شرح دعاء الافتتاح *الحلقة الثلاثون* 

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَعِنّا عَلى ذلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَبِضُرٍ تَكْشِفُهُ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ، وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُناها، وَعافِيَةٍ مِنْكَ تُلْبِسُناها، بِرَحْمَتِكَ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ”.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة فاطر: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا}.

نحنُ نودّعُ شهر رمضان المبارك.. فاعلموا عباد الله تعالى إن من أفضل نعم الله عليكم أن وفقكم لامتثال أمره بصيام هذا الشهر المبارك وقيام ليله وتلاوة كتابه وبذل الإحسان فيه فكونوا له من الحامدين.

ولكن يمكن أن يكون البعض قد غفل أو جهل أو قصّر او أغواه الشيطان فوقع في معصية أو ظَلَمَ احداً أو قصّر في حق من حقوق والديه أو اهله أو إخوانه.

وما تزال الفرصة امامكم حيث أنكم في اليوم الأخير من هذا الشهر الذي جعله الله تعالى شهر العتق من النار، فتداركوا ذلك بتوبة نصوح تعودون بها الى ساحة رحمة ربكم ومغفرته فكم من أناس كانت أواخرُهم خاتِمة ً حسنة، وربما تكون ساعة واحدة تشكل منعطفاً كبيراً في حياة الإنسان في علاقته مع الله تعالى.

روي عن الإمام جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام ، يُحْيي ليلة عيد الفطر بصلاة ٍ حتى يُصبِحَ ويبيتُ ليلة َ الفِطرِ في المسجد ويقول : يا بُنيّ ما هي بدونِ ليلةٍ يعني ليلة القدر.

فينبغي للمؤمن بانتهاء شهر الصوم أن يعلم ما مضى عنه من عمره و هو يشعر أنه أدى ما عليه من الصيام وبقية الواجبات، ولكن  عليه أن يحمد الله تعالى ويشكره وأن يستشعر الخوف من حصول التقصير والتفريط بحقوق هذا الشهر ويعترف  بالإساءة ويعترف ان  الفرصة التي ذهبت عنه هي الغنيمة من عطايا وبركات هذا الشهر فيعقد قلبه على الندم ويصدق بالاعتذار الحقيقي بلسانه حتى يمن الله عليه بالعودة إلى مثلها من العبادة في شهر الرحمة والغفران.

فنحس بالقيمة الروحية والمعنوية لهذا الشهر من خلال ما يروى عن الإمام السجاد عليه السلام في الصحيفة السجادية فيعطي للروح غذاء التوجه إلى الله.

روي أنه قال الإمام السجاد عليه السلام:

وَقَدْ أَقامَ فينا هذَا الشَّهْرُ مَقامَ حَمْد، وَصَحِبَنا صُحْبَةَ مَبْرُور، وَأَرْبَحَنا أَفْضَلَ أَرْباحِ الْعالَمينَ، ثُمَّ قَدْ فارَقَنا عِنْدَ تَمامِ وَقْتِهِ وَانْقِطاعِ مُدَّتِهِ، وَ وَفاءِ عَدَدِهِ، فَنَحْنُ مُوَدِّعُوهُ وَداعَ مَنْ عَزَّ فِراقُهُ عَلَيْنا، وَغَمَّنا وَأَوْحَشَنَا انْصِرافهُ عَنّا، وَلَزِمَنا لَهُ الذِّمامُ الْمَحْفُوظُ، وَالْحُرْمَةُ الْمَرْعِيَّهُّ، وَالْحَقُّ الْمَقْضِىُّ.

نسأل الله تعالى لنا ولكم أن يتقبله بقبول حسن ويعيده علينا وعليكم بتمام الصحة والعافية تحت راية الإمام المنتظر المهدي عجل الله فرجه، فلنرفع أكفنا إلى الله بالدعاء ليعجل ظهوره.

روي عن الإمام المهدي عجل الله فرجه قال: إنّا يُحيطُ عِلمُنا بأنبائِكُم، ولا يعزُبُ عنّا شيئٌ من أخبارِكُم. 

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

شرح دعاء الافتتاح *الحلقة التاسعة و العشرون* 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا صلواتك عليه واله وغيبة ولينا وكثرة عدونا وقلة عددنا وشدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا فصل على محمد وآله.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين. 

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة يوسف: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}.

الشكوى التي تصدر من المؤمن في فقد أشرف الخلق صلى الله عليه وآله وسلم، تخفف عنه مرارة الفقد ولتلك الشكوى على بعدها لها أبعاد إيمانية واضحة من التمسك بالعترة الطاهرة ودليل على صدق الإيمان، وقد دلت أفعال الأنبياء عليهم السلام ببث شكواهم إلى الله تعالى من الملمات التي أصابتهم، فيعرف أن هذا الفعل حسن، لأنّ في الشكوى أثراً إيجابياً مهماً في تقوية ارتباط المؤمن بالله جل جلاله لأنّ الإنسان بطبيعته يبثُّ ما يختلج في صدره من همومٍ الى من يشعر بقربه منه ومحبته له، ولهذا الأمر عظيم الأثر في تقوية حُبِّهِ عزوجل في قلب المؤمن، وكذلك في تقوية شعور المؤمن بحبّ الله عزوجل له، لأن الشكوى تكون لمن يثق المؤمن بحُبِّهِ له، ولما هي هذه الشكوى.

وكيف إذا كانت لمثل النبي صلى الله عليه وآله.

وأول من آدبنا على مثل هذه العقيدة شكوى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من ظالمي فاطمة (عليها السلام) روى جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخلت فاطمة (عليها السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) – وهو في سكرات الموت – فانكبت عليه تبكي، ففتح عينه وأفاق ثم قال:

” يا بنية! أنت المظلومة بعدي.. وأنت المستضعفة بعدي.. فمن آذاك قد آذاني، ومن غاظك فقد غاظني، ومن سرك فقد سرني، ومن برك فقد برني، ومن جفاك فقد جفاني، ومن وصلك فقد وصلني، ومن قطعك فقد قطعني، ومن أنصفك فقد أنصفني، ومن ظلمك فقد ظلمني، لأنك مني وأنا منك، وأنت بضعة مني، وروحي التي بين جنبي.

ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: إلى الله أشكو ظالميك من أمتي.

شكوى تهتز لها السموات السبع صدرت من النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، لتكون عنوانًا لما نعيشه في هذه المرحلة من شدة الظلم وكثرة أعدائنا.

ومن أعظم الشكوى غيبة ولي الله الأعظم عجل الله فرجه الشريف التي تبقى منى قلوب المؤمنين لينشر العدل ويحق الحق.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ليلة المعراج ، قال الله تعالى : وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهدياً كلهم من ذريتك من البكر البتول ، وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، أنجي به من الهلكة ، وأهدي به من الضلالة ، وأبرئ به من العمى ، و أشفي به المريض ، فقلت : إلهي وسيدي متى يكون ذلك؟ فأوحى الله عز وجل : يكون ذلك إذا رفع العلم ، وظهر الجهل ، وكثر القرّاء ، وقلّ العمل ، وكثر القتل ، وقلّ الفقهاء الهادون ، وكثر فقهاء الضلالة والخونة ، وكثر الشعراء ، واتخذ أمتك قبورهم مساجد ، وحلّيت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وكثر الجور والفساد ، وظهر المنكر وأمر أمّتك به ونهوا عن المعروف ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وصارت الأمراء كفرة ، وأولياؤهم فجرة ، وأعوانهم ظلمة ، وذوي الرأي منهم فسقة.

ونحن في آخر الساعات من هذا الشهر الكريم نرفع أكفنا بالدعاء إلى الله أن يرفع هذه الغمة عن هذه الأمة بتعجيل فرج وليه الأعظم أرواحنا له الفداء ويجعلنا من الذين غفر لهم في هذا الشهر ومرحومين غير محرومين من رحمته.

روي قال الامام المهدي عجل الله فرجه قال: أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فان ذلك فرجكم.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.