حوارية اليوم الخامس


السائل : لي عتاب عليك فضيلة الشيخ.
الشيخ : حجي أنتوا آبائنا أهل البركة علينا .
السائل : ولدي قرء لي حوارياتك السابقة، كلها للقارئ وليس للمستمع شيء!
الشيخ : عتبك  صحيح و نحن قصرنا في حقوقكم علينا و أنتم بركتنا في المجتمع لالتصاقكم في دور العبادة، و التزامكم بالجمعة و الجماعة، و حضوركم مجالس الذكر و التعزية على أهل البيت عليهم السلام، وإليك ما جاء عن الرضا عليه السلام : ( من استمع آية من القرآن خير له من ثبير ذهب،)  وثبير جبل، وعن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله: ( يدفع عن مستمع القرآن شر الدنيا )، و عن رسول الله صلى عليه و آله: (قارئ القرآن و المستمع ، في الأجر سواء) وهذا لأي مستمع.
السائل : أثلجت صدري فضيلة الشيخ في سورة النساء سمعت الكثير منها في الزواج و أحكام الزواج هلا تكلمت عن الزواج؟
الشيخ : نعم أغلب الناس في الخامس من رمضان يقرأون سورة النساء، و كلامي إليك ليس في الزواج و إنما في أمر نحن نحتاج إليك فيه أنت و أمثالك و هو: إصلاح ذات البين، قوله تعالى في سورة النساء آية ٣٥
{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}.
حيث جاء عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : ( كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول لئن أصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين)، و دينارين ما يساوي تقريبا ٨٥ دينار بحريني، و عن رسول الله صلى الله عليه و آله: ( إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام).

السائل : بارك الله فيك فضيلة الشيخ،  و إن شاء الله أكون عند حسن ظنك، و أكرر طلبي في الكلام عن الزواج.
الشيخ : الزيارة المقبلة شرفنا بمعرفة الأولاد و سنتكلم عن الزواج.

جامع الأخبار ص١١٦
المستدرك ج٤ ص٢٦٢حديث٤٦٥٠
المستدرك ج٤ ص٢٦١ حديث٤٦٤٥
ثواب الأعمال ص١٤٨

شرح دعاء اليوم السادس

اللَّهُمَّ لا تَخذُلني فيهِ لِتَعَرُّضِ مَعصيَتِكَ، وَلا تَضرِبني بِسياطِ نَقِمَتِكَ، وَزَحزِحنيِ فيهِ مِن موجِباتِ سَخَطِكَ، بِمَنِّكَ وَأياديكَ يا مُنتَهى رَغبَةِ الرَّاغِبينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
يقول صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ لا تَخذُلني فيهِ لِتَعَرُّضِ مَعصيَتِكَ)

توجه صلى الله عليه واله وسلم بالرجاء لله لعدم دخول العبد المحذور الذي قال الله عز وجل في محكم كتابه المبين:{إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }، فدوام التوفيق والبعد عن الخذلان يحتاج الى ماورد عن الإمام علي عليه السلام: التوفيق ممد العقل،والخذلان ممد الجهل، وعنه عليه السلام:التوفيق والخذلان يتجاذبان النفس، فأيهما غلب كانت في حيزه.
فالخذلان مقابل التوفيق، والمعاصي التي إذا داخلت العبد استولت عليه، وأدخلته فيما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن المعاصي يستولي بها الخذلان على صاحبها حتى توقعه بما هو أعظم منها، فترابط الخذلان ودخول المعاصي مصداق قوله تعالى في سورة آل عمران: {وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ}.
أما العبد الهارب إلى الله في أيامه المباركة لطاعته متجنبا معاصيه، روي قول عنه ، عن صادق آل محمد عليه السلام: إذا فعل العبد ما أمره الله عزوجل به من الطاعة كان فعله وفقا لأمر الله عزوجل سمي العبد موفقا، وإذا أراد العبد أن يدخل في شئ من معاصي الله فحال الله تبارك وتعالى بينه وبين تلك المعصية فتركها كان تركه لها بتوفيق الله تعالى ذكره، ومن خلى بينه وبين تلك المعصية فلم يحل بينه وبينها حتى يرتكبها فقد خذله ولم ينصره ولم يوفقه.
ويقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:[وَلا تَضرِبني بِسياطِ نَقِمَتِكَ]

يدخل صلى الله عليه واله وسلم إلى تعليم العبد الترجي لله سبحانه وتعالى،أن لا يعجل العقوبة عليه كغيره، ففي قوله تعالى في سورةالفجر:{فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} فيخبرنا ويعظنا سيد الموحدين أمير المؤمنين عليه السلام:وأيم الله، ماكان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب أجترأوها،لأن الله ليس بظلام للعبيد، ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم، وتزول عنهم النعم فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم، ووله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد وأصلح لهم كل فاسد.
ويقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:[وَزَحزِحنيِ فيهِ مِن موجِباتِ سَخَطِكَ] يتمنى صلى الله عليه واله وسلم بتعليمه لنا  في الدعاء أن يعرف العبد التمني الذي يوصله ويبعده ويزحزحه عن سخط الله، ففي قوله عز ذكره في سورة المائدة :{ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } السخط له موجبات كثيرة لا يسع المقال بذكرها ولكن منها:
*عقوق الوالدين

  • ترك الصلاة والصيام
  • ورضى المخلوق بسخط الخالق
  • ترك ولاية أهل البيت عليهم السلام

روي عن الإمام الحسين عليه السلام: من طلب رضا الله بسخط الناس كفاه الله أمور الناس،ومن طلب رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام .
وردت نصوص كثيرة تحث على التمسك بولايتهم التي من تركها سخط الله عليه ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:إنّي تاركٌ فيكم الثقلين ما إن تَمَسَّكم بهما لن تضلّوا بعدي كتابَ اللَّه وعترتي أهلَ بيتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوضَ.
ويقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:[بِمَنِّكَ وَأياديكَ يا مُنتَهى رَغبَةِ الرَّاغِبينَ] .
قال الله تعالى في محكم كتابه المبين في سورة الشرح: {وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَبْ}، ونحن بشهر الرغبة إلى كل حسنة بمن الله وأياديه الخفية التي تذهب نقمته عنا، فلنرغب إليه بالتكافل فيما بيننا، ونحن بأمس الحاجة إلى زوال سيئات المعاصي التي اثقلتنا  ،كما روى محمد بن مسلم، قال: أتاني رجل من أهل الجبل، فدخلت معه على أبي عبدالله عليه‌السلام، فقال له عند الوداع: أوصني، فقال عليه السلام :أوصيك بتقوى الله وبرّ أخيك المسلم، وأحب له ما تحبّ لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك، وإن سألك فاعطه… فوازره وأكرمه ولاطفه، فإنّه منك وأنت منه.
وهذه المبادئ الإنسانية الرفيعة التي دعا إليها الإسلام ورفع شعارها تمثل الجوهر الحقيقي له، التي دأبت أئمتنا على تعليمها لنا.
قال الله تعالى في محكم كتابه المبين في سورة الأنعام:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}، فأيادي الله ومنتهى الراغبين إليه بالوصل إلى منه علينا أن جعلنا من المتمسكين بولايتهم عليه السلام، ولا يخرجنا منها . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

حوارية اليوم الثاني


السائل : كيف أقدم على قراءة القرآن؟
الشيخ : لابد من توقيرك للقرآن فمن وقّر القرآن وقّر الله، وتوقيرك للقرآن تحببا لله، و بالتالي يحّببكم الله إلى خلقه، و تنظيف البدن، و الوضوء، و الدعاء بالمأثور: ((بسم الله، اللهم إنّي أشهد أنّ هذا كتابك المنزل من عندك، على رسولك محمد بن عبد الله صلى الله عليه و آله، و كتابك الناطق على لسان رسولك، فيه حكمك، و شرائع دينك، أنزلته على نبيك، و جعلته عهداً منك إلى خلقك، و حبلا متصلا فيما بينك و بين عبادك، اللهم إنّي نشرت عهدك و كتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة، و قراءتي تفكرا، و فكري اعتبارا…
إلى آخر الدعاء.
السائل : كيف لي إن أوقر القرآن الكريم بغير التنظف و الوضوء؟
الشيخ : بأن تعلم أن هذا القرآن:
١- الناصح الذي لايغش.
٢- الهادي الذي لا يضل.
٣-المحدث الذي لا يكذب.
٤-يذهب الفاقة.
٥- وهو يشفي من الداء البدني الحمى و الروحي مثل النفاق.
٦- معين على ضيق المعيشة.
٧- وأنه شافع، فأنه ينادي يوم القيامة ، ألا أن كل حارث مبتلى في حرثه، وعاقبة عمله ، غير حرثة القرآن.
السائل : اليوم قرأنا الجزء الثالث فيه سورة البقرة، وسورة آل عمران، فهل هناك شيء مشترك بينهم.
الشيخ : نعم هناك الكثير
و يكفينا ماجاء عن أبي عبد الله عليه السلام: (( من قرأ البقرة و آل عمران وجاء يوم القيامة تظلانه على رأسه مثل الغمامتين)).

السائل : هل ترسل سند أقوالك في وقت فراغك لكي أتزود أكثر .
الشيخ : أرسل إليك في أسرع وقت بإذن اللهو أجعل وقتا خاصا لذلك.

جامع الأخبار ص١١٥ حديث ٢٠١،٢٠٢.
نهج البلاغة ج٢ ص١١١ خطبة١٧١.
المحاسن ص٥٥٨
الخصال ص٦٢٧
إقبال الأعمال ص١١٠، الاختصاص ص١٤١.
ثواب الأعمال ص١٣٠.

دعاء اليوم الخامس

اللَّهُمَّ اجعَلني فيهِ مِن المُستَغفِرينَ، واجعَلني فيهِ مِن عِبادِكَ الصَّالِحينَ القانِتينَ، واجعَلني فيهِ مِن أوليائِكَ المُقَرَّبينَ، بَرَأفَتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
قال الله عز وجل في سورة النساء:{وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} هناك آثار متعددة للاستغفار، فقد ورد في الآية الكريمة مايدل على رحمة الله للمستغفرين ويسمى استغفار القرب إلهي ، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن المستغفرين بالأسحار معصومون من إبليس وجنوده .
العبد المؤمن الذي يسابق إلى الدخول في دائرة المستغفرين ،الذي يحبه الله ورسوله وأهل بيته عليهم السلام، يكون مصداق الآية الكريمة من سورة الحديد: {سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}، فيرشدنا ويعلمنا سيد الموحدين عليه السلام معانيها لنصل إلى درجة العليين فيها، فبعد أن قال أحدهم في حضرته عليه السلام المباركة: أستغفر الله ،فقال عليه السلام: أتدري ما الاستغفار؟! الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معان:

أولها: الندم على مامضى،

والثاني: العزم على ترك العود إليه أبدا،

والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة،

والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها،

والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد،

والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول استغفر الله.
فما تقدم هو النبذة القليلة عن الإستغفار، وهو مبحث يطول ولا تسعه هذه المقالة.
يقول صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (واجعَلني فيهِ مِن عِبادِكَ الصَّالِحينَ القانِتينَ) إن من درجات العبد المؤمن الطامع والطامح إلى مايريده الله ورسوله هي درجة الصالح والقانت، فقال عز ذكره في سورة الصافات: { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}، يرفع المؤمن درجته بالأعمال التي وردت عن أهل البيت عليهم السلام ،فعن النبي صلى الله عليه وسلم:(عليكم قيام الليل فإنه دأب الصالحين ) وعن الصادق عليه السلام: (عليكم بصلاة الليل فإنها سنة نبيكم ودأب الصالحين قبلكم)، فوصف الصالحين بهذا المقام الذي يعد من أعلى المقامات التي توصل العبد من القرب الآلهي، فقد جاءت في صفات الأنبياء والأولياء؛ بل أكثر من ذلك، فقد كان الأنبياء يطلبون ذلك المقام في أدعيتهم، كقول النبي سليمان عليه السلام : {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} .
والقانتين الذين يقول الله تعالى عنهم في سورة آل عمران{الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ } فالاشتراك بالصفات يتداخل بالدرجات التي يتسابق عليها المؤمنين للوصول للقرب الإلهي من الطاعة والخشوع .
ويقول صلى الله عليه آله وسلم في دعائه: (واجعَلني فيهِ مِن أوليائِكَ المُقَرَّبينَ، بَرَأفَتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ).
دخول أولياء الله المقربين تحت رأفته عزوجل عامة و خاصة ،العامة تعم الخلائق جميعا، و الخاصة كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: « إنّ الله خلقنا فأحسن صورنا، وجعلنا عينه في عباده، ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدلّ عليه، وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار، وبنا ينزل غيث السماء، وينبت عُشب الأرض ، و بعبادتنا عُبد الله ولولا نحن ما عُبد الله».
إن صفة الرحمة هي من أسماء الله الحسنى التي قرن الله عزوجل اسمه بها في البسملة، وفي ابتداء كل سورة ، فعلينا أن نكون كما قال الصادق عليه السلام: (ادع ولا تقل إن الأمر فرغ منه، إن عند الله عزوجل منزلة لا تنال إلا بالمسألة)، إذ الكثير من النعم الإلهية أو البلاء لا تنزل أو ترفع إلا من خلال الدعاء.
ونحن في ضيافة الله عزوجل، فلنكثر من الأدعية وقراءة القرآن لنصل إلى الدرجات التي تكلمنا عنها ونكون مصداق قوله تعالى :{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ}، ونكون من الفائزين بدرجاته ورضوانه.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

دعاء اليوم الرابع


اللَّهُمَّ قَوِّني فيهِ عَلى إقامَةِ أمرِكَ، وَأذِقني فيهِ حَلاوَةَ ذِكرِكَ، وَأوزِعني فيهِ لأَداءِ شُكرِكَ بِكَرَمِكَ، وَاحفَظني فيهِ بِحِفظِكَ وَسَترِكَ، يا أبصَرَ النَّاظِرينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
روي قوله صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:[اللَّهُمَّ قَوِّني فيهِ عَلى إقامَةِ أمرِكَ، وَأذِقني فيهِ حَلاوَةَ ذِكرِكَ]
قال الله عز وجل في محكم كتابه المبين:(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله)،تتعدد الأوامر الإلهية فتارة يكون الخطاب قرآني وتارة روائي لإقامة الأمر المتوجب على العبد ،كالصلاة والصيام والحج وغيرها…! فمن الواجبات في إقامتها يحتاج إلى قوة ليصل العبد فيه إلى أدنى الذكر،الذي يشغل باله أو ذهنه بذكر الله،فيكون الذكر الذهني تام لله وهناك الذكر اللفظي يستوجب عليه الثواب،فعن الإمام الصادق عليه السلام: (من كان ذاكراً لله على الحقيقة فهو مطيع ومن كان غافلاً عنه فهو عاص) فحلاوة الذكر تحتاج إلى الخضوع والخشوع، فعنه عليه السلام:(ومعرفتك بذكره لك، يورثك الخضوع والخشوع والاستحياء والانكسار وعشق العبادة)،التي تعطي العبد الحصن الإلهي، كقوله تعالى في محكم كتابه المبين:{الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله} وورد عن سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم:(من أعطي لساناً ذاكراً فقد أعطي خير الدنيا والآخرة)، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة معصومون من إبليس وجنوده :الذاكرون لله و الباكون من خشية الله المستغفرون بالأسحار.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:[وَأوزِعني فيهِ لأَداءِ شُكرِكَ بِكَرَمِكَ] إن من سوء العبد دخوله مصادق الآية الكريمة :{وقليل من عبادي الشكور} فلا يكتب في ديوان الشاكرين ، روي عن الإمام الباقر عليه السلام:(لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العباد). الشكر يحتاج إلى ذكر متواصل ، فيحدثنا صادق أهل البيت عليهم السلام:أوحى الله إلى موسى عليه السلام ياموسى أشكرني حق شكري ،فقال موسى:يا رب كيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به عليّ؟! فقال عزوجل: يا موسى شكرتني حق شكري حين علمت إن ذلك مني، فلنكن في هذه الأيام المباركة من الشاكرين لننهل من نعم الله علينا ونكون ممن اعطانا فشكرنا فكنا مصداق الآية الكريمة:{لئن شكرتم لأزيدنكم } .
يقول صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:[وَاحفَظني فيهِ بِحِفظِكَ وَسَترِكَ، يا أبصَرَ النَّاظِرينَ] مازال العبد في حفظ الله إلى أن يدخل نفسه في شراك إبليس وجنوده، فقد ورد في الأخبار أن الله تعالى يستر عبده بستر حتى إذا تمادى في المعاصي يقول الله تعالى لملائكته: ارفعوا الستر عنه فيفضحه ولو في جوف بيته.
فقصة يوسف عندما رموه إخوته في الجب ونجاه الله وجعله على خزائن الأرض، ومن كموسى اذ كان في اليم وحيداً فحفظه الله وأرجعه إلى أمه، فحفظ أنبياء الله وأولياءه كانت حقا عليه عزوجل وما أعظم من أن نكون كأهل الكهف في حفظ الله وستره الأبدي لأنه البصير بعباده لا تأخذه سنة ولا نوم .
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

حوارية اليوم الأول



السائل: فضيلة الشيخ، مبارك عليك الشهر الفضيل .
الشيخ : مبارك علينا و عليك ووفقنا وإياكم لصيامه و قيامه و تلاوة قرآنه.
السائل :ما فضل قراءة القرآن؟
الشيخ : الفضائل كثيرة ، نحاول اختصارها في:
1- أن من قرأ القرآن جعله الله عز وجل مع سفرة الكرام البررة.
2- من قرأ القرآن كان القرآن حجيزا عنه يوم القيامة بل يشفع له عند الله ويلبسه الله تاج الكرامة و يطلب القرآن أكثر من ذلك فيعطى الأمن بيمينه و الخلد بشماله و يدخله الجنة.
3- من قرأ القرآن فهو غنيٌ.
4- من قرأ القرآن يذهب عنه البلغم أي أنك تصبح صاحب عقل راجح.
وغيرها الكثير حتى تصل إلى أعلى المنازل و هي رضى الله وأنت تسأل الله في هذا اليوم الأول مرضاته .
السائل : بارك الله فيك ، في اختصارك الفيض من الله عز وجل؛ فضيلة الشيخ بدأنا اليوم في الجزء الأول كما هي عادتنا، فهل تحدثنا عن أهم ما جاء فيه؟
الشيخ : إن القرآن الكريم له أهمية من بدايته إلى نهايته، ولكن  فاتحة الكتاب تختلف، فعلى سبيل المثال:

_ فيها البسملة التي هي أقرب لاسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها، _ و من قرأها أيضا ينجيه الله تعالى من الزبانية التسعة عشر _ وجعل الكتب السماوية في القرآن الكريم و القرآن الكريم في فاتحة الكتاب وفاتحة الكتاب في البسملة و البسملة في باء البسملة.
السائل : فضيلة الشيخ كلامك فيه عبادة و إيجابية .
الشيخ : هذا ليس من عندي وهو ملخص من كلام أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين.
السائل : كيف لي أن أراجع كلامك.
الشيخ : سأرسل لك مصادر كلامي
الكليني/الكافي/ج2/ص603
الكليني/الكافي/ج2/ص605
الجعفريات/ص241
الصدوق/ جامع الأخبار/ص113
الصدوق/عيون أخبار الرضا عليه السلام/ج2 ص5
الصدوق / جامع الأخبار /ص119
القندوزي / ينابيع المودة/ص408

شرح دعاء اليوم الثالث


اللَّهُمَّ ارزُقني فيهِ الذِّهنَ وَالتَّنبيهَ، وَباعِدني فيهِ مِنَ السَّفاهَةِ وَالتَّمويهِ، وَاجعَل لي نَصيباً مِن كُلِّ خَيرٍ تُنزِلُ فيهِ، بِجودِكَ يا أجوَدَ الأجوَدينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
يقول في دعائه صلى الله عليه وآله وسلم:(ارزقني فيه الذهن والتنبيه).

توجه صلى الله عليه وآله وسلم لطلب الرزق الروحي والمعنوي الذي يوصل الإنسان إلى تحصيل العقل الكامل والقلب السليم ،فعن أمير المؤمنين عليه السلام: (مثل العقل في القلب كمثل السراج في وسط البيت) ، فعند التنبه وإيقاظ الذهن والقلب من الغفلة التي يعلم المؤمن مضارها ،فيسارع المؤمن الفطن إلى جوارحه و يوقظها، مصداقا لقول أمير المؤمنين عليه السلام:(العقول أئمة الافكار والأفكار أئمة القلوب والقلوب أئمة الحواس والحواس أئمة الأعضاء) ليصل إلى المراتب العليا التي تخرجه من غفلة الشيطان إلى الرحمة والرضوان ،ومرضاة الله.

ويقول صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: [وَباعِدني فيهِ مِنَ السَّفاهَةِ وَالتَّمويهِ].

إن أجل وأرقى ما يبتعد عنه العبد: السفاهة، فهي التي تنزل العبد إلى درجة قد يجبر الشارع المقدس للحجر عليه، لعدم أهليته، لأنه يوصف بالذي يصبح غير مسؤول عن وقته، وأمواله، ويتلفهما فيما لا يحتاجه فيخسر الدارين.
كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله:《إن السفه خلقٌ لئيم، يستطيل على من هو دونه ، ويخضع لمن هو فوقه》،والسفاهة في أيامنا مقيتة، لأن الناس تتبع تقليد بعضها البعض، كما في مواقع التواصل الإجتماعي ،ترى جلَّ مقاطع الفيديو والصور وغيرها من الأفعال الدنيئة التي ليس لها هدف إنساني ولا ديني، بل هدف خلق مجتمعات مبنية على الترهات والأفعال التى توصل شبابنا إلى ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام:(السفه يجلب الشر)، والحالة والأسلوب المتبع هي مفتاح كل بلية، فعنه عليه السلام:(السفه مفتاح السباب).
فعند ذلك يدخلون مرحلة التمويه التي هي أخطر الآفات الإجتماعية والدينية، لأنها تخلط بين الحق والباطل وتمزجه ،لأن النفس تميل إلى من تتابعه، فيتبعون عند ذلك ماسئل عنه الإمام الحسن عليه السلام:(ما السفه فقال: أتباع الدناة ومصاحبة الغواة) ونحن في أيام الله فلنكثر من الدعاء والابتهال إلى الله، ولا نكون كما قال الله عز وجل في محكم كتابه المبين:(ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون).


ويقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:[وَاجعَل لي نَصيباً مِن كُلِّ خَيرٍ تُنزِلُ فيهِ، بِجودِكَ يا أجوَدَ الأجوَدينَ].


أن الخير كل ما يمكن أن ينفع الإنسان ،وهل يشخص الإنسان منفعته أم لا؟ ويشتبه في تحديد الخير فيحتاج إلى الخير إلالهي ،لأن الخير الذي يراه الله عز وجل لعباده فيه مصلحة كثيرة، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:إذا أراد الله بأهل البيت خيرا فقههم في الدين، ووقر صغيرهم كبيرهم، ورزقهم الرفق في معيشتهم، والقصد في نفقاتهم، وبصرهم عيوبهم، فيتوبوا منها، وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هُملا.
فما أعظم مايملأ القلب طمأنينة وراحة،بعد ما كانت قلوب الناس عصفت فيها كثير من الاشتباهات بسبب موقف من المواقف، فتأتي الآية الكريمة لتنزل السكينة على القلوب :(عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرٌّ لكم والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون).
الجود الإلهي من أبرز صفاته عز وجل لأنها صفة لله تظهر قدرته بالجود على عباده، والتوسيع عليهم، وغمرهم بإحسانه وجوده، ونحن في شهره الكريم نلتمس الجود منه متوسلين إليه بأوليائه الكرام محمد وال محمد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شرح دعاء اليوم الثاني

أدعية شهر رمضان
اليوم الثاني

الشيخ حسين الشيخ علي المولى

اللَّهُمَّ قَرِّبني فيهِ إلى مَرضاتِكَ، وَجَنِّبني فيهِ مِن سَخَطِكَ وَنَقِماتِكَ، وَوَفِّقني فيهِ لِقِراءَة آياتِكَ، بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ.
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
قوله صلى الله عليه وآله : (اللَّهُمَّ قَرِّبني فيهِ إلى مَرضاتِكَ) هناك عوامل تقرب العبد إلى مرضاة الله فتوصله إلى ماذكره عزوجل في محكم كتابه:(وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، هذا جزاء من دخل في مرضات الله، والتزم كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: {وأوصاكم بالتقوى وجعلها منتهى رضاه وحاجته من خلقه} ، وروي عن الإمام زين العابدين عليه السلام: {إن أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله}.
ونحن في أيام الله وبركته نأمل ونرتجي الوصول إلى عوامل الرضا لله سبحانه وتعالى، ومنها ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام: {علامة رضى الله سبحانه عن العبد، رضاه بما قضى به سبحانه له وعليه}.
ويقول صلى الله عليه وآله في دعائه:( وَجَنِّبني فيهِ مِن سَخَطِكَ وَنَقِماتِك) ،هناك عوامل يجب علينا كعبيد لله الابتعاد عنها، وتجنب الوقوع فيها، لأنها توجب سخط الله ونقمته، فما ورد عن النبي صلى الله عليه واله وسلم بمايوجب السخط والنقمة: {جور سلطانهم ،وغلاء أسعارهم،وطلب مرضاة الناس بما يسخط الله-كان حامده من الناس ذاماً}، فكان أمير المؤمنين عليه السلام يوصي ولاته بهذا ،ففي ماكتبه عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر: {إن استطعت أن لا تسخط ربك برضا أحد من خلقه فافعل}.
ومن أعظم الأفعال التي توجب نقمة الله على الناس: التهاون في الدماء، فعن الإمام علي عليه السلام في كتابه إلى مالك الأشتر حين ولاه مصر: {إياك والدماء وسفكها بغير حلها،فإنه ليس شئ أدنى لنقمة ولا أعظم لتبعة..من سفك الدماء بغير حقها}؛ وقال عليه السلام : {رب كلمة سلبت نعمة وجلبت نقمة}، فلنعود أنفسنا في هذا الشهر المبارك على الكلم الطيب.
ويقول في دعائه:( وَوَفِّقني فيهِ لِقِراءَة آياتِك)،إنّ من أجلَّ التوفيقات الإلهية للصائمين العابدين: قراءة القرآن الكريم، ولو بعض آياته، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: {من قرأ عشر آيات في الليلة لم يكتب من الغافلين ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين}؛ ومن عدم التوفيق والابتعاد عن سفرة الموفقين من يكون همه النميمة والكذب والغيبة واللهو عن الله ، وترك الحضور في مواطن اللقاء الإلهي ، فقال عز ذكره في سورة السجدة: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُون)، و قد روي عن الإمام الباقر عليه السلام: قرّاء القرآن ثلاثة :
رجلٌ قرأ القرآن فاتخذه بضاعة، واستدّّر به الملوك، واستطال به على الناس ، ورجلٌ قرأ القرآن فحفظ حروفه ، وضيّع حدوده ، ورجلٌ قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على دائه ، وأسهر به ليله ، وأظمأ به نهاره ، وأقام به في مساجده ، وتجافى به عن فراشه .
فبأولئك يدفع الله عزّ وجلّ البلاء ، وبأولئك يديل الله من الأعداء ، وبأولئك ينزل الله الغيث من السماء ، فوالله لهؤلاء في قرّاء القرآن أعز من الكبريت الأحمر.
هذا شهر آيات الله تعطي كل متأمل فيه خيرا كثيرا فمن وفق لقراءته يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليك بقراءة القرآن، فإن قراءته كفارة للذنوب، وستر في النار، وأمان من العذاب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شرح دعاء اليوم الأول من شهر رمضان

أدعية أيام شهر رمضان
دعاء اليوم الأول

الشيخ حسين الشيخ علي المولى

اللَّهُمَّ اجعَل صيامي فيهِ صيامَ الصَّائِمينَ، وَقيامي فيهِ قيامَ القائِمينَ، وَنَبِّهني فيهِ عَن نَومَةِ الغافِلينَ، وَهَب لي جُرمي فيهِ يا إلهَ العالَمينَ، وَاعفُ عَنّي يا عافياً عَنِ المُجرِمينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
قال الله تعالى في محكم كتابه المبين:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
مع بداية الشهر الكريم هناك أدعية للأيام الفضيلة تحمل في معانيها توجيهات من النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام في الامتثال والتقرب إلى الله عزوجل حيث يقول صلى الله عليه وآله في دعائه:(اجعَل صيامي فيهِ صيامَ الصَّائِمينَ).
إن الصيام قبل الإسلام كان وجوبه على الأنبياء فقط دون أممهم ولكن عندما أتى الإسلام فرضه الله على نبينا وأمته وكأنما أعطى هذه المنزلة والتخصيص التي كانت تعطى للأنبياء فقط إلى أمة الإسلام جميعا، فعن النبي صلى عليه وآله وسلم لجابر بن عبدالله: يا جابر! هذا شهر رمضان! من صام نهاره، وقام ورداً من ليله، وعفّ بطنه وفرجه، وكف لسانه، خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر، فقال جابر: يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث! فقال رسول الله: يا جابر وما أشد هذه الشروط!
أعطانا رسول الله تعريفاً للصائمين الحقيقيين بشروط واضحة، فإذا كنا منهم بشرنا (صلى الله عليه وآله وسلم) البشارة التي يتمناها كل مؤمن ذاق مشقة الصوم، لأنه يعتبر من الجهاد، فعنه صلى الله عليه وآله وسلم: إن للجنة باباً يدعى الريان لا يدخله إلا الصائمون.
ويقول صلى الله عليه وآله في دعائه: (وَقيامي فيهِ قيامَ القائِمينَ)، كقوله عز ذكره:(وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ).
الآية تبين مقام القائمين، فحيث أوصى الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلام وهو بمقام نبي من أنبيائه المقربين أن يطهر البيت لهم، وكما يصف الإمام الصادق عليه السلام شيعته فيقول: شيعتنا أهل الورع والإجتهاد …القائمون بالليل الصائمون بالنهار…إلى آخر الرواية .
وعن قوله صلى الله عليه وآله في دعائه: (وَنَبِّهني فيهِ عَن نَومَةِ الغافِلينَ) قد وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة تنبه الغافلين وتتوعدهم،ومنهم من أخذهم العذاب لغفلتهم كقوله تعالى في سورة يونس: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)، وقوله تعالى في سورة النحل:(أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)، فنرى أن من أشد أنواع الخسران الغفلة ،القلبية، والسمعية، والبصرية، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: من غلبت عليه غفلته مات قلبه.
قيام السحر والعبادة والتضرع إلى الله عز وجل هو الدواء للخروج من الغفلة التي حذر الله منها في كتابه العزيز.
ويقول في دعائه:(وَهَب لي جُرمي فيهِ يا إلهَ العالَمينَ، وَاعفُ عَنّي يا عافياً عَنِ المُجرِمينَ).
أن هبة الذنب هي لطف إلهي ولايأتي إلا عن عفو الله عزوجل ،فنحن في أيام الرحمة والهبة والعفو الألهي التي يرجو المجرمين نيلها بعد أن عرفهم القرآن بالذين قطعوا كل الصلات مع الله عزوجل ،ومع ذلك نجد أن الله في الآية الكريمة في سورة الزمر يقول: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فلنسارع الى نيلها من أول يوم لشهر الله وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.