احفظ لسانـك

رواية ودرس 24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
من وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأميرالمؤمنين (عليه السلام): ( يا علي من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار ). سفينة البحار ج7 ص589.
لقد أنعمَ الله سبحانهُ وتعالى على الإنسانِ نِعَماً كثيرة لا تُعَدّ ولا تُحصى، كما قال الله في كتابه المجيد: ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ) سورة النحل، آية 18.

ومِن تِلكَ النِعَم والعطايا الإلهية التي أنعمَ اللهُ بها على عباده هي نعمة: “اللسـان”، كما قال الله تعالى: { أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ } سورة البلد آية 8-9. ، تلك الآلة المسؤولة عن النطق والإفصاح لدى الإنسان التي يعبر بها عما في نفسه لإفهام من يتحدث معه، ويُبَين بها ما يريدُ ويحتاج.

عطيةٌ إلهيةٌ للعِبَاد كي تُسْتَخدم في طريقِ الصلاح والصواب، وقد أوجدها الله لمصلحةِ هذا الإنسان.

وهذا اللـسان هو الوسيلة الأمثل للتعبير عما في داخله وفي مكنون نفسِه، فقد رويَّ عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( تكلَّموا تُعرفوا فإن المرء مخبُوءٌ تحت لِسانِهِ ). عيون الحكم والمواعظ ص١٦٥.
ولقد اِهْتَمَ الإسلامُ الحنيف بعفةِ اللسان وطهره وإبعادِه عن القولِ القبيحِ وسيئ الألفاظ. فقال سبحانه: { وقولوا للناسِ حسنا } سورة البقرة، آية 83.، وأحاط اللسان بملكين كريمين يكتبان كل ما ينطق به الإنسان، رقابةٌ إلهية: { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق، آية 18.، فعلى المؤمِن الذي يخشى الله ألاَّ ينطق إلا بما يسرُّه أن يَلقَاه يوم القيامة، وأن يُعَوِّد لسانه قول الخير، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ﴾ سورة الأحزاب، آية70.
فإذا قُلنا أن اللسان هو الآلة المسؤولة عن النطق والإفصاح بما في داخل الإنسان، فإن الإنسانَ قادرٌ على استخدامها كيفما شاء، فيمكِنُهُ أن ينطق بما هو خيرٌ وحَسن، ويمكِنُهُ أن ينطق بما هو سوءٌ وفُحش، فاللسانُ سلاحٌ ذو حدين.

فإن للسان محاسنٌ وكذلك لهُ آفات:
بعض من محاسن اللسان:
– ذكرُ الله تبارك وتعالى: من أكبر العبادات وأفضل الحسنات، التي إذا نطقها الإنسان عادت لهُ بالعوائد الطيبة المباركة، وكفانا بذلك قوله تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } سورة الرعد، آية 28.
– الكلمة الطيبة: القول الطيب الذي يبثُهُ الإنسان، ويتبادل به بين إخوانه، الذي من محاسنها بناءُ مجتمع متحاب يقوم على المودة والمحبة مع سائر أطيافه، فتؤتي الكلمة الطيبة أُكُلَهَا كل حين، قوله عز وجل: {

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ }. سورة ابراهيم، آية 24.
– الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: من أهم الأدوار التي تقع على عاتق الفرد من أجل اصلاح المجتمع، هو فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واللسان هو أحد أدوات هذه الفريضة، كما جاء في الحديث النبوي الشريف عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): ( مَنْ رأى مِنكم مُنكراً فليُغيرهُ بيدِه، فإن لم يستطع فَبِلِسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعفُ الإيمان ). ميزان الحكمة ج6، ص286.
بعض من آفات اللسان:
– الفحش: وهو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارة الصريحة، وهذه من آفات اللسان، التي يدعو لتركها منهج أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام)، كما جاء عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): ( إنَ الله يبغضُ الفاحش المتفحش ). الكافي ج2، ص324.
– الغيبة: من الذنوب المنتشرة في مجتمعاتنا، والتي أصبحت لها السيادة في المجالس والديوانيات، (ذَنبٌ أشدُ مِن الزنى) وسائل الشيعة: 13 / 280.، والعياذُ بالله، وهو ” الغِيبة ” ومعناها: ( أن يتكلم الإنسان خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه، فإن كان صِدقاً سمي غيبة، وإن كان كذباً سمي بهتاناً ). وقد صرَّح الله تعالى في كتابه عن حرمة الغيبة وذمها: { ولا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ } سورة الحجرات، آية12.
– التنابز بالألقاب: وهو كما ورد في كتاب الصحاح في اللغة ج2، ص189: ( النَبَزُ بالتحريك: اللقَب، والجمع الأنْبَازُ.. تقول: نَبزَهُ يَنْبِزُهُ نَبْزاً، أي لقَّبه. وتَنابَزوا بالألقاب، أي لقَّبَ بعضهم بعضاً ).، وقال الشيخ النمازي: ( والتلقّب المنهي هو ما يكون فيه الذّم والنقص، وأما ما يحبّه ويزيّنه فلا بأس ). مستدرك سفينة البحار ج9، ص530.، وهو من آفات اللسان التي نهى الإسلامُ عنها، وعاقبةٌ مرتكبها أن يكون مع الظالمين، قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }. سورة الحجرات، آية 11.
والأمثلة كثيرةٌ في كِلا القسمين: المحاسن والآفات.
فإن الإنسان إذا أراد أن يبلغ إلى رِضا الله سبحانه وتعالى، ويرجو نجاة نفسه، سيصون لسانه عن الرذائل بشتى أنواعها ويترفع عنها كـالكذب والخوض في الباطل، وبالتالي سوف يبتغي أن يحصل على المحاسن والفضائل بشتى أنواعها الحسنة كـالصدق، فقد ورد في القرآن الكريم في دعاء نبي الله إبراهيم (عليه السلام): { وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ } سورة الشعراء، آية84.
إنَّ للسانِ دور كبير في نجاة الإنسان، فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( نجاة المؤمن في حفظ لسانه ). الكافي ج2، ص114.، ولأن (أكثر خطايا ابن آدم في لسانه)، كما في الحديث النبوي الشريف. مجموعة ورام ج1، ص4.

فينبغي على العاقل أن يحفظ لسانه ويتخير ألفاظه حتى لا يقع في المهالك.
في الرواية الشريفة: ( جاءَ رجلٌ إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله أوصني، قال: احفظ لسانـك، قال: يا رسول الله أوصني، قال: احفظ لسانـك، قال: يا رسول الله أوصني، قال: احفظ لسانـك ويحك وهل يُكبُ الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ).

الكافي ج2، ص115.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

النجف الأشرف

الصدقةُ تكافلٌ اجتماعي

رواية ودرس 25

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
روي عن أميرالمؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام):

( الصدقة جنـةٌ مِـن النـار ).

وسائِل الشيعة ج9، ص371.
لقد ركزَ الإِسلامُ المُبارك على عملِ الخير والفضائل والقيم الأخلاقية التي لابُد للإنسانِ المُسلم أن يتحلى بها، ويجعلها نصبَ عينيه.
ومِنَ صفاتِ وخصائِص المُجتمعِ الإسلامي ومِنَ القِيَّمِ التي دَعـا الإسلام لهـا ( التراحِم والتَواصل والبِر والترابط الإنساني والأخوي )، فَلِذا مِن رَوائِعِ المجتمع الإسلامي أنـهُ ( مجتمعٌ تكافُلي ).
لِذا وضعَّ الإسلامُ نِظاماً فريداً للعِلاقاتِ الإنسانية والروابِطِ الأَخوية ومِن ثوابتِهِ وأُسُسِهِ الحَكِيمة أنْ جَعَلَ فضائِل الأعمال ومكارم الأخلاق هي المُرتكز الذي على أَسَاسِه تَقومُ دعائِم بناء المُجتمعِ الإِسلامي.
ومِنْ تِلكَ الأعمال والفَضائِل التي يَتَقَربُ بها الإِنسان إلى الله سبحانَهُ وتعالى، وهي تبني مجتمعاً متكافلاً صالحاً مترابطاً هي : ( الصـدقة ).

وَتُعَرَّف الصَدَقة على أنها كُل ما يتم اعطاؤُه للمحتاجين مِن أجلِ التَقرُب لله عز وجل وطَلَباً لِرِضاه وثوابـه.
وَقَد حَثَّ اللهُ تبارَك وتعالى عِبَادَه على البَذلِ والإِنفاق في سبيلِهِ، والإِنفاق محمودٌ بكُلِ أشكالِه في قولِهِ تعالى: { الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } سورة البقرة، آية 274.، وهذه الطُرق المُختلفة يتم سلك أحدٍ منها بِمُراعاةِ الشرائِطِ الأفضل للإِنفاق، فالمُنفق عليهِ أن يُراعي الجوانبِ الأخلاقية والإجتماعية في انفاقِهِ الليلي أو النهاري، العلني أو السري.

فإِذا لا يكون هناك ثمة مبرر لإظهار الإنفاق على المحتاجين فينبَغي أن يكون في الخفاءِ لحفظِ كرامتهم وتركيزاً لإِخلاصِ النية، وإما إذا تطلبت المصلحةُ اعلان الإنفاقِ واِظهاره كـتعظِيم الشعائِر الدينية والترغيب والحث على الإنفاق شريطَةَ أن لا يُؤدي ذلك إلى هتك حُرمةِ أحدٍ مِن المُؤمنين فَليُعْلِن.
وقد وَرَدَتْ روايات تُؤكد على فضل صدقةِ السِر، ففي الحديثِ النبوي الشريف عنه (صلى الله عليهِ وآله): ( صدَقةُ السِر تُطفئ غَضَبَ الرب ). الكافي ج4، ص7.، وعن عمار الساباطي قال: قال لي أبو عبدالله (عليهِ السلام): ( يا عمار الصدقةُ واللهِ في السِرِ أفضلُ مِن الصدقة في العلانية وكذلك واللهِ العبادة في السِر أفضلُ منها في العلانية ). الكافي ج4، ص8.، وهذا ما ذكرهُ الله سبحانهُ في كتابه المجيد: ( وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) سورة البقرة، آية271.

وقَد أكدَ الفُقهاءُ على أن صدقةَ السِر أفضل إذا كانت مندوبة أي: مستحبة، أما إذا كانت واجبة فالأفضلُ اظهارها لما رواه في الغوالي عن ابن عباس عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): ( إن صدقة السِر في التَطوعِ تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً، وصدقةُ الفريضةِ علانيتها أفضلُ مِن سِرِها بخمسة وعشرين ضعفاً ). مستدرك الوسائِل الباب 11 من أبواب الصدقة حديث 13.، وَلِخَبرِ أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام): ( كلما فرضَ اللهُ عليكَ علانيته فإعلانه أفضل من اسراره، وكلما كانَّ تطوعاً فإسرارُهُ أفضل من اعلانِه ). الوسائِل الباب 54 مِن أبواب مستحقي الزكاة حديث 1.

وقَد ذَكَرَ الشهيد الأول الشيخ محمد بن جمال العاملي في كتابه اللمعة الدمشقية: ( وصدقة السِر أفضل إلا أن يُتهم بالتَرك ) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج3، ص192.

فإذا خافَ الإنسانُ أن يتهم بتركِ الصدقة المُستحبة فالأفضل له اظهارها وكذلك الأفضل اظهارها إذا قصدَ بهِ متابعة الناس لهُ فيها، لما في الاظهارِ من التحريض على نفع الفقراء.
ولِذا حثت الروايات الشريفة على فضل الصدقة وبينت لنا آثار الصدقة، ومنها:
١- تطفئ حر القبور: في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المُؤمن يومَ القِيامة في ظل صدقته ). كنز العمال 15996.
٢- تدفع ميتة السوء: في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( الصدقةُ تدفعُ ميتةَ السُوء ). الكافي ج4، ص2.
٣- تدفع البلاء: في الحديثِ عَن رسولِ الله (صلى الله عليه وآله): ( بكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها ). الكافي ج4، ص6.

وفي الرواية عن أبي عبدالله (عليه السلام): ( مَن تَصَدَقَ بِصَدَقةٍ حين يصبح أذهَبَ اللهُ عنهُ نحس ذاك اليوم ). الكافي ج4، ص6.
٤- تزيد في المال: في الرواية عن السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( تصدقوا فإن الصدقة تزيد في المال كثرة، فتصدقوا رحمكم الله ). الوسائِل الباب 1 من أبواب الصدقة الحديث 8.
٥- دواءٌ للمريض: في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( داووا مرضاكم بالصدقة ). الوسائِل الباب 1 من أبواب الصدقة الحديث 18.
٦- تكسر ظهر الشيطان: في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( الصدقةُ تكسِرُ ظهرَ الشيطان ). بحار الأنوار ج60، ص264.
وللصدقةِ آثارٌ كثيرة ذكرتها الروايات الشريفة عن أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم أفضلُ الصلاةِ والسَلام)، وما ذكرناهُ هنا هو بعضٌ منها.
والحمدللهِ رب العالمين، وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين .
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

النجف الأشرف

الحُكم دُون الإذعان (الظن)

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ }

سورة الحجرات (١٢)

يتحرك العقل بصوره تلقائية في تحليل المواقف و الكلمات الصادرة من الأخرين و كل ذلك يبقى في حدود ” الظن “و لا يرقى الى مستوى العلم القطعي .

* و الانسان “المؤمن” يتجنب الظنون السيئة حتى لو كانت قريبه من الواقع.

* مثال تأمل معي كلمتي ( كَثِيرًا) و ( بَعْضٓ)

فمع أن الإثم في بعض الظن لا كله (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )

إلا أن الله تعالى يأمر عباده اجتناب أكثره ، ( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ)

من الإيمان أن تكون في مواجهة أفكارك السلبية و تسعى في نبذها وصرفها و هذا يحتاج الى مواجهة صارمة يحاكم ، فيها العقل ما تخطر بباله من الظنون تجاه الآخرين فلا يقبل ويتسرع في قبول كل ما يخطر في باله و ما أحوجنا للتأمل و الفكر قبل الحكم
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :

” لا تظنن بكلمة خرجت من أحد سوءا وأنت تجد لها في الخير محتملاً ”
بحار الأنوار للشيخ العلامة المجلسي – (72 / 198)

وعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:
” إذا اتهم المومن أخاه انماث الايمان من قلبه كماينماث الملح في الماء ”

كتاب الكافي للشيخ الكليني – (ج 2 / ص 362)

الميرزا الشيخ حسين النعيمي …
الثلاثاء ١٤ فبراير ٢٠١٧
١٧ جمادى الأول ١٤٣٨هـ

المثيلي والمثالي 3

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
هناك مفهوم مثالي ذهني بحمل أولي وهناك مصداق لهذا الفرد في حمل شايع، وللوصول له نحتاج لسياقات ومناهج قانونية بديهية لا يختلف عليها اثنان أو نظرية يحكمها قانون العقلاء كي تكون ملزمة، ولكل حقيقة ونتيجة سياق علمي يبحثها بطبيعة الفرد والجهة .. وقد مر النقاش في ذلك سابقا ولا نعيد..
فالعقل الباحث بأدواته المتساوية عند العقلاء، ومدركاته ومعاييره التي يقطع بنسبتها، ومشاهداته التي يدركها، وتجربياته التي يقطع بنتائجها المتكررة دون تخلف، قد يختلف مع التفاسير العلمية لتلك الظواهر نظرا لكونه قد ألف تغيراتها وعدم اجتماع العلماء على تفسير واحد فيها يخفف من جزمية القطع عنده .. وقد مر ذلك أيضا..
لذلك فعالم الإثبات والدليل والحجة يقودنا لهذا الفرد المثالي عبر الضرورات والوجوبيات التي يتوقف عليها الوجود بكل حال، وفي هذه الحالة لا يمكن جعل هذا الفرد كباقي كباقي الأفراد الممكنة ولا المقايسة عليها حتى في المخيلات، لأن المعايير العقلية تأبى النقش بلا عرش في وجود الأسياء بلا هذا الفرد، وإن تخيلوا شريك الباري وتعدد الأرباب فتلك صفات وجوبية تخيلتها بعض الأديان متعددة بتعدد الأرباب، ولكن لا يمكن تخيل وجود أفراد ممكنة بلا علة موجود واجب الوجود يكون أصلا لكل تلك الأشياء.
وعالم النقض والنفي والسلب سيقودنا أيضا لوجوده عبر سلب وجود كل الممكنات خصوصا أو عموما إن لم تكن مرتكزة على علة تامة لوجودها أو فاعل حقيقي يسلبها هذا الوجود.
وفي نفس عالم السلب يفرض الفرد المثالي وجوب وجوده بتنزيهه عما يناقضه عبر معطيات صفاته الحقيقية الوجودية..
مثلا:
أ- الطبيب يثبت نفسه بعمله وشهادة أهل الاختصاص وشهادته الأكاديمية.. فلولا مدارس الطب لما أمكن إيجاظ طبيب..
ب- والطبيب (ليس ) مهندسا و(لا) سباكا و(لا) حمالا و(لا) أي شيء آخر غير كونه طبيبا ..
ج- الطبيب بشرناطق (فهو ليس بحيوان فاقد العقل) .
وكما نلاحظ أننا مثلنا بالصفات لآدمي ممكن مفتقر لواجب الوجود إلا أن فرده المثالي الموصوف توافق مع بعض الصفات وأبى أخرى وتنزه عنها وسلب غيرها مما يمكن أن يتصف به ! فماذا لو مثلنا بالذوات أصلا؟!
فكيف استطاعوا عبر مناهجهم نفي علة الوجود التامة الواجبة التي يتوقف عليها وجود الأشياء، وبأي منهج نقضوا المفهوم المثالي ؟ وكيف أثبتوا له ما تنزه عنه؟! في الوقت الذي يحكم العقل حتى الصفات إن اتخذها موضوعا في حملياته..
واقعا ! إن إثبات المنفي ونفي المثبت ومحاولة النقض للثوابت في مثل هذه الحالة لا يمكن حتى تصوره في المخيلة في فرد واحد.. لأننا حينها سنكون في واقع آخر ونتكلم عن موضوع آخر أو نؤلف قضايا كاذبة تتحدث عما يغاير الواقع ..

عباس العصفور
النجف الأشرف

السعادة الزوجية 2

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } (٧٤) سورة الشعراء

معنى { قُرَّةَ أَعْيُنٍ } : أحد الأقوال فيها أنها مأخوذة من ( القر ) وهو البرد ، دلالة على السرور ، حيث دموعه باردة بخلاف دموع الحزن الحارة

من صفات عبادة الرحمٰن التوجه لله بالدعاء في صلاح الزوج و الأبناء ، و ينطبق ذلك على الرجل و المرأة خاصةً .
و الدعاء كاشف عَن الإهتمام بالزوج و الأبناء فلا يعني الاكتفاء بالدعاء دون (عمل ) .

من أهم مسؤوليات الزوجين الاهتمام بخلق أجواء الصلح داخل المنزل ، بحيث يكون كل منهم قرة عين للآخر ، فكل من الزوج و الزوجة له دور في تحفيز الآخر للفعل الصالح بما يؤدي إلى السعادة في الدنيا و الآخرة ثم تأتي مرحلة الاجتهاد في تربية الأبناء و الاهتمام بهم خصوصاً في هذا العصر ، يتشوق عباد الرحمٰن للعمل في سبيل خدمة المؤمنين..

{ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} ، وهو طموح يصنعه الإخلاص لله تعالى ، لكن المهمة الأكبر و الأولى هي العمل على إصلاح الأسرة .
{ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (١٩)
سورة النساء

{بِالْمَعْرُوفِ }

المعروف غير محدد ، أي كل ماهو حسن جميل في عرف المنطقة التي بعيش فيها الإنسان .

السعادة في الحياة الزوجية يتطلب من الزوج أمرين مهمين :
١/ المعاملة الحسنة ،و تحتاج الى بذل الجهد ،و السعي قدر الإمكان لتوفير الحاجات المادية و المعنوية .

٢/ التغافل عن الأخطاء ، وعدم التدقيق ،و الترفع عن سفاسف الأمور

روي أنه قال الباقر عليه السلام:
[ صلاح شأن الناس التعايش والتعاشر ملء مكيال: ثلثاه فطن، وثلث تغافل ]
بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج 71 ص 167.

تحقيق النجاح في الحياة الزوجية لا يتطلب توافقاً في جميع الجوانب الفكرية و النفسية بين الزوجين ، فالاختلاف من طبيعة البشر . ولا يعني ذلك تسيير الأمور الى منحدر يندم عليه المرء في يوم .

{ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} 11 سورة الاسراء

* إذا وجدت في شريك حياتك ما تكره فلا تتعجل بطلب الانفصال ، خصوصاً في الفترة الأولى من الزواج ؛ لأن تحقيق الانسجام يحتاج إلى وقت وصبر .
الميرزا الشيخ حسين النعيمي …
2 جماد الثاني 1438 هـ الأثنين
2017/1/30 م