أرشيف التصنيف: من التراث

مقالات من علمائنا الماضين

فضلُ صلاةِ الجماعة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين الرسول المسدد والنبي المؤيد أبي القاسم محمد بن عبدالله وعلى آله الهداة الطيبين الطاهرين..

📜 روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): { ومن حافظ على الجماعة حيثما كان مرّ على الصراط كالبرق الخاطف اللامع في أول زمرةٍ مع السابقين ووجههُ أضوأ من القمر ليلة البدر، وكان له بكل يوم وليلة حافظ عليها ثوابَ شهيد }.المصدر: وسائل الشيعة للحر العاملي، الجزء الثامن، الصفحة: ٣٠٧.

📌 إن { صلاة الجماعة } من أعظمِ شعائِر الدين الحنيف، ومن المستحبات الأكيدة التي أكد عليها القرآن الكريـم، وأكد عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيتِ العصمةِ والطهارة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
📌 لقد بُنيت الثقافة الإسلامية على أساس طرد الأنانية، وإخراج الإنسان من عزلته وانفراده، فكلُ واحد من تعاليم الشارع المُقدس والإلتزامات الشرعية تدفع بالفرد والمجتمع إلى الإنضمام إلى عموم البشرية.

إن للدين أبعاداً عديدة، وقيماً وتعاليماً، ومناهجاً تنظم حياة الناس وشؤونهم الإجتماعية، مع ما فيه من عبادات ومناسك يؤديها الإنسان بينهُ وبين الله تبارك وتعالى، فهناك بعض المناسك والعبادات تقوم على حالة جماعية يمارسها الناس مع بعضهم البعض، وأبرز ذلك ( مناسك الحج ) الذي يجتمعُ فيه الناس من كل أقطار المعمورة في وقتٍ واحد وموسمٍ محدد.
📌 ومن تلك التعاليم والمظاهر التي أكد عليها الإسلام الحنيف هو { صلاةُ الجماعة }، فقد شرعها الله عز وجل ورغبَّ في حضورها في قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) سورة البقرة: آية ٤٣.، فهنا دعوةٌ إلهيةٌ مباركة لصلاة الجماعة، حيثُ عبرت الآية الشريفة بأهم أركان الصلاة وهو الركوع ( واركعوا مع الراكعين ).

📝 وقد أكد سيدُ الأنبياء (صلى الله عليه وآله) في حديثه على صلاة الجماعة والحث عليها، في قوله (ص): (( صلاةُ الرجل في جماعةٍ خيرٌ من صلاته في بيته أربعين سنة )) فقيل يا رسول الله: صلاةُ يوم ؟ فقال (ص): (( إذا كان العبد خلف الإمام كتب الله له مائة ألف ألف وعشرين درجة )). مستدرك الوسائل ج١، ص٤٤٦.

📝 وفي حديثٍ آخرٍ رويَّ عنه (ص) قولهُ: (( من لزم الجماعة مرّ على الصراط كالبرق وظفر بالجنة )). ثواب الأعمال ص٣٢٣.

📝 وأكد رسول الله (ص) على نيةِ العبد القاصد للمسجد من أجل صلاة الجماعة والثواب الذي يعطيه اللهُ تبارك وتعالى إليه، ما روي عنه (ص): (( مَن مشى إلى مسجدٍ يطلبُ فيهِ الجماعة، كان لهُ بكل خطوةٍ سبعُونَ ألفَ حسنة .. فإن ماتَ وهو على ذلك وكّل الله به سبعون ألف مَلَكٍ يعودونهُ في قبرِه ويُبشرونه ويؤنسونهُ في وحدته، ويستغفرون لهُ حتى يُبعَث )). وسائل الشيعة/ صلاة الجماعة: باب ١، ح ٧.

📝 وفي رواية يحثُ فيها على الجماعة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (( أما الجماعة فإن صفوفَ أُمتي كصفوفِ الملائِكة، والركعة في الجماعةِ أربعٌ وعشرون ركعة، كل ركعةٍ أحبُ إلى الله – عز وجل – من عبادة أربعين سنة )). وسائل الشيعة/ صلاة الجماعة: باب ١، ح ١٠.

📚 وإن لِصلاةِ الجماعة فوائِدٌ وآثارٌ وعوائد مباركة، نذكُرُ بعضها:
١) تعرف المسلمين والمؤمنين على بعضِهم البعض: من أَنْجَحِ الطُرُق في التعارف والتواصل بين المؤمنين برنامجُ ( صلاةِ الجماعة )، من بين كل تلك البرامج والخطط والأساليب للتعارف أقواها عاطفة وأَنْفَسها قِيمة، التعارف في بيت الله عز وجل.

فعن إمامنا وسيدنا ومولانا الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): (( مَن صلى خمس صلواتٍ في اليوم والليلة في جماعةٍ فظنوا بهِ خيراً وأجيزوا شهادته )). بحار الأنوار، ج٨٨، ص٨.

فإن هذا البرنامج العبادي الذي يجتمع فيه المؤمنون يجعلهم قادرين على التعاون فيما بينهم، وأن يواجهوا أيَّ موقفٍ يعرضهم للإبتلاء، ويؤيد أبناء المسجد الواحد، فإذا احتاج أحدهم لمعونةٍ أو حاجةٍ أو أمر، يتكاتفون ويتعاونون مع بعضهم البعض، أو إذا احتاج أحدهم لشهادةٍ في محكمة، وعبر الإمام عنه ( أجيزوا شهادته ).

بل أكثر من ذلك، أن تواجد الإنسان في صفوف صلاةِ الجماعة يجعلُ من تواجده أنَّ المجتمع يعرفه، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (( إذا سُئِلتَ عَمَنْ لا يشهدُ الجماعة، فَقُل: لا أعرفه )). مستدرك الوسائل للنوري، ج٦، ص ٤٥١.

٢) التفقهُ في الدين: التواجد في المسجد وصلاة الجماعة، طريقٌ للمؤمن في أن يتفقهَ أحكامَ دينه، فمن لا يستطيع بأي حالٍ من الأحوال الحصول على تعاليم الدين الفقهية، فالحضور في الجماعة طريقٌ للتعلُم، من سبيل سؤال إمامِ الجماعة للمسائل التي يحتاجُها.

وكذلك ما نُشاهِده اليوم من حديث أئِمة الجماعة بعد الصلاة، الذين يتحدثون ويُرشدون المجتمع الإسلامي لتعاليم الدين سبيلٌ وطريقٌ مُباركٌ للتعلم الديني المبارك، فمساجدُنا مدارسٌ مباركة، فقد كان المسجدُ منذُ صدر الإسلام الأول مدرسةً تبثُ التعاليم السمحة المباركة.
٣) عرض الإسلام على المجتمع: الصلاة نموذجٌ من النماذج العالية والوسائل المباركة في اجتذاب الأشخاص والتأثير عليهم، لنقلهم من الظلمات إلى النور، وهي عقيدة مجسدة للدين ومثال حي معبرّ عن الإسلام، كما رويَّ عن سيدنا ومولانا الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام): (( أنها تتمُّ الحُجة على كثيرٍ من الناس، فلا يعتذرون بجهلهم عن الإسلام والعقيدة )). وسائل الشيعة: ج٥، ص٣٧١.

٤) بث الخوف والرعب في الأعداء: صلاة الجماعة مظهرٌ مِن مظاهر قوة المسلمين، والتي تُدخِل الرُعب في صفوف الأعداء، فهيَّ طريقةٌ سلمية وسليمة وهادئة لإستعراض قوة المسلمين.

إعلانٌ عن الوجود والصمود في وجه الكفار، فعندما أمرَ الله سبحانهُ وتعالى نبيهُ المصطفى (ص) أن يُعلن عن الدين الحنيف، كانت إقامة صلاة الجماعة التي شاركَ فيها رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع)، وجعفر بن أبي طالب (ع)، أولى خطواته في هذا المنهج والطريق.
وأعظم شاهد على أنها تُدخل الرعب في قلوب الأعداء، صلاةُ الإمام الحسين (عليه السلام) بأصحابه يوم العاشر من المحرم بعدما أوقف الحرب من أجل الصلاة، لأن النهضة الحسينية المباركة كانت تكليفاً إلهياً ووظيفة شرعية، وعبادة عالية، فالبُعد العبادي كان جلياً في عاشوراء.

📜 يقولُ الرواة: (( لما حلَّ وقتُ صلاة الظهر يوم العاشر من المحرم، أمرَ الحسينُ (ع) زهير بن القين وسعيد بن عبدالله الحنفي، أن يتقدما أمامهُ بنصف ممن تخلّف معه، ثم صلى بهم صلاة الخوف، فوصل إلى الحُسين سهمٌ، فتقدم سعيد بن عبدالله الحنفي ووقف يقيه بنفسه .. حتى سقط إلى الأرض وهو يقول: اللهم إلعنهم لعن عادٍ وثمود، اللهم أبلغ نبيك عني السلام وأبلغهُ ما لقيتُ من ألم الجراح، فإني أردت ثوابك في نصر ذرية نبيك، ثم قضى نحبه رضوان الله عليه، فوُجدَ به ثلاثة عشر سهماً سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح )). اللهوف ص ٦٦.

📌 الصلاة جماعة في تلك الظروف غير الطبيعية لها نكهةٌ خاصة، تُزود الإنسان المقهور بشحناتٍ من النور، وتشد من عزيمته وتخفف من وطأة الخطوب عنه، وتزيد الرعب في قلوب الأعداء الذين ينظرون إليه، فلولا رعبُ بني أمية من صلاة سيد الشهداء (عليه السلام) لما هجموا عليه وهو يصلي.

فهنا دروس كبيرة وحكم عظيمة:

أ) الإصرار على أداء شعائر الله عز وجل والتي هي من تقوى القلوب، وقاصداً بها رضى الله سبحانه وتعالى.
ب) المحافظة على أداء الصلاة في وقتها، وأدائها جماعة.
ج) رسالةٌ للأجيال المؤمنة للمحافظة على هذا الواجب العظيم وهو ( الصلاة ).
د) إقامة الصلاة هي أحدُ أهداف نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد ورد في زيارة وارث ( وأشهدُ أنك قد أقمتَ الصلاة )، فبجهادِهِ (ع) وتأكيده على الصلاة قد بث روح اقامة الصلاة في قلوب المؤمنين .
هـ) إقامة الصلاة إنتصارٌ للإسلامِ الحنيف ضد الكُفر، والصلاة يتقدمها الأذان، والأذان يتضمن عبارة ( لا إلـه إلا الله ) وهي تعني نسف عقيدة أبي سفيان جد يزيد، لأن معبودهم هو الوثن، وبالتالي انتصار العقيدة المحمدية العلوية، عقيدة التوحيد، على عقيدة الشرك، كما أن عبارة ( أشهدُ أن محمداً رسول الله {ص} ) تعني انتصار رأس الإسلام وهو منقذ البشرية من العمى والضلال النبي الأكرم محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم) جدُ الإمام الحسين (ع)، على رأس الشرك والإلحاد أبي سفيان جد يزيد ( لعنهما الله ).

📌 وهنا أختتم مقالي هذا، بأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) في فضل صلاة الجماعة، راجياً من الله القبول:

١) عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( الصلاة في جماعة تفضل على كل صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة ، تكون خمسة وعشرين صلاة) . التهذيب 3 : 25 | 85 .
٢) عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ـ في وصية النبي لعلي ( عليهم السلام ) ـ قال : ( ثلاث درجات : ـ منها ـ المشى بالليل والنهار إلى الجماعات ). وسائل الشيعة ج8 ص 287.

٣) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال :

( من صلى الفجر في جماعة، ثم جلس يذكر الله عزوجل حتى تطلع الشمس، كان له في الفردوس سبعون درجة، بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة ، ومن صلى الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة، بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة، ومن صلى العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد إسماعيل كلهم رب بيت يعتقهم، ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة مقبولة، ومن صلى العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر . أمالي الصدوق : ج١، ص٦٣.
والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمدٍ وأهل بيته الطيبين الطاهرين ..

خادم الآل

الميرزا زهير الخال

البحرين – جزيرة سترة

الثلاثاء ٢٦ / جمادى الآخرة / ١٤٣٧هـ.

الموافق ٥ / ٤ / ٢٠١٦م.

العلاقة مع الله (فقه الأخلاق)

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين حبيب قلوب العالمين أبي القاسم محمدبن عبدالله وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
في الشرع الشريف هناك أوامر ونواهي من المولى عزوجل للعباد،فالأوامر التي أتت على نزح البئر إذا وقعت فيه دجاجة فثلاثة دلاء، والبطة سبع، حتى يصل إلى نزحه كله وكذلك الحيوان الجلال وهو في الأصل حلال قبل جلله ويحتاج إلى العودة لطهارته أياما معدودة .
فكما قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:
بسم الله الرحمن الرحيم :
(إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ)
(أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمُ الْخَبَائِثُ) صدق الله العلي العظيم
فهذه النفس الإنسانية التي أمرها الله بالالتزام بالطيبات ماذا سيحدث لها إذا ارتكبت فاحشة ، إذا أكلت شبهة، إذا أكلت حراما، إذا اعتدت على محارم ، فنحن لانريد ان نذهب ونتكلم عن شرائع الاسلام باجمعها لأن الموضوع دقيق وبحثه عميق ولكن نأخذ مفردة من هذه المفردات وهي الالتزام ببقاء أحدنا على الطهارة والتزامنا بالوضوء قبل النوم وبعد النوم وقبل الدرس واثنائه مثلا،  وللوضوء آثار لو فرضنا أن الإنسان ينام ثلث العمر،   أوليس هذا النوم هو غفلة ؟! لأننا إذا جئنا إلى قول المعصوم عليه السلام : أن الوضوء قبل النوم أوالنوم على وضوء عبادة .. فمن هنا في هذه الملحوظة ينقلب ثلث العمر من غفلة إلى عبادة ، وينقلب الدرس  وتحصيل العلم والذكر والتلاوة وغيرها من العبادة المستحبة ، فإن هذه الأفعال مع الوضوء تنقلب حسنات، وإذا ذهبنا إلى تعداد هذه الأعمال فإننا نرى أن دوام البقاء على الوضوء هو دوام بقائنا على الطاعة والعبادة ، فذكرٌ يترقى مع الوضوء ، وذكر أهل البيت عليهم السلام يترقى آثاره مع الوضوء ، كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله عند ماجاء نفر من اليهود إلى رسول الله (ص) فسألوه عن مسائل ، وكان فيما سألوه:اخبرنا يامحمد ،لأي علة توضَّأ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في الجسد؟ فقال(ص): لما ان وسوس الشيطان إلى آدم (ع) دنا من الشجرة فنظر إليها،فذهب ماء وجهه، ثم قام ومش إليها ،وهي أول قدم مشت إلى الخطيئة ،ثم تناول بيده منها ما عليها وأكل فتطاير الحلي والحلل عن جسده ،فوضع آدم يده على أم راسه وبكى ،فلما تاب الله عليه فرض الله عليه وعلى ذريته تطهير هذه الجوارح الأربع فأمره الله عزوجل بغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة وأمره بغسل اليدين إلى المرفقين لما تناول بهما وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة .
وأما في المحرمات فإذا كان البئر الذي يمكننا أن نستغني عنه أو الدجاج الجلال أن تستغني عنها أيضا فإن العلماء الأبرار يرون  أن إعادة استعماله يحتاج لنزح دلاء، أو استبراء الدجاجة من تغذيتها على النجاسة يحتاج إلى لأيام ، فعلى هذا الكلام كم تحتاج أنفسنا إلى الاستبراء مع وقوع شبهة عليها او إذا تحكم الحرام فيها ؟ أو تعشعش شيطان على راسها ؟! وهذا الأمر يطول ولايسعى ذكره الآن، نؤجله للمحاضرة الثانية..
 والحمدلله رب العالمين و الصلاة والسلام على اشرف الخلق محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
حسين المولى
النجف الأشرف

فلسفة المعراج

بسم الله الرحمن الرحيم
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )

1. ابتداء هذه الآية المباركة جاءت بصيغة تعجبية وكما يقال في الدعاء ( أعددت لكل أعجوبة سبحان الله ) ونحن لما كنا ربائب الإسلام الحنيف فيجب علينا التأمل في مثل هذا الحدث الكوني، والذي يحير كل ذي لب ويلقيه في أعماق التفكير وحيث يرسم النبي (ص) ومن هو صاحب المعراج قوله: (تفكير ساعة خير من عبادة سنه) فهيا بنا أيها القارئ الكريم نُمعن دقيقاً وكيف كانت هذه الرحلة والتي يجب على كل مسلم اعتقادها وجوباً، وصف البراق على البسطاء أنها تشبه الدابة من الحيوانات كالفرس وإذا صعدت جبل طالت رجليها، وإذا نزلت طالت يديها والى أخر وصف البراق.
هل نتصور أن البراق كائن حي من الحيوانات؟، وهل أن الرسول الأعظم (ص) قد أمتطى ظهرها وهي تطير به صاعدة في الهواء ؟، لا لا كلا وألف كلا، فنحن وعندما طالعتنا التكنولوجية الحديثة جاء على يد العلماء الباحثين في علم الفلك وعلى سبيل المثال التوضيحي نأخذ في بحث الغلاف الجوي المحيط بالأرض المانع عنا وقاية من الله سبحانه ما دون الأشعة الحمراء فإليك سمكه من سطح الماء إلى انتهاء الجاذبية (220ميل) وبعد ذلك يكون الإنسان معلق سابح في جنبات الفضاء إذ أنه فارق الكرة الأرضية فيسيل دمه وبدون جروح، فكيف إذا انطلق الإنسان في متاهات الفضاء فهناك عقبات لا تخطر على البال، ألا ترى لمن صعدُ على سطح القمر على متن المركبة قد كلفتهم هذه الرحلة (مائه ألف مليون دولار ) هذا والقمر نراه بالعين المجردة هلال وبدر وأفول في الأيام الأخيرة من الشهر، ولا ننسى الخسوف، أما درب التبانة فقد قدر اليها أربعون سنه للخروج منها، وأما الفضاء ألا نهائي فيضيق التعبير عن التعبير في التعبير، حيث أنه قدر علماء الفلك نجومه وكواكبه ومذنباته والمكوكبات والنيازك بعدد درأت الرمال والبرغم من هذه الكثرة والتي نعجز أن نقول هائلة ولم يكن يخطر على بال عمالقة الفكر أن يعبروا عنها بتعبير يحدد ولو عشر معشارها، وبالتالي بين النجم والنجم ملايين الأميال، وكذا بين الكوكب والكوكب وبين المذنب والمذنب، وصدق الله العلي العظيم ( وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) يعني أن هذا الكون أخذاً باستمرار متواصل في الإتساع وقد قال المفسرون في هذه الآية: ( وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) أن الله جل شأنه أعرض عن الطول حيث أنه لا يخطر على بال أي عملاق في مقايس الحساب وإذا تأملنا في أعماق هذا البون الشاسع المترامي الأطراف يأتي مع طلك ما يهز العقول النيرة، وكل ذي عقل يقف حائر وقد كلَّ فكرهُ عن التفكير في هذا المجال حيث أن الفلك ومتاهات الكون كانت مملوئة بالمخاطر وبالنيران التي تحوط بغلاف بعض الكواكب، والشحنات الكهربائية، فإليك هذا المثال: أطلقت مركبة إلى متاهات الفضاء للكشف عن غرائب الكون، فلما دخلت غلاف الزهرة تبخرت .

فدعونا جميعاً نلوي ذراع الجهل الجامد، ونفكر في هذه المركبة الإلهية ونقول أنها مزودة بآلات إلهيه بيد قادر مقتدر فملئها بالأكسجين والأجهزة الالهيه الالكترونية، وملئها بأنوار المصابيح وكذالك خارجها فهو حزم من النور الذي يبدد دياجير ظلمة الفضاء الحندسي، أما وعند انطلاقتها واحتكاكها بغلاف متاهات الفضاء فلا يخطر على بال شخص من البشر وحتى على أهل ناسا وعند انطلاق مركباتهم على متن الصواريخ، رباه ماذا يفعل المفكرون، وعندما يقرأ القارئ عندما نزل نبينا المبارك (ص) أدرك حرارة فراشه لما عرج به، تذكر يا قارئنا المبارك أنه (صلى الله عليه وآله) في بيت المقدس بالأنبياء وأم مصلياً كل ملائكة سماء وراء الجنة والنار وعندما انتهى من هذا كله، رأى عجائب وغرائب داله على وجود خالق الكون سبحانه، فجأة وإذا بجبرائيل يودع الرسول (ص) فينزعج الرسول لمفارقة أخيه جبرائيل في موقف يفارق الوالد الولد فيرد عليه طاووس الملائكة: لا تخف فلا أتمكن من خطوة واحدة، فيأتيه الرفرف فيلقيه إلى ما لا يتصوره الإنسان، فهنا لا حراك ولا حس، كلٌ خاضع للعلي القدير لا إله إلا الله، وهنا يرسم آيُ الذكر الحكيم لهذه القوة الهائلة كالأتي: ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ).
أنا وأنت نسبح على أمواج العجب كما مر عندما نزل لا زالت الطاقة الحرارية موجوة في الفراش المقدس وتذكر ما مر عليك مما قام به في رحلته السامية فلا يبعد عندما يفارق الإنسان الأرض ويتغلغل في أعماق متاهات ما أرتقي إليها كوني، فلا يبعد أن المقاييس الزمنية كالساعاتية والدقائقية والثواني تتغير وتنقلب مقاييس الحساب.

هكذا والله العالم، ويجدر بنا أن نتوج هذا الموضوع المختصر بأبيات لشاعر قرن العشرين أمير الشعراء شوقي إذ ينقش ب

مقوله العذب كالأتي:
جبت السماوات أو ما فوقهن على
منورة ذرية الجوُمي
حتى بلغت سما لا يطار بها
على جناح ولا يسعى على قدمي
وقيل كل نبياً عند رتبته
ويا محمد هذا العرش فأستلمِ

قارئنا يا حبيب القلوب، تأمل في عظمة الله وفي ملكوته سبحانه وتعالى وأرجع له راضخاً خانعاً وخر ساجداً، ولعلع بصوتك الله أكبر لا أله إلا الله.

بقلم العلامة المرحوم الشيخ جعفر الخال (قدس سره).

حلق اللحية حرام على طاولة الإسلام الحنيف

هل هناك مبرر شرعي لحلق اللحية ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
السؤال يقول:
بأن شخصاً أراد أن يتقدم لوظيفة في إحدى الشركات أو المؤسسات ولأنه أراد إجراء المقابلة مع الشركة فقد قام بحلق لحيته بغية الحصول على الوظيفة, هل هناك مسوغ أو مبرر شرعي لهذه الحالة ؟

بسمه تعالى

في فرض السؤال والتسبب للإسترزاق بحلق اللحية فهو حرام والرزق على الله محتوم, نعم هناك مانع شرعي في استئصال اللحية وما عبروا عنها بالكريمة.

المانع الأول: لقد صرح به القرآن العظيم قال تعالى: (( وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) ففي هذه الآية نجد النهي عن حلق اللحية لأن النبي(ص) حرم استئصالها وجعلها من المثلة وإليك النص النبوي بسنده، قال محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي المتقدم عن أبي الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب(ع) قال: قال رسول الله(ص): ( حلق اللحية من المثلة ومن مثل فعليه لعنة الله)، فما رأيك فيمن لعنه الله ورسوله فطبيعي انه بعيد عن رحمة الله، وإليك هذه الآية الدالة أيضاً على حرمة حلق اللحية إذ انها متبوعة برواية معصومية صادقة، قال تعالى: (( واتبع ملة ابراهيم حنيفا )) ففي تفسير القمي أعلى الله مقامه عن الصادق(ع) قال: أنزل الله على إبراهيم الحنيفية أي الطهارة وهي عشرة شيء _ محل شاهدنا وعن الإطالة _هو أخذ الشارب وإعفاء اللحية، وفيه عن الصدوق عليه الرحمة عن الإمام الصادق(ع) عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله(ص): ( حفوا الشوارب واعفوا اللحى ولا تتشبهوا بالمجوس ).

هذا ما أوردناه آية و رواية.

وأما على صعيد آخر قال الشاعر العربي:
من حلقت لحية جارٍ له

فاليسكب الماء على لحيته

عنى الشاعر التعدي على كرامات الناس إلا أنه جعل قمة الخطر هنا بحلق اللحية، إذ إنها كيان عظيم شريف إسلامي، وقالوا الكناية ابلغ من التصريح، فكنى بالخطر عن اللحية إذا حُلقت، لو رأيت عالماً دينياً يحلق لحيته هل تصلي معه؟؟ لا تصلي معه طبيعياً، لأنه يحلق لحيته.

وإليك من بعض فتاوي العلماء الأعلام في تحريم حلق اللحية:

– قال الشيخ كاشف الغطاء: يحرم حلق اللحية ويستحب توفيرها.

– قال الشيخ يوسف رحمه الله وهو صاحب الحدائق البحراني في آخر كتاب الطهارة في الحدائق الناظرة: ويستفاد من هذه الأخبار فوائد إلى أن قال الثانية الظاهرة كما استظهره جماعة من الأصحاب تحريم حلق اللحية لخبر المسخ المروي عن أمير المؤمنين(ع) فانه لايقع المسخ إلا على ارتكاب أمر محرم بالغ في التحريم.

وفي الحقيقة والواقع الخوض في هذا الباب طويل جداً فأعرض عنه حيث لا يليق بهذا المختصر بسط الأخبار والفتاوى، وخير الكلام ماقل ودل.

قراؤنا الكرام وقبل الانسلاخ من هذا الموضوع، اعلموا أن المسألة في هذا المجال خلافية فكل يتبع رأي مقلده وهو عين الصواب وفقنا الله جميعاً إلى مراضيه انه سميع مجيب

بقلم المرحوم العلامة الشيخ جعفر الخال (قدس سره)