعد عنها المؤمنون:

١-الكذب: حيث يقولون ما لا يؤمنون به و إنما أخذوا الإسلام ذريعة لكي يصدون عن سبيل الله في المدينة وقد أثروا في بعض ضعفاء الإيمان.

-{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)}.

٢-نفاقهم مخفي: بأجسامهم و كلماتهم التي فيها انفعالات وتظاهر بالإيمان، و لكن عقلهم وقلبهم أجوف من التفكر و الإيمان مثل الخشب في استقامته من دون مشاعر.

-{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ}.

٣-كل انفعالات الذم من الرسول صلى الله عليه وآله أو المؤمنين على أهل الكفر يحسبونه عليهم: و الله يخاطب النبي بالحذر لأنهم يضمرون شرا و لهم تخطيط  صد المؤمنين عن الدين ، ويمكن معرفتهم بانفعالات وجوههم أو غيرها.

-{يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ}.

٤-و إذا فعلوا شيئا مشينا به سخط الله وقام المؤمنون بنصحهم بطلب الدعاء والاستغفار من الرسول صلى الله عليه وآله لكي يغفر لهم خطأهم رفضوا وهم مستكبرون.

-{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ }.

٥- هدايتهم صعبة جداً: حتى مع تدخل الرسول صلى الله عليه وآله بالدعاء لهم.

-{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.

٦- لا ينفقون في سبيل الله: و يحرضون المؤمنين أيضا على عدم الإنفاق.

-{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا ۗ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}.

السائل : في الجزء الثامن و العشرين في سورة المنافقون الآية ٩: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ألا يكون طلب المعاش عبادة و رعاية العائلة إيضا؟؟

الشيخ : طلب المعاش واجب ، و مستلزمات العائلة أمر واجب، ولكن لابد من التنظيم ، لأن الله جعل لنا: {إن الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}، و أكد لنا محبويته صلاة الجماعة في المسجد، حتى قال المعصوم عليه السلام في ثواب الجماعة أنه أجرها لا يحصيه إلا الله، و نحن قدوة لأولادنا ، فلنزرع التنظيم وحب الصلاة فيهم،  و بذلك نخرج من بعض إبتلاء سورة التغابن الآية ١٥في الجزء نفسه {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.

ذكر الله لا يجب اللهو عنه بأي عذر واحتجاج على كل حال.

التفسير المعين ص٥٤٤

النساء : ١٠٣

شرح دعاء اليوم الثامن والعشرين

اللَّهُمَّ وَفِّر حَظّي فيهِ مِنَ النَّوافِلِ، وَأكرِمني فيهِ بِإحضارِ المَسائِلِ، وَقَرِّب فيهِ وَسيلَتي إليكَ مِن بَينِ الوَسائِلِ، يا مَن لا يَشغَلُهُ إلحاحُ المُلِحّينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ وَفِّر حَظّي فيهِ مِنَ النَّوافِلِ).

روي عن إمامنا الباقر عليه السلام في الحديث القدسي:  وَمَا يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي بِشَيْ‌ءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّافِلَةِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ إِذاً سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَلِسَانَهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ، وَ‌إِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ.

فالنوافل لها عدة معان منها نوافل الصلاة اليومية، والصلوات المستحبة، وكذلك كل ما يقرب من الله سبحانه وتعالى فهو نوافل، كما تقدم في حديث قرب النوافل.

الصوم له نوافله التي تزيد في قوته وآثاره فصائمٌ يلتزم بالنوافل كلها ، وصائمٌ يلتزم بكف نفسه عن المفطرات العشر فقط فيكون نصيبه أداء الواجب، أما الصائم الآخر الذي التزم بجميع نوافل الصوم، يدخل على شهر رمضان ويخرج منه غنياً بالمكارم والملكات النبيلة، فمن تلك النوافل، صوم الجوارح التي يشركها الصائم مع البطن من صوم اللسان والعين وغيرها…فلا يستعملهم لاقتراف الذنب أو الإثم، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: إذا أصبحت صائما فليصم سمعك وبصرك من الحرام، وجارحتك وجميع أعضائك من القبيح، ودع عنك الهذي وأذى الخادم، وليكن عليك وقارالصيام، والزم ما استطعت من الصمت والسكوت إلا عن ذكر الله، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك.

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:  يقول الله عز وجل من لم تصم جوارحه عن محارمي فلا حاجة لي في أن يدع طعامه وشرابه من أجلي.

فالنوم والراحة كذلك من النوافل لها فضلٌ للصائم حتى أن الله أعطى الصائم الثواب على نومه وأنفاسه، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: نوم الصائم عبادة ونفسه تسبيح، والمراد أن يستفيد الصائم من فرص النوم والراحة ليتقوى بها على الطاعات في هذا الشهر.

والنظافة والتعطر من النوافل، فالإسلام يحب النظافة، والتعطر ويؤكد عليها في مواسم العبادة، قال الله تعالى في سورة الأعراف:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ }، روي عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام قال: تحفة الصائم أن يدهن لحيته ويجمر ثوبه، وتحفة المرأة الصائمة أن تمشط رأسها وتجمر ثوبها.

قراءة القرآن وكثرة العبادة التي وردت في خصوصها روايات كثيرة من مضاعفة الأجر لفاعليها في هذا الشهر المبارك، روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: ( لكل شئ ربيع وربيع القرآن شهر رمضان)، وصيام الإنسان صفاءٌ للنفس، ويزيد من تقربه إلى الله جل وعلا، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء، فأما الدعاء فيدفع البلاء عنكم وأما الاستغفار فتمحى به ذنوبكم.

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَأكرِمني فيهِ بِإحضارِ المَسائِلِ).

أولى الإسلام الاهتمام الكبير في حفظ الأحاديث الواردة عن السنة النبوية وأهل البيت عليهم السلام، والرجوع للرسالة العملية وتعلم الفروع ، ومدارسة المسائل العقائدية في الأصول ، وما يحتاج له المؤمنون في أعمالهم الشرعية، ففي هذا الشهر نستحضر مسائل فضل شهر رمضان وبركاته، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أكثر فيه الصلاة علي ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين، روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعطيت أمتي خمس خصال في شهر رمضان لم يعطهن أمة نبي قبلي.

أما واحدة: فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله عز وجل إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه.

والثانية: خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك.

والثالثة: يستغفر لهم الملائكة في كل يوم وليلة.

والرابعة: يقول الله عز وجل لجنته: تزيني واستعدي لعبادي! يوشك أن يستريحوا من نصب الدنيا وأذاها ويصيروا إلى دار كرامتي.

والخامسة: إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان غفر الله عز وجل لهم جميعا فقال رجل: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: لا أما ترون العمال إذا عملوا كيف يؤتون أجورهم.

روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (وَقَرِّب فيهِ وَسيلَتي إليكَ مِن بَينِ الوَسائِلِ).

قامت الحياة البشرية على الإستفادة من الوسائل والأسباب الطبيعية لرفع حاجتها، فمثلا: الماء لرفع العطش، والطعام لرفع الجوع …وغيرها، والوسيلة المقصودة هي التي تكون الرابط بين الله وعباده، وهي أسرع الوسائل في التقرب إليه، ومنها وسيلة الولاية لأهل البيت عليهم السلام والتقرب بهم إلى الله عز وجل.

قال الله تعالى في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}، فمن بدأ العمل بها كان  النبي آدم عليه السلام عندما ترك الأولى، قال تعالى في سورة طه: {وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ}، روي عن  ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما نزلت الخطيئة بآدم وأخرج من جوار رب العالمين أتاه جبرئيل فقال: يا آدم ادع ربك! قال: يا حبيبي جبرئيل وبما أدعوه؟ قال: قل يا رب أسألك بحق الخمسة الذين تخرجهم من صلبي آخر الزمان إلا تبت علي ورحمتني، فقال: حبيبي جبرئيل سمهم لي! قال: محمد النبي، وعلي الوصي، وفاطمة بنت النبي، والحسن، والحسين سبطي النبي.

فدعا بهم آدم فتاب الله عليه وذلك قوله: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) (37 / البقرة: 2) وما من عبد يدعو بها إلا استجاب الله له.

فهذه الوسيلة التي قربت الأنبياء، فكيف نحن نرجوا من الله القرب بالوسيلة التي قال أمير المؤمنين عليه السلام عنها : (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ):أنا وسيلته.

وحديث سلسلة الذهب ،وإنّما وصف الحديث بـ«سلسلة الذهب» لأنّ سلسلة رواته تبدأ بالإمام الرضا عليه السلام وعن آبائه إماما عن إمام مروراً بأمير المؤمنين عليه السلام  لتصل إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عن جبرئيل عن الله، حيث تتميز هذه السلسلة بإسناد إمام عن إمام.

روي عن الإمام الرضا عليه السلام  بسنده عن أمير المؤمنين عليه السلام  أنّه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله جلّ جلاله يقول: «لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي» فلمّا مرّت الراحلة نادانا الإمام الرضا عليه السلام:  بشروطها وأنا من شروطها.

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (يا مَن لا يَشغَلُهُ إلحاحُ المُلِحّينَ).

إن الله عز وجل من أسمائه البصير الذي يبصر خائنة الأعين وماتخفي الصدور، والذي يشاهد الأشياء كلها ظاهرها وخافيها، والبصير لجميع الوجودات، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: إنّ الله كره إلحاح الناس بعضهم لبعض في المسألة ، وأحبّ لنفسه ، إنّ الله يحبّ أن يُسأل ويُطلب ما عنده.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

شرح دعاءاليوم السابع والعشرين

بسم الله الرحمن الرحيم

اللَّهُمَّ اغسِلني فيهِ مِنَ الذُّنوبِ، وَطَهِّرني فيهِ مِنَ العُيوبِ، وَامتَحِن قَلبي فيهِ بِتَقوى القُلوبِ، يا مُقيلَ عَثَراتِ المُذنِبينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(اللَّهُمَّ اغسِلني فيهِ مِنَ الذُّنوبِ).

إن حوائج الإنسان التطهيرية متعددة، ومنها الغسل لتحصيل النظافة والطهارة الظاهرية لجسم الإنسان، وكذلك يحتاج الإنسان إلى غسل النفس و حالاته النفسية التي تراكمت فيها الذنوب، يطلب من الله في هذا الشهر الكريم و كله أمل برحمة الله أن يحقق ذلك، قال تعالى عز ذكره في سورة الزمر:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُالذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، فالاستغفار باب غسل الذنوب الذي فتحه الله لعباده، قال تعالى في سورة آل عمران:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ}، ولكل غسل مواد ،ومواد غسل الذنوب هي الأعمال الصالحة ، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: من عمل سيئة في السر فليعمل حسنة قي السر، ومن عمل سيئة في العلانية فليعمل حسنة في العلانية.

تقوية الروح بالأعمال الحسنة التي لاتمحو الآثار التي خلفها الذنب فحسب، بل يطبع على النفس الآثار النورانية للأعمال الحسنة، فمثلاً: إذا كان الفرد عاقا لأبويه وتاب فلا تكون التوبة بمجرد قطع العقوق عنهم، بل يجب أن يذيقهم حلاوة المحبة، ليزيل عنهم مرارة العقوق السابقة، قال تعالى في سورة الرعد:{ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ}، روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال:ما أحسن الحسنات بعد السيئات.

ومن مواد غسل الذنوب السجود، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما جاء شخص وقال: ذنوبي كثيرة وأعمالي الصالحة قليلة! فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أكثر من السجود فإنه يحط الذنوب كما تحط الريح ورق الشجر.

وردت روايات كثيرة تعلمنا كيفية غسل الذنوب بكثرة الطاعة لله والأعمال الصالحة، فمثلاً: رد الحق إلى أهله، كف النظر عما حرم الله، والنظر إلى القرآن يحط من الذنوب ، والنظر إلى وجه الأب والأم يحط من الذنوب.

وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأله شخص : ما هي الأشياء التي تمحو الذنب بعد التوبة؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: الدموع والخضوع والأمراض.

قال الله عز ذكره في سورة آل عمران: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (وَطَهِّرني فيهِ مِنَ العُيوبِ)، الطهارة عنوان كبير له مواضيع وأفراد متعددة وينقسم بحسب حكمه في قوة التطهيررعند المؤمنين، فمثلا: ماء طاهر، الثياب طاهرة … إلى غيرها، وكذلك أستعمل بمعنى القلب الطاهر، وبالوصف كأناس يتطهرون، قال تعالى ذكره في سورة الأعراف: {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}، إن الإنسان يحتاج إلى التطهير الظاهري، و تطهير الجوارح، التي  روي عن الإمام السجاد عليه السلام أنه قال عنها: الخير عمله صيانة الإنسان نفسه.

النفس التي يحتاج الإنسان تطهيرها من العيب كريمة عليه، روي عن الإمام السجاد عليه السلام أنه قال: (من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا)، تُطهّر النفس بنصحها سرا وهو من أرفع درجات تطهير العيب النفسي، روي عن الإمام السجاد عليه السلام قال: إذا نصح العبد لله في سره أطلعه الله على مساوئ عمله، فتشاغل بذنوبه عن معايب الناس.

طوبى لراجي الطهارة من العيب في شهر رمضان، الذي فيه العمل مضاعف ، فتتساقط الرذائل ليصبح الإنسان خاليا، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: أيها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وطوبى لمن لزم بيته، وأكل قوته، واشتغل بطاعة ربه، وبكى على خطيئته، وكان من نفسه في شغل ، والناس منه في راحة، واجتناب الفساد في الأرض.

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (وَامتَحِن قَلبي فيهِ بِتَقوى القُلوبِ)، قال الله عز ذكره في سورة المطففين:{كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}، هناك امتحان وتمحيص في هذه الدنيا، سواء أكان هذا الإمتحان على مستوى الفرد أو على مستوى أمة كاملة، فتارة يمتحن الله الفرد بفقدان أولاده أو صحته، وغيرها من الأمور الدنيوية، وقد يمتحن الله العبد بدينه، وهذا الامتحان العظيم الذي لا مجال للنجاة منه إلا بمعرفة الطريق الصحيح، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: أما والله ليغيبن عنكم مهديكم حتى يأتي الجاهل منكم، فيقول: ما لله في آل محمد حاجة ، فيأتي كالشهاب الثاقب فيملأها عدلاً وقسطا كما ملئت جوراً وظلما.

فبعد معرفة سبيل النجاة الذي يوصل الإنسان إلى رفع درجات القلب، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: التقوى على ثلاثة أوجه تقوى بالله في الله، وهو ترك الحلال فضلا عن الشبهة، وهو تقوى خاص الخاص، وتقوى من الله وهو ترك الشبهات فضلا عن حرام ،وهو تقوى الخاص، وتقوى من خوف النار والعقاب وهو ترك الحرام، وهو تقوى العام.

قال الله عز وجل في سورة آل عمران:{بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}، ان التقوى مفتاح كل شئ، وعن الإمام علي عليه السلام قال: إن تقوى الله مفتاح سداد.

قال الله عز وجل في سورة البقرة:{وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ }.

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:( يا مُقيلَ عَثَراتِ المُذنِبينَ).

 إن الله عز وجل يقيل أي يرفع غفلة المذنبين لأنهم الظالمون لأنفسهم ، متناسين عما يجري عليهم في غدهم بما اقترفوه، فلا زالوا في زلاتهم يوما بعد يوم، روي عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يقول الله عز وجل: يابن آدم ماتنصفني، أتحبب إليك بالنعم، وتتمقت إلي بالمعاصي، خيري عليك منزل، وشَرّك إلي صاعد، ولا يزال ملك كريم يأتيني عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح، يا ابن آدم لو سمعت وصفك من غيرك، وأنت لا تعلم من الموصوف، لسارعت إلى مقته.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

حوارية اليوم السابع والعشرين

السائل : في الجزء السابع و العشرين من سورة الطور في قوله تعالى الآية: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} ماهي خصائص المتقين؟

الشيخ : 

١-المصدق بما أنزل على الرسل كالأصول الخمسة و الفروع و يسمى الإيمان.

٢-يعطون حقوق الناس بما أكرمهم الله .

٣- يقيمون الصلاة .

٤- يوفون بعهد الله.

٥-صابرين في البأساء و الضراء و حين البأس.

٦- يقضون الليل  في الرغائب و التهجد و طلب العلم، مما يجعلهم قليلي النوم في الليل.

٧-يستغفرون إلى الله في الأسحار.

٨-يؤمنون بالغيب كقيام آل محمد من المنتظر عجل الله فرجه و رجعة الأئِمة الأطهار سلام الله عليهم و يوم القيامة.

نجد هذه النقاط في قوله تعالى:

-{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}

-{۞ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ }

-{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)}

-{ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)}

٩- العفو سجيتهم، في قوله تعالى {وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ} وهم تقاة.

١٠- قوامين لله بالعدل الاجتماعي في شهاداتهم و بيعهم و شرائهم و حكمهم.

كما في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.

١١-  الاقتصاد في معيشتهم و يصرفون ما يكفيهم من مؤونة.

١٢- يتعاونون وقت الحاجة و تجدهم موجودين، و غيرتهم لا تسمح لهم إلا بقضاء حوائج المؤمنين، و بالخصوص أمور الآخرة و ما يقربك إلى الله من بر.

١٣- منقطعين في محبة الله و محبة أوليائه.

١٤- طاعة الله تجعل الدنيا توحشهم وهي مقدمة على شهواتهم و لذاتهم نجد هذا الكلام في روايات أهل البيت عليهم السلام.

‏- عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : (إن أهل التقوى هم الأغنياء ، أغناهم القليل من الدنيا ، فمؤونتهم يسيرة ، إن نسيت الخیر ذکروك ، وإن عملت به أعانوك ، أخروا شهواتهم ولذاتهم خلفهم ، وقدموا طاعة ربهم أمامهم ، ونظروا إلى سبيل الخير وإلى ولاية أحباء الله فأحبوهم ، وتولوهم واتبعوهم ).

– و عنه ( عليه السلام ) : (إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة ، وأكثرهم لك معونة ، تذكر فيعينونك ، وإن نسيت ذكروك ، قوالون بأمر الله ، قوامون على أمر الله، قطعوا محبتهم بمحبة ربهم ، ووحشوا الدنيا لطاعة مليكهم ، ونظروا إلى الله عز وجل وإلى محبته بقلوبهم ، وعلموا أن ذلك هو المنظور العظيم شأنه ).

١٥- كلامهم دائما في تأمل وتعقل.

١٦- متواضعين 

١٧- يغضون من أبصارهم عما حرم الله.

١٨-يحبون طلب العلم النافع لهم ولآخرتهم.

١٩-تجدههم في البلاء مثلما تجدهم في الرخاء بالصبر و النفس الكريمة.

٢٠- خاشعون لرب العالمين لولا أوامر الله لما ستقرت روحهم كأنهم ينظرون إلى الجنة و النار في الحقيقة.

وكل هذه النقاط العشرين و أكثر في خطبة لأمير المؤمنين.

 رُوِيَ أَنَّ صَاحِباً لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) يُقَالُ لَه هَمَّامٌ ، كَانَ رَجُلًا عَابِداً فَقَالَ لَه: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ  صِفْ لِيَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، فَتَثَاقَلَ ( عليه السلام) عَنْ جَوَابِه ، ثُمَّ قَالَ: يَا هَمَّامُ اتَّقِ اللَّه وأَحْسِنْ  فَإِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ، فَلَمْ يَقْنَعْ هَمَّامٌ بِهَذَا الْقَوْلِ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْه ، فَحَمِدَ اللَّه وأَثْنَى عَلَيْه وصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وآله ) – ثُمَّ قَالَ ( عليه السلام ):

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ ، آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ ، لأَنَّه لَا تَضُرُّه مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاه ، ولَا تَنْفَعُه طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَه، فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ ، ووَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُمْ ، فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ ، مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ، ومَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ، ومَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ ، غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِمْ ، ووَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ ، نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ ، كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ ، ولَوْ لَا الأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّه عَلَيْهِمْ ، لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ ، وخَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ ، عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَه فِي أَعْيُنِهِمْ ، فَهُمْ والْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ ، وهُمْ والنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ ، قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ ، وأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ وحَاجَاتُهُمْ

خَفِيفَةٌ وأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ ، صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً ، تِجَارَةٌ مُرْبِحَةٌ يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُمْ ، أَرَادَتْهُمُ الدُّنْيَا فَلَمْ يُرِيدُوهَا ،وأَسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْهَا ، أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ ، تَالِينَ لأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلًا ، يُحَزِّنُونَ بِه أَنْفُسَهُمْ ويَسْتَثِيرُونَ بِه دَوَاءَ دَائِهِمْ ، فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً ، وتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً وظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ ، وإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ ، أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ ، وظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وشَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ ، فَهُمْ حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ ، مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ وأَكُفِّهِمْ ورُكَبِهِمْ وأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ ، يَطْلُبُونَ إِلَى اللَّه تَعَالَى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ ، وأَمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ ، قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْيَ الْقِدَاحِ ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى ، ومَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ ويَقُولُ لَقَدْ خُولِطُوا ، ولَقَدْ خَالَطَهُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ ، لَا يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَلِيلَ ، ولَا يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ ، فَهُمْ لأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ ومِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ ، إِذَا زُكِّيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَه فَيَقُولُ ، أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي ورَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسِي ، اللَّهُمَّ لَا

تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ ، واجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ، واغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ، فَمِنْ عَلَامَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ تَرَى لَه قُوَّةً فِي دِينٍ ، وحَزْماً فِي لِينٍ وإِيمَاناً فِي يَقِينٍ وحِرْصاً فِي عِلْمٍ ، وعِلْماً فِي حِلْمٍ وقَصْداً فِي غِنًى وخُشُوعاً فِي عِبَادَةٍ ، وتَجَمُّلًا فِي فَاقَةٍ وصَبْراً فِي شِدَّةٍ وطَلَباً فِي حَلَالٍ ، ونَشَاطاً فِي هُدًى وتَحَرُّجاً عَنْ طَمَعٍ ، يَعْمَلُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وهُوَ عَلَى وَجَلٍ ، يُمْسِي وهَمُّه الشُّكْرُ ويُصْبِحُ وهَمُّه الذِّكْرُ ، يَبِيتُ حَذِراً ويُصْبِحُ فَرِحاً ، حَذِراً لِمَا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ ، وفَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ والرَّحْمَةِ ، إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْه نَفْسُه فِيمَا تَكْرَه ، لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيمَا تُحِبُّ ، قُرَّةُ عَيْنِه فِيمَا لَا يَزُولُ وزَهَادَتُه فِيمَا لَا يَبْقَى ، يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ والْقَوْلَ بِالْعَمَلِ ، تَرَاه قَرِيباً أَمَلُه قَلِيلًا زَلَلُه خَاشِعاً قَلْبُه ، قَانِعَةً نَفْسُه مَنْزُوراً أَكْلُه سَهْلًا أَمْرُه ، حَرِيزاً دِينُه مَيِّتَةً شَهْوَتُه مَكْظُوماً غَيْظُه ، الْخَيْرُ مِنْه مَأْمُولٌ والشَّرُّ مِنْه مَأْمُونٌ ، إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ ،وإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ ، يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَه ويُعْطِي مَنْ حَرَمَه ، ويَصِلُ مَنْ قَطَعَه بَعِيداً فُحْشُه ، لَيِّناً قَوْلُه غَائِباً مُنْكَرُه حَاضِراً مَعْرُوفُه ،

مُقْبِلًا خَيْرُه مُدْبِراً شَرُّه ، فِي الزَّلَازِلِ وَقُورٌ وفِي الْمَكَارِه صَبُورٌ ، وفِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ لَا يَحِيفُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ ، ولَا يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ ، يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْه ، لَا يُضِيعُ مَا اسْتُحْفِظَ ولَا يَنْسَى مَا ذُكِّرَ ، ولَا يُنَابِزُ بِالأَلْقَابِ ولَا يُضَارُّ بِالْجَارِ ، ولَا يَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ ولَا يَدْخُلُ فِي الْبَاطِلِ ، ولَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ ، إِنْ صَمَتَ لَمْ يَغُمَّه صَمْتُه وإِنْ ضَحِكَ لَمْ يَعْلُ صَوْتُه ، وإِنْ بُغِيَ عَلَيْه صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّه هُوَ الَّذِي يَنْتَقِمُ لَه ، نَفْسُه مِنْه فِي عَنَاءٍ والنَّاسُ مِنْه فِي رَاحَةٍ ، أَتْعَبَ نَفْسَه لِآخِرَتِه وأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِه ، بُعْدُه عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْه زُهْدٌ ونَزَاهَةٌ ، ودُنُوُّه مِمَّنْ دَنَا مِنْه لِينٌ ورَحْمَةٌ ، لَيْسَ تَبَاعُدُه بِكِبْرٍ وعَظَمَةٍ ولَا دُنُوُّه بِمَكْرٍ وخَدِيعَةٍ ، قَالَ فَصَعِقَ هَمَّامٌ صَعْقَةً كَانَتْ نَفْسُه فِيهَا ،فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) : أَمَا واللَّه لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْه ، ثُمَّ قَالَ: أَهَكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا ؟ فَقَالَ لَه قَائِلٌ: فَمَا بَالُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ (عليه السلام): وَيْحَكَ إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْتاً لَا يَعْدُوه ، وسَبَباً لَا يَتَجَاوَزُه فَمَهْلًا لَا تَعُدْ لِمِثْلِهَا ، فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ.

الزمر :٣٣،البقرة:من٢إلى٤ البقرة :١٧٧ ،الذاريات: من١٥إلى١٩

البقرة:٢٣٧، المائدة :٨

البحار ج٧٨ ص١٦٦ حديث٢

الكافي ج٢ ص١٣٣ حديث١٦

نهج البلاغة :خطبة١٩٣

ميزان الحكمة ج٤ ص٣٦٣٤،٣٦٣٥،٣٦٣٦