مِنْ آدابِ تِلاوَةِ الْقُرآن الكريم ..

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والحمدلله رب العالمين، وصلى الله على المبعوث رحمةً للعالمين محمد المصطفى (صلى اللهُ عليهِ وآله وسلم) وعلى أهل بيته المصطفين الطيبين الطاهرين ..
📌 ها نحنُ على أبواب شهر رمضان المبارك، شهر الله سبحانهُ وتعالى، وهو الشهر الفضيل، الذي يحملُ لنا البركات الإلهيـة، والخير الوفير.

ومع بداية الشهر الكريم تزدادُ العلاقةُ بيننا وبين القرآن الكريم، وهذا الشهر هو ” ربيعُ القرآن “.

فلذا نجد في المجتمعات الإسلامية العلاقة الوطيدة مع “القرآن الكريم” في هذا الشهر المبارك،

وهذا لا يعني أن تكون العلاقة بيننا وبين كتاب الله في شهر رمضان فقط، وإنما على المسلم أن يكون دائم الإرتباط ودائم العلاقة مع القرآن الكريم في كل وقت، وفي كل زمان.
🖊 ومع اقتراب الشهر الفضيل أطلق سماحة العلامة الكبير السيد عبدالله الغريفي (دام ظله) في ليلة النصف من شهر شعبان لعام ١٤٣٨هـ، شعاراً لهذا العام في شهر رمضان المبارك، بـعنوان: { نـداء القرآن }.

ومن هذه الدعوة الكريمة أشاركُ بسطورٍ تختص بكتاب الله الكريم.

سائلاً من الله التوفيق والسداد ..

.. .. .. .. ..
📚 روي عن الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام):

(( من قرأ القرآن كانت له دعوة مجابة، إما معجلة وإما مؤجلة )).

بحار الأنوار ج93، ص313.
🖊 إن المتتبع إلى أخبار المعصومين (عليهم أفضل الصلاة والسلام) حول كتاب اللهِ عزَّ وجل “القرآن الكريم”، يجدُ أن النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) لقد أكدوا على كيفية العلاقة التي تكون بين الإنسان المسلم وبين القرآن الكريم، وما هي الطريقة التي نتعامل بها مع كتاب الله سبحانه وتعالى.
📌 وعنوان ( العلاقة مع القرآن الكريم ) يحملُ بحوثاً عديدة، ومن عدة جوانب:

– علاقتنا مع القرآن من حيث التعليم والتعلُّم .
– علاقتنا مع القرآن من حيث الإهتمام به .
– علاقتنا مع القرآن من حيث الإحترام .
– علاقتنا مع القرآن كيف نتلوا كتاب الله ؟
– علاقتنا مع القرآن من حيث التفكر فيه .
– علاقتنا مع القرآن من حيث الحفظ .
– علاقتنا مع القرآن من حيث الآداب .
🖊 وفي هذه المقالة نقف على نقطةٍ مهمة في علاقتنا مع ” القرآن الكريم ” من حيث آداب التعامل معه وتلاوته، من وصايا القرآن الكريم، ووصايا النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) وأهل بيته (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
كل شيءٍ يحتاجُ إلى برنامجٍ ونظامٍ وشروط، فمثلاً: العمل، كل عملٍ له شروطٌ خاصة به من أجل الدخول إليه، ومقدمات تتوفر في مَن يريد الإرتباط بهذا العمل.

كذلك ” القرآن الكريم ” لا يُستثنى من هذه القاعدةِ، لذلك فقد ذُكر في القرآنِ الكريمِ وفي الرواياتِ الشريفةِ عن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) وعن أهلِ بيتِهِ (عليهم السلام) عدداً مِنَ الآداب والشروط لِتِلاوَةِ كلام الله والإستفادَةِ مِن آياته المباركة.
📌 ومِنْ تِلك الآداب والشروط:-
1. الطهارة:

مِنْ آدابِ الإِنسان مع القرآنِ الكريم أن يكون على طهارة، ويمكن أن نقول: الطهارَةُ المطلوبة هي الطهارة الظاهرية والطهارة المعنوية.

في قول الله تعالى: { لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } سورة الواقعة، آية 79.
إنَّ هذا التعبير القرآني يُشيرُ إلى الطهارة الظاهرية، بأن يكون مسُ كِتَابةِ القرآن الكريم مشروطٌ بالطهارةِ والوضوء، وكذلك تشير إلى إِمكان تيسير الوصول لِفهم مُحتوى الآيات القُرآنية، مِنْ خِلال تطهير النفس مِنْ أيِّ رذيلةٍ أخلاقية، وصفات سيئة تحجُب عن الإنسان الوعيَّ لما يتلُوهُ من آيات اللهِ سُبحانهُ وتعالى، لأن الرذائل الأخلاقية تعتبر حجابا مظلماً بين الإنسان والحقائِق.
📚 ولقد وردت رواياتٌ لأهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تؤكد على شرط الطهارة الظاهرية عندما يُريدُ المُسلم مس الآيات الشريفَة،

فقد رويَّ عن الإِمام علي بن موسى الرضـا (عليه السلام) قوله: (( المصحف لا تمسّه على غير طهر، ولا جنب، ولا تمسّ خطّه ولا تعلّقه، إنَّ الله تعالى يقول: { لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } )).

وسائل الشيعة: 1 / 269، الحديث 3.
📚 وجاء في مصادر أهل البيت (عليهم السلام) من طرق مختلفة أنَّ رسول الله (صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم) قال: (( لا يمسّ القرآن إلّا الطاهر )).

تفسير الدر المنثور: 9 / 162.
وأما في الطهارة المعنوية نقل عن ابن عباس عن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) أنّهُ قال:

(( { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَريمٌ * في كتاب مكنون }، قال: عند الله في صحف مطهّرة، { لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قال: المقربون )).

تفسير الدر المنثور: 6 / 162.
🖊 نحن نعلم بأنَّ القُرآن الكريم هو كتابُ هدايةٍ لجميع الناس، ولكنَّ هناك مَنْ سَمَعَ القُرآن مِنْ فَمِ النبيِّ الأعظم (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) لم يؤثر فيهِ أي تأثير وذلك بسبب تلوّثهِ بالعناد والعصبية العمياء والغرور، لذا لم ينتفع بالقرآن أيَّ انتفاع، وفي المقابل هُناك مَن اهتدى هدايةً مباركة بمجردِ سماعه لآيات اللهِ عزَّ وجلَّ، وذلك بسبب الطهارة النفسية والتعقل وعدم اتباع الجاهلية فلذا جاء إلى القرآن الكريمِ بروحٍ باحثةٍ عن الحقِّ والحقيقة.

فكلما ازدادت طهارة الإنسان وتقواه كلما اقترب من فهم واستيعاب الآيات القُرآنية بشكل أفضل وبصورةٍ أعمق، وأثر فيه القرآن تأثيراً بالغاً على المستوى الروحي والمستوى العملي.

فلذا الآية الكريمة { لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } سورة الواقعة، آية 79.، تصدق في البعدين ( المادي والمعنوي ).
2. الإِستعاذة بالله:

مِنَّ الآداب التي أمرنا القُرآنُ الكريمُ بِها عند قراءة القرآن: ” الإِستعاذَةُ بِاللهِ مِنَ الشيطان الرجيم “.

في قول اللهِ تعالى: { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } سورة النحل، آية 98.
🖊 فعندما يستعيذُ الإنسانُ المسلِمُ باللهِ سبحانهُ مِن الشيطان الغوي، مِن أعماقِ روحه، سوف ينفصل عند تلاوتِهِ للقُرآن الكريم عن إِرادَةِ الشيطان، وتطمئن نفسه عند التلاوة، وترتفع عن فكره وفهمه موانع فهم كلام الحقِ سبحانهُ وتعالى، فيرى جمال الحقيقة بوضوحٍ تام.
📚 ولذا حذر أهل البيت (عليهم السلام) من الشيطان الرجيم في عدد من أقوالهم، ولشدة تأثير الشيطان على الإنسان يعلمنا الإمام علي بن الحسين السجاد (عليهِ السلام) في مناجاته كيف ندعو الله سُبحانهُ لينجينا منه كما في قوله عليه السلام: « إلهي أشكو إليكَ عدواً يضلني، وشيطاناً يغويني، قد مَلأ بِالوسواسِ صدري، وأحاطتْ هواجسه بقلبي، يعاضدُ لي الهوى، ويزينُ لي حب الدُنيا، ويحولُ بيني وبين الطاعَةِ والزُلفى».

ميزان الحكمة: ج5، ص1920، ح9372.
3. ترتيل القرآن:

مما أكد عليهِ الجليل جلَّ وعلا في كيفية التعاملِ مع القرآن الكريم مسألة “قراءة القرآن ترتيلاً”،

في قوله سُبحانه وتعالى: { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا } سورة المزمل، آية 4.
📌 ما معنى الترتيل ؟
📚 في تفسير (مجمع البيان) نقل عن النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) أنَّهُ أَمَرَ ابن عباس: (( إذا قرأتَ الْقُرآنَ فرتلْهُ ترتيلاً )) فسألته: وما الترتيل ؟، قال:

(( بينهُ تبييناً ولا تنثره نثر الدقل ولا تهزه هزَّ الشعر، قفوا عند عجائبه وحركوا بهِ القُلوب، ولا يكونن همُّ أحدِكم آخر السورة )).

مجمع البيان: 7 / 170، ذيل الآيات 30 – 34 من سورة الفرقان.
📌 إذاً فمن الآداب والشروط المطلوبة في قراءة الآيات الكريمة عدمُ الإستعجال والتسرع في القراءة، بل يأمرنا الرسول الأكرم (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم) أن نُبين الآيات تبيناً واضحاً، مع الوقوفِ عِندَ عجائبه، وأن نُحرِكَ القلوب قبل اللسان، أي: أن نقرأَ الآيات الشريفة بحضورِ قلبٍ عند القراءة، وأن تكون لها أثرٌ في قلوبنـا.
🖊 وهذا ما نحن بحاجةٍ إليه في كلِّ وقتٍ، وبالخصوص في مجالس الذكر، عندما يجتمعُ المؤمنون في محافل التلاوة في شهر رمضان المبارك، لا يكون همُنا هو انهاءُ الجزء أو الجزئين، وإنما التريث هو المطلوب حين التلاوة.

لا قيمة لتلاوة تهتمُّ بالألفاظِ دون الدَّلالات القِيمة، حينما تكونُ التِّلاوةُ بصيرةً، تملك تدبُّرًا، وتفكُّرًا، وتأمًّلًا.

لا يكفي أنْ يتحرَّكَ القرآنُ الكريم على ألسنتنا، وعلى شفاهنا، بل لا بدَّ أنْ يكون القرآنُ الكريم حاضرًا بعمقٍ في قلوبنا، وفي أرواحنا، وفي مشاعرنا، وإلَّا كانت التِّلاوة جافَّة كلَّ الجفاف.
📚 وقد علمنا الصادق من آل محمد (عليهِ أفضل الصلاة والسلام) كيف نرتل القرآن وما الذي علينا أن نقوم به من أجل أن تتحرك قلوبنا مع الآيات القرآنية، فعنهُ (عليهِ السلام): (( الترتيل أن تتمكث به وتحسن به صوتك، وإذا مررت بآيةٍ فيها ذكرُ النار فتعوّذ باللهِ مِنَ النارِ، وإِذا مررتَ بِآيةٍ فيها ذكر الجنةِ فاسألِ الله الجنّة )).

مجمع البحرين، مادة رتل.
4. التدبّر والتفكّر:

ومن تلك الآداب والتعاليمِ التي ذكرها اللهُ تباركَ وتعالى في كتابه المجيد، التدبّر والتفكّر في آياتِ كِتابِهِ الكريم، قال الله تعالى: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } سورة محمد، آية 24.

وقال سبحانهُ وتعالى: { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } سورة ص، آية 29.
📌 إنَّ الْقُرآن الكريم بحرٌ فائِضٌ بالخيراتِ والبركات، وكلهُ عطاءٌ مُباركٌ من صاحبِ الجودِ والعطاءِ اللامُتَناهي واللامحدود، فعقولنا تقصر عن إدراك آياتِه وفهمها، فعلينا بالتأمل والتدبّر والتفكّر في آياته.
فهذه دعوةٌ إلهيةٌ مباركة، علينا الإمتثال لهذه الدعوة في التدبّر والتفكّر، كي نُزيح حِجابَ الجهل والهوى عن قلوبنا، وأن نُحطم الأقفال التي على قلوبنا بالتفكّر في آياتِ الجليل جلَّ جلاله.
📚 فقد وَرَدَ عن النبي محمد (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم): (( لا يعذّب الله قلباً وعى الْقُرآن )).

امالي الطوسي ج1، ص5.
📚 ورويَّ عن أميرِالمُؤمنين علي بن أبي طالبٍ (عليهِ السلام): (( أَلا لا خَيْرَ في قراءةٍ ليس فيها تدبّر، أَلا لا خيرَ في عِبادَةٍ ليسَ فيها تفقّه )).

بحار الأنوار، ج2، ص49.
📚 وعن الزهريّ قال سمعت عليّ بن الحسين (عليهِ السلام) يقول:

(( آياتُ الْقُرآنِ خزائنُ العلم، فكلّما فتحت خزائنه فينبغي لك أن تنظر فيها )).

بحار الأنوار ج92، ص 219.
📌 فالقراءة الّتي لا تدبّر ولا تفكّر فيها لا خير فيها، فقد قال اللهُ سبحانهُ وَتعالى: { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } سورة الحديد، آية 16.
5. الإستماع والإصغاء للقُرآن الكريم:

ومن الآدابِ التي أمرنا اللهُ بها في التعامل مع كتابِهِ المجيد وفرقانِهِ الحميد، أدبُ الإِصغاء والإِنصاتِ والإِستماعِ لِآياتِ الكتاب.

قال الله تعالى: { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } سورة الأعراف، آية 204.
🖊 من الأسبابِ التي بها ينالُ العبدُ المسلمُ الرحمةَ الإِلهية هي الإستماع والإِنْصاتُ لقراءة الْقُرآنِ الكريمِ، فلا ينشغل بشيءٍ أبداً.
📚 فعن الإِمامِ الصادق جعفر بن محمد (عليهِ السلام):

(( مَن استمعَ آيةً من الْقُرآن خيرٌ له مِن ثبيرٍ ذهباً، وثبير اسمُ جبلٍ عظيم باليمن )).

بحار الأنوار ج92، ص20.
📌 وهذا ما نحنُ بِأَمَسِ الحاجةِ إليهِ في مجالسِ الذكرِ الحكيم فإنَّ عدمَ الإِصغاء، والاستماع لتلاوة القرآن الكريم، لاِنشغالِ روَّاد المجالسِ بتبادُلِ الأحاديث، ممَّا يُشكِّل استخفافًا بالْقُرآنِ الكريم، وإنْ كان عن غير قصد.
🔴 إذا تكلمَّ مُتكلمٌ ذو مكانةٍ إِجتماعيةٍ في مجتمعنا كَـعالمِ دينٍ كبير، أو خطيبٍ على منبر المسجدِ أو المأتمِ الحسيني الشريف، يكون اِستماعنا وانصاتنا لهُ شديد، وبإِنقطاعٍ تامٍ، ولا ننشغل بأيِّ شيءٍ احتراماً لَه، فكيف إذا كانَّ المُتكلم هو الله سبحانهُ وتعالى ؟!.
📚 فعن عبدالله بن أبي يعفور عن أبي عبدالله الصادق (عليهِ السلام) قال: قُلتُ له: الرجل يقرأ القرآن؟ أَيجِبُ على مَن سمعهُ الإنصات له والإِستِماع ؟

قال: (( نعم، إِذا قُرِءَ الْقُرآن وَجَبَ عليكَ الإنصاتُ والإِستماع )).

مجمع البيان ج2، ص515.
6. التطبيق:

ومِنَ الآدابِ والشروط المهمّة لقراءة الْقُرآن الكريمِ والتي لها النتائِجُ والمردودات المُباركة على الإِنسان المُسلم هو التطبيق العملي لما قَرَأَ مِنْ كِتابِ الله سبحانهُ وتعالى، فإذا طَبَق ما أمرهُ الله بهِ من خِلالِ آياته الكريمة فإنَّهٌ عاملٌ بالقُرآن، تتغيرُ جميعُ تصرفاتِهِ ويرقى في مراتب التقوى والعملِ الصالِح.
📌 فمن أراد أن يأخذ من القرآن الشريف الحظّ الوافر فلا بدّ له أن يطبّق كلّ آية شريفة على حالات نفسه حتّى يستفيد استفادة كاملة، فقد قال اللهُ تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } سورة الأنفال، آية 2.
وفقنا الله وإياكم في شهر رمضان الكريم إلى تلاوةِ كتابهِ المجيد.
والحمدُللهِ رب العالمين ..

وصلى اللهُ على رسولهِ محمدٍ وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الجمعة 22 شعبان 1438هـ.

البحرين

خياركم مَن تعلمَ الْقُرآنَ وعلمه ..

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمدلله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدِ الأنام ونور الملك العلام، المبعوث الأمين قائد الخيرِ والبركة وخازنُ المغفرة، البشير النذير والسراج المنير والنور المبين أبي القاسِمِ محمدٍ على آله الأصفياء الأوصياءِ الطاهرين ..
📚 روي في الحديث الشريف عن رسولِ الله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم): (( خياركم مَن تعلمَ الْقُرآنَ وعلمه )).

بحار الأنوار، ج89، ص19. / أمالي الطوسي ج1، ص367.

🖊 إنَّ لِلقُرآن الكريم موقعِيةٌ خاصةٌ في كلامِ الرسول الأكرم (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، وكلام أهلِ البيت (عليهم السلام)، لما للقُرآن الكريم مِن دَورٍ كبيرٍ في تحصيلِ الهداية، والتغلُبِ على نزعات الشيطان الرجيم، وأنَّه الكتابُ المنزل مِن عندِ الله على رسوله الكريم محمد (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، الذي فيهِ تِبيانٌ لكلِّ شيء.

قال اللهُ تعالى: { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } سورة النحل، آية 89.

📌 فالبُشرى لكلِّ المسلمين والهدايةُ والرحمة الإلهية يحملها لنا القرآن الكريم، فبِهِ ينالُ الإِنسانُ السعادَةَ في الدارين، دار الدنيا ودار الآخرة، وهو حبلُ النجاةِ الممدود من اللهِ سبحانهُ إلى عِبادِه.
📚 ففي الحديث عن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم): (( إِذا أردتُم عيش السُعَداءِ وموتَ الشُهداءِ، والنجاةَ يومَ الحسرةِ، والظل يومَ الحرور، والهُدى يومَ الضلالةِ، فادرسوا الْقُرآن، فإنَّهُ كلامُ الرحمانِ، وحِرزٌ مِنَ الشيطان ورجحانٌ في الميزان )).

ميزان الحكمة ج8، ص75.

📌 فإنَّ الإنسانَّ إذا أراد تحصيل هذا الخير العظيم،

وهذِهِ البركة التي تكونُ مُصاحِبةً لهُ في دارِ الفناءِ ودارِ البَقاء فاليتمسك بكتاب اللهِ المجيد.
🖊 فلذلك وردتْ رواياتٌ مُباركةٌ عديدة عن أهلِ بيتِ العِصْمَةِ والطهارة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تحُثُنا على تعلمِّ الْقُرآن الكريم، والتمسُكِ بِهِ.

والإرتباطِ الدائمِ بآياتِهِ الشريفة، فهو الطريقُ الموصِلُ إلى جنةِ الله ورضوانِهِ.
📌ومن الروايات الشريفة ما جَعَلَتْ وجوبَ تعلم القرآن على المؤمنين من ذَكرٍ وأُنْثى، وحُرٍ وعبدٍ مملوك.

📚 ففي الحديث النبوي الشريف:

(( ما مِنْ مؤمنٍ ذكرٍ أو أُنْثى، حرٍ أو مملوكٍ، إلاّ ولله عليهِ حقّ واجبٌ أن يتعلّمَ مِنَ القرآن )).

مستدرك وسائل الشيعة ج1، ص287.

🖊 وهذا أمرٌ نبويٌ لِعبادِ الله المؤمنين في وجوب أن نتعلم “مِنَ الْقُرآن”، فما أحرانا أن نمتثِلَ لدعوةِ رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، وأنْ نكون من المسارعين إلى أن نتعلمَ مِن آيات الله سبحانه وكتابه المجيد، مثلما نُعطي وقتاً طويلاً لتعلم العلوم والدراساتِ الأَكادِيمية، ونعطي وقتاً طويلاً لأعمالنا مِنْ أجلِّ أن نرتقي في دار الدنيا الفانية، لِنُعمرَّ دارَ البقاء بإرتباطنا بالْقُرآن الكريم.
📚 ومما وردَ في هذا الأمر المهم عن إمامنا ومقتدانا الإِمام جعفر بن محمدٍ الصادق (عليه السلام) أنهُ قال: (( ينبغي للمُؤمنِ أن لا يموت حتى يتعلّم القرآن، أو يكون في تعلّمه )).

بحار الأنوار ج92، ص189.

📌 هنا يريد إِمامنا الصادقُ جعفر (عليهِ السلام) أن ينبهنا على ضرورة تعلم الْقُرآن في الحياةِ الدُنيا، لما ينالُهُ مُتعلِّمُ الْقرآن في الدارِ الآخرةِ مِن الحظ والنعيم الوفير، ولما لهُ من مردوداتٍ طيبةٍ في الدنيا والآخرة.
📚 وهذا ما أوضحهُ لنا النبيُّ الأعظم محمد بن عبدالله (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، في الحديث الشريفِ أنهُ قال:

(( مَنْ تعلّم الْقُرآنَ وتواضَعَ في العِلم، وعلّمَ عِبادَ الله، وهو يريد ما عِندَ اللهِ لمْ يكن في الجنّةِ أعظمَ ثواباً مِنهُ، ولا أعظمَ منزلةً منه، ولمْ يكن في الجنّةِ منزل ولا درجة رفيعة، ولا نفيسة إلاّ وكانَّ لهُ أوفر النّصيب، وأشرفَ المنازل )).

ثواب الأعمال ص51.

📌 وكما حثتْ رواياتُ المعصومين على تعلم الْقُرآن الكريم، كذلك حثتْ الرواياتُ الشريفةُ على تعلّيمهِ للآخرين، وبذل العلم هي زكاته.
📚 ولقد بينَّ الرسول الأكرمُ (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلم)، ثواب الذي يُعلمُ القرآن وعطاءُ الله الجواد إليه، ففي الحديث الشريف: (( إذا قالَ المُعلم للصبي: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال الصبي: بسم الله الرحمن الرحيم، كتبَّ اللهُ: “براءةً للصبي”، و”براءةً لأبويه”، و”براءةً للمعلّم” )).

مجمع البيان ج1، ص18.

📌 بل حثت الرواياتُ الشريفة عن أهل البيتِ (عليهم السلام) أن يعلِّم الوالدُ ابنّهُ الْقرآن.

ففي الرواية عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): (( حَقُّ الولدِ على الوالِدِ أنْ يُحسِنَ اِسمه، ويُحسِنَ أدبهُ، ويعلّمهُ القرآن )).

نهج البلاغة، الحكمة رقم 399.

🖊 فما أحوجنا اليوم إلى أنْ نأخذَ بأيدي أبنائِنا وفلذاتِ أكبادنا إلى كتاب الهِداية والرشاد، وطريقِ الجنةِ والصواب، ودربِ الصلاح، ونُعلِّمهُمُ القرآن الكريم، ليكونوا أقوياءَ ومُحصنين أمامَ هجماتِ الأعداء، وكوارثِ هذا الزمان .
جعلنا اللهُ وإِياكُم مِنَ المتمسكين بِالْقُرآن الكريم.
والحمدُلله رب العالمين ..

وصلى اللهُ على محمدٍ وآلِهِ الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الجمعة 22 شعبان 1438هـ.

البحرين

نماذج ادعت المهدوية

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين.
إن القضية المهدوية عالمية في جميع المعتقدات وأغلب الأديان، كما وقد استرعت اهتمام الفلاسفة واعتقدوا بها، وهناك تصريحات متعددة فيما يخص وجود المصلح العالمي، هذه الفكرة والعقيدة قد استرعت انتباه بعض السياسيين لأنها تحتوي على فكرة السيطرة على العالم في نظرهم وتوحيد الحكم العالمي بنظام موحد، فجنحوا لادعاء المهدوية وانتحال إسمه وشخصيته.
وهناك الكثير من الأشخاص ممن قد انتحل هذا الإسم وتلقب به حتى قبل ولادته مستعملا النصوص المبشرة بظهور الإمام المهدي للإشارة إلى نفسه! في عدة فترات وعصور:
* عصر المعصومين عليهم السلام:
– السبئيون: ادعوا بأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف ليعطلوا إمامة باقي الأئمة المعصومين عليهم السلام.
– الحسنيون: ادعوا مهدوية محمد بن عبدالله بن الحسن المثنى.
– الكيسانيون: ادعوا بإمامة محمد بن الحنفية وولده عبدالله.
– الناووسية: ادعوا مهدوية الإمام الصادق عليه السلام.
– ذهبت الإسماعيلية إلى مهدوية إسماعيل بن الإمام الصادق عليه السلام.
– الواقفية: ذهبت إلى مهدوية الإمام الكاظم عليه السلام .
– المحمدية : ادعوا مهدوية محمد بن الإمام الهادي عليه السلام.
– وهناك من قال بمهدوية جعفر ابن الإمام الهادي عليه السلام
– وآخرون قالوا بمهدوية الإمام الحسن العسكري وأنه لم يخلف ولدا ..
ولو دققنا في الادعاءات السابقة للمهدويى لوجدناها محاولة لعرقلة الإعتراف بإمامة الأئمة الإثنى عشر وحاولة لتعطيل السلسلة بإسقاط الاعتراف بباقي الأئمة لأغراض شخصية وسياسية لمدعي الإمامة وخلق تيارات مناوئة لباقي الأئمة عليهم السلام.
* القرن الثالث:
– عبد الله المهدي أسس الدولة الفاطمية سنة ٢٩٧ للهجرة
* القرن السادس:
– المهدي الهرغي من المغرب أسس دولة الموحدين ٤٩٧ للهجرة
– الناصر لدين الله : سنة ٥٥٠ للهجرة من مدعي الخلافة العباسيين.
– مهدي تهامه : خرج في اليمن وادعى سنة ٥٥٣ هجرية وقضى على دولة النجاحية في زببد والحمدانية.
* القرن السابع:
– عباس الفاطمي من غمازة سنة ٦٩٠ للهجرة .
– التويزري خرج من الرباط وهو صوفي المذهب وادعى أنه المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف.
* القرن العاشر:
– إسحاق السبتي الزوي في تركيا سنة ٩٨٦ هجرية.

*القرن الثالث عشر:
– أحمد بن محمد الباريلي وهو سلفي العقيدة والمذهب، ادعى أنه من أحفاد الإمام الحسن عليه السلام قتل الهندوس والسيخ الهند.
– علي محمد الشيرازي ادعى أنه باب للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ثم ادعى أنه المهدي عج ثم النبوة حتى الألوهية فقتل.
– الميرزا غلام أحمد القادياني من البنجاب في الهند سنة ١٢٤١ للهجرة..
– في السنغال وسمى نفسه المهدي سنة ١٢٤٤ للهجرة، أراد قلب نظام الحكم كغيره فقتل.

*القرن الرابع عشر
– محمد بن عبدالله الصومالي سنة ١٣١٦ للهجرة من قبيلة أوجنادين قاتل المحتلين في بلده حتى مات.

* القرن الخامس عشر:
وفي عصرنا الحالي يوجد كثيرون..
عام ١٤٠٠ للهجرة
– المهدي القحطاني : من المملكة العربية السعودية خرج واحتل الحرم المكي مدعيا المهدوية وحاصر المصلين بالسلاح!
– الحسين بن موسى اللحيدي: ويسمى المهدي اللحيدي سلفي المذهب وحاليا معتزل عن الناس ويدعي أنه جد المهدي المنتظر يسكن الكويت. سنة ١٤١١ وهو حي يرزق معاصر.
– محمد عويس من سيناء ادعى أنه المهدي المنتظر سنة ١٤٢٠ حتى وضع في الطب النفسي .

في الحقيقة أن هناك أعداد كثيرة جدا ادعت المهدوية وقد رصدت في مراكز شرطة في عدة دول كالمغرب وتونس ومصر واليمن والمملكة العربية السعودية والعراق ، فلو تتبعناهم لوجدناهم إما أنهم يعانون من مرض نفسي أو مشاكل عقدية أو سياسيين يسعون للنفوذ والسلطة كما مر سابقا من مجموعة ذكرناها..
ولكن البعض يصر أن يحسب في القائمة حتى المختلين عقليا في حوادث منفردة ومتفرقة هنا وهناك لجعل القضية المهدوية موضع سخرية للناس.
إن ظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف له علامات واضحة وأوصاف معينة، وإن ادعى البعض توافر تلك الأوصاف فيه كشخص إلا أن العلامات السماوية لم تشر إليه لا من بعيد ولا قريب ، بجانب نسبه الواضح ووجود والده في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن الإمام عجل الله فرجه الشريف هو إبن الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
وقد أصر آخرون باتهام الشيعة لوحدهم من المدعين للمهدوية ولكن كما ترون أن أغلب المذاهب الإسلامية فيها من ادعى المهدوية وانطلت على كثيرين من تلك المذاهب فحاربوا مع المدعي وقاتلوا وقتلوا من أجله، بينما المذهب الإمامي سرعان ما يكتشف كذب الإدعاء لكثرة النصوص وتواترها عندهم ..
والحمد لله رب العالمين.

عباس العصفور
المعامير – البحرين

لا ظهور إلاّ بإذن الله

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

و الصلاة و السلام على أشرف الخلق محمد و آله الطيبين الطاهرين
اَللّـهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَة وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْنا حَتّى تُسْكِنَهُ اَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً .. برحمتك يا أرحم الراحمين
إن خروج صاحب الأمر يحتاج إلى إذن من الله عزوجل ، و الأذن لا يأتي إلا لمصلحة للناس،   و اللجوء إلى عدل السماء، بدون النظر إلى العلل الصريحة المنصوصة وهي ليست علة تامة ومن مفرداتها :
١-يقوم القائم عليه السلام وليس لأحد في عنقه بيعة .

ويشترك معها في المضمون خمس رويات.(٢)
٢-يخاف على نفسه.

ويشترك معها في المضمون أربع روايات(٣)_ وعدل السماء هي أقوى العلل وهي سنن الأنبياء وهي حجة الحجج السابقين من الأنبياء حتى نبينا محمد صلوات الله عليه و على الأنبياء السابقين مع الإذعان بعدم تمام العلل لصريح النص في كتاب إكمال الدين حيث جاء فيه:
حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار رضي الله عنه قال: حدثني ‎علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال:  حمدان بن سليمان النيسابوري قال: حدثني أحمد بن عبدالله بن جعفر المدائني، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق جعفربن محمد عليهما السلام يقول: إن لصاحب هذا الامر غيبة لابد منها يرتاب فيها كل مبطل، فقلت: ولم جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يؤذن لنافي كشفه لكم؟ قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار لموسى عليه السلام إلى وقت افتراقهما ياابن الفضل: إن هذا الأمر أمر من(أمر) الله تعالى وسر من سر الله، وغيب من غيب الله، ومتي علمنا أنه عزوجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف.(٤)


أيها المنتظرون، إذا تدبرنا في غيبات الحجج من الأنبياء السابقين إلى غيبة نبينا محمد صلوات الله عليه وآله والأنبياء أجمعين وجدنا إن إذن الخروج هو لجوء الناس إلى عدل السماء ففي غيبة إدريس عشرون سنة نأخذ منها شاهدنا في قصة طويلة يرويها إمامنا الباقر عليه السلام:
فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت المرأة كلام إدريس وقوله: ” انا إدريس ” ونظرت  إبنها قد ردت روحه بعد الموت قالت: اشهد انك إدريس النبي وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم، فمضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الاول فوجدها وهي تل، فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له: يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جاهدنا فيها و مسنا الجوع والجهد فيها، فادع الله لنا أن يمطر السماء علينا قال: لا ، حتى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك، فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له: إن الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه، فدعا عليهم فماتوا، فبلغ الجبار ذلك، فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فأتوه فقالوا له: يا إدريس إن الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه، فقال لهم إدريس: انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا له: يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت أمالك رحمة؟ فقال: ما أنا بذاهب إليه وما أنا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى يأتيني جباركم ماشيا حافيا و أهل قريتكم، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول إدريس وسألوه أن يمضي معهم وجميع أهل قريتهم إلى إدريس مشاة حفاة، فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه أن يسأل الله عزوجل لهم أن يمطر السماء عليهم، فقال لهم إدريس: أما الآن فنعم فسأل  إدريس الله عزوجل عند ذلك أن يمطر السماء عليهم وعلى قريتهم ونواحيها، فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم.(٥)


أقول :من شدة البلاء و قوة الإمتحان صدرت من أفواههم كلمات شيطانية(يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت أمالك رحمة؟ ) قبل اللجوء لعدل السماء ، و بعد الشدة و الترهيب من قبل أدريس قدموا التوبة بالذهاب والوقوف أمام الله عز وجل خاضعين له ولنبيه و بعدها جاء الفرج و تقرر نزول الخيرات
قال الله تعالى : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10 – 12 . وهذا أول فيض اللجوء إلى عدل السماء.

و من بعد ذلك جاء الحجة نوح عليه السلام وكانت حجته و انتظار الفرج على يديه بلاءا عظيما عليه وعلى شيعته كما يروي لنا قصته الإمام الصادق عليه السلام.حيث قال:
لما أظهر الله تبارك وتعالى نبوة نوح عليه السلام وأيقن الشيعة بالفرج اشتدت البلوى وعظمت الفرية إلى أن آل الأمر إلى شدة شديدة نالت الشيعة والوثوب على نوح بالضرب المبرح حتى مكث عليه السلام في بعض الأوقات مغشيا عليه ثلاثة أيام، يجري الدم من أذنه ثم أفاق، وذلك بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه، وهو في خلال ذلك يدعوهم ليلا ونهارا فيهربون، ويدعوهم سرا فلا يجيبون، ويدعوهم علانية فيولون، فهم بعد ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم، وجلس بعد صلاة الفجر للدعاء، فهبط إليه وفد من السماء السابعة وهم ثلاثة أملاك فسلموا عليه، ثم قالوا له: يانبي الله لنا حاجة، قال: وماهي؟ قالوا: تؤخر الدعاء على قومك فإنها أول سطوة الله عز وجل في الأرض قال: قد أخرت الدعاء عليهم ثلاثمائة سنة اخرى، وعاد إليهم فصنع ماكان يصنع، ويفعلون ماكانوا يفعلون حتى إذا انقضت ثلاثمائة سنة أخرى ويئس من إيمانهم، جلس في وقت ضحى  للدعاء فهبط عليه وفد من السماء السادسة(وهم ثلاثة أملاك) فسلموا عليه، وقالوا: نحن وفد من السماء السادسة خرجنا بكرة وجئناك ضحوة، ثم سألوه مثل ما سأله وفد السماء السابعة، فأجابهم مثل ما أجاب أولئك إليه، وعاد عليه السلام إلى قومه يدعوهم فلا يزيدهم دعاؤه إلا فرارا، حتى انقضت ثلاثمائة سنة تتمة تسعمائة سنة فصارت إليه الشيعة وشكوا ما ينالهم من العامة والطواغيت وسألوه الدعاء بالفرج،فأجابهم إلى ذلك وصلى ودعا فهبط جبرئيل عليه السلام فقال له: إن الله تبارك وتعالى أجاب دعوتك فقل للشيعة: يأكلوا التمر ويغرسوا النوى ويراعوه حتى يثمر، فإذا أثمر فرجت عنهم، فحمد الله وأثنى عليه وعرفهم ذلك فاستبشروا به، فأكلوا التمر وغرسوا النوى وراعوه حتى أثمر، ثم صاروا إلى نوح عليه السلام بالتمر وسألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل الله عزوجل في ذلك فأوحي الله إليه قل لهم: كلوا هذا التمر واغرسوا النوى فإذا أثمر فرجت عنكم، فلما ظنوا أن الخلف قد وقع عليهم، ارتد منهم الثلث وثبت الثلثان، فأكلوا التمر وغرسوا النوى حتى إذا أثمر أتوا به نوحا عليه السلام فأخبروه وسألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل الله عزوجل في ذلك، فأوحي الله إليه قل لهم: كلوا هذا التمر، واغرسوا النوي، فارتد الثلث الآخر وبقي الثلث فأكلوا التمر وغرسوا النوي، فملا أثمر أتوا به نوحا عليه السلام ثم قالوا له: لم يبق منا إلا القليل ونحن نتخوف على أنفسنا بتأخير الفرج أن نهلك، فصلى نوح عليه السلام ثم قال: يارب لم يبق من أصحابي إلا هذه العصابة وإنى أخاف عليهم الهلاك إن تأخر عنهم الفرج، فأوى الله عز وجل إليه قد أجبت دعاء‌ك فاصنع الفلك وكان بين إجابة الدعاء وبين الطوفان خمسين سنة.(٦)



ومن هنا نستشف أنه لابد من المنتظرين الصبر على البلاء و كسر أنياب الفتن و كسر لا يكون إلا بمعرفة كيف تعامل أِئمتنا مع الطغاة و كيف فرق أئِمتنا بين طاغي يريد محو الدين و طاغي يظلم الناس وكيف تعامل الأئمة معهم أو قل كيف تعامل الحجج معهم  من نوح إلى الحجة المنتظر بن الحسن عليهم أفضل الصلاة و السلام.

و من بعد نوح  هود عليهم السلام كان هو الحجة المنتظر ليفرج عن الشيعة حيث بشرهم نوح به ويروي لنا على بن سالم، عن أبيه قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: لما حضرت نوحا عليه السلام الوفاة دعا الشيعة فقال لهم: اعلموا أنه ستكون من بعدي غيبة تظهر فيهما الطواغيت، وأن الله عزوجل يفرج عنكم بالقائم من ولدي، اسمه هود، له سمعت وسكينة ووقار، يشبهني في خّلقي وخُلقي، وسيهلك الله أعداء‌كم عند ظهوره بالريح، فلم يزالوا يترقبون هودا عليه السلام وينتظرون ظهوره حتى طال عليهم الأمد وقست قلوب أكثرهم، فأظهر الله تعالى ذكره نبيه هودا عليه السلام عند اليأس منهم تناهى البلاء بهم وأهلك الأعداء بالريح العقيم التي وصفها الله تعالى ذكره، ‎فقال: ” ماتذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم ثم وقعت الغيبة(به) بعد ذلك إلى أن ظهر صالح عليه السلام.(٧)


 ومن هنا يتبين أن في هذه الغيبة لجوء الناس إلى عدل السماء واضح ، ويمكن أن يسأل السائل كيف يمكننا اللجوء إلى عدل السماء؟!

الجواب على ذلك في كتب آداب الأنتظار و كتب الممهدين و أفضل شيء في ذلك أي آداب الأنتظار و التمهيد لظهور الحجة بن الحسن عليه السلام بإختصار: الإلتزام بتعاليم أهل البيت في الأمور العبادية و الكسبيةُ والقضايا العامة.

و من بعد غيبة صالح غيبة إبراهيم  عليهما السلام ومن بعد إبراهيم يوسف عليهم السلام و في جميعها لجأ الناس حين فقد الحجة إلى عدل السماء بعد ما ملئت ظلما و جورا ونختم بموسى عليه السلام.


– وأما غيبة موسى النبي عليه السلام فإنه حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبوسعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي قال: حدثنا محمد بن آدم النسائي، عن أبيه آدم بن أبي إياس قال: حدثنا المبارك بن فضالة عن سعيد بن جبير، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما حضرت يوسف عليه السلام الوفاة جمع شيعته وأهل بيته فحمد الله وأثنى عليه ثم حدثهم بشدة تنالهم، يقتل فيها الرجال وتشق بطون الحبالى وتذبح الأطفال حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب، وهو رجل أسمر طوال، ونعته لهم بنعته، فتمسكوا بذلك ووقعت الغيبة والشدة على بني إسرائيل
‎وهم ينتظرون قيام القائم أربعمائة سنة حتى إذا بشروا بولادته ورأوا علامات ظهوره واشتدت عليهم البلوى، وحمل عليهم بالخشب والحجارة، وطلب الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر، وراسلوه فقالوا: كنا مع الشدة نستريح إلى حديثك، فخرج بهم إلى بعض الصحاري وجلس يحدثهم حديث القائم ونعته وقرب الأمر، وكانت ليلة قمراء، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم موسى عليه السلام وكان في ذلك الوقت حديث السن وقد خرج من دار فرعون يظهر النزهة فعدل عن موكبه وأقبل إليهم وتحته بغلة وعليه طيلسان خز، فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت فقام إليه وانكب على قدميه فقبلهما ثم قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أرانيك، فلما رأي الشيعة ذلك علموا أنه صاحبهم فأكبوا على الارض شكرا لله عزوجل، فلم يزدهم على أن قال: أرجو أن يعجل الله فرجكم، ثم غاب بعد ذلك، وخرج إلى مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى وكان نيفا وخمسين سنة واشتدت البلوى عليهم واستتر الفقيه فبعثوا إليه أنه لا صبر لنا على استتارك عنا، فخرج إلى بعض الصحاري واستدعاهم وطيب نفوسهم وأعلمهم أن الله عزوجل أوحى إليه أنه مفرج عنهم بعد أربعين سنة، فقالوا بأجمعهم: الحمد لله، فأوحى الله عزوجل إليه قل لهم: قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم ” الحمد لله “، فقالوا: كل نعمة فمن الله، فأوحى الله إليه قل لهم: قد جعلتها عشرين سنة، فقالوا: لايأتي بالخير إلا الله، فأوحى الله إليه قل لهم: قد جعلتها عشرا، فقالوا: لايصرف السوء إلا الله، فأوحى الله إليه قل لهم: لا تبرحوا فقد أذنت لكم في فرجكم، فبينا هم كذلك إذ طلع موسى عليه السلام راكبا حمارا.
‎فأراد الفقيه أن يعرف الشيعة ما يستبصرون به فيه، فجاء موسى حتى وقف عليهم فسلم عليهم فقال له الفقيه: ما اسمك؟ فقال: موسى، قال: ابن من؟ قال: ابن عمران، قال: ابن من؟
‎قال: ابن قاهت بن لاوي بن يعقوب، قال: بماذا جئت؟ قال: جئت بالرسالة من عندالله عزوجل، فقام إليه فقبل يده، ثم جلس بينهم وطيب نفوسهم وأمرهم أمره ثم فرقهم، فكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة.(٨)



تجري دموعي على شوق لقائك سيدي فلك مني إن أتبع تعاليمك و تعليم آبائك فهو الأنتظار و هو التمهيد لقيامك سيدي و أتمنى من الجميع أن يذعن لنداء الحق وأني أحب تلك الاجتماعات تحت السماء مثل صلاة العيدين و زيارات المخصوصة لجدك الأمام الحسين عليهم السلام لكي أدعوا لتعجيل الفرج كما كان يصنع المنتظرين لموسى عليه السلام وهم يقولون بعد ما عرفوا بقرب الفرج الحمدلله،كل نعمة من الله، لا يأتي بخير ألا الله ،لا يصرف السوء إلا الله.

و آخر دعوانا
للّـهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَة وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْنا حَتّى تُسْكِنَهُ اَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً .. برحمتك يا أرحم الراحمين و الصلاة و السلام على محمد و آلِِِِ محمد.





صادق الجفيري
الساعة ٥:٢٠ ص
١٤ شعبان  ١٤٣٨هجري
كربلاء المقدسة



———————————————————
١-الصدر / تاريخ الغيبة الصغرى/ صفحة ٤١٥
٣،٢-الصدوق / كمال الدين/ الجزء الثاني / باب علة الغيبة/صفحة ٤٨٠،٤٨١،٤٨٢.
٤- نفس المصدر صفحة ٤٨٣.
٥- نفس المصدر / الجزء الأول / باب غيبة أدريس عليه السلام / صفحة ١٦٣،١٦٤.
٦- نفس المصدر / باب في ذكر ظهور نوح عليه السلام بالنبوة بعد ذلك / صفحة ١٦٤.
٧- نفس المصدر / باب ذكر غيبة صالح عليه السلام / صفحة ١٦٨
٨-نفس المصدر / باب غيبة موسى عليه السلام / صفحة ١٧٧

العقيدةُ المهدوية في كلامِ النبي (ص) والأئمة المعصومين (ع)..

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والحمدُلله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتم أنبياءِهِ ورُسُلِهِ محمد بن عبدالله وعلى أهلِ بيتِهِ الهُداةِ الطيبين الطاهرين …
📚 روي عن عبدالله بن عمر أنّ النبيّ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) قال:
(( يَخْرُجُ في آخِر الزَّمانِ رجُلٌ مِنْ وُلْدي، اسمُهُ كإِسْمي، يَمْلَأُ الأَرْضَ عَدْلاً كمَا مُلِئَتْ جَوْراً )).

عقد الدرر: 56، الباب 2، الحديث 42.

إنَّ الباحثَ والمُتَتَبِع للقضية المهدوية، يجدُ أنها أمرٌ ثابِتُ، ومسألةٌ حقة، قدْ ذُكِرت في الأديانِ السماوية،

وقد ذكرها أنبياءُ الله ورسله (عليهم سلامُ الله)، وأنها وعدٌ إلهي لابُدَّ وأنْ يتحقق، وبشارةٌ بَشَرَ الإِسلامُ المُسلمينَ بهـا.

وأن القضية المهدوية لَثابِتةٌ في كتب المذاهب الإسلامية.
وعند تتبعِ القَضِيَةِ المهدوية في روايات المعصومين (عليهم السلام)،

وعلى رأسهم منقذ البَشريةِ من العمى والضلال النبي المصطفى (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم).

فيجدُ الباحِثُ أن النبيَّ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) والأئمة مِن أهلِ البيت (عليهم السلام) قد ركزوا تركيزاً بالغاً في تثبيت فكرة المهدي (عجل اللهُ تعالى فرجهُ الشريف)، وَوُرُود الأحاديث الكثيرة حول العقيدةِ المهدوية والظهور،

ويدل ذلك على أمورٍ ودلائِلَ عديدة:
1. القضية المهدوية وعدٌ إلهي ذُكر في القرآن الكريم وذكرهُ رسولُ الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) في أكثر مِنْ مكانٍ وزَمان، والنبي الخاتم هو الذي قال الله تعالى في حقهِ: ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إنْ هو إلا وَحْيٌ يُوحَى ) سورة النجم آية 3، 4.
2. القضيةُ المهدوية حقيقةٌ لا تقبل الإنكار.

3. القضية المهدوية هيَّ بشارة الخلاص مِنْ الظلم بجميعِ أصنافِه فَبِها يَتَحَقَق العدل والقسط لكلِّ البَشرية.
4. القضيةُ المهدوية مسألةٌ وعقيدةٌ بالغَةُ الأَهمِية.

5. القضيةُ المهدوية لها ثوابِتٌ وضَوابِط قد بينها رسولُ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) وأهلُ بيتِهِ (عليهُمُ السلام)، لكي لا يدعيها مُدَّعٍ كذاب فينخدِعُ الناسُ بِهِ.

وفي هذه المقالة نقفُ على الدورِ الكبير للنبيِّ الأَكرم (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) والأئمة من أهلِ بيت العصمة والطهارة (صلواتُ الله عليهم أجمعين)، في تربيةِ المُسلمين كافة والشيعة الإِمامية خاصة

على العقيدة المهدوية وحقيقتها وأهميتها، وكيفَ تداولها أهل العصمة (عليهم السلام) في أحاديثهم.
فقد أُثِرَتْ عن النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) وعن أوصيائِه الطاهرين (عليهم السلام) كوكبةٌ ومجموعةٌ مِن الأخبار التي تَحمُلُ البشرى إلى كلِّ العالم بِظهور الإمام المُنتظر المهدي (عجل اللهُ تعالى فرجه الشريف)، الذي يبين الحقَ لأهله، ويُقيمُ اعوجاج الحق، ويبسط الأمن والأمان والرخاء، وينقذ البشرية من شرور الظالمين وكيد المعتدين.

ويشيع المودّة بين جميع الناس في كلِّ أرجاء المعمورة، في ظِلال حكمهِ المُبارك.

# المبشرون بالإمام الخلف الحجة المنتظر (عجل اللهُ تعالى فرجه):
1. النبي الأكرم محمد بن عبدالله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم):-

جَمهرَةٌ كبيرة من الأخبار قد أُثِرت عن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) بظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، نذكر نماذج من تلك الأخبار:-
– روى الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام)، أن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) قال:

(( المهديُّ مِنْ وُلْدي، يكونُ لهُ غيبَةٌ وحيرة، تُضِلُّ فيه الأُمم، يأتي بذخيرة الأنبياءِ (عليهم السلام) فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلِئَتْ جوراً وظلماً )).

فرائد السمطين ج2، ص335، وروي بصورة موجزة في كتاب ينابيع المودة ج3، ص396.
لقد تكلم الرسول (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) في هذا الحديث الشريف عن غيبةِ الإِمام (عليه السلام)، وأنها تكون مصدر ذهول وحيرة لبعض الأمم، فيؤمن بها قومٌ، ويجحدها آخرون،

والبشارة الكبرى أنَّ المهدي (عجل الله فرجه) إذا ظهر سيأتي بذخائر الأنبياء، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
– روى حذيفة أن النبيَّ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) قال:

(( لَوْ لَمْ يَبْقَ منَ الدُنيا إلا يومٌ واحد لبعثَ اللهُ رجُلاً مِنْ وُلْدي اسمه اسمي، وخَلقُهُ خلقي، يكنى أبا عبدالله، يُبايعُ لَهُ الناسُ بين الركن والمقام، يَردُّ اللهُ بهِ الدين،

ويفتح لهُ فُتوحاً ولا يبقى على وجه الأرض إلا مَنْ يقول: ” لا إله إلا الله “.

فقام سلمان فقال: يا رسولَ اللهِ، مِنْ أي وُلْدِك ؟

فقال: مِن وُلْدِ ابني هذا، وضرب بيده إلى الحسين )).

عقد الدرر: 56، الباب 2، الحديث 41.

وهنا بين النبيُّ الأكرم (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) في هذا الحديث الشريف أموراً مرتبطةً بالمهديِّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وظهوره، وهي:-
1. أنَّ ظهور الإمام الحُجة وخروجه من الأمور الحتمية التي لابد أنْ تتحق في عالم الدنيا.
2. أنَّ الموعود (عجل الله فرجه) يكون مِن وُلدِّ النبي، واسمه اسم رسول الله، وخَلقُهُ خَلق الرسول، وهو مِن وُلد الإمام الحُسين.
3. تحديد مكان البيعة للإمام المهدي، (بين الركن والمقام).

4. في دولة المهدي (عجل الله فرجه) سَيَرفَعُ الجميع كلمة الحق، وهي كلمة ” لا إله إلا الله “.
– روى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) قال:

(( إنَّ علياً وصيّي، ومِنْ وُلْدِهِ المنتظر المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما مُلِئَتْ جوراً وظلماً،

والذي بعثني بالحقِّ بشيراً ونذيراً، إن الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأَعَزَّ من الكبريتِ الأحمر )).

فقام إليه جابر بن عبدالله فقال: يا رسول الله، وللقائمِ مِن ولدك غيبة ؟

قال (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم):

(( اي وربي لَيُّمَحِّصَ اللهُ الذين آمنوا ويمحقَ الكافرين )).

ثم قال: (( يا جابرُ، إنَّ هذا أمرٌ مِن أمرِ الله وسِرٌّ مِن

سِرِّ اللهِ فإِيّاكَ والشك، فإنَّ الشك في أمرِ الله عزَّ وجلَّ كُفْر )).

ينابيع المودة ج3، ص296 + ص297، الحديث 7.

وفي هذا الحديث الشريف ألمح النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) إلى قلة المؤمنين بإمامة صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

في حال غيبته، وأنهم قلة نادِرة ” لأعزَّ من الكبريت الأحمر “.

وأن غيبة الإمام الصاحب (عج) هي بمثابة اِمتحان إلهي للعباد، وتمحيص لهم، فلا يؤمِنُ بهِ إلا مَن اِمتحن الله قلبه للإيمان.

ولقد ذكر رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) لجابر (رضيَّ اللهُ عنه) أنَّ غيبةَ الإمامِ المُنتظر هي سِرٌّ مِن سرِّ الله، وحذرَ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) تحذيراً شديداً مِن مصير الشاكِ فيه أو المنكر لوجوده،

فَمَنْ شكَّ في أمر الله فقد كفر.
2. الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):

– روى الأصبغُ بن نباتة، عن الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنه قال:

(( المهدي منا في آخر الزمان، لم يكن في أمةٍ مِنَ الأمم مهديٌّ يُنْتَظرُ غيره )).

دلائل الإمامة ص479.

هنا يركز الأمير (عليه السلام) على أنَّ المهدي (عج) مِن دوحَةِ النبوةِ والإِمامة، وليس غيره يقوم بالإِصلاح العظيم الذي يسود الدُنيا كلها، والذي ينتظره الناسُ في كلِّ العالم.
3. الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام):

– في حديث طويل للإمام (عليه السلام) حينما صالح معاوية، وقد لامه جماعة من شيعته على صلحه، فقال (عليه السلام):

(( وَيْحَكُمْ، أَلا تَعْلَمون أَنّي إِمامُكُم، مفترضُ الطّاعةِ عليكم، وأحدُ سيّدَي شباب أهل الجنة بنَصٍّ مِنْ رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) )).

قالوا: بلى.

قال: (( أما علمتم أنَّ الخضرَ لمّا خَرَقَ السفينةَ، وأقامَ الجِدارَ،

وَقَتَلَ الغُلامَ كان ذلك سَخطاً لموسى بنِ عمران، إِذْ خَفِيَ عليهِ وجْهُ الحِكْمَةِ في ذلك، وكان ذلك عند الله تعالى ذِكْرُهُ حِكمَةً وصواباً.

أما علمتم أنَّهُ ما مِنّا إلا ويقعُ في عُنُقِهِ بيعةٌ لطاغِيةِ زمانِه، إلا القائِمُ الذي يُصلي روحُ اللهِ خلفَهُ،

فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُخفي وِلادتهُ، وَبُغَيِّبُ شخصَهُ لِئَلّا يكونَ في عنقهِ بيعَةٌ إذا خرجَ، ذلك التّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أخي الحُسينِ، ابْنُ سيدةِ النِّساءِ،

يُطيلُ اللهُ في عُمْرِهِ، وفي غَيبتِهِ، ثُمَّ يظهرُ بِقدرتهِ في صورةِ شابٍّ

دونَ أربعين سنة، وذلك ليعلم أنَّ الله على كلِّ شيءٍ قديرٌ )).

كمال الدين: 297. / كفاية الأثر: 225.

لما تكلم الإمامُ المُجتبى (عليه السلام) عن الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بين (عليه السلام) أموراً عديدةً، ترتبطُ بصاحب العصر والزمان (عج)، ومنها:-

أ. اخفاء ولادة الإمام المنتظر (عج) حفظاً على حياتهِ مِن حُكم بني العباس، كما حجبه عن أعين الناس لتلك الحكمة ولغيرها.
ب. إنَّ الإمام المهدي (عج) إذا خرج فإنَّ نبيَّ الله عيسى بن مريم يصلي خلفه.
ج. طول عمر وليِّ اللهِ الأعظم (عج)، ثم يظهره الله عزَّ وجلَّ بإِرادته إلى الناس بصورة شاب فيقيم العدل والحق في الأرض.
4. الإمام أبي عبدالله الحُسين (عليه السلام):

– عن الإمام الحسين (عليه السلام) قال:

(( في التاسع مِن وُلْدي سُنَّةٌ مِن يوسُف وسنةٌ مِن موسى، وهو قائمنا أهل البيت، يُصلحُ اللهُ تعالى أمرَهُ في ليلةٍ واحدةٍ )).

كمال الدين، ص297، الحديث 1.
يذكر الإمامُ الحُسين (عليه السلام) أنَّ الإِمام المنتظر (عج) لقد شابَهَ نبيَّ الله يوسف الصديق في سِجنِهِ وحجبِهِ عن الناس، وأنه شابه كذلك نبيَّ الله موسى في خفاءِ حملهِ وَوِلادَتِهِ خوفاً عليهِ مِن فرعون زمانِه.
5. الإمام علي بن الحُسين السجاد (عليهِ السلام):

– عن الإمام زين العابدين (عليه السلام):

(( في القائِم سُنَّةّ مِنْ سبعةِ أنْبِياءٍ:

سُنَّةٌ مِنْ أبينا آدَمَ، وسُنَّةٌ مِنْ نوحٍ، وسُنَّةٌ مُنْ إِبراهيمَ، وسُنَّةٌ مِنْ موسى، وسُنَّةٌ مِنْ عيسى، وسُنَّةٌ مِنْ أيوبَ،

وسُنَّةٌ مِن محمـد (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم).

فَأَمّا مِنْ أدمَ ونوحٍ فَطولُ العُمُرِ، وأما مِنْ إبراهيمَ فَخَفاءُ الوِلادَةِ

واعْتِزالِ الناسِ، وأما مِنْ مُوسى فالخوفُ والغَيبةُ،

وأما مِنْ عِيسى فاختلافُ الناسِ فيه، وأَما مِنْ أَيّوبَ فالفرجُ بَعْدَ البَلوى،

وأَمّا مِنْ محمـد (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) فالخروجُ بالسيفِ )).

كمال الدين: 352.

وتوجدُ كذلك أخبارٌ وأحاديث عن أئمةِ الهُدى (عليهم السلام) نقلها الرواة، ودونها الحفاظ.

فقد وَرَدَ عن إمامنا الباقر محمد (عليه السلام) في شأن الإمام الخلف (عجل اللهُ تعالى فرجَهُ الشريف) وحتمية ظهوره، كما في كمال الدين ص308، الحديث 11.

وَوَرَدَ كذلك عن إمامنا الصادق (عليه السلام) في شأن الإمام (عج) في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي ص42.

وعن إمامنا الكاظم (عليه السلام) في كتاب كفاية الأثر ص265، و ص266.

وعن إمامنا الرضا (عليه السلام) وردَ كذلك ما يبين أن الإمام المنتظر (عج) سيكون مصدر إشراقٍ ونور في جميع أنحاء الأرض، في كتاب ينابيع المودّة، ج3، ص297، الحديث 8.

وما نُقلَّ لما عن الرواة من أحاديث الإمام محمد الجواد (عليه السلام) بشأن حفيده الإمام المنتظر (عجل الله فرجه)، فنقل عنهُ (عليه السلام) قوله في حديث طويل: (( أَفْضَلُ أَعمالِ شيعَتِنا انتظارُ الفَرَج )). كتاب إعلام الورى ج2، ص242.

ونقل الرواة كذلك أخباراً عن إمامنا علي بن محمد الهادي (عليه السلام) في إمامة الإمام الحجة والتبشير بظهوره، فَراجِعْ كتاب كفاية الأثر وكتاب إعلام الورى.

وما رويَّ عن والد الإمام المهدي (عج) الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في كتاب كمال الدين ص357، ص358، في حديث طويل له مع الثقة أحمد بن إسحاق بن أحمد الأشعري، قال في ضمن ما قال عن غيبة الإمام الصاحب (عج):

(( هذا أمرٌ مِنْ أمر الله، وسِرٌّ مِنْ سِرِّ الله، وغيبٌ مِنْ غيبِ الله،

فخذ ما آتيتُكَ واكْتِمهُ وَكُنْ مِنَ الشاكرين تكُنْ معنا غداً في عِلّيّين )).
إذاً فمن التتبع إلى ما بشر به النبي وأوصيائه (عليهم جميعاً سلامُ الله) من الأحاديث والروايات، يتضح لنا حتميّة ظهور الإِمام المُنتظر (أرواحنا لِتُرابِ مقدمهِ الفداء)، وقيامه بالإصلاح الشامل لجميع نواحي الحياة، حتى تملأ الأرض قسطاً وعدلاً بِبَركةِ دولتهِ وحُكمهِ وعدله.
جعلنا اللهُ وإياكم مِنَ الثابتينَ على ولايتِهِ والمتمسكين بِإمامَتِهِ والمُنتظرين لدولته.

والحمدُللهِ رب العالمين ..

وصلى اللهُ على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الأربعاء 13 شعبان 1438 هـ.

النجف الأشرف

من المخلص؟ (الشيعة الإمامية)!

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين.
تواترت الروايات الصحيحة التي لو أخذت لوحدها لكفت حجيتها بكون الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف هو المنقذ للبشرية ومخلصها من البؤس.
ولكنها تميزت جميعها بكون الإمام المهدي المنتظر هو من ولد فاطمة عليها السلام، ومن التسعة المعصومين بعد الإمام الحسين عليه السلام، وعقيدتنا به من المعصومين الأربعة عشر.
وقد حوت الأخبار مؤكدة بنوته ونسله في كل عصر إمامي لإمام معصوم كما وقد وردت روايات تبشر به منذ عصر الأنبياء عليهم السلام، وقد قام صاحب منتخب الأثر بإحصاء هذه الروايات في جدول أدرجه في كتابه ، وهو كالٱتي:

1 ـ الروايات التي تشير إلى ظهوره عجّل الله فرجه، وهي 657 رواية.
2 ـ الروايات التي تبين أنّه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، وهي 123 رواية.
3 ـ الروايات التي تثبت أنّ المهدي المنتظر من أهل البيت(عليهم السلام)ومجموعها 389 رواية.
4 ـ الروايات التي تبين أنّه من ولد أمير المؤمنين(عليه السلام)، وعددها 214 رواية.
5 ـ الروايات التي تثبت أنّه من ولد فاطمة(عليها السلام)، و 192 رواية.
6 ـ الروايات التي تقول: إنّه من ولد الإمام الحسين(عليه السلام)، وبلغت 185 رواية.
7 ـ الروايات التي تذكر أنّه التاسع من ولد الحسين، وهي 148 رواية.
8 ـ الروايات التي تقول: إنّه من ولد علي بن الحسين، و مجموعها 185 رواية.
9 ـ الروايات التي تصرّح أنّه من ولد محمّد الباقر(عليه السلام)، وهي 103 رواية.
10 ـ الروايات التي تقول: إنّه من ولد الصادق (عليه السلام)، وعددها 103 رواية.
11 ـ الروايات التي تبيّن أنّه السادس من ولد الصادق (عليه السلام)، وهي 199 رواية.
12 ـ الروايات التي تقول: أنّه من ولد موسى بن جعفر(عليه السلام)، وبلغت 101 رواية.
13 ـ الروايات التي ذكرت أنّه الخامس من ولد موسى بن جعفر (عليه السلام)، وهي 98 رواية.
14 ـ الروايات التي تقول: إنّه الرابع من ولد علي بن موسى الرضا(عليه السلام)، ومجموعها 95 رواية.
15 ـ الروايات التي تحدّد أنّه الثالث من ولد محمّد بن علي النقي، وهي 90 رواية.
16 ـ الروايات التي تقول: أنّه من ولد علي الهادي(عليه السلام)، وعددها 90 رواية.
17 ـ الروايات التي بيّنت أنّه ابن أبي محمّد الحسن العسكري، وهي 146 رواية.
18 ـ الروايات التي تقول: إنّه الثاني عشر من الائمة وخاتمهم، وبلغت 136 رواية.
19 ـ في أنّ له غيبتين، 10 رواية.
20 ـ في أنّ له غيبة طويلة، 91 رواية.
21 في أنّه طويل العمر جداً، وهي 318 رواية

وفي ذلك طوائف كثيرة من الروايات :
* طائفة تدلل على وجوده.
* طائفة في الملاحم والفتن في عصره.
* طائفة في إمامته.
* طائفة في كونه المنقذ للبشرية.

والكثير من المواضيع المتنوعة من الروايات التي تناولته من قريب أو بعيد.
كما ولا يخلو مجال من مجالات العلوم في كتب الشيعة الإمامية من ذكره عجل الله فرجه في أي مجال من المجالات.
ففي التفسير هناك آيات متعددة يشار إليها أنها في الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف، منها : قوله تعالي: ﴿ وَلَقَد كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ (الانبياء:105) ففي التفسير علي بن ابراهيم: الكتب كلها ذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون أي القائم (عليه السلام) وأصحابه.
وفي الفقه حيث هناك تشريعات خاصة بالإمام عجل الله فرجه ومحل نقاش ، وفي العقائد أيضا هناك روايات كثيرة.. وغيرها من المجالات.
فالشيعة الإمامية أولى من غيرهم بأن تعج كتبهم وتستفيض بذكر الإمام عجل الله فرجه الشريف لكونه المعصوم الرابع عشر في عقيدتهم والإمام الثاني عشر.
وقد تعددت المذاهب المحسوبة على شيعة أهل البيت عليهم باعتقادهم بوجوده، فمنهم من قال أنه رفعه الله إلى السماء، والغريب اعتقادهم ذلك وهو حجة على أهل الأرض، واعتقادهم بأن الأرض لا تخلوا من حجة !
ومن المذاهب التي ولدتها السياسة وحسبت على شيعة أهل البيت عليهم السلام من قال بكون إسماعيل بن الإمام الصادق عليه السلام هو المهدي المنتظر، وغيرهم قالوا بأن الإمام موسى الكاظم عليه السلام هو المهدي المنتظر، وآخرون اعتبروا محمد بن الحنفية هو المهدي المنتظر ، ولكن أولئك اندثرت دعاواهم مع الوقت، لأن المذاهب السياسية تأفل مع أفول أصحابها، وقد روي عن زرارة ، قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : إن للغلام غيبة قبل أن يقوم ، قال : قلت ولم ، قال : يخاف وأومأ بيده إلي بطنه ، ثم قال : يا زرارة وهو المنتظر ، وهو الذي يشك في ولادته ، منهم من يقول مات أبوه بلا خلف ومنهم من يقول حمل ومنهم من يقول إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين ، وهو المنتظر غير أن الله عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة ، فعند ذلك يرتاب المبطلون.. رواية صحيحة في الكافي.

ولكن الإمامية الإثنى عشرية مجمعين عليه لما تظافرت من روايات وتواترت حيث الجدول الذي ذكرناه سابقا، فالعدد الكبير منها يلزم كافة المذاهب باعتباره المخلص الفعلي الحقيقي عبر طرق روايات شيعية معتبرة وواضحة، مثل رواية عن سلمان الفارسي رحمه الله ، قال : دخلت على النبي عليه السلام وإذا الحسين عليه السلام على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ، وهو يقول : أنت سيد ابن سيد ، أنت امام ابن امام أبو الأئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم. صحيحة في الخصال للشيخ الصدوق.
وكذلك عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم عليه السلام.
فالتاسع هو القائم عجل الله فرجه الشريف ولا طريق لمن يدعي الأقل والأكثر إلا أن يزيد غيرهم أو ينقص من عددهم وهذا ما حصل فعلا في المذاهب السياسية.
بقي أمر يجب الإشارة إليه..
قد مر في المقال السابق أن مذاهب المسلمين تختلف في تحديد هوية المهدي عجل الله فرجه الشريف، ولم نقل بأن هذه المذاهب المختلفة التي أولت المهدي واختلفت في تحديده وتعيينه حتى في علماء مذهب واحد أنهم لا يعرفون إمامهم، فكيف بالذي يأتي بمجموعة مذاهب سياسية نسبت للتشيع ويجمعها ثم يقول أن الشيعة لا يعرفون أئمتهم؟!
كنا ننتظر الإنصاف من الباحث المدعي لهكذا ادعاءات كما انصفناهم في البحث السابق!
والحمد لله رب العالمين.

عباس العصفور
النجف الأشرف

المهدي المنتظر (عج) وعدُ السماءِ وبشارةُ الأنبياء..

بسم الله الرحمن الرحيم

 

والحمدُللهِ رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على المبعوثِ رحمةً للعالمين النبيِّ الأمين محمد بن عبدالله وعلى أهل بيته سفن النجاة الطيبين الطاهرين ..
📚 روى أبو سعيد الخدري قال: سمعتُ رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) يقول على المنبر:

(( إن المهدي مِن عترتي، من أهلِ بيتي، يخرجُ في آخرِ الزمان، تُنزِلُ لهُ السماءُ قطرها، وتُخرِجُ لهُ الأَرضُ بذرها، فيملأُ الأرضَ عدلاً وقِسطاً كما ملأَها القومُ ظُلماً وجَوراً )). الغيبة / الطوسي: ص180.
📌 العقيدةُ التي اختصَ بها الشيعةُ الإِمامية من جِهَةِ أنَّ الإمام الحجة المنتظر (عليه السلام، وعجل اللهُ تعالى فرجَهُ الشريف) هو آخر الأئمة مِنْ ذُرِيةِ الإمامِ الحُسين (عليه السلام)، وأنهُ حيٌ يُرزق، وسوفَ يكونُ خلاصاً للبشرية مِنَ الإِستبدادِ والظُلم، بعدَ أن تمتلأ الدُنيا بالظُلمِ والجور، وليسَ ذلك إلا وعدٌ مِن قِبل اللهِ (عزَّ وجلَّ) وَعَدَ به المُضطهدين والمظلومين في جميعِ بِقاعِ الأرضِ.

فَفي الروايةِ الشريفة أنَّ الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) قرأ الآية الكريمة قول الله تعالى: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) سورة النور، آية 55.، فقال (عليه السلام): (( واللهِ هُم مُحبونا أهل البيت، يفعلُ الله ذلك بهم على يدِ رجلٍ منا، وهو مهديُّ هذه الأُمةِ.، قال رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم): لو لم يبقَ منَ الدُنيا إلا يومٌ لطوَّلَ اللهُ ذلك اليوم حتى يأتي رجلٌ من عترتي، اسمُهُ اِسمي، يملأُ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلئتْ ظلماً وجوراً )). ينابيع المودة ج3، ص245. / مجمع البيان ج7، ص267.
فالخلاصُ وَنِهايَةُ الظُلمِ والجورِ يكونُ بظهورِ هذا المُصلحِ العظيمِ (عجل اللهُ تعالى فرجه الشريف).
وهذهِ العقيدةُ ليست وليدةَ الإِسلامِ بل كانت الأديانُ السابِقة تُؤمِنُ بوجود مُخلِصٍ يكونُ الإِصلاحُ على يديه، والكُلُ يتطلعُ إلى ذلك اليومِ بِسَبَبِ انتشارِ الظُلم والفساد، ولا تُوجدُ قدرةٌ لدفعِ ذلك الظُلم، والناسُ في عَجزٍ أمامَ هذا الظُلم والإِضطهادِ ولا يوجدُ لديهم إلا هذا الأمل الموعود لِخَلاصِ البَشرية.
📌 وإذا نظرنا إلى الأهدافِ التي بُعِثَ مِنْ أَجلِها الأنبياءُ، والغاية مِن بعثهم، نجدُ أنَّ الهدفَ الرئِيس والأول هو إتمامُ الشُروطِ التي يلزم توفرها لرُشدِ البَشَرِ وَتَكَامُلهمُ الواعي، والذي يَتمُ مِنْ خِلالِ إِبلاغِ الوحي الإلهي للناس، وجعلَهُ بِمُتَناولِ أيديهم، حتى يهتدوا ويعملوا على وفق القوانين السَماوِية وَتُكتَبُ لهمُ السعادةُ في الدُنيا والآخِرة، وهذا هدفٌ إلهيٌ في قوله تعالى: ( يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) سورة المائدة، آية 16.
وهُناكَ هدفٌ وغايةٌ أرادَ أنْ يصلَ لها الأنبياءُ (عليهم السلام) وهي تشكيل “المجتمع المثالي” القائِم على أساسِ عبادَةِ الله والقِيم والتعاليم الإلهية ونشر العدل والقسط في جميعِِ أرجاءِ المعمورة، وأن يوجد تطبيقٌ لحُكمِ اللهِ سُبحانهُ ولا يُوجدُ حُكمٌ لغير حُكم الله عزَّ وجلَّ،

وقد سعى كلٌ مِنَ الأنبياءِ بِحَسَبِ وسعِهِ في هذا السبيل، وقد تمكن بعضُهم من إِقامةِ دولةٍ إلهيةٍ في منطقةٍ أو مرحلةٍ زَمَنِيةٍ مُعينة، ولكن لم تتوفر لأيٍّ منهم الظروف والشروط المُناسِبة لِإِقامَةِ الحكومة العالمية.

ولكن لم تكن الظروف مُآتيةً لكي تَتَحَقق هذه الغاية والأُمنية للأَنبياء ليرو العدل منتشراً بين الناسِ جميعاً، فلا يكون ظلم ولا استحوادٌ على الخيراتِ لجهةٍ دون جِهةٍ أُخرى، فتَتَحقق بذلك “الدولة الفاضلة”.
والمُلاحظ أنَّ عدم توفر مثل هذه الظروف والشروط المناسِبة لا يعني أنَّ الأنبياء (عليهم السلام) لم يبذلوا جهدهم ولم يسعوا في تحقيق هذهِ الغاية أو النقص في إِرادتهم وقيادتهم، بل بذلَّ الأنبياءُ كلَّ غالٍ ونفيسٍ مِنْ أجلِ الحقِ والعدلِ، ولكنَّ الناس لم يأخذوا بالنُظُمِ والقوانين بل اعرضوا عما جاءَ بهِ الأنبياءُ (عليهم السلام).
وكذلك أيضاً إنَّ الهدف الإلهي هو توفير الأجواء والظروف التي تتناسب مع حركةِ البشر الإِختيارية، قوله تبارك وتعالى: ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) سورة النساء، آية 165.

لا إِلزام الناس وقهرهم على اعتناق الدين الحق واتباع القادة الإلهيين وقد تحقق هذا الهدف.
ولكن الله سُبحانهُ وَعَدَ بِإِقامَةِ الحكومة الإلهية على الأرضِ كلها، والوعدُ الذي جاءَ بهِ الأنبياء (عليهم السلام) بأنَّ الله عزَّ وجلَّ سوف يستخلف المؤمنين وسوفَ ينصرهم، وهذا نوعٌ مِنَ الإِنباءِ عنِ الغيبِ بالنسبةِ لتوفر الأجواء المناسبة لتقبل الدين الحق ونشر العدل والقسط، ويمكن اعتبار هذه الغاية والهدف والوعد هو الهدف النهائي لِبعثةِ النبي الخاتم محمد بن عبدالله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) ودينه الخالد الذي قال عنهُ الجليل جلََ وعلا: ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) سورة التوبة آية 33، سورة الفتح آية 28، سورة الصف آية 9.
وبما أننا نؤمنُ وَنَعتقدُ بأنَّ الإمامةَ هيَّ اِمتدادٌ للنبوةِ ومُتَمِمَةٌ لها، فنتوصل إلى أن هذا الهدف والغاية والوعد الإلهي سَيتَحَقَقُ على يدِ الإمامِ الحُجةِ بن الحسن (عجل اللهُ تعالى فرجه الشريف).
والأدلة على ذلك كثيرة، منها:
# القرآن الكريم:
1. قول الله تعالى: ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) سورة الأنبياء، آية 105.

فهذه العقيدةُ وهذا الوعدُ ليس في القرآن الكريم فقط، بل ذكرها في الزبور وغيره من الكتب السماوية الأخرى، كما بشرت بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) الذي تكون النبوة ختامها على يديه، كذلك بشرت بالعدل الذي سيملئ الأرض.
2. قول الله تعالى: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ) سورة النور، آية 55.
في الرواية عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) قال: (( نزلت في القائم المهدي )).

ينابيع المودة ج3، ص245.
# الروايات الشريفة:

إنَّ الروايات التي نقلها الشيعة والسُنة عن النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) حولَ الإمام المهدي (عليه السلام) تبلغ حد التواتر، بل إنَّ الروايات التي نقلها أهل السُنة وحدهم تبلغ حد التواتر بإعتراف جماعةٍ من علمائهم، مثل ابن حجر في الصواعق المحرقة ص99.، ونور الأبصار للشبلنجي ص155.، وغيرهم.
ومن تلك الروايات:
1. عن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم):

(( لو لَمْ يبقَ مِنَ الدَهرِ إلا يوم لبعثَ اللهُ رجلاً مِنْ أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً )).

صحيح الترمذي ج2، ص46. / مسند ابن حنبل ج1، ص378.
2. عن أم سلمة أنَّ رسول اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) قال: (( المهدي مِن عترتي ومِن وُلدِ فاطمة )).

اسعاف الراغبين ص134.، نقلاً عن صحيح مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة.
3. عن ابن عباس قال: قال رسولُ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم): (( إنَّ علياً إمامُ أُمتي مِن بعدي ومِن وُلدِهِ القائمُ المنتظر الذي إذا ظهر يملأُ الأرضَ عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً )). ينابيع المودة ص 494.
اللهم عجل فرجهُ وسهل مخرجه واجعلنا مِن أنصارِهِ وأعوانه، والمسارعين إلى خدمته، والمستشهدين بين يديه ..
والحمدُللهِ ربِّ العالمين ..

وصلى اللهُ على محمدٍ وآلهِ الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الإثنين 11 شعبان 1438 هـ.

النجف الأشرف

من المخلص؟ (المذاهب الإسلامية)!

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين..
عكفت المذاهب الإسلامية وكتب الصحاح على دراسة القضية المهدوية، وقد تعددت طرقهم وأسانيدهم وأدلتهم لإثبات ظهوره، ولكن الذي اختلف عن غيرهم من المبشرين هو اتفاقهم على إسمه بطرق نبوية.
وهناك من ضعف هذه الروايات فيما يخص آخر الزمان، بسبب أو آخر، كالطعن بسبب التفاوت بينها أو في إسنادها أو في لغتها، ولكن هذا لم يمنع حجية المضمون جمعا بين الروايات بأي حال من الحالات.
إن التصريح بكونه مخلصا للأمم من جور الاستبداد يكفي للاعتراف الكلي بالمهدي عجل الله فرجه من قبل المذاهب الإسلامية بشكل عام.
لم يكن الأمر بالسهولة التي يعتقدها البعض من كونها رواية صنفت تاريخية فحسب، بل تعدى الأمر لفتوى المذاهب بكفر من ينكره، ويرفض أن يتبعه في حال ظهوره، والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة.
قال ابن خلدون في تأريخه معبّراً عن عقيدة المسلمين بظهور المهدي : « اعلم أنّ المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرّ الاَعصار : أنّه لابدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت ، يؤيد الدين ، ويُظهر العدل، ويتبعه المسلمون ، ويستولي على الممالك الاِسلامية ، ويسمى المهدي »
ورغم ذلك فقد ذهب إلى تضعيف روايات الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، ولكن علماء السنة والعامة قد ردوا عليه بردود كثيرة، خصوصا بعد وجود فتاوى تؤثم من لا يعتقد بظهور المهدي عجل الله فرجه الشريف.
سئل ابن حجر عمن أنكر المهدي… فأجاب: أن ذلك إن كان لإنكار السنة رأسا فهو كفر يقضى على قائله بسبب كفره وردّته فيقتل…
وقد ذكر المتقي الهندي في كتابه البرهان: 178، هذه الفتوى، وأوردها المفتي ابن حجر مختصرة في الفتاوى الحديثية: 37. وقد روي حديث إنكار المهدي في عقد الدرر للشافعي السلمي: 157، ب 7، فرائد السمطين للحموي الجويني، ج2: 334، ح 585، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي، ج3: 295، باب 78، ح1… وغيرها من المصادر.

«من أنكر الدجال فقد كفر, ومن أنكر المهدي فقد كفر» استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وآله.ويعني انّ من ينكر المهدي ينكر ضرورة, ومن أنكر ضرورة من ضرورات الإسلام كافر ويُقتل. واستنادا لهذا أصدرت إدارة الفتوى في مكة فتوى وُقّعت من قبل العلماء عام 76: انّ من ينكر المهدي فهو إما جاهل بالسنّة أو مبتدع كافر لانّ الإعتقاد بالإمام المهدي من صميم عقائد أهل السنّة والجماعة, وانّ المهدي هو واحد من الخلفاء الإثني عشر, ولابد أن يظهر ويبايع ويمتلك الأرض، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
في مجلة الجامعة الإسلامية، العدد: 3، السنة الأولى: 161 _ 162المدينة المنورة..
الحاوي للفتاوي للسيوطي ج3 ص116 وأخرج أبو بكر الإسكاف في فوائد الأخبار عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كذب بالدجال فقد كفر ومن كذب بالمهدي فقد كفر. وقد أخبر (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الاَمـر عن الدجّال، وعن المهـديّ، وعـن عيسـى بن مريم، ووجـب تلقّي ما قاله بالقبول والاِيمان بذلك، والحذر من تحكيم الرأي والتقليد الاَعمى الذي يضرّ صاحبه ولا ينفعه لا في الدنيا ولا في الآخرة . انتهى.
وقد سُئل شيخ الاِسلام شهاب الدين أحمد بن حجر المكّيّ الشافعيّ عمّن أنكر المهدي الموعود به؛ فأجاب: أنّ ذلك إنْ كان لاِنكار السُنّة رأسا فهو كفر يُقضى على قائله بسبب كفره وردّته فيقتل.وإن لم يكن لاِنكار السُنّة وإنّما هو محض عناد لاَئمّة الاِسلام فهو يقتضي التعزير البليغ والاِهانة بما يراه الحاكم لائقا بعظيم هذه الجريمة، وقبح هذه الطريقة، وفساد هذه العقيدة، من حبس وضرب وصَفْعٍ وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح، ويرجعه إلى الحقّ راغما على أنفه، ويردّه إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعا عن كفره. انتهى.
وقد نشر تسجيل صوتي عن ابن باز في موقعه الرسمي في الرد على من لم يعتقد بالمهدي: وقد صحت وتواترت هذه الأخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في نزول المسيح ابن مريم من السماء في آخر الزمان، ومن خروج يأجوج ومأجوج وخروج الدجال في آخر الزمان، ومن مجيء المهدي، كل هذا الأربعة ثابتة: المهدي في آخر الزمان يملأ الأرض قسطا بعد أن ملئت جورا، ونزول المسيح ابن مريم، وخروج الدجال في آخر الزمان، وخروج يأجوج ومأجوج، كل هذا ثابت بالأحاديث الصحيحة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنكارها كفر وضلال نسأل الله العافية والسلامة..انتهى.
وهكذا فإن هناك فتاوى كثيرة فيمن ينكر هذا المخلص، ولكي نكون منصفين فلعل البعض منهم تغير عنده مضمون وشخص الإمام المهدي عجل الله فرجه ولكنهم يجمعون على ظهوره وتوحيد مذاهب الإسلام تحت رايته، وتوحيد الشريعة من خلال عمله.
كما وأن هناك متون ونصوص تدل على كون الإمام المهدي عجل الله فرجه هو المخلص:

* مسند أحمد بن حنبل وسنن أبي داود: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «لا تذهب الدنيا حتّي يملك العرب رجل من أهل بيتي»
* مطالب السؤال لكمال الدين الشافعي: ومنها أيضاً ما رواه القاضي أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي في كتابه المسّمى بـ(شرح السنّة) وأخرجه البخاري ومسلم كل واحد منهما بسنده في صحيحه يرفعه إلى (أبي هريرة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟)..
* سنن أبي داود : ما رواه (عبد الله بن مسعود) أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لو لم يبقَ من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جَوراً).
* كنز العمال: وجاء عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : (يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة)
وقد ظن البعض أن الشيخان لم يخرجا أحاديث المهدي لعلة فيها عندهما،ولكن هذا الظن ليس بصحيح. وذلك لأن:
قال البخاري: (ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول).
وقال مسلم: (ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا- يعني كتابه الصحيح- إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه)
وهذا يدل على انهما تتبعا الإجماع ولم يرويا كل الأحاديث بجانب أن هناك أحاديث كثيرة صحيحة عن أهل السنة والجماعة ولم يروياها البخاري ومسلم.. والاعتراض بوهن كل حديث لم يروه البخاري أو مسلم غريب!
إن الحديث عن المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف طويل وواسع ولكن هذا لا يمنعنا من الإشارة إليه بأي حال، فكتب المسلمين بمذاهبهم قد صرحوا باسمه وكونه هو المصلح الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا..
والحمد لله رب العالمين

عباس العصفور
النجف الأشرف

الأدلة على إمامة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)..

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين النبي الأمين محمد بن عبدالله وعلى أهل بيته سفن النجاة الطيبين الطاهرين ..
مع اقترابِ ذكرى ولادةِ المنقذ والمخلص المولى صاحب العصرِ والزمان (عجل اللهُ تعالى فرجهُ الشريف) في النصفِ من شهرِ شعبان المبارك،
أتقدم بأزكى التهاني والتبريكات لمقامِ رسول اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) وإلى أهل بيتهِ (عليهم السلام) بهذه الذكرى العطرة المباركة.

.. .. ..
📚 رويَّ في الحديث عن رسول اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم):

(( مَنْ مات ولم يعرف إمام زمانهِ مات ميتةً جاهلية )).

ينابيع المودة ج:3 ص:372. طبقات الحنفية ص:457.
🖊 إنَّ “الإِمامة” عند الشيعةِ الإمامية أصلٌ مِن أصولِ الدين، ولا يتمُ الإيمان إلا بالإعتقاد بها، وأنها كالنبوة، فكلُ الأدلة التي دلَّت على وجوبِ النبوة دلَّت على وجوبِ الإمامـة، فالإمامَةُ قائمةٌ مقامَ النبوة إلا في تلقي الوحي الإلهي بلا واسطة، وكما أن النبوة واجبةٌ على الله في الحكمة، فكذلك الإمامة.
لذلك قال الشيعة الإمامية بأن وجوب نصب الإمام بالنص أو التعيين مِنَ الله سبحانه وتعالى، لأن الإمامة عندنا هي امتدادٌ لوظيفة النبوة روحياً وسياسياً، فكما أنَّ النبي يعين من قِبل الله عز وجل كذلك الإمام.

والدليل على ذلك في قول الله سبحانه: ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ). سورة البقرة، آية 124.

فالآية الشريفةُ صريحةٌ في أن الإمامة لا تكون لأحدٍ إلا بجعلِ الله تعالى.

والإمامةُ عهدُ الله، أي مسؤولية إلهية مهمة، فلا تناط إلا لمن لديه أهلية القيام بها، وهي أن يكون غير ظالم لنفسهِ أو لغيرِهِ، وهذا لا يتحقق إلا إذا كان الإمام معصوماً، لأنَّ العصمة ملكةٌ ثابتةٌ ودائمة.

والإمامة هي لحفظ قوانين الشرع الحنيف.
📌 إذاً فالإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنصِ من الله سبحانه وتعالى على لِسانِ رسُولِهِ، أو لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام مِن بعدِهِ.
فقد نصّ النبي محمد (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) على خليفته والإمام من بعده على البرية، وأخذَ له البيعةَ بإمرة المؤمنين في يوم الغدير: (( ألا مَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه )). المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: ج3، ص109، 110.

ثم نصّ عليٌّ (عليه السلام) على إمامة الإمام الحسن (عليه السلام)، ثم الإمام الحسن (ع) نصّ على إمامة الإمام الحسين (عليه السلام) وهكذا إمامٌ بعد إمام، ينص المتقدم منهم على المتأخر، إلى آخرهم وهو أخيرهم إمامُ الزمان الحجة بن الحسن (عليه السلام) الذي نصَّ عليه أبوه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
والأدلة في النصّ على إمامة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجهُ الشريف) عديدة، ومنها النصوص الخاصة:
– في الرواية عن كلٍّ من معاوية بن حكيم، ومحمد بن أيوب، ومحمد بن عثمان، قالوا: ( عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي “عليهما السلام” ولدَهُ، ونحن في منزلهِ، وكُنا أربعين رجلاً، فقال (عليه السلام): هذا إمامكم مِنْ بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوهُ ولا تتفرقوا من بعدي في اديانكم فتهلكوا، أما أنكم لا ترونهُ بعد يومكم هذا ). ينابيع المودة: ج3، ص323. / كمال الدين: ص44.
وقد أكدت رواياتٌ كثيرةٌ على النص على إمامته وأنه الإمام الثاني عشر من خلفاءِ رسولِ الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم)، ومن بين تلك الأخبار التي نص فيها الإمام العسكري (عليه السلام) على إمامة ولده الإمام المنتظر (عجل الله فرجه):
– ما رواه الثقة الجليل محمد بن عثمان العمري، عن أبيه، قال: سُئل الإمامُ أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) وأنا عنده عن الخبر الذي رويَّ عن آبائه (عليهمُ السلام): (( إنَّ الأرض لا تخلو من حجةٍ للهِ على خلقه إلى يومِ القيامَةِ، وإنَّ مَنْ ماتَ ولم يعرف إمامَ زمانِهِ مات ميتةً جاهلية )).

وأكد الإمام على صحة الحديث، قائِلاً: ( إنَّ هذا حق، كما أنَّ النهار حق ).

وسارع شخص في مجلس الإمام قائلاً: يا بن رسول الله، فمن الحجةُ والإمامُ بعدك ؟

فدلّهُ الإِمامُ على حجةِ الله بعده قائلاً: ( ابني محمد هو الإمامُ والحجة بعدي، مَنْ مات ولم يعرفهُ مات ميتةً جاهلية، أما إنَّ لهُ غيبةٌ يُحارُ فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويُكذب فيها الوقاتون، ثم يخرجُ فكأني أنظرُ إلى الأعلامِ البيض تخفقُ فوقَ رأسِهِ بنجفِ كُوفان ).

كفاية الأثر: ص292.
والأدلة العامة التي يستدلُ بها على إمامة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هي الروايات الكثيرة التي رويت عن النبي محمد (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم ) في مصادر التراث الإسلامي التي حملت بين طياتها الأحاديث المستفيضة والصحيحة التي حصرت عدد الأئمة المنصوص عليهم اثنا عشرَ إماماً.

ومنها:

– عن النبي (صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلم): ( بعدي إثنا عشرَ خليفة ). ينابيع المودة لذوي القربى، الطبعة الأولى، ١٤١٦هـ، المجلد 3، الباب ( 77 ).
📌 فَمِنْ مقتضى ما مرَّ من أدلةِ لزومِ الإمامةِ والعِصمة هو عدمُ خلو كل عصر وزمان عن وجودِ الإمام المعصوم ( إن الأرض لا تخلو من حجة ) قامَ بالسيفِ أو لم يقم، ظهر أو لم يظهر.

📌 وعليهِ فنحنُ الشيعة الإِمامية نعتقدُ بوجود الإمامِ المعصومِ الحي في كل زمان.
🖊 وإن مقتضى الأخبار المتواترة أن الأئمة (عليهم السلام) هُم ( إثنا عَشَرَ )، لا أقل ولا أكثر، وإن فكرة وجود الإمام في كل عصر وزمان ليست فكرةً جديدةً، بل هيَّ أمرٌ لهُ سابقةٌ مِن لدن البشر، لما نعلم من البراهين التامة على لزوم الإرتباط بين الخلق وخالقهِ بالنبوة أو الإمامـة.

فالإعتقاد بالإمامة كانَّ مبتنياً على أساس برهاني قويم، والأدلة ثابتةٌ بالتواتر من الأخبار.
والحمدلله رب العالمين ..

وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الأحد 10 شعبان 1438هـ.

النجف الأشرف

من المخلص؟ (الأديان والمعتقدات)

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

مر ما يروج له البعض من حلول تطبيقية أو تياراتية أو حزبية أو علمية، وآن الأوان لمناقشة العقائد الدينية التي بشرت بالمخلص.
فالأديان بطبعها منها ما هو الوثني أوالإبراهيمي الموحد كأهل الكتاب، ومنها ما هو شبه سماوي حيث يدعي أنه يستقي الشريعة من الخالق جل وعلا، لذلك ترى المدعى المتشابه بينها وبين الأديان السماوية لما اقتبسته منها، كقصة النبي النوح المتشابهة مع البابليين وغيرهم مع تغيير الأسماء لتكون تلك القصة مذكورة في خمس أديان بتسميات مختلفة.
* فالبوذيين: ينتظرون بوذا الخامس الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
* الزرادشتيين: ينتظرون سوشيانت الذي سيقتلع جذور الطواغيت حسب المدعى.. مع العلم أن سوشيانت عندهم ثلاثة أشخاص فيها الأول المنقذ والثاني سينشر سلوكا والثالث المنتصر الذي سيخلص العالم من ألم المتجبرين، كما ورد في كتاب أوستا وزند ورسالة زرادشت..
كما أن الزرادشتيين يقدسون الكتب المانوية فقد ورد في كتاب شابوهرجان مثله، وقد دلت النصوص هناك نوعا ما بالتبشير بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وإبنه الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف.
* الهندوسية: في الهند والصين حيث ينتظر البراهمة شخصا يسمى يترتنكر ومعناه المبشر، بعد ظهور كريشنا الآلهة الذي سيؤسس به دولة العدل بمعية البراهمتيين، هذا ما ورد في كتاب الاوبانيشاد، وفي كتاب ريكودا وماندالاي يعتقدون بنزول الرب فيشنو وبيده سيف وفي الأخرى خاتما ، فتهتز الأرض وتنكسف الشمس وينخسف القمر.
واللطيف أن ينتظر البراهمة الخلاص في الوقت الذي يعتبرون أنفسهم فوق طبقات المجتمع ويستبيحونه لعلة علو طبقتهم!
* تجمع الديانات الهندية على ظهور كالي الإله الذي يأكل اللحم والذي سيوحد العالم أجمع وينتشلهم من الهبوط التام والرذيلة التي ستغزو العالم.
وإن كان هناك بحث آخر يثبت أن كالي هو النبي محمد صلى الله عليه وآله ليس هنا محله.
فلو نظرنا ودققنا مستقرئين هذه الأديان لوجدنا أن الأمل بالموعود موجود، وإن اختار كل دين تسمية منه، واختاروا شخصا معينا، إلا أنهم ينتظرون من يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
نأتي للأديان الابراهيمية:
اليهودية: انتظر اليهود موعودين ثلاثة في كتاب دانيال وكتاب أشعيا ، ولكن العناد جعلهم يفوتون من انتظروهم، فموعودهم الأول هو المسيح عليه السلام وقد تصدوا له والثاني هو النبي صلى الله عليه وآله وقد حاربوه، بقي الموعود الثالث وهو الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف، ولكنهم لا زالوا ينتظرون، وقد ظهر في الروايات أنهم سيحاربونه أيضا مع الدجال.
ورد في المزمور 72 من مزامير داود عليه السلام :
(اللهم أعط شريعتك للملك وعدلك لابن الملك ليحكم بين شعبك بالعدل ولعبادك المساكين بالحق فلتحمل الجبال والآكام السلام للشعب في ظل العدل ليحكم المساكين الشعب بالحق ويخلص البائسين ويسحق الظالم!
يخشونك ما دامت الشمس وما أنار القمر على مرّ الأجيال والعصور!
سيكون كالمطر يهطل على العشب وكالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشى!
يشرق في أيامه الأبرار ويعم السلام إلى يوم يختفي القمر من الوجود!
ويملك من البحر إلى البصر ومن النهر إلى أقاصي الأرض. … أمامه يجثوا أهل الصحراء ويلحس أعداؤه التراب… يسجد له كل الملوك، وتخدمه كل الأمم لأنه ينجّي الفقير المستغيث به والمسكين الذي لا معين له يشفق على الضعفاء والبائسين ويخلص أنفس الفقراء ويحررهم من الظلم والجور وتكرم دماؤهم في عينيه. … فليعش طويلاً وليعط له ذهب سبأ، وليصل عليه دائماً وليبارك كل يوم. …
فليكثر القمح والبر في البلاد حتى أعالي البلاد! ولتتمايل سنابل القمح كأشجار جبل لبنان! وليشرق الرجال في المدينة كحشائش الحقول! ويبقى اسمه أبد الدهر، وينتشر ذكره واسمه أبداً ما بقيت الشمس مضيئة! وليتبارك به الجميع، وجميع الأمم تنادي باسمه سعيدة.)
وإن كانوا يؤولون ذلك بداود عليه السلام إلا أنه ليس كذلك فهو للنبي صلى الله عليه وآله وإمامنا المنتظر عجل الله فرجه الشريف ولا يسع المقام لمناقشة ذلك بعمق، ولكن كيف لداود عليه السلام أن يقف متضرعا بين يدي الله ويسمي نفسه وابنه سليمان عليه السلام بالملك وهو يخاطب الله تعالى؟! كما أن المسيح لم يكن ملكا ولم يكن له جيش فقد اعتقله اليهود وقتلوه حسبما خيل لهم.
* المسيحية: فهم ينتظرون النبي عيسى عليه السلام وفرقطاليس الذي هو من صفات النبي محمد صلى الله عليه وآله وأنكروه على كل حال، فهم مازالوا ينتظرون فرقطاليس.
كما ورد في إنجيل يوحنا اسم المعزي كعنوان للمخلّص، ففي الإصحاح ١٥/٢٦-٢٧: -ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحقّ الذي عند الأب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضاً لأنّكم معنا في الابتداء.

وفي الإصحاح ١٦من نفس الإنجيل: -ولكنّي أقول لكم الحقّ إنّه خير لكم أن انطلق لأنّه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت سأرسله إليكم، ومتى جاء ذلك العالم على خطيئة وعلى بر وعلى دينونة…- إلى أن يقول: -إنّ لي أموراً كثيرة ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأمّا متى ما جاء ذاك روح الحقّ فهو يرشدكم إلى جميع الحقّ؛ لأنّه لا يتكلّم من نفسه بل كلّ ما يسمع يتكلّم به، ويخبركم بأمور آتية- [الإصحاح: ١٦/١٢-١٣].

فالمعزى والمحمي والفرقطاليس وأمثالها تسميات أشارت للنبي محمد صلى الله عليه وآله كما وأشارت لحفيده عبارات كثيرة بشرت بها الأديان السماوية، وغير السماوية..
فعند المزديين سوشيانت، وعند البوذيين بوذا الخامس وعند اليهود الملك، وعند المسيح عيسى عليه السلام وفارقليط والمعزى، وعند الهندوس كريشنا فهو المهدي المنتظر عجل الله فرجه وإن غيروا في مواصفاته العقدية وتسمياته الواضحة.

الحمد لله رب العالمين

عباس العصفور
النجف الأشرف