الليلة الثالثة والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه عليه السلام في دعائه: وَحِقَاقُ مَفاصِلِي، وَقَبضُ عَوامِلِي، وَاَطرَافُ اَنَامِلِي وَلَحْمِي وَدَمِي، وَشَعْرِي وَبَشَرِي، وَعَصَبِي وَقَصَبِي، وَعِظَامِي وَمُخِّي وَعُرُوقِي، وَجَمِيعُ جَوارِحِي.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الكهف : «وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ» ويزيد الكف تفصيلا فيذكر الأصابع بقوله في سورة نوح: «جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ في آَذَانِهِمْ» كما يذكر رؤوس الأصابع بقوله في سورة آل عمران : «عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ»، وكما يذكر البنان في قوله تعالى في سورة القيامة «بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ».
وقوله تعالى في سورة البقرة: وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا.
وقوله في سورة البقرة: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ»
ويقول عز من قال في سورة فصلت: «حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِى أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ».
قال عز من قال في سورة الطارق: «فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ *خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ».

دلائل كتاب الله عزوجل في تفصيل الإنسان كثيرة، فكانت الآيات المباركة التي ذكرناها تدل على هيكلية هذا الجسم في تكوينه.
وكلام الإمام عليه السلام يعلمنا أسرار الوجود والخلق، لأنه عليه السلام أشار إليها وسجلها التاريخ ليظهر الإعجاز الإلهي للإنسان في كل عصر، ومع تقدم العلم والمعرفة البشرية، يربط البعض كلامهم عليهم السلام بالنظريات العلمية! وهذا شيء لا يجب أن يحدث أو يقال، فكلامهم لا ترتبط صحته باتفاقه مع نظرية علمية أياً كانت، ولكن العلم هو الذي يستمد صحته وبيانه إذا اتفق مع كلامهم عليهم السلام. فكل علم مخالف لحقائق كلامهم عليهم السلام هو علم خاطئ وزائف، لأن كلامهم عليهم السلام كلام النبي صلى الله عليه واله وكلام النبي كلام الله عزوجل، ولا يمكن لمخلوق أو متفلسف أن يصل في أسرار الكون إلى علمهم عليهم السلام.

روي عن عن سالم بن الضرير أن نصرانياً سأل الإمام الصادق عليه السلام عن أسرار الطب ، ثم سأله عن تفصيل الجسم فقال عليه السلام: إن الله خلق الإنسان على اثنى عشر وصلاً ، وعلى مائتين وثمانية وأربعين عظماً وعلى ثلاثمائة وستين عرقاً فالعروق هي التي تسقي الجسد كله ، والعظام تمسكه واللحم يمسك العظام ، والعصب يمسك اللحم ، وجعل في يديه إثنين وثمانين عظماً في كل يد واحد وأربعين عظما منها في كفه خمسة وثلاثون عظما ، وفي ساعده اثنان، وفي عضده واحد، وفي كتفه ثلاثة ، فذلك واحد وأربعون، وكذلك في الأخرى ، وفي رجله ثلاثة وأربعون عظماً ، منها في قدمه خمسة وثلاثون عظماً ، وفي ساقه اثنان، وفي ركبته ثلاثة، وفي فخذه واحد ، وفي وركه اثنان، وكذلك في الأخرى . وفي صلبه ثماني عشر فقارة، وفي كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع ، وفي وقصته ثمانية ، وفي رأسه ستة وثلاثون عظماً ، وفي فمه ثماني وعشرون أو اثنا وثلاثون عظماً.
   
والمراد بالوصل هو الأعضاء العظمية المتصلة ببعضها وهي اثنا عشر ، الرأس والعنق والعضدان والساعدان والفخذان والساقان وأضلاع اليمين وأضلاع اليسار .
    ولعمري أن هذا الحصر والتعداد لم يتعد عين ما ذكره المشرحون والجراحون في هذا العصر، لم يزيدوا ولم ينقصوا ، اللهم إلا في التسمية أو جعل الاثنين لشدة اتصالهما واحداً وبالعكس ، وهذا مما يدلنا على اطلاعه الكامل بالتشريح ونظره الثاقب في بيان تفصيل الهيكل العظمي في بدن الانسان .

وروي عن الامام الصادق عليه السلام في خلق الانسان وتركيبه:
قال عليه السلام: عرفان المرء نفسه أن يعرفها بأربع طبائع وأربع دعائم وأربعة أركان

فطبائعه: الدم والمرة والريح والبلغم،

ودعائمه: العقل ومن العقل الفهم والحفظ ،

وأركانه: النور والنار والروح والماء

وصورته: طينته، فأبصر بالنور، وأكل وشرب بالنار، وجامع وتحرك بالروح، ووجد طعم الذوق والطعام بالماء، فهذا تأسيس صورته.

فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما حافظا ذكيا فطنا فهما وعرف فيما هو ومن أين يأتيه ولأي شيء هو هاهنا وإلى ما هو صائر بإخلاص الوحدانية والإقرار بالطاعة ، وقد تجري فيه النفس وهي حارة ، وتجري فيه وهي باردة، فإذا حلت به الحرارة أشر وبطر وارتاح وقتل وسرق وبهج واستبشر وفجر وزنى وبذخ ، وإذا كانت باردة اهتم وحزن واستكان وذبل ونسي فهي العوارض التي تكون منها الأسقام ولا يكون أول ذلك إلا بخطيئة عملها، فيوافق ذلك من مأكل أو مشرب في حد ساعات لا تكون تلك الساعة موافقة لذلك المأكل والمشرب بحال الخطيئة، فيستوجب الألم من ألوان الأسقام.

ثم قال (عليه السلام) بعد ذلك بكلام آخر: إنما صار الإنسان يأكل ويشرب ويعمل بالنار، ويسمع ويشم بالريح ، ويجد لذة الطعام والشراب بالماء، ويتحرك بالروح، فلولا أن النار في معدته لما هضمت الطعام والشراب في جوفه ، ولو لا الريح ما التهبت نار المعدة، ولا خرج الثفل من بطنه، ولو لا الروح لا جاء ولا ذهب ، ولو لا برد الماء لأحرقته نار المعدة ، ولو لا النور ما أبصر ولا عقل والطين صورته، والعظم في جسده بمنزلة الشجر في الأرض، والشعر في جسده بمنزلة الحشيش في الأرض، والعصب في جسده بمنزلة اللحاء على الشجر، والدم في جسده بمنزلة الماء في الأرض ، ولا قوام للأرض إلا بالماء، ولا قوام لجسد الإنسان إلا بالدم والمخ دسم الدم وزبده فهكذا الإنسان خلق من شأن الدنيا وشأن الآخرة فإذا جمع الله بينهما.

صارت حياته في الأرض لأنه نزل من شأن السماء إلى الدنيا، فإذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت يرد شأن الآخرة إلى السماء، فالحياة في الأرض، والموت في السماء ، وذلك أنه يفرق بين الروح والجسد، فردت الروح والنور إلى القدرة الأولى، وترك الجسد لأنه من شأن الدنيا.

وإنما فسد الجسد في الدنيا لأن الريح تنشف الماء فييبس الطين فيصير رفاتا ويبلى، ويرد كل إلى جوهره الأول، وتحركت الروح بالنفس ، والنفس حركتها من الريح، فما كان من نفس المؤمن فهو نور مؤيد بالعقل، وما كان من نفس الكافر فهو نار مؤيد بالنكراء، فهذا من صورة ناره، وهذا من صورة نوره ، والموت رحمة من الله لعبده المؤمن، ونقمة على الكافر.

ولله عقوبتان إحداهما من الروح، والأخرى تسليط الناس بعض على بعض، فما كان من قبل الروح فهو السقم والفقر، وما كان من تسليط فهو النقمة، وذلك قول الله عز وجل: وكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ، من الذنوب، فما كان من ذنب الروح فعقوبته بذلك السقم والفقر ، وما كان من تسليط فهو النقمة، وكل ذلك عقوبة للمؤمن في الدنيا وعذاب له فيها.

وأما الكافر فنقمة عليه في الدنيا، وسوء العذاب في الآخرة، ولا يكون ذلك إلا بذنب ، والذنب من الشهوة ، وهي من المؤمن خطأ ونسيان، وأن يكون مستكرها، وما لا يطيق ، وما كان من الكافر فعمد وجحود واعتداء وحسد، وذلك قول الله عز وجل كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ. انتهى.

كلام علماء التشريح عن:
من المعروف بأن عظامنا نسيج حي قادر على إصلاح نفسه وإعادة تشكيله بما يتوافق مع النشاط اليومي لكل منا.
وفي مقال نشر بموقع “كونفرزيشن Conversation” استعرض آدم تايلور أستاذ ومدير مركز تعليم التشريح السريري وريبيكا شيبرد طالبة دكتوراه بجامعة لانكستر ست حقائق جديدة قد يجهلها الكثيرون عن هيكلنا العظمي.
قال: لا يمتلك الجميع نفس عدد العظام ، تنص الكتب المدرسية على أن الهيكل العظمي البشري يتألف من عدد من العظام يبلغ 206. إلا أن الأطفال يولدون ولديهم ما يزيد عن ثلاثمئة عظمة، حيث تكون هذه العظام غضروفية بداية الأمر، ثم تتصلب خلال السنوات الأولى من الحياة، كما تندمج بعض العظام معا.
والمقال طويل وقد أخذت ما يوضح المطلوب.

ونحن في هذه الأيام والليالي الحزينة بشهادة الامام أمير المؤمنين عليه السلام نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.

ونستذكر في هذه المناسبة وصاياه الشريفة التي أوصى بها قبيل شهادته والتي منها:

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به عليّ بن أبى طالب، أوصى أنّه يشهد أن لا اله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون. ثمّ إنّ صلاتي ونُسُكي ومحيايَ ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له، وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

الليلة الثانية والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه عليه السلام في دعائه: وَبُلُوغِ فَارِغِ حبَائِلِ عُنُقِي، وَمَا اشْتَمَلَ عَليْهِ تَامُورُ صَدرِي، وَحمَائِلِ حَبْلِ وَتِينِي، وَنِيَاطِ حِجَابِ قَلْبِي، وَأَفْلاَذِ حَواشِي كَبِدِي، وَمَا حَوَتْهُ شَراسِيفُ اَضْلاَعِي.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الرعد: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾.

كم هي جميلة التعابير وكلمات الإمام عليه السلام في دعائه، عندما تصف الصدور وما فيها، و توجهها بالشهادة التوحيدية نحو الباري عز وجل، كي يبعث الأنوار الإلهية في القلوب.

منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا احتل القلب مكانة هامه ومركزيه لبني الإنسان.
ففي المعتدات القديمة، كما عرف من رموز الصينيين، أن القلب هو موضع الحب والروح.
وإننا لنجد في عادات الشعوب المئات من العبارات المستعارة مما يوحي بمركزية وأهمية القلب في حياة الأمم.
بعض من هذه الاستعارات: دخل في قلبي، ذو قلب قاس، ومقابلها ذو قلب حنون، القلم بريد القلب وترجمان العقل.
المعتقدات الإسلامية ما قلت شأنا عن مثيلاتها من المعتقدات الأخرى، بل زادت الكثير على مركزية وأهمية هذا الجوهر في الإنسان.
لأن القلب ملك الأعضاء، كما في الحديث النبويّ المرويّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ألا وإنَّ في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدَت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب.
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: أعلم أنّ منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من الناس الواجب الطاعة عليهم، ألا ترى أنّ جميع جوارح الجسد شرط للقلب وتراجمة له مؤدية عنه.

وعندما نقرأ كلمات الامام عليه السلام حول القلب والحصن الذي وضعه الله له كي يحميه وهو الذي في الصدور وما رادفها من كلمات تفصيلية عن محتواه ،كل ما وجدناه في مجملها تعالج الباطن والروحانيات للقلب في الشهادة الوحدانية لله تبارك وتعالى.

روي من مناظرة الإمام الصادق عليه السلام مع الطبيب الهندي:
قال الامام الصادق عليه السلام أخبرني يا هندي: فلم كان القلب كحب الصنوبر ؟ قال لا أعلم .
فلم كانت الرئه قطعتان وجعلت حركتهمافي موضعهما ؟ قال:لا أعلم .
فلم كانت الكبد حدباء ؟ قال:لا أعلم .
قال الامام عليه السلام: وكان القلب كحب الصنوبر لأنه منكس فجعل رأسه دقيقاً ليدخل في الرئة فيتروح عنه ببردها ولئلا يشيط الدماغ بحره .
وجعلت الرئة قطعتين ليدخل القلب بين مضاغطها فيتروح بحركتها .
وكانت الكبد حدباء لتثقل المعدة وتقع جميعها عليها فتعصرها ليخرج ما فيها من بخار .

وهو القلب ذلك العضو المهم في جسم الانسان , ذكر في القرآن صراحة اكثر من مائة وثلاثون مرة.

ولقد ظهر في الناس من تعاليمهم وارشاداتهم عليهم السلام مادل على كامل معرفتهم وتمام اطلاعهم على مختلف العلوم لاسيما علم الطب.

فيما كان من علم التشريح في العلم الحديث:

يمكن تعريف القلب بأنه العضو الأساسي في جهاز الدوران، وهو مضخة عضلية بحجم قبضة اليد تضخ الدم إلى أنحاء الجسم عبر الأوعية الدموية، تعمل دون توقف ولا كلل وتنظم الإيقاع والنبضات.
يزن القلب ما بين 230 إلى 350 جراماً تقريباً، ويضخ من 5 إلى 7 لتر في الدقيقة، و7600 لتر تقريباً في اليوم.
تتمثل وظيفة القلب في:

  • ضخ الدم في الشرايين التي تحمل الأكسجين والمواد المغذية إلى جميع أنسجة الجسم.
  • استقبال الدم غير المؤكسج والفضلات الأيضية، وضخهما إلى الرئتين لكي يتأكسج مرة أخرى.

يعتقد معظم الناس أن مكان القلب في جسم الإنسان على الجانب الأيسر من الصدر، ولكن في الحقيقة أن موقع القلب في الجسم في وسط صدر جسم الإنسان بين الرئتين خلف عظمة القص، وتميل قمته نحو اليسار قليلاً.

تشريح القلب
يشبه شكل القلب مخروط قاعدته تتجه للأعلى والخلف، بينما تتجه قمته للأمام والأسفل، ويتكون من أربع حجرات وأربعة صمامات.
حجرات القلب
تعرف الحجرتان الموجودتان في الجزء العلوي من القلب باسم الأذين الأيمن والأذين الأيسر، والحجرتان السفليتان هما البطين الأيمن والبطين الأيسر.

  • يستقبل الأذين الأيسر الدم المؤكسج من الرئتين بعد تنقيته من ثاني أكسيد الكربون عن طريق الأوردة الرئوية الأربعة .
  • يستقبل الأذين الأيمن الدم المشبع بثاني أكسيد الكربون القادم من جميع أنحاء الجسم عن طريق الأوردة الجوفية العليا والسفلى.
    صمامات القلب
    توجد صمامات تفصل الأذينين عن البطينين تسمى الصمامات الأذينية البطينية، وهما:
  • صمام ثلاثي الوريقات على اليمين.
  • الصمام الميترالي على اليسار.
    بعد وصول الدم إلى البطينين، يتم ضخه إلى أجزاء الجسم المختلفة في وعائين دمويين كبيرين هما الشريان الأورطي، واثنان من الشرايين الرئوية.
    يوجد في منافذ البطينين صمامات نصف هلالية، الصمام الرئوي وصمام الشريان الأورطي.
    طبقات القلب
    يتكون جدار القلب من ثلاث طبقات:
  • القلب الخارجي .
  • عضلة القلب الوسطى .
  • البطانة الداخلية .
    تشكل عضلة القلب الوسطى الجزء الأكبر من القلب، وتتكون من خلايا وألياف عضلة القلب، في حين أن الطبقة الداخلية والخارجية هي طبقات رقيقة، ويحاط القلب بأكمله بغلاف خارجي يسمى غشاء التامور.
    هذا بعض مما ذكروه ولو اردنا البحث العميق كان الحاجة الى مجلدات لهذا البحث، ولكن خير الكلام ما قل ودل.

يُعلم بالرجوع إلى الآيات القرآنية والروايات الشريفة أنّ المراد من القلب هو إمّا عين هذه الحقيقة التي تُشير إلى إعماله بما يريده الله، أو بما أراده الشيطان. وإنّ من آثار القلب هو أن يتمكّن المرء من التمييز بين الحقّ والباطل، وهذه القدرة على التمييز هي غاية في النفاسة والقيمة بالنسبة للإنسان المؤمن.

إن عمارة القلب هو الشيء الذي يمكن أن يعول عليه في الدنيا والآخرة، عن الإمام الجواد عليه السلام: (القصد إلى الله تعالى بالقلوب، أبلغُ من إتعاب الجوارح بالأعمال).. بمعنى أن العبادة قد تكون مرهقة: صياماً، أو قياماً، أو حجاً وغيرها ولكن الإنسان في جلسة تأمل مع نفسه، ومناجاة مع ربه؛ يصل إلى درجات عالية جداً من الرقي والتكامل الروحي.

روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله )قال : إن لله تعالى في الأرض أواني ، ألا وهي القلوب ، فأحبها إلى الله ، أرقها ، وأصفاها ، وأصلبها : أرقها للاخوان ، وأصفاها من الذنوب ، وأصلبها في ذات الله.

وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله )قال : القلوب أربعة : قلب فيه إيمان وليس فيه قرآن ، وقلب فيه إيمان وقرآن ، وقلب فيه قرآن وليس فيه إيمان ، وقلب لا إيمان فيه ولا قرآن : فأما الأول كالتمرة طيب طعمها ولا طيب لها ، والثاني كجراب المسك طيب إن فتح وطيب إن وعاه ، والثالث كالأسنة طيب ريحها وخبيث طعمها ، والرابع كالحنظلة خبيث ريحها وطعمها.

ونحن في هذه الأيام والليالي الحزينة بشهادة الامام أمير المؤمنين عليه السلام نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.

مما لا شك فيه أن هذه الدموع التي يجريها الإنسان على مصائب أهل البيت عليهم السلام ترقق القلب، ولهذا علينا دوماً انتهاز هذه الحالة المعنوية بالمبالغة في المناجاة الخاشعة لله عز وجل. يقول الإمام الرضا عليه السلام : فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء يحطّ الذنوب العظام.

روي عن الإمام علي عليه السلام قال : بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آخذ بيدي ونحن نمشي في بعض سكك المدينة ، فمررنا بحديقة فقلت : يا رسول الله ! ما أحسنها من حديقة !. قال : لك في الجنّة أحسن منها ، ثمّ مررت بأخرى فقلت : يا رسول الله ! ما أحسنها من حديقة !. قال : لك في الجنّة أحسن منها ، حتّى مررنا بسبع حدائق كلّ ذلك أقول : ما أحسنها ، ويقول : لك في الجنّة أحسن منها ، فلمّا خلا له الطريق اعتنقني ، ثمّ أجهش باكياً ، قلت : يا رسول الله ! ما يبكيك ؛ قال : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي ، قلت : يا رسول الله ! في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من دينك.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

الليلة الحادية والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه عليه السلام في دعائه: وَخُرْقِ مَسَارِبِ نَفْسِي، وَخَذَارِيفِ مَارِنِ عِرْنِينِي; وَمَسَارِبِ سِمَاخِ سَمْعِي، وَمَا ضُمَّتْ وَاَطبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتَاىَ، وَحَرَكَاتِ لَفظِ لِسَانِي، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَفَكِّي، وَمَنَابِتِ اَضْرَاسِي، وَمَسَاغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي، وَحِمَالَةِ اُمِّ رَأْسِي.

ما زالت كلمات الامام عليه السلام ترسم هيكل الجسم البشري، مفصلاً تفصيلاً دقيقاً، ليبين حقيقة معجزة خلق الإنسان، ليشهد كل ما حواه الرأس تجاه خالقه من التوحيد له عزو جل.
قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة فصلت: (وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن يَشۡهَدَ عَلَيۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَآ أَبۡصَٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَا يَعۡلَمُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ).


روي عن الامام الصادق عليه السلام في مناظرته مع الطبيب الهندي:

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ جعل الأنف فيما بينهما ؟ ) قال : لا أعلم .
قال ( عليه السلام ) : ( فَلِمَ كان ثقب الأنف في أسفله ؟ ) قال : لا أعلم .
قال ( عليه السلام ) : ( فَلِمَ جعلت الشفّة والشارب من فوق الفم ؟ ) قال : لا أعلم .
قال ( عليه السلام ) : ( فَلِمَ احتدَّ السنّ وعرض الضرس وطال الناب ؟ ) قال : لا أعلم .
قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ جعلت اللحية للرجال ؟ ) قال : لا أعلم .
قال عليه السلام: كان في الرأس شؤن لأنّ المجوّف إِذا كان بلا فصل أسرع إليه الصداع ، فإذا جعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد ، وجعل الشعر من فوقه لتوصل بوصوله الأدهان إلى الدماغ ، ويخرج بأطرافه البخار منه ، ويردّ الحرّ والبرد عليه ، وخلت الجبهة من الشعر لأنّها مصبّ النور إلى العينين .
وجعل ثقب الأنف في أسفله لتنزل منه الأدواء المتحدّرة من الدماغ ، ويصعد فيه الأراييح إلى المشام ، ولو كان في أعلاه لما نزل منه داء ، ولا وجد رائحة .
وجعل الشارب والشفّة فوق الفم ، لحبس ما ينزل من الدماغ إلى الفم ، لئلا يتنغّص على الإنسان طعامه وشرابه ، فيميطه عن نفسه ، وجُعلت اللحية للرجال ليستغنى بها عن الكشف في المنظر ، ويعلم بها الذكر من الأُنثى ، وجعل السنّ حادّاً لأنّه به يقع العض ، وجعل الضرس عريضاً لأنّه به يقع الطحن والمضغ ، وكان الناب طويلاً ليسند الأضراس والأسنان ، كالأسطوانة في البناء .

روى هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيرهما قالوا: سمعنا الإمام أبا عبد الله عليه السلام يقول: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، و حديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله قول الله عز وجل.
فكلامهم سلام الله عليهم وحي الإله، إليهم كل علم يرجع والذي بين يديك من تفصيل علم التشريح، أطلقوا عليه فكانوا عليهم السلام السابقون فيه وعلماؤه ومشرعيه، وذلك قول الإمام علي عليه السلام في صفة آل النبي (صلى الله عليه وآله) -: هم موضع سره، ولجأ أمره، وعيبة علمه، وموئل حكمه، وكهوف كتبه، وجبال دينه، بهم أقام انحناء ظهره، وأذهب ارتعاد فرائصه.
ومثال ذلك فيما كان من علم التشريح ومتى استكشف:
وكان الكلام عن العناصـر الأربعة‌ التي‌ توجـد في‌ جسـم‌ الإنسان‌ بوفـرة‌، فهي‌: الاُوكسجين‌ ـ الكربون‌ ـ الهيدروجين‌ ـ الآزوت‌ ( النتروجين‌ ) .
 ذكره أهل البيت عليهم السلام وكانت نقطة ارتكاز عند هؤلاء العلماء.
لم‌ يتسنّ للعلماء الاهتداء إلي‌ هذه‌ العناصر في‌ جسم‌ الإنسان‌ في‌ غضون‌ يوم‌ أو يومين‌. فقد بدأ هذا العمل‌ بعمليّات‌ تشريح‌ دقيقة‌ منذ بداية‌ القرن‌ الثامن‌ عشر الميلاديّ، وكان‌ لفرنسا والنمسا دور رياديّ في‌ أُوروبّا في‌ علم‌ التشريح‌.
 لم‌ يزاوَل‌ علم‌ التشـريح‌ في‌ البلـدان‌ الاُخـري‌ إلاّ نادراً. ولم‌ يكـن‌ له‌ وجـود في‌ الاقطـار الشـرقـيّة‌، وفي‌ البلـدان‌ الاُوروبّـيّة‌ كانـت‌ الكـنائـس‌ الارثـوذكسـيّة‌ والكاثـوليكـيّة‌ والبروتسـتانتـيّة‌ تخـالف‌ التشـريـح‌. أمّا في‌ النمسا وفرنسا فقد كانت‌ عمليّات‌ التشـريح‌ تجري‌ خفية‌ خوفاً من‌ معارضة‌ الكنيسة‌.
 مع‌ هذا، لم‌ يتّسع‌ نطاق‌ التشريح‌ في‌ فرنسا حتّي‌ عهد الطبيب‌ الفرنسيّ ( مارا ) ، وكان‌ يجري‌ بخفاء تقريباً. وقام‌ مارا بالاشتراك‌ مع‌ عدد من‌ العلماء الفرنسيّين‌ ومنهم‌ لافوازييه‌ الشهير ـ الذي‌ قطع‌ رأسه‌ بالمقصلة‌ سنة‌ 1894 م‌ بتحـليل‌ الانسـجة‌ والخـلايا في‌ جسـم‌ الإنسان‌ للوقـوف‌ علي‌ أسرارها ومكوّناتها.
 وبعد وفاة‌ مارا، استمرّت‌ التجارب‌ والتحاليل‌ علي‌ جسم‌ الإنسان‌ يُجريها تلامذته‌ والمتأثّرون‌ به‌، وظلّت‌ هذه‌ التجارب‌ تجري‌ طوال‌ القرن‌ التاسع‌ عشر وإلي‌ مطلع‌ القرن‌ العشرين‌.
 كان‌ التشـريح‌ في‌ بداية‌ القرن‌ الثامن‌ عشـر الميلاديّ مقتصـراً علي‌ فرنسـا والنمسـا، ثمّ راج‌ في‌ سائـر البلـدان‌ الاُوروبّـيّة‌، وبلـدان‌ القـارّات‌ الاُخري‌. وأصبح‌ اليوم‌ متداولاً في‌ كلّ مكان‌ من‌ العالم‌ إلاّ بعض‌ البلدان‌ التي‌ ليس‌ فيها كلّيّة‌ الطبّ والجراحة‌.
 أينما كان‌ التشريح‌ فإنّ التحقيق‌ يجري‌ حول‌ العناصر التي‌ يتألّف‌ منها جسم‌ الإنسان‌. وقد تختلف‌ نتيجة‌ التحقيق‌ في‌ الجزئيّات‌ بين‌ مركزين‌، أمّا في‌ الأرقام‌ الكبرى فلا اختلاف‌ بينهما، والتناسب‌ الذي‌ ذكره‌ الإمام جعفر الصادق‌ عليه السلام محفوظ‌ بشأن‌ جميع‌ الأشخاص‌ السالمين‌ في‌ كافّة‌ الأقطار.
الكلام عن الراس وما وصلوا اليه هؤلاء من علم التشريح فيتألف عندهم:

تتكون الجمجمة من هيكل متعدد العظام. ومع ذلك ، يمكننا تحديد العشرة الأوائل الذين تتمثل وظيفتهم في حماية الجهاز العصبي المركزي.
على الرغم مما قد تعتقد ، تعتبر عظام الأنف والفم أيضًا جزءًا من الجمجمة، لذلك عند الحديث عن أجزاء الرأس تتم الإشارة أيضًا إلى العظام الموجودة في الوجه مثل الفك أو عظم الأنف.

أمامي
العظم الجبهي هو أحد أكبر أجزاء الرأس.

الجداري
الجداري هو استمرار للعظم الجبهي الذي يمتد تقريبًا إلى مؤخرة العنق.

مؤقت
تقع العظام الصدغية على جانبي الرأس ، أسفل الأذنين ، وتعمل كحلقة وصل بين العظام الجدارية والعظام القذالية.

العظم القذالي عظم مؤخر الرأس
من بين الأجزاء المختلفة من الرأس ، يعتبر العظم القذالي هو الأقرب إلى مؤخرة العنق. وظيفتها الرئيسية بالإضافة إلى تكوين هيكل الجمجمة هي ربط الرأس بالعمود الفقري.

الوتدي
الوتدي هو أحد أصغر أجزاء الرأس. إنه عظم ينضم إلى ثلاثة أجزاء من الجمجمة: الصدغي والجبهي والوجه.
الوجني
يقع الوجني بجوار العظم الوتدي ويعمل أيضًا كاتحاد بين الأجزاء المختلفة. على وجه التحديد ، يربط العظم الجبهي بالوجه.
دمعي
تقع القناة الدمعية خلف العينين ، في التجويفات. يطلق عليه هذا الاسم بسبب موقعه ، لأنه يقع في مكان وجود الغدد الدمعية.
أنفي
كما يوحي اسمه ، يقع عظم الأنف في الأنف. هذا يوحد الجزء الأمامي مع الفك العلوي.
الفك العلوي
يعمل الفك العلوي كإغلاق لمقدمة الرأس. بهذه الطريقة ، يمتد الفك العلوي من أعلى الفم إلى بداية الجبهة.
الفك السفلي
يعتبر الفك من أسهل أجزاء الرأس التي يمكن التعرف عليها. يقع في الجزء السفلي من الفم ويمتد نحو المعابد. هو العظم الموجود في الوجه الذي يسمح بالحركة في الفم.

التعصيب
تؤمن الأعصاب القحفية بأزواجها الإثني عشر غالبية التحكم العصبي بالوجه. تنقل فروع العصب مثلث التوائم (وهو عصب قحفي) الإحساسات من الوجه، أما إحساسات بقية أجزاء الرأس فتنقل عبر الأعصاب الرقبية.

إنّ أئمة أهل البيت عليهم السلام نعمة الله على الخلق ، وهم الوسائط بين الله والموجودات في الخلق والإيجاد والعلم والرزق ، وسائر الفيوضات النازلة والنعم الواصلة.
وبهم فسّرت النعمة في قوله عزّوجلّ في سورة النحل: ( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّـهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا ).

ونحن في هذه الأيام والليالي الحزينة بشهادة الامام أمير المؤمنين عليه السلام نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.
روي عن محمّد بن الحنفيّة قال: لمّا كانت ليلة إحدى وعشرين وأظلم الليل وهي الليلة الثانية من الكائنة، جمع أبي أولاده وأهل بيته وودّعهم، ثمّ قال لهم: الله خليفتي عليكم وهو حسبي ونعم الوكيل، وأوصاهم- الجميع منهم- بلزوم الإيمان والأديان والأحكام التي أوصاه بها رسول الله صلّى الله عليه وآله.


وقال: ثمّ تزايد ولوج السمّ في جسده الشريف، حتى نظرنا إلى قدميه وقد احمرّتا جميعاً، فكبر ذلك علينا وأيسنا منه، ثمّ أصبح ثقيلاً، فدخل الناس عليه، فأمرهم ونهاهم وأوصاهم، ثمّ عرضنا عليه المأكول والمشروب فأبى أن يشرب، فنظرنا إلى شفتيه وهما يختلجان بذكر الله تعالى، وجعل جبينه يرشح عرقاً وهو يمسحه بيده، قلت: يا أبتِ أراك تمسح جبينك، فقال: يا بنيّ إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: إنّ المؤمن إذا نزل به الموت ودنت وفاته عرق جبينه وصار كاللؤلؤ الرطب، وسكن أنينه، ثمّ قال: يا أبا عبد الله ويا عون، ثمّ نادى أولاده كلهم بأسمائهم صغيراً وكبيراً واحداً بعد واحد، وجعل يودّعهم ويقول: الله خليفتي عليكم أستودعكم الله وهم يبكون.

ثمّ أغمي عليه ساعة، وأفاق وقال: هذا رسول الله صلّى الله عليه وآله، وعمّي حمزة، وأخي جعفر، وأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله، وكلّهم يقولون: عجِّل قدومك علينا فإنّا إليك مشتاقون، ثمّ أدار عينيه في أهل بيته كلّهم، وقال: أستودعكم الله جميعاً سدَّدكم الله جميعاً حفظكم الله جميعاً، خليفتي عليكم الله وكفى بالله خليفة.

ثمّ قال: وعليكم السلام يا رسل ربي، ثمّ قال: “لمثل هذا فليعمل العاملون إنّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون” وعرق جبينه، وما زال يذكر الله كثيراً ويتشهّد الشهادتين، ثمّ استقبل القبلة وغمَّض عينيه ومدّ رجليه ويديه، وقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، ثمّ قضى نحبه عليه السلام.

وا إماماه!! واعليّاه!! واسيّداه!!.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

الليلة العشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه عليه السلام في دعائه: عَقْدِ عَزَمَاتِ يَقِينِي، وَخَالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي، وَبَاطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي، وَعَلاَئِقِ مَجَارِي نُورِ بَصَرِي، وَاَسَارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة آل عمران:(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ).

وقال تعالى في سورة الواقعة:(إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ).

إن العزم مقترن باليقين الخالص لله، والعزم إرادةٌ يريد بها الإقدام على التصريح في توحيده لله عزوجل بكل تكوين الإنسان من جسد وأمر قلبي أو وجداني، فاليقين روح أعمال القلوب التي هي أرواح أعمال الجوارح، فهو مادة جميع المقامات والحامل لها.


روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: من الحزم صحة العزم، من الحزم قوة العزم.
اليقين الخالص في توحيد الله هو درك الفضائل النفسية، وأعز المواهب الإلهية، فيعطي العبد مكانة توليه السعادة في الدارين.


روي عن الإمام جعفر الصادق قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صلى بالناس الصبح، فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي برأسه، مصفراً لونه، قد نحف جسمه، وغارت عيناه في رأسه، فقال له رسول اللّه: كيف أصبحت يا فلان؟

قال: أصبحت يا رسول اللّه موقناً،

فعجب رسول اللّه من قوله، وقال له: إن لكل يقين حقيقة، فما حقيقة يقينك؟

فقال: إنّ يقيني يا رسول اللّه هو الذي أحزنني، وأسهر ليلي، وأظمأ هواجري، فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها، حتى كأني أنظر الى عرش ربي، وقد نصب للحساب، وحُشر الخلائق لذلك، وأنا فيهم، وكأني أنظر الى أهل الجنة يتنعمون في الجنة ويتعارفون، على الأرائك متكئون، وكأني أنظر الى أهل النار وهم فيها معذَّبون، مصطفون، وكأني الآن استمع زفير النار يدور في مسامعي.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لأصحابه: هذا عبد نوّر اللّه قلبه بالإيمان، ثم قال له: الزم ما أنت عليه،

فقال الشاب: أدع اللّه لي يا رسول اللّه أن أرزق الشهادة معك،

فدعا له رسول اللّه فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي فاستُشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر.

لقد اهتم الإمام عليه السلام بكلمات دعائه الشريف بهوية العبد بدءا من الاعتراف بالإخلاص لله بالضمير، وقد عرفوا الضمير بتعريفات عدة من علماء الكلام والنفس والفلسفة وعلم الحديث، وعرفه القرآن هو ذلك الوجدان او القلب، ونسب إليه صفات عدة العمي والمرض والتشتت والإثم والقسوة وغيرها من التقلبات التي تطرأ عليه من الخير أو الشر.
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)قال: إن للقلب أذنين: روح الإيمان يساره بالخير، والشيطان يساره بالشر، فأيهما ظهر على صاحبه غلبه.

يبدأ سلام الله عليه بالاعتراف الكلي من الجسد بتوحيد الله عزو جل، كأنه يُشرح جسم الإنسان ويدعو كل جزء منه الى الاعتراف لله بالوحدانية فهذا خالص العبودية لله.


وتناول ديننا البدن تشريحا وبياناً وتوضيحاً لوظائف أعضائه، فلا إهمال ولا لغوية في وجود كُلّ عضو، بل وُضِعَ كل عضو في محلّه، ونُظِّمَت علاقة الأعضاء بعضها بالبعض الآخر بتناسق وتناعُم وترابط عجيب حتی أنها تعمل كمجموعة واحدة وإن اختلفت وظائفها وتباعدت اماكنها في هذا البدن الغريب العجيب {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}فتبارك الله أحسن الخالقين.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة البلد:(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ).

وتعتبر العين آية عظيمة وكبيرة جداً وتدل على عظمة الله سبحانه وتعالي لما تتكون منه العين وقد عرفوها علماء التشريح.

عين الإنسان:

1 . الخلط الزجاجي

2. الحاشية المشرشرة

3. العضلة الهدبية

4. النطيفة الهدبية

5. قناة شليم

6. الحدقة

7.الغرفة الأمامية

8. القرنية

9. القزحية

10. قشرة العدسة

١١.العدسة

12. النواتئ الهدبية

  1. الملتحمة
  2. العضلة المائلة السفلية
  3. العضلة المستقيمة السفلية
  4. العضلة المستقيمة الوسطية
  5. أوردة وشرايين الشبكية.
  6. القرص البصري .
  7. الأم الجافية
  8. شريان الشبكية المركزي
  9. الوريد الشبكي المركزي
  10. العصب البصري
  11. الأوردة الدوارية
  12. غمد المقلة
  13. بقعة الشبكية
  14. النقرة المركزية
  15. بياض العين
  16. المشيمية
  17. العضلة المستقيمة العلوية
  18. الشبكية.

روي عن عباد بن صهيب عن أبيه عن جده عن الربيع صاحب المنصور قال : حضر أبوعبد الله عليه السلام مجلس المنصور يوماً وعنده رجل من الهند يقرأ عليه كتب الطب ، فجعل أبوعبد الله عليه السلام ينصت لقراءته ، فلما فرغ الهندي قال له : يا أبا عبدالله ، أتريد مما معي شيئاً ؟

قال : لا فإن معي خير مما معك

قال وما هو ؟

قال عليه السلام: أداوي الحار بالبارد والبارد بالحار والرطب باليابس واليابس بالرطب وأرد الأمر كله إلى الله عز وجل وأستعمل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله: وأعلم أن المعدة بيت الداء وأن الحمية رأس كل دواء واعط البدن ما اعتاده ….

قال عليه السلام : لا والله ما أخذت إلا عن الله سبحانه فاخبرني : أنا أعلم بالطب أم أنت ؟

قال: الهندي بل أنا ،

قال الصادق عليه السلام: فأسألك شيئاً ؟

قال: سل ،

قال الصادق عليه السلام: أخبرني يا هندي : لم كان في الرأس شؤون ؟

قال: لا أعلم .
فلم جعل الشعر عليه من فوق ؟

قال: لا أعلم .
فلم خلت الجبهة من الشعر ؟

قال: لا أعلم .
قال عليه السلام : فلم كان لها تخطيط وأسارير ؟

قال: لا أعلم .
فلم كان الحاجبان فوق العينين ؟

قال: لا أعلم .
فلم جعلت العينان كاللوزتين ؟

قال لا أعلم .
قال الصادق عليه السلام : لكني أعلم .
قال الهندي : فأجب .
قال الصادق عليه السلام : كان في الرأس شؤون لأن المجوف إذا كان بلا فصل اسرع إليه الصداع فاذا جعل ذا فصول [ شؤون ] كان الصداع منه أبعد .
 وجعل الشعر من فوقه ليوصل الأدهان إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ، ويرد الحر والبرد عنه .
وخلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور إلى العينين .
 وجعل فيهما التخطيط والأسارير ليحتبس العرق الوارد من الرأس إلى العين قدر ما يحيطه الانسان عن نفسه كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه .
 وجعل الحاجبان من فوق العينين ليردا عليهما من النور قدر الكفاية ، ألا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما قدر الكفاية منه .
وجعل الأنف بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء .   
وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء ، ولو كانت
مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل ولا وصل اليها دواء ولا خرج منها داء .


وروي من رسالة الحقوق للإمام السجاد عليه السلام قال: وَ أَمّا حَقّ بَصَرِكَ فَغَضّهُ عَمّا لَا يَحِلّ لَكَ وَ تَرْكُ ابْتِذَالِهِ إِلّا لِمَوْضِعِ عِبْرَةٍ تَسْتَقْبِلُ بِهَا بَصَراً أَوْ تَسْتَفِيدُ بِهَا عِلْماً فَإِنّ الْبَصَرَ بَابُ الِاعْتِبَارِ .

هذا أجمل وأدق وأرق ما في الإنسان وأعمقه وأقواه، صغيرٌ حجمها، لكنها تسع الكون بما فيه من بحار وأنهار وجبال وأشجار وشمس وقمر وأرض وسماء. الحواس بها جميعًا تكون حواسًّا، وبدونها تتعب كل حاسة في تصور ما في الوجود من أشياء.. فهي النافذة التي بها تعرف الأشكال والألوان والأسماء، وتكشف الأسرار وتدفع الشرور ،وبها يُقدر الجمال وتُدرك المعارف والعلوم، ويُستدل بها على خالق الوجود.

ونحن في هذه الأيام والليالي الحزينة بشهادة الامام أمير المؤمنين عليه السلام نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.

أوصى إمام المتّقين ورائد الحكمة أولاده عليهم السلام بكوكبة من الوصايا الذهبيّة قبل وفاته ، وهذه بعضها :
ـ قال عليه السلام للحسنين عليهما السلام وهو على فراش الموت يعاني من آلام الضربة الغادرة قال عليه السلام:
أوصيكما بتقوى الله ، وألاّ تبغيا الدّنيا وإن بغتكما ، ولا تأسّفا على شيء منها زوي عنكما ، وقولا بالحقّ ، واعملا للأجر ، وكونا للظّالم خصماً ، وللمظلوم عوناً.
أوصيكما ، وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي ، بتقوى الله ، ونظم أمركم ، وصلاح ذات بينكم ، فإنّي سمعت جدّكما ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يقول : صلاح ذات البيّن أفضل من عامّة الصّلاة والصّيام.
الله الله في الأيتام ! فلا تغبّوا أفواههم ، ولا يضيعوا بحضرتكم.
والله الله في جيرانكم ! فإنّهم وصيّة نبيّكم ؛ ما زال يوصي بهم حتّى ظننّا أنّه سيورّثهم.
والله الله في القرآن ! لا يسبقكم بالعمل به غيركم.
والله الله في الصّلاة ! فإنّها عمود دينكم.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.