آثار العبادة الصادقة

رواية ودرس 20
📚 روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع): إن الله عز وجل قال: ( يا عبادي الصديقين تنعموا بعبادتي في الدنيا فإنكم تنعمون بها في الآخرة ). الكافي ج٢ ص٨٣.
📜 إن العبادة رابط روحي يربط الإنسان بالمطلق، وعالم الغيب والمعنويات، وبها يتصل القلب بمنعم الوجود اتصالات مختلفة متنوعة، وهذه الإتصالات تجعله يستشعر الرقابة الإلهية، فلا يتجرأ على الإنحراف ويتوجه نحو الإستقامة وطريق الصواب.
📌 وقد أكد الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد على أن العبادة هي هدفُ الخلق، قال تعالى: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ). سورة الذاريات، آية 56.
فلا بُد أن يُعبد الله تبارك وتعالى العبادةَ الحقة، وهي “عبادة الأحرار”، كما عبر الصادق من آل محمد (عليه أفضل الصلاة والسلام): ( العبادة ثلاث: قوم عبدوا الله خوفاً فتلك عبادة العبيد، وقومٌ عبدوا الله طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء، وقومٌ عبدوا الله حباً له، فتلك عبادة الأحرار، وهي أفضل العبادة ).

الكافي 2: 68|5 وفي نسخة منه: العباد ثلاثة.
📚 وللعبادة مصاديق مباركةٌ عديدة، منها:

١) الصلاة: وهي ابرز مصاديق العبادة، وهي حصنٌ حصين، كما روي عن أميرالمؤمنين (ع): ( الصلاة حصن الرحمن، ومدحرة الشيطان ) شرح نهج البلاغة 313:20 / الحكمة 39.، وفي رواية أخرى عن سيد الفصاحة والبلاغة أميرالمؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام): ( الصلاةُ قُربانُ كلِّ تقيّ ). تحف العقول 73.، فالصلاة – واجبة ومندوبة – تحرك الإنسان نحو الصلاح والإستقامة.
٢) الدعاء: وهو أحب الأعمال إلى الله عز وجل، وكما ورد في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( الدعاء مخّ العبادة ، وما من مؤمن يدعو الله إلاّ استجاب له ، إمّا أن يعجّل له في الدنيا ، أو يؤجّل له في الآخرة ، وإمّا أن يكفّر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ، ما لم يدع بمأثم.) وسائل الشيعة ج7، ص27.

وفي الرواية كما في وسائل الشيعة ج7، ص28، عن الحسن بن محمد الطوسي في (الآمال): عن أبيه، عن أبي الطيّب الحسين بن علي التمّار، عن ( أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عبدالله بن ايوب )، عن يحيى بن عنبسة الجعفي، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ): ( ما فتح لأحد باب دعاء إلاّ فتح الله له فيه باب إجابة، فإذا فتح لأحدكم باب دعاء فليجهد، فإن الله لا يملّ حتى تملّوا).قال أبو الطيّب: الملل من الانسان الضجر والسأمة ومن الله على جهة الترك للفعل.
٣) تأوه الإنسان لمظلومية أهل البيت (ع): بشهادة المعصومين أن البكاء على مصائبهم ومظلوميتهم عبادة، فيما رُوِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ أنهُ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصادق ( عليه السَّلام ) يَقُولُ : ” نَفَسُ الْمَهْمُومِ لَنَا الْمُغْتَمِّ لِظُلْمِنَا تَسْبِيحٌ ، وَ هَمُّهُ لِأَمْرِنَا عِبَادَةٌ ، وَ كِتْمَانُهُ لِسِرِّنَا جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ” . الكافي : 2 / 226، فهو نوع من أنواع العبادة.
📌 وللعبادة أُسُسٌ وشروط، وأهمها التقوى والورع، وكذلك عدم الرياء وإظهار العبادة، فقد روي عن النبي (ص): ( أعظم العبادة أجراً أخفاها ) سفينة البحار والمجلد الخامس عشر من بحار الأنوار.، وقد روي عن عمار الساباطي، قال: قال لي أبوعبدالله (عليه السلام): يا عمار، الصدقة والله في السر أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك والله العبادة في السر أفضل منها في العلانية. رواه الشيخ الصدوق في الفقيه 2: 38|162.
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

النجف الأشرف

الأربعاء ٢١ رجب الأصب ١٤٣٥هـ

عادية العرف

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .

كان الكلام في ادعاء الحاكمية للعادات على التشريعات مطلقا٫ وقد اتفقنا على حاكمية الشريعة في كل الأحوال نظرا لضبابية واتفاقية العرف بجانب أن التعبد بالعرفيات له طرقه وسياقاته المجعولة في الشريعة.

وقد آن أوان الوفاء ببيان العادات كما وعدناكم سابقا٫ فالعادات والتقاليد العرفية المختلفة لها عدة سياقات للتعارف والتسالم٫ منها ما هو موروث مصادفة ٫ ومنها ماهو مفروض على الناس حتى تعارفوا عليه لمصالح سياسية أو اجتماعية معينة ومنها ماهو مأخوذ بتفكير جمعي آو علة تقتنع بها مجموعة ما.

فالعادة العرفية المصادفة والموروثة لا يمكن مناقشتها بسبب غياب معيارها أو عدم وضوحه٫ وفي مثل هذه الحالات الاتفاقية لا يمكن تقنين القانون بلا معرفة الوسيط القياسي.

والمفروض على الناس بسبب بيئي أو سياسي أو حكومي أو وضعي حتى يقتنع به البعض أو يتسالمون عليه يسمى قانونا وضعيا ومنه ماهو قهري ومنه الاختياري ومنه الاستحساني والتنظيمي وغيره مما نعيشه اليوم٫ وهذا القانون المدني لا يعد عرفا ولكن شريعة وضعية للشارع المقدس فيه أخذ ورد.

ونأتي للعادات المقبولة عند العقلاء حيث وضعت في الأعراف لمنشأ عقلائي خاص واضح المعالم ٫ كأن يكون للواضعين والمتسالمين وجه وجيه بلا تدخل من القوانين المفروضة قهرا ٫ ولو من باب اللياقة أو الاستحسان بحسب السياق العقلي لا النفسي ٫ فللشرع فيه إمضاء إن لم يصطدم بالمانع وذلك لأن الشارع لا يختلف مع العقلاء.

الأقيسة في مثل هذه العادات تكون ذات تأليف مختلف بين المقدمات وإن شابهتها صوريا في هيئة الأقيسة إلا أن المحمول على الموضوع إسناده علي نحو تسامحي خاص بوجه من وجوه العقل٫ لذلك فقد تنتج مثل هذه المقدمات في سقوط الحد الأوسط نفس التسامح في تآلف موضوع الأولى  ومحمول الأخرى والعكس في النتيجة النهائية المركبة٫ كما وأن الحد الأوسط لو أخذ علة فيها فيحتاج لكثير من القيود والتقييدات لحصر وتنظيم الصدق في منتجات النتيجة٫ لذلك فحمل الإطلاق والتقييد على نحو عرفي في الأمور الإضافية قائم.

هذا إذا أخذنا العادة على نحو ذاتي لا إضافي ٫ أما في الإضافيات القائمة على المستثنيات عادة لتحقيق العادة الفريدة أو بيان اختلاف عناوين موضوع العادة لتحصيل حكم خاص من الشارع فهنا يصبح الكلام إجماليا فيتحصل له من الشارع حكم إجمالي يشمل العنوان من وجه من الوجوه فيحصل الحكم بنفس مقدار ذلك الوجه.

ولكن لو أخذ العنوان على نحو خاص لظرفه الخاص ونوعه الخاص فيتحصل له حكم خاص متقيدا بالظرف والتقييدات الإضافية.

والحمد لله رب العالمين.

 

عباس العصفور

النجف الأشرف

 

فضل شهر شعبان المبارك

رواية ودرس 19
📚 عن عيون أخبار الرضا (ع)، ج١، ص٢٩٢، روي عن الإمام الرضا (عليه أفضل الصلاة والسلام): ” من استغفر الله في شعبان سبعين مرّة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل عدد النجوم “.
📌 شهر من الشهور المباركـة عظيمة الفضل والبركة، هو شهر شعبان المعظم، سمي هذا الشهر بـ (شعبان) لتشعُبِ القبائل فيه.، وعن النبي الأكرم (ص): ” إنما سُمي شعبان لأنهُ يشعب فيه خيـرٌ كثيرٌ لـرمضان “. كتاب الواعظ، باب حرف الشين.
📌 يؤكد أهل بيت العصمة (عليهم السلام) على فضل هذا الشهر وأعماله، لما فيه من البركات على الإنسان، وأعظم تلك البركات شفاعة رسول الله (ص)، وأول من أكد على فضله والثواب العظيم فيه هو من سُميَّ بإِسمه هذا الشهر، المرسولُ رحمةً للعالمين النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله) حيث قال: ( شعبانُ شهري وشهر رمضان شهر الله، فَمن صامَ يوماً من شهري كنت شفيعه يوم القيامة، ومن صام يومين من شهري غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن صامَ ثلاثة أيامٍ من شهري قِيلَ لَهُ استأنِف العمل ). وسائل الشيعة ج١٠، الباب ٢٨، حديث ٢٤، ص٤٩٣.
📜 وقد ورد عن الإمام الرضا (ع): “كان رسول الله (ص) يكثر الصيام في شعبان، وكان يقول: شعبان شهري، وهو أفضل الشهور بعد شهر رمضان، فمن صام فيه يوما كنت شفيعه يوم القيامة”. وسائل الشيعة ج١٠، الباب٢٨، حديث ١٢، ص٤٩٠.
📜 وقد ورد عن مولانا أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)، عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) – في حديث – قال: { من صام شعبان محبةً لنبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتقرباً إلى الله عزّ وجل أحبه الله وقرّبه من كرامته يوم القيامة وأوجب له الجنة }. وسائل الشيعة ج١٠، الباب ٢٨، حديث ١٤، ص٤٩٠.
📚 وإن في هذا الشهر ليلةٌ هي أفضلُ ليلةٍ بعد ليلة القدر الشريفة، كما جاء في كتاب بحار الأنوار للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي (قدس سره الشريف)، عن الإمام الصادق (ع) قال: سُئِل الإمام الباقر (ع) عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال: ( هي أَفضَلُ ليلةٍ بعدَ ليلةِ القدر وفيها يمنَحُ اللهُ العبادَ فضله ويغفِرُ لهم بمنه فاجتهدوا في القُربة إلى الله فيها فإنها ليلةٌ آلى الله على نفسه أن لا يرُدَ سائِلاً فيها ما لم يسأل الله المعصية، وإنها الليلة التي جعل اللهُ لنا أهل البيت ما جعل ليلة القدر لنبينا فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله، فإنه من سَبَحَ الله فيها مائة مرّة وحمد مائة مرّة وهللهُ مائة مرّة تهليلة غفرَ الله لَهُ ما سَلَفَ مِن معاصيه وقضى لهُ حوائِج الدُنيا والآخرة ما التمسه وما علم حاجته إليه وإن لم يلتمسه منهُ تَفَضُلاً على عباده ).

فعلى الإنسان المسلم المؤمن أن يجتهد في هذه الأشهر المباركة لينال مغفرةً من الله ورضواناً منه جل شأنه.
وفقنا الله وإياكم لطاعته وإجتناب معاصيه.
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

النجف الأشرف

السبت الأول من شهر شعبان المعظم ١٤٣٥هـ

الممنوع من الصرف

إعراب الممنوع من الصرف

بسمه تعالى

الممنوع من الصرف

وفيه ثلاث محاور: (التعريف وأنواعه) و (إعرابه) و (متى يُجر بالكسرة):

 

المحور الأول: تعريف الممنوع من الصرف وأنواعه:

أقسام الممنوع من الصرف

وهو ما حصلت له واحد من الحالات التالية تحت أحد الأقسام (العَلَم، الصفة، منتهى الجموع)، وأقسامه كما يلي:

 

أولا: العَلَم:

يكون العلم ممنوع من الصرف إذا حصلت أحد الحالات التالية:

  • إذا كان مؤنثا:

 

نحو: (ناديْتُ مريمَ العذراء متوسلا).

  • إذا كان أعجميًّا:

 

نحو: (إنَّهُ إبراهيمُ الحنيف عليه السلام).

  • إذا كان مركبًا تركيبا مزجيًّا:

نحو: (توجه الحجاج إلى بيت لحم).

وللعلم أن المركبات في الأسماء على ثلاث أوجه:

 

  1. مركب إضافي: وهو المركب من مضاف ومضاف إليه، نحو: (عبد الله) و (عبد القادر) و (امرؤ القيس).
  2. مركب مزجي: وهو ما ركب من كلمتين مختلفتين ثم امتزجتا حتى صارتا كالكلمة الواحدة ولا تُلحظ هنا الإظافة، نحو: (بيت لحم) و (بعلبك) و (حضرمَوْت).
  3. مركب إسنادي: وهو ما ركب من مسند ومسند إليه، سواء كان المسند اسما أم فعلا، فالاسم نحو: (محمد قائم) و (أحمد كريم) و(عليٌّ سعيد)، والفعل نحو: (شابَ قرناها) و (تَأَبَطَ شرًّا).
  • إذا كان مزيدا فيه ألف ونون:

 

نحو: (لم نرى حمدان اليوم).

  • إذا كان على وزن الفعل:

نحو: (صافح أحمد الزائرين).

(أحمد) وماضيه (حَمِدَ) على وزن (أفعل) أي الفعل المضارع وماضيه (فَعِلَ).

 

فضلا عن كونه اسم علم أيضا، فهو يجمع أكثر من علة تمنعه من الصرف.

  • إذا كان مذكرا ثلاثيا مضموم الأول مفتوح الثاني:

 

نحو: (حَضَرَ عُمَر الغدير).

 

ثانيا: الصفة:

تكون الصفة ممنوعة من الصرف إذا حصلت أحد الحالات التالية:

  • إذا كانت على وزن (فعلان):

 

نحو: (لا تَتَكَلَّم وأنت غَضْبان).

  • إذا كانت على وزن (أفعل):

 

نحو: (الورد أحمر وأبيض).

  • إذا كانت على وزن (أفعل) التفضيل، ومؤنثه (فُعْلى):

 

نحو: (الوحدة أفضل من جليس السوء).

  • في كلمة أُخَرَ:

 

نحو: (زارتنا سيدات أُخَرُ).

  • إذا كانت معدولة عن عدد، وصيغت من الواحد إلى العشرة، على وزني (فعال) و (مفعل):

 

نحو: (دخل الطلاب إلى الصف مثنى مثنى).

 

ثالثا: الجموع:

يكون الاسم ممنوع من الصرف إذا حصلت أحد الحالات التالية:

  • إذا كان على صيغة منتهى الجموع (مفاعل) و (مفاعيل):

المفاعل نحو: (صنت نفسي عن معايب كثيرة).

المفاعيل نحو: (دَوَّنْتُ مفاهيم كثيرة).

 

 

  • إذا كان مختوما بألف التأنيث الممدودة:

نحو: (من تزوج حسناء نجح).

ألف التأنيث الممدودة هي: (ألف تتبعها همزة) نحو: (صحراء، حسناء).

 

 

  • إذا كان مختوما بألف التأنيث المقصورة:

نحو: (أخبِروا سَلْمى أنَّ الطريقَ طويلُ).

ألف التأنيث المقصورة، وتدل على المؤنث، نحو: (سلمى، حُبلى).

 

 

 

المحور الثاني: إعراب الممنوع من الصرف:

إعراب الممنوع من الصرف

للممنوع من الصرف ثلاث علامة إعرابية:

  • علامة رفع الممنوع من الصرف الضمة:

 

نحو: (جاءت سعادُ مسرعة).

  • علامة نصب الممنوع من الصرف الفتحة:

 

نحو: (رأيْتُ سعادَ مسرعة).

  • علامة جر الممنوع من الصرف الفتحة عوضا عن الكسرة:

 

نحو: (مررتُ بِسُعادَ مُسرعا).

تنبيه: الممنوع من الصرف لا يقبل التنوين.

 

 

المحور الثالث: متى يُجَر الممنوع من الصرف بالكسرة؟ :

جر الممنوع من الصرف

هناك حالتان تُخْرِج الممنوع من الصرف عن قاعدته الإعرابية، ويُجر بالكسرة، وهما:

  • إذا دخلت عليه “أل” التعريف:

 

نحو: (كان اللقاء في الصحراءِ).

  • إذا كان مضاف: 

 

نحو: (سَلَّمتُ على أسبقِ اللاعبين).

 

فواز سرحان

2 مايو 2016

24 رجب 1437

النجف الأشرف