الليلة الثامنة والعشرون

الشيخ حسين الشيخ علي المولى
Latest posts by الشيخ حسين الشيخ علي المولى (see all)

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

يَا مَنْ لاَ تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبَادِهِ، وهُوَ الَغَنِىُّ عَنْ طَاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِه، فَلَكَ الْحَمْدُ اِلهِي وَسيِّدِي، إلهِي أمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَأصْبَحْتُ لاَ ذَا بَرآءَة لِي فَاَعْتَذِرُ، وَلاَ ذَا قُوَّة فَأنْتَصِرَُ.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة آل عمران: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.

كل شيء يدور على المعرفة الحقيقة من الحاجة للعبادة هل الله محتاج إلى عبادتنا؟ أم نحن محتاجون لهذه العبادة؟ هذه المعرفة تكمن فيما ينقصنا وهو: الرجوع إلى آل محمد (صلوات الله عليهم) والاطلاع على إجاباتهم الشافية لتزول عنا الحيرة، ونصل من خلال كلامهم في الترشيد الحقيقي ووقوعنا في الشبهات التي ترد علينا من المشككين، فلا بد من التحصن.

روي عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال: سألت الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقلت له: لم خلق الله الخلق؟ فقال عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا، ولم يتركهم سدى، بل خلقهم لإظهار قدرته، وليكلفهم طاعته، فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة، ولا ليدفع بهم مضرة، بل خلقهم لينفعهم، ويوصلهم إلى نعيم الأبد.

ومما يروى من كلام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مع أحدهم: أما سمعت الناس يسألون الحول والقوة حين يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله؟

قال عباية: وما تأويلها يا أمير المؤمنين؟ قال: لا حول عن معاصي الله إلا بعصمة الله، ولا قوة لنا على طاعة الله إلا بعون الله، قال: فوثب عباية فقبل يديه ورجليه.

النفس تحتاج إلى الراحة الداخلية التي تبعث الأمل للإنسان في الإخلاص في طريق عبادته، و عندما نسمع أمير المؤمنين عليًّا عليه السلام يقول: “لأنسبنّ الإسلام نسبةً لم ينسبها أحد قبلي الإسلام هو التّسليم.

يدخل الاطمئنان قلب الإنسان في مراحل معرفته أن التسليم لله من الإيمان المطلوب منه، روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، قال: الإيمان له أربعةُ أركان: التّوكّل على الله، وتفويض الأمر إلى الله، والرّضا بقضاء الله، والتّسليم لأمر الله عزّ وجل.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الذاريات: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}.

نعم إنه الفرار إلى الله، لأن خلفك عدوك إبليس يسعى خلفك جاهداً بكل ما أوتي من قوة ليجعلك من أصحاب السعير، وقد حذر الله من عدوك حيث قال في محكم كتابه العزيز في سورة فاطر: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.

طالما أنَّ الخوف في الإِنسان غريزي وَفطري، فإِنَّ خوفه مِن العوامل الطبيعية وغيرها يجعل الإِنسان يتوجه نحو الخالق، وهروبه من مكائد الشيطان المتربصة به إلى موائد الرحمٰن في أحصن الكلام يصدر من محمد وآل محمد عليهم السلام.

روي عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسين بن علي عليهما السلام على أصحابه فقال: أيها الناس إن الله عز وجل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه، فقال له رجل: يا بن رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله؟

قال: معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته.

ونحن في هذا الزمان والإمام عجل الله فرجه غائب عنا، روي عن أبان بن تغلب، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه سبطة يأرز العلم فيها..، قال: قلت: وما السبطة؟ قال: «الفترة والغيبة لإمامكم»، قال: قلت: فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ فقال: «كونوا على ما أنتم عليه حتَّى يُطلِع الله لكم نجمكم»

 وفي عقيدتي ويقيني أنَّ في سُنَّة النبي صلى الله عليه وآله الواردة عن أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم، وما أصَّلهُ الأصحاب بالتبع، من الأدلَّة الثابتة والبراهين القويَّة على إثبات وجوده عليه السلام الكثير الطيِّب، والحجَّة على إثبات ولادته، وإمكان حياته، هذه الفترة الطويلة ساطعة، بأدلَّة عقلية ونقلية، فلا حاجة لنا بمثل هذه الدعاوى المهلهلة، لترسيخ عقيدتنا أو تقوية إيماننا بوجود الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف،

ولقد تم وصف الإمام عجل الله فرجه بدقة من قبل أهل البيت عليهم السلام.

روي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل قال في وصف الإمام المهدي عجل الله فرجه:

المهدي أقبل أجعد، هو صاحب الوجه الأحمر والجبين الأزهر، صاحب الشامة والعلامة، العالم الغيور، المعلم المخبر بالآثار، هو أوسعكم كهفاً، وأكثركم علماً وأوصلكم رحماً، يومئ للطير فيسقط على يده، ويغرس قضيباً في الأرض فيخضر ويورق.

وروي عن الإمام الرضا (عليه السلام) في وصف الإمام عجل الله فرجه: هو شبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور، تتوقد بشعاع القدس، موصوف باعتدال الخلق، ونضارة اللون، يشبه رسول الله في الخلق، علامته ان يكون شيخ السن، شاب المنظر حتى ان الناظر ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، وان من علامته الاّ يهرم بمرور الأيام والليالي عليه حتى يأتي أجله.

ونحن في هذه الأيام والليالي المباركة نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.

روي عن الإمام المهدي عجل الله فرجه قال: فاتَّقوا الله جلّ جلاله، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها من حمَّ أجله، ويحمى عنها من أدرك أمله، وهي أمارة لأزوف، حركتنا ومباثتكم بأمرنا ونهينا، )يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.(

*انتياشكم: انتشالكم.

*أناف على الشيء: طال وارتفع عليه.

*الأزوف: الاقتراب.

 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *