أرشيف التصنيف: مفاهيم

المُعجِزَةُ الخالِدة ..

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والحمدلله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على البدرِ التمامِ وشمسِ الشموس والنورِ الباهر والعلمِ الزاهر البشيرِ النذير محمد وعلى آله بدور الخلفاء، ونجوم الأصفياء ..
📚 في الحديث الشريفِ عَنْ رسولِ الله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلم):

(( فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه )).

بحار الانوار، ج89، ص19.
📌 إنَّ القرآن الكريم هو الوحي الإِلهي المُنزل مِن الله سبحانهُ وتعالى على لسان نبيهِ المصطفى محمدٍ (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلم)، وهو مُعْجِزتهُ الخالِدة التي أعجزت البشرَ عَن مُجاراتها في البلاغَةِ والفصاحة، وفيما حوى من معارِفٍ عاليةٍ وحقائق عظيمة.

فهو “المعجِزَةُ الخالِدة”.
🖊 ولقد عرَّف العلماءُ ” المعجزةَ ” بأنها: عبارة عن الأمر الخارقِ للعادَة، يأتي بها مدَّعي النبوة بِإِرادة الله جلَّ جلاله، وتكونُ دليلاً على صدقِ دعواه، ويعجزُ الناس عن مجاراتها والإتيان بمثلها.
📌 وهذا التعريف يوضِحُ لنا أموراً أربعة:
1. وجود بعض الظواهر الخارقة للعادة، وهي التي لا يمكن أن تكون موجودةً من خلال العلل والأسباب العادية والطبيعية.

2. أن الأمر الخارق للعادة من الأنبياء هو بإِرادة اللهِ سُبحانهُ، وتكون مِنَ النبيِّ بِإِذنٍ خاصٍ مَِ الله عزَّ وجلَّ.

3. إن مثل هذا الأمر الخارق، يمكن أن يكون دليلاً على صدق دعوى النبيِّ بِالنبوة، فيصطلحُ عليهِ بـ ” المُعْجِزَة “.

4. أن هذا الأمر الخارق للعادة يعجزُ عن اِتيانه سائر البشر العاديين.
🖊 لقد بَعَثَ الله سبحانه في مراحل تاريخيَّة مختلِفة عشرات الآلاف من الأنبياء وجعلهُم مناراً لهداية عبادِهِ وأيدهم بالدلائِل الواضِحَةِ والمعاجزِ الباهرة، الخارقة للعادة، لتكون علامةً على صدقِ كلِّ نبيٍّ بعثَهُ الله تعالى لهدايةِ البشر، وتكون حجة على الناس.
📌 ومِنَّ الأمور الدقيقةِ في معاجِز الأنبياءِ عندما يتأمل القارئ لمعجِزَةِ كلِّ نبيٍّ مِن أنبياءِ الله تعالى، أن معجزة كل نبيٍّ تتناسَبُ مع ما اشتُهِرَ

في زمانِهِ وعصرِه مِنَ العُلوم والفنون.
📌 فكانت معجزةُ نبيِّ اللهِ موسى الكليم (على نبينا وآله وعليه الصلاة السلام) هي ” العصا ” التي تلقف السحر وما يأفكون، حيث كانَّ السِحر في عصرِ النبي موسى فناً شائِعاً، فكانت معجزتُهُ تتناسبُ معَ عصرهِ، وأنها مما عجز عن مثله البشر.
📌 وكذلك مُعجزةُ نبيِّ الله عيسى بن مريم (عليه السلام) هي ” إبراء الأكمه والأبرص وإِحياء الموتى “، إذ جائتْ هذهِ المُعْجِزَةُ في زمانٍ كان فنُ الطبِ هو السائِدُ بين الناس، وفيه أطباء لهم مكانتهم العالية والخاصة في مجتمعهم، فعجز طبهم وعلمهم عن مُجاراةِ ما جاء بِهِ نبيُّ اللهِ عيسى (عليهِ السلام).
📌 وفي القرن السادس بعد ميلاد نبيِّ اللهِ عيسى (عليهِ السلام)، جاء الهادي والمُرسل لكُلِّ الناس كافة، أفضل خلقِ الله سبحانه النبيُّ المُصطفى محمد بن عبدالله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) وهو يحملُ المُعجزَةَ الخالِدَة وهي ” الْقرآن الكريم “، المعجزُ بِبَلاغَتِهِ وفصاحته، في وقتٍ كانَّ علمُ البلاغة وفن الفصاحةِ معروفاً وسائداً، وكانَّ البُلغاءُ هم المقدمون عندَ الناسِ بسموِ فَصَاحَتهم، وحُسنِ بلاغتهم وبيانهم، فجاءَ كتابُ الله سبحانهُ وتعالى كَالصاعقةِ التي أدهشتهم وأوقفت عقولهم، وأفهمتهم أنهُ لا قِبلَ له بهذا الكتاب العظيم.
🖊 لهذا كانَّ القرآن الكريم – ” المُعجِزَة الخالِدة ” – الكتاب السماوي الوحيد الذي أعلن بكلِّ قوةٍ وصراحة أنْ لا أحد يتمكن من الإتيان بمثلِهِ أبداً، حتى لو اِجتمعت الإنسُ والجنُّ.
📚 قال اللهُ تعالى: { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } سورة الإِسراء، آية 88.
📌 وقد تحدى القرآنُ تحدياً بكلِّ قوة أولئك البلغاء والفصحاء، لا أن يأتوا بمثل هذا القرآن، بل أن يأتوا بسورة من مثله، ولو سورة قصيرة.

فقال سبحانه وتعالى: { وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } سورة البقرة، آية 23.
📌 ومِن عناصرِ ودلائِل الإِعجاز في كتابِ الله الْقُرآن الكريم، فصاحته وبلاغته، أي أنَّ الله سبحانه وتعالى اِستخدمَ لِعرض مقاصِدِهِ في كلِّ مَوضوعٍ أعذب الألفاظ، وأجملها، وأجودَ التراكيب سبكاً وتأثيراً واعتدالاً.
📌 ومِنْ دلائِل إِعجازِ القرآن الكريم أنه لا يعتريهِ التبديل والتغيير والتحريف، وأنَّ هذا القرآن الكريم الذي بين أيدينا ونتلوهُ هو نفسُ الْقُرآنِ المُنزل على رسولِ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، وأيُ مُدعٍ يدعي غير هذا فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه، وأن مَنْ يقول بتحريف القرآن أو أنه غير الذي أُنزل على رسول الله فهو على غير هُدى، فإنَّ هذا القرآن هو كلام الله والمعجِزَةُ الخالدة التي قال بحقِ الجليلُ سبحانهُ وتعالى: { لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } سورة فصلت، آية 42.
📚 وقد رويَّ عن الإِمامِ جعفرٍ الصادق (عليه السلام): (( هو قول اللّه .. وهو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد )).

امالي الصدوق، ص326.
📌 وَمِنْ دَلائِل الإعجازِ الْقُرآني ” التناسق وعدم الإختلاف، فإنَّ القُرآنَ الكريم كِتابٌ نزل خلال ثلاثة وعشرين عاماً مِنْ حياةِ الرسولِ الأَكرم، وهذه السنين والأعوام شهدت عِدة مراحل مليئة بالحوادِث والإضطرابات الملتهبة، ورُغم هذه الحوادث والتحدِّيات والمتغيِّرات لم يكن لها أيُّ تأثيرٍ مِن محتويات القرآن وأُسلوبِ إعجازِهِ.

فقد قال اللهُ سبحانه: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } سورة النساء، آية 82.
📌 وإنَّ مِن الدلائِل الواضحات لذوي البصائِرِ والعقول على إِعجازِ الْقُرآنِ المجيد أنهُ كلما تقدمَ الزمن وتقدمتْ العلوم والفنون فهو باقٍ على طراوتِهِ وسمو مقاصِده وعظيم حلاوته، لا يظهرُ فيه خطأٌ في أي نظريةٍ علميةٍ ثابتة، ولا يطرأُ عليهِ تبديلٌ أو تحريف، قال تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } سورة الحجر، آية 9.
والحمدُ للهِ رب العالمين ..

وصلى اللهُ على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الجمعة 22 شعبان 1438هـ.

البحرين

مِنْ آدابِ تِلاوَةِ الْقُرآن الكريم ..

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والحمدلله رب العالمين، وصلى الله على المبعوث رحمةً للعالمين محمد المصطفى (صلى اللهُ عليهِ وآله وسلم) وعلى أهل بيته المصطفين الطيبين الطاهرين ..
📌 ها نحنُ على أبواب شهر رمضان المبارك، شهر الله سبحانهُ وتعالى، وهو الشهر الفضيل، الذي يحملُ لنا البركات الإلهيـة، والخير الوفير.

ومع بداية الشهر الكريم تزدادُ العلاقةُ بيننا وبين القرآن الكريم، وهذا الشهر هو ” ربيعُ القرآن “.

فلذا نجد في المجتمعات الإسلامية العلاقة الوطيدة مع “القرآن الكريم” في هذا الشهر المبارك،

وهذا لا يعني أن تكون العلاقة بيننا وبين كتاب الله في شهر رمضان فقط، وإنما على المسلم أن يكون دائم الإرتباط ودائم العلاقة مع القرآن الكريم في كل وقت، وفي كل زمان.
🖊 ومع اقتراب الشهر الفضيل أطلق سماحة العلامة الكبير السيد عبدالله الغريفي (دام ظله) في ليلة النصف من شهر شعبان لعام ١٤٣٨هـ، شعاراً لهذا العام في شهر رمضان المبارك، بـعنوان: { نـداء القرآن }.

ومن هذه الدعوة الكريمة أشاركُ بسطورٍ تختص بكتاب الله الكريم.

سائلاً من الله التوفيق والسداد ..

.. .. .. .. ..
📚 روي عن الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام):

(( من قرأ القرآن كانت له دعوة مجابة، إما معجلة وإما مؤجلة )).

بحار الأنوار ج93، ص313.
🖊 إن المتتبع إلى أخبار المعصومين (عليهم أفضل الصلاة والسلام) حول كتاب اللهِ عزَّ وجل “القرآن الكريم”، يجدُ أن النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) لقد أكدوا على كيفية العلاقة التي تكون بين الإنسان المسلم وبين القرآن الكريم، وما هي الطريقة التي نتعامل بها مع كتاب الله سبحانه وتعالى.
📌 وعنوان ( العلاقة مع القرآن الكريم ) يحملُ بحوثاً عديدة، ومن عدة جوانب:

– علاقتنا مع القرآن من حيث التعليم والتعلُّم .
– علاقتنا مع القرآن من حيث الإهتمام به .
– علاقتنا مع القرآن من حيث الإحترام .
– علاقتنا مع القرآن كيف نتلوا كتاب الله ؟
– علاقتنا مع القرآن من حيث التفكر فيه .
– علاقتنا مع القرآن من حيث الحفظ .
– علاقتنا مع القرآن من حيث الآداب .
🖊 وفي هذه المقالة نقف على نقطةٍ مهمة في علاقتنا مع ” القرآن الكريم ” من حيث آداب التعامل معه وتلاوته، من وصايا القرآن الكريم، ووصايا النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) وأهل بيته (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
كل شيءٍ يحتاجُ إلى برنامجٍ ونظامٍ وشروط، فمثلاً: العمل، كل عملٍ له شروطٌ خاصة به من أجل الدخول إليه، ومقدمات تتوفر في مَن يريد الإرتباط بهذا العمل.

كذلك ” القرآن الكريم ” لا يُستثنى من هذه القاعدةِ، لذلك فقد ذُكر في القرآنِ الكريمِ وفي الرواياتِ الشريفةِ عن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) وعن أهلِ بيتِهِ (عليهم السلام) عدداً مِنَ الآداب والشروط لِتِلاوَةِ كلام الله والإستفادَةِ مِن آياته المباركة.
📌 ومِنْ تِلك الآداب والشروط:-
1. الطهارة:

مِنْ آدابِ الإِنسان مع القرآنِ الكريم أن يكون على طهارة، ويمكن أن نقول: الطهارَةُ المطلوبة هي الطهارة الظاهرية والطهارة المعنوية.

في قول الله تعالى: { لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } سورة الواقعة، آية 79.
إنَّ هذا التعبير القرآني يُشيرُ إلى الطهارة الظاهرية، بأن يكون مسُ كِتَابةِ القرآن الكريم مشروطٌ بالطهارةِ والوضوء، وكذلك تشير إلى إِمكان تيسير الوصول لِفهم مُحتوى الآيات القُرآنية، مِنْ خِلال تطهير النفس مِنْ أيِّ رذيلةٍ أخلاقية، وصفات سيئة تحجُب عن الإنسان الوعيَّ لما يتلُوهُ من آيات اللهِ سُبحانهُ وتعالى، لأن الرذائل الأخلاقية تعتبر حجابا مظلماً بين الإنسان والحقائِق.
📚 ولقد وردت رواياتٌ لأهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تؤكد على شرط الطهارة الظاهرية عندما يُريدُ المُسلم مس الآيات الشريفَة،

فقد رويَّ عن الإِمام علي بن موسى الرضـا (عليه السلام) قوله: (( المصحف لا تمسّه على غير طهر، ولا جنب، ولا تمسّ خطّه ولا تعلّقه، إنَّ الله تعالى يقول: { لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } )).

وسائل الشيعة: 1 / 269، الحديث 3.
📚 وجاء في مصادر أهل البيت (عليهم السلام) من طرق مختلفة أنَّ رسول الله (صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم) قال: (( لا يمسّ القرآن إلّا الطاهر )).

تفسير الدر المنثور: 9 / 162.
وأما في الطهارة المعنوية نقل عن ابن عباس عن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) أنّهُ قال:

(( { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَريمٌ * في كتاب مكنون }، قال: عند الله في صحف مطهّرة، { لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قال: المقربون )).

تفسير الدر المنثور: 6 / 162.
🖊 نحن نعلم بأنَّ القُرآن الكريم هو كتابُ هدايةٍ لجميع الناس، ولكنَّ هناك مَنْ سَمَعَ القُرآن مِنْ فَمِ النبيِّ الأعظم (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) لم يؤثر فيهِ أي تأثير وذلك بسبب تلوّثهِ بالعناد والعصبية العمياء والغرور، لذا لم ينتفع بالقرآن أيَّ انتفاع، وفي المقابل هُناك مَن اهتدى هدايةً مباركة بمجردِ سماعه لآيات اللهِ عزَّ وجلَّ، وذلك بسبب الطهارة النفسية والتعقل وعدم اتباع الجاهلية فلذا جاء إلى القرآن الكريمِ بروحٍ باحثةٍ عن الحقِّ والحقيقة.

فكلما ازدادت طهارة الإنسان وتقواه كلما اقترب من فهم واستيعاب الآيات القُرآنية بشكل أفضل وبصورةٍ أعمق، وأثر فيه القرآن تأثيراً بالغاً على المستوى الروحي والمستوى العملي.

فلذا الآية الكريمة { لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } سورة الواقعة، آية 79.، تصدق في البعدين ( المادي والمعنوي ).
2. الإِستعاذة بالله:

مِنَّ الآداب التي أمرنا القُرآنُ الكريمُ بِها عند قراءة القرآن: ” الإِستعاذَةُ بِاللهِ مِنَ الشيطان الرجيم “.

في قول اللهِ تعالى: { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } سورة النحل، آية 98.
🖊 فعندما يستعيذُ الإنسانُ المسلِمُ باللهِ سبحانهُ مِن الشيطان الغوي، مِن أعماقِ روحه، سوف ينفصل عند تلاوتِهِ للقُرآن الكريم عن إِرادَةِ الشيطان، وتطمئن نفسه عند التلاوة، وترتفع عن فكره وفهمه موانع فهم كلام الحقِ سبحانهُ وتعالى، فيرى جمال الحقيقة بوضوحٍ تام.
📚 ولذا حذر أهل البيت (عليهم السلام) من الشيطان الرجيم في عدد من أقوالهم، ولشدة تأثير الشيطان على الإنسان يعلمنا الإمام علي بن الحسين السجاد (عليهِ السلام) في مناجاته كيف ندعو الله سُبحانهُ لينجينا منه كما في قوله عليه السلام: « إلهي أشكو إليكَ عدواً يضلني، وشيطاناً يغويني، قد مَلأ بِالوسواسِ صدري، وأحاطتْ هواجسه بقلبي، يعاضدُ لي الهوى، ويزينُ لي حب الدُنيا، ويحولُ بيني وبين الطاعَةِ والزُلفى».

ميزان الحكمة: ج5، ص1920، ح9372.
3. ترتيل القرآن:

مما أكد عليهِ الجليل جلَّ وعلا في كيفية التعاملِ مع القرآن الكريم مسألة “قراءة القرآن ترتيلاً”،

في قوله سُبحانه وتعالى: { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا } سورة المزمل، آية 4.
📌 ما معنى الترتيل ؟
📚 في تفسير (مجمع البيان) نقل عن النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) أنَّهُ أَمَرَ ابن عباس: (( إذا قرأتَ الْقُرآنَ فرتلْهُ ترتيلاً )) فسألته: وما الترتيل ؟، قال:

(( بينهُ تبييناً ولا تنثره نثر الدقل ولا تهزه هزَّ الشعر، قفوا عند عجائبه وحركوا بهِ القُلوب، ولا يكونن همُّ أحدِكم آخر السورة )).

مجمع البيان: 7 / 170، ذيل الآيات 30 – 34 من سورة الفرقان.
📌 إذاً فمن الآداب والشروط المطلوبة في قراءة الآيات الكريمة عدمُ الإستعجال والتسرع في القراءة، بل يأمرنا الرسول الأكرم (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) أن نُبين الآيات تبيناً واضحاً، مع الوقوفِ عِندَ عجائبه، وأن نُحرِكَ القلوب قبل اللسان، أي: أن نقرأَ الآيات الشريفة بحضورِ قلبٍ عند القراءة، وأن تكون لها أثرٌ في قلوبنـا.
🖊 وهذا ما نحن بحاجةٍ إليه في كلِّ وقتٍ، وبالخصوص في مجالس الذكر، عندما يجتمعُ المؤمنون في محافل التلاوة في شهر رمضان المبارك، لا يكون همُنا هو انهاءُ الجزء أو الجزئين، وإنما التريث هو المطلوب حين التلاوة.

لا قيمة لتلاوة تهتمُّ بالألفاظِ دون الدَّلالات القِيمة، حينما تكونُ التِّلاوةُ بصيرةً، تملك تدبُّرًا، وتفكُّرًا، وتأمًّلًا.

لا يكفي أنْ يتحرَّكَ القرآنُ الكريم على ألسنتنا، وعلى شفاهنا، بل لا بدَّ أنْ يكون القرآنُ الكريم حاضرًا بعمقٍ في قلوبنا، وفي أرواحنا، وفي مشاعرنا، وإلَّا كانت التِّلاوة جافَّة كلَّ الجفاف.
📚 وقد علمنا الصادق من آل محمد (عليهِ أفضل الصلاة والسلام) كيف نرتل القرآن وما الذي علينا أن نقوم به من أجل أن تتحرك قلوبنا مع الآيات القرآنية، فعنهُ (عليهِ السلام): (( الترتيل أن تتمكث به وتحسن به صوتك، وإذا مررت بآيةٍ فيها ذكرُ النار فتعوّذ باللهِ مِنَ النارِ، وإِذا مررتَ بِآيةٍ فيها ذكر الجنةِ فاسألِ الله الجنّة )).

مجمع البحرين، مادة رتل.
4. التدبّر والتفكّر:

ومن تلك الآداب والتعاليمِ التي ذكرها اللهُ تباركَ وتعالى في كتابه المجيد، التدبّر والتفكّر في آياتِ كِتابِهِ الكريم، قال الله تعالى: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } سورة محمد، آية 24.

وقال سبحانهُ وتعالى: { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } سورة ص، آية 29.
📌 إنَّ الْقُرآن الكريم بحرٌ فائِضٌ بالخيراتِ والبركات، وكلهُ عطاءٌ مُباركٌ من صاحبِ الجودِ والعطاءِ اللامُتَناهي واللامحدود، فعقولنا تقصر عن إدراك آياتِه وفهمها، فعلينا بالتأمل والتدبّر والتفكّر في آياته.
فهذه دعوةٌ إلهيةٌ مباركة، علينا الإمتثال لهذه الدعوة في التدبّر والتفكّر، كي نُزيح حِجابَ الجهل والهوى عن قلوبنا، وأن نُحطم الأقفال التي على قلوبنا بالتفكّر في آياتِ الجليل جلَّ جلاله.
📚 فقد وَرَدَ عن النبي محمد (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم): (( لا يعذّب الله قلباً وعى الْقُرآن )).

امالي الطوسي ج1، ص5.
📚 ورويَّ عن أميرِالمُؤمنين علي بن أبي طالبٍ (عليهِ السلام): (( أَلا لا خَيْرَ في قراءةٍ ليس فيها تدبّر، أَلا لا خيرَ في عِبادَةٍ ليسَ فيها تفقّه )).

بحار الأنوار، ج2، ص49.
📚 وعن الزهريّ قال سمعت عليّ بن الحسين (عليهِ السلام) يقول:

(( آياتُ الْقُرآنِ خزائنُ العلم، فكلّما فتحت خزائنه فينبغي لك أن تنظر فيها )).

بحار الأنوار ج92، ص 219.
📌 فالقراءة الّتي لا تدبّر ولا تفكّر فيها لا خير فيها، فقد قال اللهُ سبحانهُ وَتعالى: { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } سورة الحديد، آية 16.
5. الإستماع والإصغاء للقُرآن الكريم:

ومن الآدابِ التي أمرنا اللهُ بها في التعامل مع كتابِهِ المجيد وفرقانِهِ الحميد، أدبُ الإِصغاء والإِنصاتِ والإِستماعِ لِآياتِ الكتاب.

قال الله تعالى: { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } سورة الأعراف، آية 204.
🖊 من الأسبابِ التي بها ينالُ العبدُ المسلمُ الرحمةَ الإِلهية هي الإستماع والإِنْصاتُ لقراءة الْقُرآنِ الكريمِ، فلا ينشغل بشيءٍ أبداً.
📚 فعن الإِمامِ الصادق جعفر بن محمد (عليهِ السلام):

(( مَن استمعَ آيةً من الْقُرآن خيرٌ له مِن ثبيرٍ ذهباً، وثبير اسمُ جبلٍ عظيم باليمن )).

بحار الأنوار ج92، ص20.
📌 وهذا ما نحنُ بِأَمَسِ الحاجةِ إليهِ في مجالسِ الذكرِ الحكيم فإنَّ عدمَ الإِصغاء، والاستماع لتلاوة القرآن الكريم، لاِنشغالِ روَّاد المجالسِ بتبادُلِ الأحاديث، ممَّا يُشكِّل استخفافًا بالْقُرآنِ الكريم، وإنْ كان عن غير قصد.
🔴 إذا تكلمَّ مُتكلمٌ ذو مكانةٍ إِجتماعيةٍ في مجتمعنا كَـعالمِ دينٍ كبير، أو خطيبٍ على منبر المسجدِ أو المأتمِ الحسيني الشريف، يكون اِستماعنا وانصاتنا لهُ شديد، وبإِنقطاعٍ تامٍ، ولا ننشغل بأيِّ شيءٍ احتراماً لَه، فكيف إذا كانَّ المُتكلم هو الله سبحانهُ وتعالى ؟!.
📚 فعن عبدالله بن أبي يعفور عن أبي عبدالله الصادق (عليهِ السلام) قال: قُلتُ له: الرجل يقرأ القرآن؟ أَيجِبُ على مَن سمعهُ الإنصات له والإِستِماع ؟

قال: (( نعم، إِذا قُرِءَ الْقُرآن وَجَبَ عليكَ الإنصاتُ والإِستماع )).

مجمع البيان ج2، ص515.
6. التطبيق:

ومِنَ الآدابِ والشروط المهمّة لقراءة الْقُرآن الكريمِ والتي لها النتائِجُ والمردودات المُباركة على الإِنسان المُسلم هو التطبيق العملي لما قَرَأَ مِنْ كِتابِ الله سبحانهُ وتعالى، فإذا طَبَق ما أمرهُ الله بهِ من خِلالِ آياته الكريمة فإنَّهٌ عاملٌ بالقُرآن، تتغيرُ جميعُ تصرفاتِهِ ويرقى في مراتب التقوى والعملِ الصالِح.
📌 فمن أراد أن يأخذ من القرآن الشريف الحظّ الوافر فلا بدّ له أن يطبّق كلّ آية شريفة على حالات نفسه حتّى يستفيد استفادة كاملة، فقد قال اللهُ تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } سورة الأنفال، آية 2.
وفقنا الله وإياكم في شهر رمضان الكريم إلى تلاوةِ كتابهِ المجيد.
والحمدُللهِ رب العالمين ..

وصلى اللهُ على رسولهِ محمدٍ وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الجمعة 22 شعبان 1438هـ.

البحرين

السعادة الزوجية 2

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } (٧٤) سورة الشعراء

معنى { قُرَّةَ أَعْيُنٍ } : أحد الأقوال فيها أنها مأخوذة من ( القر ) وهو البرد ، دلالة على السرور ، حيث دموعه باردة بخلاف دموع الحزن الحارة

من صفات عبادة الرحمٰن التوجه لله بالدعاء في صلاح الزوج و الأبناء ، و ينطبق ذلك على الرجل و المرأة خاصةً .
و الدعاء كاشف عَن الإهتمام بالزوج و الأبناء فلا يعني الاكتفاء بالدعاء دون (عمل ) .

من أهم مسؤوليات الزوجين الاهتمام بخلق أجواء الصلح داخل المنزل ، بحيث يكون كل منهم قرة عين للآخر ، فكل من الزوج و الزوجة له دور في تحفيز الآخر للفعل الصالح بما يؤدي إلى السعادة في الدنيا و الآخرة ثم تأتي مرحلة الاجتهاد في تربية الأبناء و الاهتمام بهم خصوصاً في هذا العصر ، يتشوق عباد الرحمٰن للعمل في سبيل خدمة المؤمنين..

{ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} ، وهو طموح يصنعه الإخلاص لله تعالى ، لكن المهمة الأكبر و الأولى هي العمل على إصلاح الأسرة .
{ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (١٩)
سورة النساء

{بِالْمَعْرُوفِ }

المعروف غير محدد ، أي كل ماهو حسن جميل في عرف المنطقة التي بعيش فيها الإنسان .

السعادة في الحياة الزوجية يتطلب من الزوج أمرين مهمين :
١/ المعاملة الحسنة ،و تحتاج الى بذل الجهد ،و السعي قدر الإمكان لتوفير الحاجات المادية و المعنوية .

٢/ التغافل عن الأخطاء ، وعدم التدقيق ،و الترفع عن سفاسف الأمور

روي أنه قال الباقر عليه السلام:
[ صلاح شأن الناس التعايش والتعاشر ملء مكيال: ثلثاه فطن، وثلث تغافل ]
بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج 71 ص 167.

تحقيق النجاح في الحياة الزوجية لا يتطلب توافقاً في جميع الجوانب الفكرية و النفسية بين الزوجين ، فالاختلاف من طبيعة البشر . ولا يعني ذلك تسيير الأمور الى منحدر يندم عليه المرء في يوم .

{ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} 11 سورة الاسراء

* إذا وجدت في شريك حياتك ما تكره فلا تتعجل بطلب الانفصال ، خصوصاً في الفترة الأولى من الزواج ؛ لأن تحقيق الانسجام يحتاج إلى وقت وصبر .
الميرزا الشيخ حسين النعيمي …
2 جماد الثاني 1438 هـ الأثنين
2017/1/30 م

بين الأناة والعجلة

رواية ودرس 23

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

{ الأنـاةُ من الله والعجلـة من الشيطان }.

المحاسن ج1، ص 215.
– من الوصايا المباركة لأهل بيت العصمة والطهارة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) الدعوة منهم (عليهم السلام) للإنسان المؤمن في التثبت من الأمور والتأني والتمهل في الإقدام على أي أمر يريد أن يدخل فيه.

– وهي رسالةٌ تدعو الإنسان للتريث والتأمل حينما يريد أن يُنتج عملاً موفقاً أو أن يحصل على نتيجةٍ جيدة من عمله، فعليه أن يكون على علمٍ بحيثيات الأمر الذي يريده، وإلا إذا كان عجولاً في أمره قد يلتبس عليه.

ومن روائع حِكَم سيدنا ومولانا الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): { من هَجَمَ على أمرٍ بغير علمٍ جَـدعَ أنفَ نفسه }. بحار الأنوار ج57، ص269. أي: قَطَعَ أنفه.

وعلى الإنسان كذلك أن يكون عارفاً بالأمر الذي يقدم عليه، فالمعرفةُ في كل الأمور قبل الإقدام أمرٌ مطلوب، وقد حثَّ عليه أميرالمؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) في وصاياه إلى الصحابي الجليل كميل بن زياد النخعي اليماني (رضوان الله تعالى عليه) فيما روي عنه (عليه السلام): { يا كُمَيل، ما مِن حركةٍ إلاّ وأنت محتاجٌ فيها إلى معرفة }. تحف العقول ص118.

والتثبت في الأمور تكون فيه السلامة للإنسان، كما روى أبان بن تغلب قال: سمعتُ أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول: { مع التثبت تكون السلامة، ومع العجلة تكون الندامة، ومن ابتدا بعملٍ في غير وقته كان بلوغه في غير حينه }. الخصال ج1، ص169.

– فالعجلةُ التي هي من التسرع والإندفاع، من غير تريث وتثبت وتأني، قد ورد ذمها في الروايات الشريفة عن النبي وأهل بيته ( عليهم السلام )، فقد رويّ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): { إنما أهلكَ الناس العجلة ولو أن الناس تثبتوا لم يهلك أحد }. المحاسن ج1، ص215.
– وهنا تنبيه:

إنَّ دعوة أهل البيت (عليهم السلام) إلى التثبت والتريث والأناة والتأمل هي أمور مستحسنةٌ حينما يكون الإنسان متردداً وشاكاً في ذلك العمل.

أما ما كانَّ الخيرُ فيه معلوماً فهو ليس مورد شك أوتردد فلا دعوةَ فيهِ للتأني والتريث، ويكون هذا غير مخالف للدعوات القرآنية والروائية التي تدعو الإنسان إلى الإسراع والمبادرة في عمل الخير، لأن الأمر الذي يكون خيرهُ معلومٌ وثابت فالمسارعة فيه مطلوبة ومحمودةٌ وحسنة كـ:

– أداء الحج للمستطيع، فعليهِ أن لا يسوف ويتأخر عن أداء هذا الفرض الواجب.

– وأداء الصلاة في أول وقتها وقضائها عند الفرصة.

– وأداء دَين الناس، فالإسراع فيه ما تقتضيه المصلحة العامة.

– وإطعام الضيف، فقد ورد الحث عليه لما فيه من مردود خيرٍ وثواب جزيل.

– وإتيان كل عمل خير يُوجِبُ التقربَ إلى الله تبارك وتعالى.

والأدلة على ذلك في القرآن الكريم والروايات الشريفة كثيرة، ومنه قول الله تبارك وتعالى: { فَاستَبِقُوا الخيرات } سورة البقرة، آية 148.، وكذلك قوله عز وجل: { وَسَارعوا إلى مغفرةٍ من ربِكُم } سورة آل عمران، آية 133.، فالإنسان يبادر ويسارع إلى كل فعلٍ وعملٍ من شأنه رضا الله سبحانه وتعالى، وأن يتجنب كل فعل من شأنه سخط الله سبحانه وغضبه.
والروايات في هذا المجال كثيرة، فمن روائع ما روي من حِكم سيد البلغاء والمتكلمين أميرالمؤمنين (عليه السلام): { والفرصة تمرُّ مرَّ السحاب فانتهزوا فرص الخير }. نهج البلاغة، ج4، ص 6، رقم 21.

وكذلك ما ورد في وصية رائعة من النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أبي ذر الغفاري قال له فيها: { يا أبا ذر ! اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك }. بحار الأنوار، ج 74، ص 75.
– وهنا نقول: إن التثبت والأناة هي في الأمور التي يشك الإنسان فيها أو يتردد، وأما ما هو معلوم الخير والبركة فالمسارعة والمبادرة فيه مطلوبة.
والحمدلله رب العالمين.
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

السبت الأول من ربيع الآخر ١٤٣٨ هـ.

النجف الأشرف

عقيدة الرجعة

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه رسوله المصطفى محمد بن عبدالله وعلى آله الهداة الطيبين الطاهرين ..

من الأمور الإعتقادية المهمة التي تعتقد بها الشيعة الإمامية عقيدة الرجعة، رجعة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) والحجج والشهداء والمؤمنين إلى الدنيا بعد الموت، وبعد قيام دولة الإمام المنتظر المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وقبل القيامة ليروا دولة الحق ويفرحوا لذلك وينتقموا من أعدائهم وجماعة من الكافرين والمنافقين.

وفي هذا يقول الشيخ المفيد: ( إن الله يحيي قوماً من أمةِ محمد (صلى الله عليه وآله) بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهب تختص به آل محمد (صلى الله عليه وآله) ). مصنفات الشيخ المفيد ج7، ص32، المسائل السروية.

وقد انفردت الشيعة الإمامية بالإعتقاد في الرجعة واعتمدتها كضرورة من ضروريات المذهب ونظرية مسلمة ويجب الإقرار بها والاعتقاد بها، وتجديد الإعتراف بها في الأدعية والزيارات.
والبحث هنا يقع في نقاط:

ونستمد من الله التوفيق ..
– تعريف الرجعة:

الرجعة في معناها اللغوي: بمعنى العود والرجوع مقابل الذهاب.

ويطلق عليها الكرة من الكر بمعنى الرجوع أيضاً. قاموس المحيط ج3، ص28، ( رجع ).

ففي كتاب الصحاح للجوهري 3: 1216 ( رجع ): وفلانٌ يؤمن بالرَّجْعَةِ، أي: الرجوع إلى الدنيا بعد الموت.
والرجعة في معناها الإصطلاحي الشرعي: هي رجوع أهل البيت (ع) إلى الدنيا ورجوع كثير من الأموات إلى عالم الدنيا.

يقول الشيخ الحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة في كتابه الإيقاظ من الهجعة في البرهان على الرجعة: إعلم أن الرجعة هنا هي الحياة بعد الموت قبل القيامة وهو الذي يتبادر من معناها. ص71.
– إن الرجعة من الحقائق القطعية التي دلت عليها البراهين الجلية وقامت عليها إجماعات الإمامية وتميزت بحقيقتها الإعتقادات الضرورية وقد أكد الحر العاملي على تجديد الإعتقاد بالرجعة والإعتراف بها في كل وقت كالإقرار في كثير من الأوقات بالتوحيد والنبوة والإمامة والمعاد.

فأجمعت عليها وتواترت بها الأخبار ودلت عليها عدة من الأيات البينات.

– ويقول الشيخ محمد رضا المظفر في كتابه عقائد الإمامية: ان الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية أخذا بما جاء به أهل البيت (عليهم السلام) إن الله تعالى يعيد قوماً من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها فيعُز فريقا ويذل فريقا آخر وذلك عند قيام مهدي آل محمد (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

ولا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان أو من بلغ الغاية من الفساد ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من الثواب والعقاب. ص160.
– الأدلة على الرجعة:

إن الذي يدل على صحة الرجعة وإمكانها ووقوعها أدلة كثيرة:

1. الدليل الذي استدلوا به على صحة المعاد بأنه ممكن.

2. إجماع جميع الشيعة الإمامية واطباق الطائفة الإثنى عشرية بالاعتقاد بصحة الرجعة فلا يظهر منهم مخالف يعتمد به من العلماء السابقين واللاحقين وقد علم دخول المعصوم في هذا الإجماع بورود الأحاديث المتواترة عن النبي والأئمة الدالة على اعتقادهم بصحة الرجعة.

3. الآيات القرآنية الكثيرة الدالة على ذلك إما نصا صريحا أو بمعونة الأحاديث المعتدة الواردة في تفسرها.

4. الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي والأئمة المروية في الكتب المعتمدة التي هي صريحة اكثرها لا مجال إلى تأويله وهي أكثر من 200 رواية.
– الرجعة في أقوال علماء الشيعة الإمامية:

من أجل أن نقف على الآيات القرآنية والروايات الشريفة الدالة على عقيدة الرجعة، لابُد أن نقف على أقوال كبار علماء الشيعة الإمامية فيما ذكروهُ حول ( الإعتقاد بـ الرجعة ) كي يكون الخوض في الأدلة القرآنية والأدلة الروائية واضحاً ومنهجاً منظماً لفهم الأدلة فهماً دقيقاً وواضحاً.
. الشيخ الصدوق رحمه الله في كتابه ( الإعتقادات _ باب الاعتقاد في الرجعة ص142 ): اعتقادنا في الرجعة أنها حق.

. الشيخ المفيد رحمه الله في كتابه ( أوائل المقالات ص 51 ): اتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معنى الرجعة إختلاف .

وقال أيضاً: قد جاء القرآن بصحة ذلك وتظاهرت به الأخبار، والإمامية بأجمعها عليه إلا شذاذا منهم.

. الشيخ الحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة في كتابه ( الإيقاظ من الهجعة في البرهان على الرجعة، باب الإستدلال على صحة الرجعة ): ومما يدل على ثبوت الإجماع اتفاقهم على رواية أحاديث الرجعة حتى أنه لا يكاد يخلو منها كتاب من كتب الشيعة، ولا تراهم يضعفون حديثا واحداً منها، ولا يتعرضون لتأويل شيء منها.

إلى أن قال: ومما يدل على ذلك كثرة المصنفين الذين رووا أحاديث الرجعة في مصنفات خاصة بها أوشاملة لها، وقد عرفت من أسماء الكتب التي نقلنا منها – في كتابه الإيقاظ من الهجعة – ما يزيد على 70 كتاباً، قد صنفها عظماء علماء الإمامية كثقة الإسلام الكليني، ورئيس المحدثين ابن بابويه، ورئيس الطائفة ابن جعفر الطوسي، والسيد المرتضى والنجاشي والكشي والعياشي، وعلي ابن ابراهيم، والشيخ المفيد، والكراجكي والنعماني والصفار.

ثم ذهب الشيخ المجلسي صاحب البحار إلى أن الرجعة من ضروريات المذهب .
– بعد ما ذكره علماء الإمامية نقف على الآيات والروايات الدالة على عقيدة الرجعة .
– الرجعة في القرآن:

1. قول الله عز وجل مخاطباً نبيه عيسى ابن مريم ( على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام ): ( وإذ تخرج الموتى بإذني ) سورة المائدة، آية 110.

هذه الآية تدل على وقوع الرجعة وحصولها فإن عيسى ابن مريم أحيى الموتى بإذن الله، فجميع الموتى الذين أحياهم عيسى (ع) بإذن الله رجعوا إلى الدنيا وبقوا فيها ثم ماتوا بآجالهم.
2. قول الله سبحانه وتعالى: ( واقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث اللهُ من يموت بلى وعداً عليه حقاً ) سورة النحل، آية 38.

ما رواه الشيخ الكليني ( كتاب الكافي 8: 50 / 14 ) والشيخ الصدوق ( اعتقادات الصدوق: 63 – ضمن مصنفات المفيد ج5) وعلي ابن ابراهيم ( تفسير القمي 1: 385 ): إنها نزلت في الرجعة.

وما ذكره ابن بابويه (رحمه الله) حول هذه الآية: ذلك في الرجعة، لمـاذا ؟ قال: لأنه عقبه بقوله تعالى: ( ليبين لهم الذي فيه يختلفون ) والتبيين إنما يكون في الدُنيـا لا في القيامة.
3. قول الله تبارك وتعالى: ( أليسَ ذلك بقادرٍ على أن يحيي الموتى ). سورة القيامة، آية 40.

هذه الآيـة دالة على إمكان الرجعة، فإنها من قسم إحياء الموتى.
4. قول الله عز وجل: ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) ) سورة يس.

وهي دالة على إمكان الرجعة دلالة واضحة ظاهرة.
5. قول الله سبحانه وتعالى: ( ولقد كتبنا في الزبور من بعدِ الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) سورة الأنبياء، آية 105.

روي في تفسير القمي عن علي بن ابراهيم: أن المراد بها أخبار الرجعة. ج2، ص171.
6. قول الله عز وجل: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) سورة البقرة، آية 243.

كان هؤلاء سبعين ألف بيت، وكان يقع فيهم الطاعون كل سنة، فيخرج الأغنياء لقوّتهم، ويبقى الفقراء لضعفهم، فيقلّ الطاعون في الذين يخرجون، ويكثر في الذين يقيمون، فيقول الذين يقيمون: لو خرجنا لما أصابنا الطاعون، ويقول الذين خرجوا: لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم.

فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم إذا كان وقت الطاعون، فخرجوا بأجمعهم فنزلوا على شط بحر، فلما وضعوا رحالهم ناداهم الله: موتوا، فماتوا جميعاً، فكنسهم المارة عن الطريق، فبقوا بذلك ما شاء الله.

فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له ارميا – وقيل: حزقيل – ، فقال: ( يا رب لو شئت لأحييتهم فعمروا بلادك، و ولدوا عبادك، وعبدوك مع من يعبدك ).

فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: ( أفتحب أن أُحييهم لك ؟ ).

قال: ( نعم يا رب ).

فأحياهم الله وبعثهم معه.

المصدر: الكافي: 8 / 198 – 199 ح 237 ، تفسير نور الثقلين: 1 / 241 ح 961 ، البرهان في تفسير القرآن: 1 / 233 ح 1 ، الدر المنثور للسيوطي: 1 / 310.
والآيات القرآنية المباركة كثيرة في اثبات الرجعة.
– الرجعة في روايات أهل البيت (ع):
. ما رواه الشيخ الطوسي في ( المصباح ): في اعمال يوم الجمعة, عن الصادق (ع) أنه قال: ( من أراد أن يزور قبر رسول الله (ص) وأميرالمؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور الحجج وهو في بلده فليغتسل يوم الجمعة – إلى أن قال: وليقل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته, السلام عليك أيها النبي المرسل, والوصي المرتضى والسيدة الكبرى والسيدة الزهراء والسبطان المنتجبان والأولاد والأعلام والأمناء المستخزنون. إلى أن يقول: فمعكم معكم لا مع عدوكم إني من القائلين بفضلكم, مقرٌ برجعتكم, لا أُنكر لله قدرة ولا أزعم إلا ماشاء الله ). مصباح المتهجد ص253.
. ما رواه ابن بابويه في كتاب ( الفقيه ) و (عيون الأخبار) ورئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في ( التهذيب ) بأسانيدهما الصحيحة: عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن موسى بن عبدالله النخعي, عن الإمام علي بن محمد الهادي في الزارة الجامعة يقول فيها: ( أُشهد الله واُشهدكم إني مؤمن بكم وبما آمنتم به, كافر بعدوكم وبما كفرتم به, إلى أن قال: معترفٌ بكم, مؤمن بإيابكم, مصدقٌ برجعتكم, منتظرٌ لأمركم, مرتقبُ لدولتكم ).

ثم قال: ( ونصرتي لكم معدة, حتى يُحيي الله دينهُ بكم, ويردكم في أيامه, ويظهركم لعدله, ويمكنكم في أرضه ).

ثم قال: (فثبتني الله أبداً ما بقيت على موالاتكم، وجعلني ممن يقتص آثاركم، ويسلك سبيلكم، ويهتدي بهديكم، ويحشر في زمرتكم، ويكر في رجعتكم، ويملك في دولتكم، ويشرّف في عافيتكم، ويمكَّن في أيامكم، وتقرّ عينه غداً برؤيتكم).

من لا يحضره الفقيه ج2، ص370، عيون أخبار الرضا ج2، ص275 – 276.
. ما رواه ابن بابويه في ( عيون الأخبار ): عن الحسن بن الجهم – في حديث طويل – أن المأمون قال لأبي الحسن الرضا (ع): ما تقول في الرجعة ؟ فقال الرضا(ع): ( إنها لحق, وقد كانت في الأُمم السالفة وقد نطق بها القرآن, وقد قال رسول الله (ص): يكون في هذه الأُمة كل ما كان في الأُمم السالفة حذو النعل بالنعل والذة بالقذة. وقد قال (صلى الله عليه وآله): إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم (عليه السلام) فصلى خلفه.

عيون أخبار الرضا ج2، ص201 – 202.
. ما رواه الشيخ الطوسي في (المصباح) في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة: { وأَشهدُ أنّك الإمام البرّ التقي وأنّ الأئمة من ولدك كلمة التقوى وأعلام الهدى أُشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن }. مصباح المتهجد ص664.

وقد علق الشيخ الحر في (الإيقاظ من الهجعة) على هذه الرواية: ( أقول: هذا أوضح دلالة في رجعتهم (عليهم السلام) فإنّ الإياب: الرجوع، وليس المراد القيامة قطعاً، لعدم افادته، وعدم اختصاص الإقرار بالزائر أصلاً. ) ص318.
– وإلى هنا تعرف أيها القارئ الكريم ما أثبته علماؤنا وفقهاؤنا الأعلام في عقيدة الرجعة، وأنها حقٌ، وأنها ثابتةٌ في القرآن الكريم وقد جرت في الأمم السابقة، وتجري في أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، وكذلك هي مثبتةٌ في الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام)، واعتبرها علماؤنا من ضروريات المذهب.
– وما ذِكرُها المتكرر في كثير من الأدعية والزيارات التي وردت عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) إلا دليل على أهميتها وعظمتها، وأن نُقِر بهذه العقيدة في كل يوم وفي الأعمال المستحبة من الزيارات والأدعية، التي تَكرر فيها ذكر الرجعة.

وقد أكد الشيخ الحر العاملي على الإقرار بها، وهذا معناه ليس علينا فقط الإعتقاد القلبي بها، وإنما كذلك الإقرار باللسان بهذه العقيدة وتكرار الإقرار.
– وقد كُتبت بحوثٌ تفصيلية كثيرة حولهـا، وأُلِفَتْ كُتُبٌ خاصة بعقيدة الرجعة، وقد عُرضت فيها الأدلة عرضاً مبوباً ومفصلاً، وما ذكرناهُ هنا هو مختصرٌ ومجمل جداً، من أجل إلفات القارئ على بعض النقاط المهمة حول هذه العقيدة، وإلا فالبحث كبيرٌ وعميق.
وآخر دعوانـا أن الحمدلله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآلـه الطيبين الطاهرين.
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

فجر الجمعة 7 ربيع الآخر 1438 هـ.

النجف الأشرف

ميزان الابتلاء

رواية ودرس 22

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
روي عن الإمام جعفر الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام): ( إنما المؤمن بمنزلة كفة الميزان كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه ). الكافي ج2، ص254.
من السنن الإلهية في الأرض هي سُنة البلاء والإبتلاء، وهذا شأن الحياة الدنيا التي خلق فيها الإنسان، فلا بُد أن يتعرض الإنسان في دار الدنيا إلى البلاء والإبتلاء، ولقد تعرضت المجتمعات البشرية عبر مراحل التاريخ إلى هذه السنة الإلهية، والشواهد على ذلك عديدة.
– البلاء في اللغة: هو الإختبار والإمتحان، وتأتي الفتنة بمعنى الإبتلاء كما ذكره صاحب مجمع البحرين: قوله تعالى: ( واتقوا فتنةً ) سورة الأنفال، آية 25، أي: ( بليةً وقيل ذنباً وقيل عذاباً ). ج6، ص291. وقد ذكرها الله عز وجل في كتابه الكريم، قال تعالى: ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) ). سورة العنكبوت.
– إن البلاء والابتلاء يرافق المؤمنين في كل مراحل الحياة وبحسب درجاتهم، وأشد الناس ابتلاءا هم الأنبياء كما ورد في الروايات الكثيرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن أهل بيته (صلوات الله عليهم)، كما روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): ( إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم الأمثل فالأمثل ). الكافي ج2، ص252. قوله (ع): الأمثل فالأمثل، أي: من كان أمثلهم في الفضل والقرب عند الله عز وجل.
– والبلاء والابتلاء في أمور عديدة وأنواعه كثيرة، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في قوله تبارك وتعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157].

وهذا إخبار من الله سبحانه وتعالى بأنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن، ويختبرهم لكي يتبين الصادق من الكاذب، والجازع من الصابر، ويعتلي المؤمن في درجات الإيمان بصبره وتحمله ليحصل على البشارة التي وعد الله بها في كتابه وهو أصدق القائلين: (وبشر الصابرين).

فالعطية الإلهية العظمى منه عز وجل (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).

وهذه سنة الله في عباده، لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة وابتلاء، لحصل الاختلاط الذي هو فساد، وحكمة الله سبحانه تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر. وهذه فائدة الابتلاء، فهو ليس إزالة لما مع المؤمنين من الإيمان، ولا ردهم عن دينهم، فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين.
فالبلاء للمؤمن تمحيص للذنوب التي يقترفها ويعملها في دار الدنيا، فيُعد الابتلاء للمؤمن تطهيرٌ له، ومحوٌ لذنوبه، وهذا ما بينهُ إمامُ المتقين وأميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) فيما روي عنه: { ما من الشيعة عبدٌ يقارف أمراً نهيناهُ عنه فيموت حتى يبتلى ببليةٍ تمحص بها ذنوبه إما في مالٍ وإما في ولدٍ وإما في نفسه حتى يلقى الله عز وجل وماله ذنب وأنه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدد به عليه عند موته }. الخصال ج2، ص635.
وقد أكدت الروايات على هدف البلاء والابتلاء أنهُ ليس شراً بل هو خيرٌ للإنسان، وأسلوبٌ ناجح لثنيه عن طريق الفساد والإفساد، ومنه ما روي عن أميرالمؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): ” إنّ البلاء للظالم أدب، وللمؤمن امتحان، وللأنبياء درجة وللأولياء كرامة “. بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج64، ص235.
فالبلاء الذي ينزل حتّى على الظالم ليس شرّاً محضاً بل فيه تأديب له، ومحاولة لإعادته إلى طريق الصواب، وهذا ليس شرّاً. وقد ورد عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): { ما من بليّة إلا ولله فيها نعمة تحيط بها }. تحف العقول ص489.
والحمدلله رب العالمين .
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الجمعة ٣٠ ربيع الأول ١٤٣٨هـ.

النجف الأشرف

سيدُ الأخلاق

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

{ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }
صدق الله العلي العظيم

من الصعب جداً إدراك حقيقة مقامات النبي المصطفى محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعظمته، ومكانته، ومن يريد أن يتحدث عن أعظم شخصيةٍ وأن يدرك حقيقة الإنسان الأول في عالم الوجود على الإطلاق كمن يحاول أن يكيل البحر بقدح، كمن يحاول إدخال الشمس في كوّة البيت .

فالحديثُ عن مقامات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثٌ كبير وخطير وعظيم جداً.

كيف لا يكون كذلك وهو الشخصية العظمى التي وصفها الجليل جلَّ وعلا في كتابه المجيد قائلاً:

( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) سورة الأنبياء، آية 107.
ومن خصوصيات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومقاماته العظيمة، أنه ( صاحب الخُلُق العظيم )  أختُص به (صلى الله عليه وآله) وخصهُ اللهُ تبارك وتعالى بها في كتابه الكريم قائِلاً: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } سورة القلم، آية 4.
لقد أكد القرآن الكريم واهتمّ بمكارم الأخلاق وذم مساوئها في سوره وآياته المؤكدة حيث بلغت مجموع الآيات التي تحدثت عن الأخلاق بالتصريح أو بالإشارة، أمراً أو نهياً، ما يقرب ربع العدد الإجمالي لآيات القرآن الكريم.

ولعل السر في عناية القرآن المجيد بهذا العنصر المهم هو ما ذكره الله سبحانه في قوله:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ سورة آل عمران، آية 159.

وهكذا كانت حياة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) متصفةً بأهم أصول وقواعد هذا الدين القيم المبارك، وهكذا كانت حياته مع الناس.

ومن هنا يتضح أهمية ما أثنى به الجليل سبحانه وتعالى على سيد الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } سورة القلم، آية 4.

والخلق العظيم هو: (( الخُلُق الأكرم في نوع الأخلاق، وهو البالغ أشدّ الكمال المحمود في طبع الإنسان .. فهو أرفع من مطلق الخُلُق الحسن )). التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور التونسي، تأليف الإمام الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور التونسي، ج29، ص60.

وقال الرازي في التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب في الجزء 29، ص71: ( لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) وكلمة (على) للإستعلاء، فدلّ اللفظ على أنه مستعلٍ على هذه الأخلاق ومستولٍ عليها، وإنه بالنسبة لهذه الأخلاق الجميلة كالمولى بالنسبة إلى العبد، وكالأمير بالنسبة إلى المأمور.
ولقد تكرر مثل هذا الإسلوب الإستعلائي في كلام الله سبحانه وتعالى في مقامات مختلفة، حيث قال في حق نبيه المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم): { إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } سورة الحج، آية 67. وقال: { فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ } سورة النمل، آية 79.

لذا قيل في وصف خلقه (صلى الله عليه وآله): (( ويعجز كل قلم ويعجز كل تصوّر عن وصف قيمة هذه الكلمة العظيمة من رب الوجود، وهي شهادة من الله، في ميزان الله، لعبد الله، يقول له فيها:

{ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } ومدلول الخُلُق العظيم، هو ما هو عند الله مما لا يبلغ إلى إدراك مداه أحد من العالمين !. ))
لقد وصف القرآن الكريم النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخلق العظيم ولم يصف باقي الأنبياء (عليهم السلام) بهذا الوصف، وهذا يعني أن عظمة الأخلاق لم يقر القرآن المجيد بها لأحد من المخلوقات بما فيها الأنبياء والرسل إلا النبي الأكرم محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله)، حيث قال: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }.

نعم لقد وصف القرآن الكريم باقي الأنبياء بصفات عديدة مثل:

– النبي نوح (عليه السلام) وصف بالعبد الشكور، في قوله تعالى: { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا } سورة الإسراء، آية 3.
– النبي إبراهيم (عليه السلام) وصف بالحلم، في قوله تعالى: { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } سورة التوبة، آية 114.
– النبي يحيى (عليه السلام) وصفه الله تعالى بالسيد الحصور، في قوله تعالى: { أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ }. سورة آل عمران، آية 39.

وغير ذلك من الصفات المذكورة للأنبياء (عليهم السلام) في القرآن الكريم، أما وصف جميع الصفات والكمالات الخلقية والنفسية والروحية والتي اجتمعت في شخص واحد لم يصف القرآن فيها أحداً إلا إثنين – كما ذكره المحقق آية الله اشيخ محمد السند (دام ظله الشريف) في كتابه مقامات النبي والنبوة – وهما النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وخليفته الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) كما في قوله تعالى: { وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } سورة آل عمران، آية 61.

ولما جعل الله تبارك وتعالى نبيه المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الصفة { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }، أرسله ليتمم مكارم الأخلاق كما قال (صلى الله عليه وآله): ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ). بحار الأنوار للمجلسي، ج16، ص210.

وإن كان الأنبياء السابقون قد أسسوا ورسموا مكارم الأخلاق لنا فقد تممها النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله).

فإذا نظرت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من خلال مرآة شفافة صافية وهي نفس القرآن الكريم أو من خلال مدرسة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فسوف ترى الصورة الجميلة عن سيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله) وأنها أكمل صورة إنسانية إبتدعها الله سبحانه وتعالى في خلقه.
ومن روائع ما وصفَ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) به النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، قوله: ( كان أجود الناسِ كفاً، وأجرأ الناسِ صدراً، وأصدقُ الناس لهجةً، وأوفاهم ذمّةً، وألينهم عريكةً، وأكرمهم عشرةً، من رآه بديهة هابه، ومن خالطهُ معرفةً أحبّه، لم أرَ قبلهُ ولا بعدهُ مثله ). مكارم الأخلاق ص 17.
ومن نماذج تعامله وأخلاقه (صلى الله عليه وآله) ما ذكرته الكتب والروايات:

– كان (صلى الله عليه وآله) يجلس على الأرض. الآمالي للشيخ الطوسي ص393.

– ويأكل مع العبيد، ويسلم على الصبيان. الأمالي للصدوق المجلس السابع عشر، ح2، ص130.

– وكان يأكل أكلة العبد، ويجلس جلسة العبد. المحاسن ص456، باب 51، ح 386.

– مرت به امرأة بدوية وكان يأكل وهو جالس على الأرض، فقالت: يا محمد، والله إنك لتأكل أكل العبد، وتجلس جلوسه.، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ويحك أيُّ عبدٍ أعبد مني ؟. الكافي ج2، ص157.

– وكان يرقع ثوبه.

– ويحلب عنز أهله.

– ويجيب دعوة الحر والعبد.

– ويعود المرضى في أقصى المدينة.

– ويجالس الفقراء، ويأكل مع المساكين.

– وكان إذا صافحه أحدٌ لم يجر يده من يده حتى يتركها الآخر.

– ويجلس حيث ينتهي به المجلس.

– ولا يثبت بصره في وجه أحد.

– يغضبُ لربه ولا يغضبُ لنفسه. مناقب آل أبي طالب ص 146 – 147.
وإن مثل هذا الرسول العظيم يستطيع أن يقول: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ).

وأنـى يتيسر شرح فضائله الأخلاقية، والله عز وجل يقول له: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }.
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، كما صليتَ وباركتَ على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

النجف الأشرف

الثلاثاء ١٣ ربيع الأول ١٤٣٨هـ.

الموافق ١٣ / ١٢ / ٢٠١٦م.

موانع التدبر

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

إن أمراض القلب تمنع صاحبها من التدبر و التأثر ، واللبيب العاقل من يسعى جاهداً للتخلص من الحجٌب التي تمنعه من بركات القرآن الكريم و كلما صفا القلب من شوائب الأمراض كان استعداده لاستقبال خيرات القرآن اكثر .

فمن هيأ قلبه للموعظة كان جديراً بالحصول على مفاتيح كنوز القرآن وجواهره ،فالآية المباركة تحضُّ على التدبر وتحدِّد المانع الأكبر من حصوله بسبب وجود الأقفال  { أٓم عٓلٓى قُلُوبٍ أٓقْفٓالُهٓا }

( إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)  (36) سورة الأنعام . الآية ٣٦

الوصول الى حقائق القرآن الكريم و علومه و معارفه يحتاج الى التأمل والتفكير ولهذا وردت آيات كثيرة تحض على التدبر ،منها :

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } [القمر:17] تكررت أربع مرات

( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) سورة محمد (24)

التأمل و التفكير من وظائف العقل  إلا أن الآية تشير الى ضرورة تهيئة القلب للتدبر وعدم وجود الأقفال و الحجب التي تحرم الإنسان من التأثر بمواعظ القرآن الكريم وتوجيهاته التي وصفت في سورة البقرة :{ ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }  سورة البقرة : الاية٢

وللقلب معاني متعددة عند العلماء و المفسرين..

فالقران غني بالغذاء الروحي و الخير و البركة ، لكن المتقين هم الذين يستفيدون من خيراته وبركاته حق الاستفادة لأنهم يتذكرون آياته.

|  الميرزا حسين النعيمي |
السبت ٨ أكتوبر  ٢٠١٦
٦محرم الحرام ، ١٤٣٨ هـ

فضلُ صلاةِ الجماعة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين الرسول المسدد والنبي المؤيد أبي القاسم محمد بن عبدالله وعلى آله الهداة الطيبين الطاهرين..

📜 روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): { ومن حافظ على الجماعة حيثما كان مرّ على الصراط كالبرق الخاطف اللامع في أول زمرةٍ مع السابقين ووجههُ أضوأ من القمر ليلة البدر، وكان له بكل يوم وليلة حافظ عليها ثوابَ شهيد }.المصدر: وسائل الشيعة للحر العاملي، الجزء الثامن، الصفحة: ٣٠٧.

📌 إن { صلاة الجماعة } من أعظمِ شعائِر الدين الحنيف، ومن المستحبات الأكيدة التي أكد عليها القرآن الكريـم، وأكد عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيتِ العصمةِ والطهارة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
📌 لقد بُنيت الثقافة الإسلامية على أساس طرد الأنانية، وإخراج الإنسان من عزلته وانفراده، فكلُ واحد من تعاليم الشارع المُقدس والإلتزامات الشرعية تدفع بالفرد والمجتمع إلى الإنضمام إلى عموم البشرية.

إن للدين أبعاداً عديدة، وقيماً وتعاليماً، ومناهجاً تنظم حياة الناس وشؤونهم الإجتماعية، مع ما فيه من عبادات ومناسك يؤديها الإنسان بينهُ وبين الله تبارك وتعالى، فهناك بعض المناسك والعبادات تقوم على حالة جماعية يمارسها الناس مع بعضهم البعض، وأبرز ذلك ( مناسك الحج ) الذي يجتمعُ فيه الناس من كل أقطار المعمورة في وقتٍ واحد وموسمٍ محدد.
📌 ومن تلك التعاليم والمظاهر التي أكد عليها الإسلام الحنيف هو { صلاةُ الجماعة }، فقد شرعها الله عز وجل ورغبَّ في حضورها في قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) سورة البقرة: آية ٤٣.، فهنا دعوةٌ إلهيةٌ مباركة لصلاة الجماعة، حيثُ عبرت الآية الشريفة بأهم أركان الصلاة وهو الركوع ( واركعوا مع الراكعين ).

📝 وقد أكد سيدُ الأنبياء (صلى الله عليه وآله) في حديثه على صلاة الجماعة والحث عليها، في قوله (ص): (( صلاةُ الرجل في جماعةٍ خيرٌ من صلاته في بيته أربعين سنة )) فقيل يا رسول الله: صلاةُ يوم ؟ فقال (ص): (( إذا كان العبد خلف الإمام كتب الله له مائة ألف ألف وعشرين درجة )). مستدرك الوسائل ج١، ص٤٤٦.

📝 وفي حديثٍ آخرٍ رويَّ عنه (ص) قولهُ: (( من لزم الجماعة مرّ على الصراط كالبرق وظفر بالجنة )). ثواب الأعمال ص٣٢٣.

📝 وأكد رسول الله (ص) على نيةِ العبد القاصد للمسجد من أجل صلاة الجماعة والثواب الذي يعطيه اللهُ تبارك وتعالى إليه، ما روي عنه (ص): (( مَن مشى إلى مسجدٍ يطلبُ فيهِ الجماعة، كان لهُ بكل خطوةٍ سبعُونَ ألفَ حسنة .. فإن ماتَ وهو على ذلك وكّل الله به سبعون ألف مَلَكٍ يعودونهُ في قبرِه ويُبشرونه ويؤنسونهُ في وحدته، ويستغفرون لهُ حتى يُبعَث )). وسائل الشيعة/ صلاة الجماعة: باب ١، ح ٧.

📝 وفي رواية يحثُ فيها على الجماعة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (( أما الجماعة فإن صفوفَ أُمتي كصفوفِ الملائِكة، والركعة في الجماعةِ أربعٌ وعشرون ركعة، كل ركعةٍ أحبُ إلى الله – عز وجل – من عبادة أربعين سنة )). وسائل الشيعة/ صلاة الجماعة: باب ١، ح ١٠.

📚 وإن لِصلاةِ الجماعة فوائِدٌ وآثارٌ وعوائد مباركة، نذكُرُ بعضها:
١) تعرف المسلمين والمؤمنين على بعضِهم البعض: من أَنْجَحِ الطُرُق في التعارف والتواصل بين المؤمنين برنامجُ ( صلاةِ الجماعة )، من بين كل تلك البرامج والخطط والأساليب للتعارف أقواها عاطفة وأَنْفَسها قِيمة، التعارف في بيت الله عز وجل.

فعن إمامنا وسيدنا ومولانا الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): (( مَن صلى خمس صلواتٍ في اليوم والليلة في جماعةٍ فظنوا بهِ خيراً وأجيزوا شهادته )). بحار الأنوار، ج٨٨، ص٨.

فإن هذا البرنامج العبادي الذي يجتمع فيه المؤمنون يجعلهم قادرين على التعاون فيما بينهم، وأن يواجهوا أيَّ موقفٍ يعرضهم للإبتلاء، ويؤيد أبناء المسجد الواحد، فإذا احتاج أحدهم لمعونةٍ أو حاجةٍ أو أمر، يتكاتفون ويتعاونون مع بعضهم البعض، أو إذا احتاج أحدهم لشهادةٍ في محكمة، وعبر الإمام عنه ( أجيزوا شهادته ).

بل أكثر من ذلك، أن تواجد الإنسان في صفوف صلاةِ الجماعة يجعلُ من تواجده أنَّ المجتمع يعرفه، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (( إذا سُئِلتَ عَمَنْ لا يشهدُ الجماعة، فَقُل: لا أعرفه )). مستدرك الوسائل للنوري، ج٦، ص ٤٥١.

٢) التفقهُ في الدين: التواجد في المسجد وصلاة الجماعة، طريقٌ للمؤمن في أن يتفقهَ أحكامَ دينه، فمن لا يستطيع بأي حالٍ من الأحوال الحصول على تعاليم الدين الفقهية، فالحضور في الجماعة طريقٌ للتعلُم، من سبيل سؤال إمامِ الجماعة للمسائل التي يحتاجُها.

وكذلك ما نُشاهِده اليوم من حديث أئِمة الجماعة بعد الصلاة، الذين يتحدثون ويُرشدون المجتمع الإسلامي لتعاليم الدين سبيلٌ وطريقٌ مُباركٌ للتعلم الديني المبارك، فمساجدُنا مدارسٌ مباركة، فقد كان المسجدُ منذُ صدر الإسلام الأول مدرسةً تبثُ التعاليم السمحة المباركة.
٣) عرض الإسلام على المجتمع: الصلاة نموذجٌ من النماذج العالية والوسائل المباركة في اجتذاب الأشخاص والتأثير عليهم، لنقلهم من الظلمات إلى النور، وهي عقيدة مجسدة للدين ومثال حي معبرّ عن الإسلام، كما رويَّ عن سيدنا ومولانا الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام): (( أنها تتمُّ الحُجة على كثيرٍ من الناس، فلا يعتذرون بجهلهم عن الإسلام والعقيدة )). وسائل الشيعة: ج٥، ص٣٧١.

٤) بث الخوف والرعب في الأعداء: صلاة الجماعة مظهرٌ مِن مظاهر قوة المسلمين، والتي تُدخِل الرُعب في صفوف الأعداء، فهيَّ طريقةٌ سلمية وسليمة وهادئة لإستعراض قوة المسلمين.

إعلانٌ عن الوجود والصمود في وجه الكفار، فعندما أمرَ الله سبحانهُ وتعالى نبيهُ المصطفى (ص) أن يُعلن عن الدين الحنيف، كانت إقامة صلاة الجماعة التي شاركَ فيها رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع)، وجعفر بن أبي طالب (ع)، أولى خطواته في هذا المنهج والطريق.
وأعظم شاهد على أنها تُدخل الرعب في قلوب الأعداء، صلاةُ الإمام الحسين (عليه السلام) بأصحابه يوم العاشر من المحرم بعدما أوقف الحرب من أجل الصلاة، لأن النهضة الحسينية المباركة كانت تكليفاً إلهياً ووظيفة شرعية، وعبادة عالية، فالبُعد العبادي كان جلياً في عاشوراء.

📜 يقولُ الرواة: (( لما حلَّ وقتُ صلاة الظهر يوم العاشر من المحرم، أمرَ الحسينُ (ع) زهير بن القين وسعيد بن عبدالله الحنفي، أن يتقدما أمامهُ بنصف ممن تخلّف معه، ثم صلى بهم صلاة الخوف، فوصل إلى الحُسين سهمٌ، فتقدم سعيد بن عبدالله الحنفي ووقف يقيه بنفسه .. حتى سقط إلى الأرض وهو يقول: اللهم إلعنهم لعن عادٍ وثمود، اللهم أبلغ نبيك عني السلام وأبلغهُ ما لقيتُ من ألم الجراح، فإني أردت ثوابك في نصر ذرية نبيك، ثم قضى نحبه رضوان الله عليه، فوُجدَ به ثلاثة عشر سهماً سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح )). اللهوف ص ٦٦.

📌 الصلاة جماعة في تلك الظروف غير الطبيعية لها نكهةٌ خاصة، تُزود الإنسان المقهور بشحناتٍ من النور، وتشد من عزيمته وتخفف من وطأة الخطوب عنه، وتزيد الرعب في قلوب الأعداء الذين ينظرون إليه، فلولا رعبُ بني أمية من صلاة سيد الشهداء (عليه السلام) لما هجموا عليه وهو يصلي.

فهنا دروس كبيرة وحكم عظيمة:

أ) الإصرار على أداء شعائر الله عز وجل والتي هي من تقوى القلوب، وقاصداً بها رضى الله سبحانه وتعالى.
ب) المحافظة على أداء الصلاة في وقتها، وأدائها جماعة.
ج) رسالةٌ للأجيال المؤمنة للمحافظة على هذا الواجب العظيم وهو ( الصلاة ).
د) إقامة الصلاة هي أحدُ أهداف نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد ورد في زيارة وارث ( وأشهدُ أنك قد أقمتَ الصلاة )، فبجهادِهِ (ع) وتأكيده على الصلاة قد بث روح اقامة الصلاة في قلوب المؤمنين .
هـ) إقامة الصلاة إنتصارٌ للإسلامِ الحنيف ضد الكُفر، والصلاة يتقدمها الأذان، والأذان يتضمن عبارة ( لا إلـه إلا الله ) وهي تعني نسف عقيدة أبي سفيان جد يزيد، لأن معبودهم هو الوثن، وبالتالي انتصار العقيدة المحمدية العلوية، عقيدة التوحيد، على عقيدة الشرك، كما أن عبارة ( أشهدُ أن محمداً رسول الله {ص} ) تعني انتصار رأس الإسلام وهو منقذ البشرية من العمى والضلال النبي الأكرم محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم) جدُ الإمام الحسين (ع)، على رأس الشرك والإلحاد أبي سفيان جد يزيد ( لعنهما الله ).

📌 وهنا أختتم مقالي هذا، بأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) في فضل صلاة الجماعة، راجياً من الله القبول:

١) عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( الصلاة في جماعة تفضل على كل صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة ، تكون خمسة وعشرين صلاة) . التهذيب 3 : 25 | 85 .
٢) عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ـ في وصية النبي لعلي ( عليهم السلام ) ـ قال : ( ثلاث درجات : ـ منها ـ المشى بالليل والنهار إلى الجماعات ). وسائل الشيعة ج8 ص 287.

٣) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال :

( من صلى الفجر في جماعة، ثم جلس يذكر الله عزوجل حتى تطلع الشمس، كان له في الفردوس سبعون درجة، بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة ، ومن صلى الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة، بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة، ومن صلى العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد إسماعيل كلهم رب بيت يعتقهم، ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة مقبولة، ومن صلى العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر . أمالي الصدوق : ج١، ص٦٣.
والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمدٍ وأهل بيته الطيبين الطاهرين ..

خادم الآل

الميرزا زهير الخال

البحرين – جزيرة سترة

الثلاثاء ٢٦ / جمادى الآخرة / ١٤٣٧هـ.

الموافق ٥ / ٤ / ٢٠١٦م.

العلم

قال تعالى ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

العلوم تنقسم إلى قسمين: أحدهما العلوم الدنيوية التي هدفها الوصول إلى المآرب الدنيوية. و الآخر العلوم الأخروية التي يقصد منها البلوغ إلى مقامات و مراتب أخروية.  قال رسول اللهصلى الله عليه و آله  وسلم – : ” اغد عالماً ، أو متعلماً ، أو مستمعاً ، أو محباً ، ولا تكن الخامس فتهلك ” . فطلب العلم يكون من المهد إلى اللحد. و طلب العلم لا يقف عند عمر معين.

فالإنسان منذ ولادته يبدأ في التعلم. يتعلم عن طريق حواسه. فالله أنعم على الانسان بخمس حواس  يستخدمها ليتعلم كيف يواجه هذه الحياة، و كيف يبني لنفسه مسارا في هذه الحياة. فهذا المولود الذي وهبه الله عقلا يستطيع به أن يترجم ما يدركه ببصره و سمعه و ذوقه و لمسه و شمه لتجارب يستفيد منها.  أحيانا يخطأ و يصيب حتى يصل للصواب ،فهو يتعلم حتى من خطأه. و أحيانا يلاحظ أو يقلد الآخرين ليصل للفهم و الادراك.  . كما شاهدنا في قصة الغراب الذي أرسله الله و شاهده قابيل و تعلم منه كيف يدفن أخيه بعد أن قتله .  و ما وجود التطور التكنولوجي و المعلوماتي إلا نتيجة حاجة البشرية  للعلم . و قد سهل هذا التطور الحصول على العلم و حفظه و تدوينه ليستفيد الاخرين منه.

للعلم مقام عظيم في شريعتنا الغراء ، فأهل العلم هم ورثة الأنبياء. فالاسلام سباق في الحث على العلم. فأول أية نزلت في القرآن هي اقرأ. ليتأمل الانسان في خلق الله و ليستدل على وجود الله سبحانه و تعالى بعقله. و بذلك أدرك الانسان أن كل علم يتعلمه و ينفعه سيصل به ليدرك عظمة خالقه، و أن عليه أن لا يتجبر فهناك من هو أعظم . و أن يا ابن ادم مهما تعلم ستغيب عنه حقائق كثيرة سيظل يبحث ليصل لها.

أرسل الله الأنبياء ليرشدوا بني البشر. ليهدوهم لطريق الحق  . حياة الانسان لا تقتصر على علم دنيوي أو تحصيل علم ليعيش في حياته، فالانسان ينشد البحث عن الكمال و سمو نفسه و هذا لا يمكن تحقيقه إلا بتعلم ما ينفعه لآخرته ، و تعلم قوانين تسمو بأخلاقه و تعلم ما يهذب به نفسه ، و لا يتجبر و يفسد في الأرض .  فالعلم بدون قوانين أخلاقية سيكون كالديناميت ، يمكن أن يستخدم في التعمير أو يمكن أن يستخدم في التدمير و الحروب.   و هناك علوم غيبية لا تخضع للتجربة أو الملاحظة نتعلمها من الأنبياء الذين أوحى الله لهم بها .

و قد ورث العلماء دور الأنبياء في ارشاد الآخرين . و بناء على اجتهاد هؤلاء العلماء تمايزت مكانتهم العلمية.

وكان الاسلام سباقا في حفظ العلم للرجوع للتعلم منه  فقد  حوى كتاب الله الكريم قصص أمم سابقة لنتعلم منها . و فيه من البراهين و الأدلة  لللوصول للحجية و لا مكان للظن و الجهل. أو التقليد بدون منطق . استخدم عقلك أيها الانسان لتدرك الحقيقة .

نحن في زمن وصل التقدم فيه للحصول على العلم في كل وقت و باسهل الطرق. و يمكن الحصول على أي علم من أي مكان بضغطة زر.فلا فائدة لعلم طي الكتمان أو محفوظا في الأوراق . قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خيركم من تعلم القرآن و علمه.

علي العالي