أرشيف التصنيف: شرح أدعية أيام شهر رمضان

شرح دعاء اليوم الثلاثين

 اللَّهُمَّ اجعَل صيامي فيهِ بِالشُّكرِ وَالقَبولِ عَلى ما تَرضاهُ وَيَرضاهُ الرَّسولُ مُحكَمَةً فُروعَهُ بِالأُصولِ، بِحَقِّ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ.

الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:

( اللَّهُمَّ اجعَل صيامي فيهِ بِالشُّكرِ وَالقَبولِ عَلى ما تَرضاهُ وَيَرضاهُ الرَّسولُ مُحكَمَةً فُروعَهُ بِالأُصولِ).

قال الله تعالى في سورة البقرة: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، وقال تعالى في سورة البقرة: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

الشكر باب فتحه الله سبحانه لزيادة العلاقة بينه وبين من شكر، وهو استمرارية قائمة على أساس الاعتراف لله تعالى بالفضل، وهو صلة حقيقية بين العبد والله جل جلاله، روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: تمام الشكر اعتراف لسان السر، خاضعاً لله تعالى بالعجز عن بلوغ أدنى شكره، لأن  التوفيق للشكر نعمة حادثة يجب الشكر عليها.

بلوغ العبد تمام الشهر المبارك بالتوفيق لتمامه كله، يوجهه إلى طلب درجة الشاكرين لعله يصل إلى كون قبول صيامه بأجر مضاعف لأدائه أياه.

روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقول إذا ورد عليه أمر يسره: الحمدلله على هذه النعمة، وإذا ورد عليه أمر يغتم به قال صلى الله عليه وآله وسلم: الحمدلله على كل حال.

قال الله تعالى في سورة التوبة:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}

إن القضية بين الله ورسوله قضية طولية ، فما يرضاه الله يرضاه رسوله، ومايغضب الله يغضب رسوله، وقد ورد في بعض الآيات القرآنية قضية الاقتران بذلك، بين رضا الله وغضبه ورضا رسوله وغضبه، قال الله تعالى في سورة التوبة:{وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ}، وقال تعالى في سورة الأنفال:{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

فطلب رضا الله والرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ليس إلا التزام منا بأوامر الله عز وجل، وروي عن الإمام الصادق عليه السلام  في قول الله عز وجل‏ : (فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ )، قال إن الله تبارك و تعالى لا يأسف كأسفنا و لكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون و يرضون و هم مخلوقون مدبرون فجعل رضاهم لنفسه رضى و سخطهم لنفسه سخطا و ذلك لأنه جعلهم الدعاة إليه و الأدلاء عليه.

 إنّ فروع الدين عشرة، وهي: الصلاة، الصوم، الحج، الجهاد، الزكاة، الخمس، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، التولّي والتبرّي، وأما أصول الدين وهي خمسة: التوحيد، العدل، النبوة، الإمامة، المعاد.

فبعد معرفة هذه الفروع والأصول، نعلم أن جميع الفروع مرتبطةٌ بالأصول بمعرفة الله، ولايمكن العمل بالفروع والتوجه بها من دون الرجوع إلى الأصل في العقيدة من الانبعاث والانزجار.

فالصوم ينقسم إلى صوم فرعي وهو الأصل بأن تصوم بطن الإنسان ، وكما ورد في الرسائل العلمية هو: اجتناب المفطرات، ومن يلتزم بذلك ليس عليه قضاء ولا كفارة، و المستحبات التي يقوم بها العبد، تختلف في مضمونها عن القيام بها في بقية الأشهر، فمثلاً: كثرة الأدعية المأثورة التي وردت عن أهل البيت عليهم السلام، ومضاعفة الأجر لقراءة القرآن ، والكف عن المحارم، وإفطار الصائم ..وغيرها من الأمور المندوبة.

 أما الأصول فهو وجوب الامتثال لأمر الله الذي نعتقد بربوبيته وضرورة الانصياع لأوامره الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله ، الذي نعتقد بنبوته ، عبر النصوص القرآنية الصادرة منه ومن أهل بيته الذين نعتقد بعصمتهم واتباع الثقلين ، فيحركنا هذا الاعتقاد إلى العمل بكل الفروع والانزجار عن النواهي قربة لله الذي نعتقد بوجوده وربوبيته، لنشكره على نعمائه ونقي أنفسنا من سخط مخالفته، فنحصل بذلك على جزاء ما نستحقه من المحبة والطاعة، فهكذا يكون ربط الفروع بمحرك الأصول فيما بينهما .

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: الصيام اجتناب المحارم كما يمتنع الرجل من الطعام والشراب.

وعنه عليه السلام قال: صوم القلب خير من صيام اللسان، وصيام اللسان خير من صيام البطن.

وروي عن سيدة النساء فاطمة عليها السلام: ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه؟!

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (بِحَقِّ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ).

إن نهاية الأدعية المباركة كانت ختاما له معان في تقبل الله لأعمالنا من خلال الوسيلة التي تقربنا إليه، و ذلك بشئ يقدره ويريده و يكون هو الذي أمر عباده أن يطلبوا منه مرادهم من خلال طرق معينة بأن يجعل للإنسان واسطة بينه وبين الله، ويلجأ الإنسان لهذا الطريق وهو التوسل بالنبي وآله عليهم السلام.

قال الله عز وجل في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة}، وقال تعالى في سورة النساء:{ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ}، يتضح أن كل ماتقدم من الأعمال والطاعات ، يرتبط بمدى ارتباطنا بالنبي وآله عليهم السلام. 

روي عن الامام الصادق عليه السلام قال: نحن الحبل الإلهي حيث يقول: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}.

وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الأئمة من ولد الحسين عليه السلام من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة إلى الله تعالى.

قال الإمام الصادق عليه السلام : أبى الله أن يجري الأشياء إلا بالأسباب فجعل لكل شي‏ء سببا ، و جعل لكل سبب شرحا، و جعل لكل شرح مفتاحا ، و جعل لكل مفتاح علما، و جعل لكل علم بابا ناطقا، من عرفه عرف الله ، و من أنكره أنكر الله، ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و نحن.

ولكل عمل شكر وعمل الصائم العابد كما قال الله تعالى في سورة يونس: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شرح دعاء اليوم التاسع والعشرين

بسم الله الرحمن الرحيم

اللَّهُمَّ غَشِّني فيهِ بِالرَّحمَةِ، وَارزُقني فيهِ التَّوفيقَ وَالعِصمَةَ وَطَهِّر قَلبي مِن غَياهِبِ التُّهمَةِ، يا رَحيماً بِعِبادِهِ المُؤمِنينَ.

الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ غَشِّني فيهِ بِالرَّحمَةِ).

شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطيات، شهر التقرب من الله للفوز برفيع الدرجات، شهر رمضان المبارك أوله رحمة، تضاعف فيه الحسنات، وأوسطه مغفرة ، تغفر فيه السيئات، وآخر إجابة، تجاب فيه الدعوات.

قال الله تعالى في سورة الليل: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ }، أقسم الله تعالى بالليل يغطي الخليقة بظلامه ، وقال الله تعالى في سورة النجم: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ}  يغطي هذه الشجرة من نور الله تعالى، ونحن في وداع شهر رمضان نطلب من الله أن تظللنا رحمته يوم لا ظل إلا ظله.

قال الله عز وجل في سورة البقرة: {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ العَظِيمِ }، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لو تعلمون قدر رحمة الله تعالى لاتَّكلتُم عليها.

و روي أنّه وقف صبيّ في بعض المغازي يصاح عليه فيمن يزيد في يوم صائف شديد الحرّ، و أبصرته امرأة في خباء القوم فأقبلت تشتدّ، و أقبل أصحابها خلفها ، حتّى أخذت الصبيّ و ألصقته إلى بطنها، ثمّ ألقت ظهرها على حرّ البطحاء، و جعلته على بطنها لتقيه الحرّ، و قالت: ابني ابني، فبكى النّاس و تركوا ما هم فيه، فأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى وقف عليهم، فأخبروه الخبر فسرّ برحمتهم، ثمّ بشّرهم فقال صلى الله عليه وآله وسلم : أعجبتم من رحمة هذه لابنها؟! قالوا: نعم! قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فإنّ اللّه تعالى أرحم بكم جميعا من هذه بابنها، فتفرّق المسلمون على أفضل السرور و أعظم البشارة.

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (وَارزُقني فيهِ التَّوفيقَ وَالعِصمَةَ).

 يتضرع الملِحُّون إلى الله في أواخر أيام شهر رمضان أن يكونوا من المرزوقين بالتوفيق، ولاشك ان للتوفيق الأثر الكبير في هداية الإنسان إلى الصلاح والحق، وترتبط بأعمال الإنسان نفسه، فقد يحظى المرء بالفوز بالتوفيق نتيجة لعمل واحد يعمله، روي عن الهروي قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: رحم الله عبدا أحيا أمرنا، فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا.

أحياناً يطلق لفظ العصمة على الشيء الذي يمتلك خاصية الوقاية ويمنع الإنسان من الوقوع في ما يكره، ومن هذا المنطلق، يقول الشيخ المفيد: «إنّ العصمة في أصل اللغة هي ما اعتصم به الإنسان من الشيء كأنّه امتنع به عن الوقوع في ما يكره، ومنه قولهم: اعتصم فلان بالجبل، إذا امتنع به.

روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله عز ذكره يعصم من أطاعه، ولا يعتصم به من عصاه.

وروي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: إذا علم الله تعالى حسن نية أحد اكتنفه بالعصمة.

قال تعالى في سورة الممتحنة: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}، إن الله نهى أن يُستمسك بعصمهم حتى ولو كانت زوجة، بحكم تحريمي تكليفاً ووضعاً، فلذلك إن الاعتصام بأعداء الله منهي عنه، كما هو النهي في هذه الآية، والأمر بالاعتصام بالله، قال تعالى في سورة آل عمران: {وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }، لذلك فطلب العصمة هو طلب الهداية، قال تعالى في سورة الحج: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (وَطَهِّر قَلبي مِن غَياهِبِ التُّهمَةِ).

قال الله تعالى في سورة آل عمران: {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: واستجلب نور القلب بدوام الحزن.

قد جعل الله تعالى مدار الطهارة والظلمة على القلب، فإذا مُلِيء القلب إيماناً، وتصديقاً، وفقهاً، وإدراكاً، لمراد الله سمي القلب طاهراً، وإذا لم يتعهد الإنسان قلبه بذكر الله تعالى ومراقبته، فإن الشهوات سرعان ماتتسرب إليه وتبدأ بوادر المرض تغزوه بواسطة المعاصي والذنوب والمخالفات، فغيهب القلب التهمة أي أظلم القلب بالتهمة .

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: أشد مرض البدن مرض القلب، وأفضل من صحة البدن تقوى القلوب.

وعنه عليه السلام قال: طهروا قلوبكم من درن السيئات تضاعف لكم الحسنات.

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (يا رَحيماً بِعِبادِهِ المُؤمِنينَ).

 روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة.

ومن تلك الأسماء الرحيم، التي تبدأ كل صلاة بها.

روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أراد أن ينجيه الله من الزبانية، فليقرأ بسم الله الرحمن الرحيم تسعة عشر حرفا، ليجعل الله كل حرف منها جنة من واحد منهم.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

شرح دعاء اليوم السادس والعشرين

بسم الله الرحمن الرحيم

اللَّهُمَّ اجعَل سَعيي فيهِ مَشكوراً، وَذَنبي فيهِ مَغفوراً، وَعَمَلي فيهِ مَقبولاً، وَعَيبي فيهِ مَستوراً، يا أسمَعَ السَّامِعينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ اجعَل سَعيي فيهِ مَشكوراً).

إذا تأملنا في سعي المؤمنين في هذا الشهر الكريم فبين صائم، وراكع، وتال للقرآن، يتضح لدينا أن الغاية عندهم واحدة وهي درجات السعي المشكور، قال الله عز ذكره في سورة الإسراء: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}، ومصداق التقبل هو الشكر، لأن طمع الوصول إلى درجة السعي المشكور يقارن ما وعد الله به الشاكرين، فمثلا: الرزق يزداد بكثرة الشكر ، الولد يبارك كذلك وغيرها من الأمور الدنيوية تزداد بركتها بالشكر، فكله من متاع الحياة الدنيا، وأما ما عند الله خير وأبقى منفعة، قال تعالى ذكره في سورة ابراهيم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}، والسعي المطلوب في الحصول عليه هو المشكور منه عزوجل ليضاعف كثيرا، فتعب الساعي جزاؤه قبول الباري عز وجل له ، قال تعالى عز ذكره في سورةالأنبياء: {فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ }، درجة الساعين إليه كمشكورين ترضيهم ما كانوا يأملون به من الله ، قال تعالى ذكره في سورة الحديد: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}.
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: هيهات لا يخدع الله عن جنته، فالمؤمنون يلتمسون رفع سعيهم إلى درجة الشكر ، روي عن الإمام الهادي عليه السلام قال: ألقوا النعم بحسن مجاورتها، والتمسوا الزيادة فيها بالشكر عليها.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَذَنبي فيهِ مَغفوراً).

المؤمنون يعرفون أن الذنب المرتكب لا يغفره إلا الله سبحانه وتعالى، قال تعالى ذكره في سورة آل عمران: { فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ}، فهذه المعرفة التي وصل إليها المؤمنون بأن الله يغفر الذنب ووعد الله هذا الأمر لهم، قال الله عز وجل في سورة المائدة:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۙ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}.
فبعد تحصيل المؤمنين الوعد الإلهي بالغفران، تراهم يسارعون إلى الوصول إليه لنيل جنة الله الخالدة، قال تعالى ذكره في سورة آل عمران: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ }.
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام عندما سأله كميل ابن زياد قال: يا أمير المؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه فما حد الاستغفار؟ قال: يا ابن زياد! التوبة، قلت: بس؟ قال: لا، قلت: فكيف؟ قال: إن العبد إذا أصاب ذنبا يقول: أستغفر الله بالتحريك، قلت: وما التحريك؟ قال: الشفتان واللسان يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة؟ قلت: وما الحقيقة؟ قال: تصديق في القلب وإضمار أن لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه، قال كميل: فإذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين؟ قال: لا، قال كميل: فكيف ذاك؟ قال: لأنك لم تبلغ إلى الأصل بعد، قال كميل: فأصل الاستغفار ما هو؟ قال: الرجوع إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه، وهي أول درجة العابدين، وترك الذنب، والاستغفار اسم واقع لمعان ست:

أولها: الندم على ما مضى،

والثاني: العزم على ترك العود أبدا،

والثالث: أن تؤدي حقوق المخلوقين التي بينك وبينهم،

والرابع: أن تؤدي حق الله في كل فرض،

والخامس: أن تذيب اللحم الذي نبت على السحت والحرام حتى يرجع الجلد إلى عظمه ثم تنشئ فيما بينهما لحما جديدا،

والسادس: أن تذيق البدن ألم الطاعات كما أذقته لذات المعاصي.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (وَعَمَلي فيهِ مَقبولاً).

قال الله عز وجل في سورة الجاثية: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} ، أعمال العباد لخالقها مقرونة بقبولها من الله عز وجل، فهذه الاقتران شرطه أن تكون النية خالصة لوجه الله الكريم، لأن أعمال العباد تكون خاصة له ليس فيها شريك، وخصوصيتها أن تؤدى له دون رياء لأنه شاهد عليها، قال تعالى عز ذكره في سورة يونس: {وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّاعَلَيْكُمْ شُهُودًا}.
تترقي الدرجات حتى ينعم المؤمنون بجنة الله، فيبشرهم بها قال تعالى عز ذكره في سورة البقرة: {وَبَشِّرِالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ }، فقرينة الأعمال الإيمان و الصلاح، والغاية التي يرجوها من الله هي قبولها، فكيف إذا كان للناس ميزة في الدنيا وميزة في الآخرة، فهم يعرفون بآبائهم جينيا وبدنيا وفي الآخرة يعرفون بأعمالهم، فمن حسن عمله فإن الله لا يضيع عنده شئ، قال تعالى في سورة آل عمران: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ}.
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إنما يستدل على الصالحين بما يجري لهم على ألسن عباده، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح.
العمل خليل الناس فمن أعمالهم يعرفون،و يدل عليهم إن كان صالحاً أشير لهم وإن كان شراً فعليهم، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:إن لأحدكم ثلاثة أخلاء : منهم من يمتعه بما سأله فذلك ماله ، ومنهم خليل ينطلق معه حتى يلج القبر ولا يعطيه شيئا ولا يصحبه بعد ذلك فأولئك قريبه ، ومنهم خليل يقول : والله أنا ذاهب معك حيث ذهبت ولست مفارقك ! فذلك عمله إن كان خيرا وإن كان شرا.
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَعَيبي فيهِ مَستوراً)، إن الله عز وجل جعل لكل عمل يصدر من الناس سترا، فيسترهم بأمور يفعلونها أخفيت عن غيرهم، والستر مطلوب بين الناس كي لا يفسدون وتشيع الفاحشة، قال الله عز ذكره في سورة النور: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَاوَالْآخِرَةِ}، إذا نفهم من مصداق الآية الكريمة أن الله يحب الذي يستر عيب أخيه، وهو من الأعمال التي يؤجر عليها، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يستر عبد عيب عبد إلا ستره الله يوم القيامة.
يسطع الأمر جلياً لنا أن الإسلام قد أمر الناس بالتستر على بعضهم البعض وأوجب لهم جزيل الدرجات، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يرى امرؤ من أخيه عورة فيسترها عليه إلا دخل الجنة.
فكيف بالآمر بالستر ، ونرجوه أن يستر علينا ، ولا يأخذ بذنوبنا و يفضحها يوم الشاهد والمشهود، ومن أسمائه الحسنى التى سمى نفسه بها الستار، لأنه تعالى يحب أن تشيع المحبة والألفة بين خلقه، فيجعل الناس يحسنون الظن ببعضهم البعض.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(يا أسمَعَ السَّامِعينَ).الصوت الذي يخرج من الناس يحتاج دائما إلى من يسمعه في شكواه وطلبه للحاجة، لأن الناس بطبيعتها لا تستمع إلى هموم وشكاوى ومصائب بعضهم، فهذا الصوت يسمع عند الله الدعاء، وقد أمرهم بدعائه ليسمع نجواهم وكل مايهمهم من أمر دنياهم وآخرتهم، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: أحب الأعمال إلى الله عز وجل في الأرض الدعاء.
فيعرف الله عزوجل بالسميع ، وهو أحد أسمائه الحسنى التي سمى نفسه بها، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: إنّ العبد الولي لله يدعو الله في الأمر ينوبه ، فيقال للملَك الموكل به : اقض لعبدي حاجته ولا تعجّلها ، فإنّي أشتهي أن أسمع نداءه وصوته.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شرح دعاء اليوم الخامس والعشرين

بسم الله الرحمن الرحيم

اللَّهُمَّ اجعَلني فيهِ مُحِبّاً لأوليائِكَ، وَمُعادياً لأعدائِكَ، مُستَنّاً بِسُنَّةِ خاتَمِ أنبيائِكَ، يا عاصِمَ قُلوبِ النَّبيّينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ اجعَلني فيهِ مُحِبّاً لأوليائِكَ).

إذا تأملنا في حياة الأنبياء عليهم السلام وسيرتهم مع أقوامهم نجدهم يعرضون أثمن ما عندهم لإيصال الناس للهداية إلى الله بدون طلب الأجر والمقابل، لأن أجرهم كان على الله تعالى دوماً، قال تعالى في سورة سبأ:{قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّه}.
ولكن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم امتاز عن جميع الأنبياء بطلبه الأجر على الرسالة والدعوة الكبرى التي ضحى في سبيلها بكل غال ونفيس، وحصر الأمر بأجر واحد وهو المودة والمحبة لأهل بيته عليهم السلام، قال الله عز وجل في سورة الشورى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ }،ولكي لا يتصور أن هذا الأجر يعود بالنفع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شخصياً عاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليبين لقومه أن ماسيقدمونه سيعود على أنفسهم بالفائدة، قال الله عز ذكره في سورة الشورى: {ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۗ} ، ولبيان النفع قول الله تعالى في سورة الفرقان: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّامَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا}.
يتضح لنا بما لا لبس فيه ولاشك أن السبيل إلى الله هو محبة أوليائه، فنعرف أن الصلاة والصيام والحج وجميع الفرائض لن تكتسب روحها التي بها يحصل القرب وتظفر بالقبول إلا بهذه المودة، التي ستكون سبباً لحفظ الرسالة وبقائها بين الناس.
قال تعالى في سورة البقرة{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ من اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أنا مدينة العلم،وعلي بابها، فنفهم أن الدخول إلى الرسالة المحمدية هو عبر الإمام علي عليه السلام وأهل بيته عليهم السلام في محبتهم.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ياعلي لولاك أنت لم يعرف المؤمنون بعدي، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: حب أهل بيتي وذريتي استكمال الدين .
ولذلك الحب هو التمسك بهم وحبهم، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا علي من أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى.
ولكي نصل إلى محبتهم يجب علينا اتباع أوامرهم وخطاهم التي أعدوها للبشرية، روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال:لن تنالوا ولايتنا إلا بالورع، ولن تنالوا ماعند الله تعالى إلا بالعمل، وإن أشد الناس حسرة يوم القيامة لمن وصف عدلاً وخالفه إلى غيره.
وما فائدة التولي من دون الالتزام الكلي بأوامرهم، روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال لجابر: لا تذهب بك المذاهب،  حسب الرجل أن يقول إني أحب علياً وأتولاه ثم لا يكون ذلك فعالاً، فلو قال إني أحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فرسول الله خيرٌ من علي ثم لا يتبع سيرته، ولا يعمل بسنة ما نفعه حبه ي شئ.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَمُعادياً لأعدائِكَ)، قال الله عز ذكره في سورة البقرة{فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا}، ان معاداة أعداء أهل البيت عليهم السلام ركن أساسي من أركان الدين، التي تكسب الأجر العظيم والرفعة في الدرجات، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: كذب من زعم من شيعتنا وهو متمسك بعروة غيرنا.
لأن الحب لهم لا يدخل النقيض له في قلب الموالي لهم، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: من أحب كافراً فقد أبغض الله، ومن أبغض كافراً فقد أحب الله، وصديق عدو الله عدو الله.
العداء يظهر من المؤمنين بأفعالهم التي تكون مداليلها قلبيا وظاهريا، روي عن الإمام الرضا عليه السلام قال: إن ممن يتخذ مودتنا أهل البيت لمن هو أشد لعنة على شيعتنا من دجال، فقال رجل: يابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بماذا؟ فقال عليه السلام: بموالاة أعدائنا ومعاداة أوليائنا، إنه إذا كان ذلك اختلط الحق بالباطل، واشتبه الأمر فلم يعرف مؤمن من منافق.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (مُستَنّاً بِسُنَّةِ خاتَمِ أنبيائِكَ)، إن السنة الشريفة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم هي نفسها لأهل البيت عليهم السلام، لأنها نابعة من مصدر معصوم ومسدد من قبل الله تعالى، بحيث لا يجد أحد فيها أي اختلاف، قال الله عز وجل في سورة النساء: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}، وقد مر الكلام عن محبتهم ووجوب تمسك بهم لأنهم سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحقيقية ، وقال تعالى في سورة التوبة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، ومن أصدق من قولهم عليهم السلام، روي عن الإمام الحسين عليه السلام قال: أيها الناس! إن الله جل ذكره ماخلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه، فقال رجل: يابن رسول الله! بأبي أنت وأمي فما معرفة الله؟ قال عليه السلام: معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا.
اتباعهم والتمسك بهم يحتاج إلى الاستمساك بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، بمعرفة إمام زماننا عجل الله فرجه، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
الكمال في الإيمان الذي يوصل إلى طاعة الله والتسنن بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو معرفتنا الحق، وهو إمام زماننا عجل تعالى فرجه.
روي بسند معتبر: ” اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(يا عاصِمَ قُلوبِ النَّبيّينَ)، إن الله عصم أنبيائه عن الوقوع في الخطأ الذي يقع فيه بقية الناس لأن أنبيائه قادة وولاة أمر البشر بتكليف رباني، قال الله عز وجل في سورة النجم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وروي عن الإمام الرضا عليه السلام قام إليه علي بن محمّد بن الجهم ، فقال له : يابن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء ؟قال : « نعم ».
قال : فما تعمل في قول الله عزّوجلّ : ( وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ )، وفي قوله عزّوجلّ: ( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ )، وفي قوله عزّوجلّ في يوسف عليه السلام : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ) ، وفي قوله عزّوجلّ في داود عليه السلام : ( وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ) ، (وقوله تعالىٰ في نبيّه محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) ؟
فقال الرضا عليه السلام : « ويحك يا علي ، اتّقِ الله ولا تنسب إلىٰ أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأوّل كتاب الله برأيك ، فإنّ الله عزّوجلّ قال :( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) .
وأمّا قوله عزّوجلّ في آدم عليه السلام : ( وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ) فإنّ الله عزّوجلّ خلق آدم حجّة في أرضه وخليفته في بلاده، لم يخلقه للجنّة، وكانت المعصية من آدم في الجنّة لا في الأرض، وعصمته يجب أن تكون في الأرض ليتمّ مقادير أمر الله، فلمّا أهبط إلىٰ الأرض وجعل حجّة وخليفة عُصم بقوله عزّوجلّ : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شرح دعاء اليوم الرابع والعشرين

اللَّهُمَّ إنّي أسألُكَ فيهِ ما يُرضيكَ، وَأعوذُ بِكَ مِمّا يُؤذيكَ، وَأسألُكَ التَّوفيقَ فيهِ لأن اُطيعَكَ وَلا أعصيكَ، يا جَوادَ السَّائِلينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(اللَّهُمَّ إنّي أسألُكَ فيهِ ما يُرضيكَ، وَأعوذُ بِكَ مِمّا يُؤذيكَ
إن أعمال الصائمين كلها تدخلهم محور القبول و رضا الله عز وجل عنهم، حيث ينظرون إلى أفعالهم التي يفعلونها هل ترضي الله أم لا؟ فيجتهدون ويحذرون في إقامة كل فعل وعمل ، ويراقبون حتى كلامهم لأنه أشد ما يحذرون،لأنه المدار والمحور لرضا الله، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قلة الكلام تستر العيوب وتقلل الذنوب، وعنه عليه السلام قال: من كثر كلامه كثر خطأه.
الكلام يربط الإنسان به في الكشف عن صورته الحقيقية، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:  الْكَلاَمُ فِي وَثَاقِكَ  مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ، فَإذَا تَكَلَّمْتَ بِهِ صِرْتَ فِي وَثَاقِهِ، فَاخْزُنْ  لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَكَ وَوَرِقَكَ فَرُبَّ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً وَجَلَبَتْ نِقْمَةً.
كثرة الكلام تودي بصاحبها إلى سخط الله إن كان في الغيبة والنميمة والكذب فيخرج من رضاه إلى غضبه.
ما روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، إذ أنه قال: (يعذب اللسان بعذابٍ، لا يعذب به شيئاً من الجوارح؛ فيقول: اي رب عذبتني بعذابٍ لم تعذب به شيئاً من الجوارح؛ فيقال له: خرجت منك كلمة؛ فبلغت مشارق الأرض ومغاربها؛ فسفك منها الدم الحرام وانتهب بها المال الحرام، …وعزتي وجلالي لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئا من الجوارح)، فنفهم من ذلك يجب على المؤمن أن يحسب لكل كلمةٍ يتكلم بها، وأن يكون حذراً ممَّا يقوله وينطق به لسانهِ.عكس هذا الأمر ما روي عن الإمام السجاد عليه السلام عندما سئل عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟ فقال عليه السلام: (لكل واحد آفات؛ فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت، قيل: وكيف ذاك يا ابن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لأن اللَّه عز وجل، ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت، انما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت ولا استوجبت ولاية اللَّه بالسكوت ولا توقيت النار بالسكوت ولا يجنب سخط اللَّه بالسكوت، انما ذلك كله بالكلام ما كنت لأعدل القمر بالشمس انك تصف فضل السكوت بالكلام ولست تصف فضل الكلام بالسكوت).
قال الله عز ذكره في سورة الاحزاب:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}، وقال تعالى في سورة التوبة:{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، إن أذية الأنبياء والاوصياء من أذية الله عز وجل، ونحن مسؤولون عن عدم أذيتهم لأن الله عندما أضاف الأذية لنفسه تعظيماً لأوليائه ومبالغة في عظم المعصية.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (إن أعمال العباد تعرض على نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم كل عشية الخميس فليستحي أحدكم أن تعرض على نية العمل القبيح)، وروى أصحاب الحديث والرواية ان أعمال الأمة تعرض على النبي وآله عليهم السلام في كل اثنين وخميس فيعرفوننا وهم المعنيون{ الْمُؤْمِنونَ} في كتاب الله.
وأفضل الأعمال لتجنب أذية الله ورسوله، هي ما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَأسألُكَ التَّوفيقَ فيهِ لأن اُطيعَكَ وَلا أعصيكَ)، ان الوصول إلى طاعة الله عز وجل تحتاج إلى رضا الله عند العبد لأنه محور قبول كل شئ، قال الله عز وجل في سورة محمد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، الطاعة لله من خلال أعمال الصائمين الحسنة والتوفيق إليها، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله سبحانه قد جعل للخير أهلا، وللحق دعائم، وللطاعة عصما، وإن لكم عند كل طاعة عونا من الله سبحانه، يقول على الألسنة ويثبت الأفئدة، فيه كفاء لمكتف وشفاء لمشتف.
المعصية عدو المؤمنين الطائعين لأنها تحبط أعمالهم فيكون أسوأ ما فعلوا، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن من عزائم الله في الذكر الحكيم، التي عليها يثيب ويعاقب ولها يرضى ويسخط  أنه لا ينفع عبدا – وإن أجهد نفسه، وأخلص فعله – أن يخرج من الدنيا لاقيا ربه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها وأن يشرك بالله فيما افترض عليه من عبادته، أو يشفي غيظه بهلاك نفس، أو يعر بأمر فعله غيره، أو يستنجح حاجة إلى الناس بإظهار بدعة في دينه، أو يلقى الناس بوجهين، أو يمشي فيهم بلسانين، أعقل ذلك، فإن المثل دليل على شبهه.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(يا جَوادَ السَّائِلينَ)، الجود من أسماء الله تبارك وتعالى الحسنى، وهو الذي يحب أن يجود على عباده بالرضا وقبول طاعته، روي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله تعالى جواد يحب الجود، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شرح دعاء اليوم الثالث والعشرين


بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُمَّ ارزُقني فيهِ فَضلَ لَيلَةِ القَدرِ، وَصَيِّر اُموري فيهِ مِنَ العُسرِ إلى اليُسرِ، وَاقبَل مَعاذيري، وَحُطَّ عَنّي الذَّنبَ وَالوِزرَ، يا رَؤوفاً بِعِبادِهِ الصَّالِحينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ ارزُقني فيهِ فَضلَ لَيلَةِ القَدرِ)، هناك نكتة يبين فيها اختلاف كتب الأدعية عندنا في التقديم لبعض دعوات الأيام وتأخير بعضها، والرواية في ذلك أن بعض علمائنا قدم بعض أدعية أيام العشر الأخيرة فيما بينها، وقد ذكر الكفعمي دعاء اليوم السابع والعشرين ليوم التاسع والعشرين، ولا يبعد أن يكون الأنسب على مذهب الشيعة الإمامية ، الدعاء في الثالث والعشرين، وقد سئل المرجع زعيم الطائفة السيد الخوئي(قدس سره)، ومرجع الطائفة في يومنا سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني(دام ظله الوارف)، عن ليلة القدر قالا: ليلة الواحد والعشرين والثالث والعشرين ولايترك العمل في ليلة التاسع عشر، ولذلك جعلت هذا الدعاء لليوم الثالث والعشرين.
فضل ليلة القدر لا يعلمه إلا الله تعالى، وهو القائل عز وجل في سورة القدر:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ*تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ*سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، وليلة القدر هي قلب شهر رمضان المبارك، الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال فيه: شهر رمضان سيد الشهور، وليلة القدر سيدة الليالي.
وهي الليلة التي عرفنا وقتها عن طريق أهل البيت عليهم السلام، روي عن الإمام الباقر عليه السلام عندما سأله زرارة عن ليلة القدر؟ قال عليه السلام: هي ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، قلت: أليس إنما هي ليلة واحدة؟ قال عليه السلام:بلى، قلت :أخبرني بها، قال عليه السلام: وما عليك أن تفعل خيراً في ليلتين.
والتحضر والجد والتأهب لليلة القدر هو ما يهم النبي وآله عليهم السلام لتكون عنوانا واضحا لفضل هذه الليلة، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،كان يطوي فراشه ويشد مئزره في العشر الأواخر من شهر رمضان، وكان يوقظ أهله ليلة ثلاث وعشرين، وكان يرش وجوه النيام بالماء في تلك الليلة.
وكانت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام لا تدع أحداً من أهلها ينام تلك الليلة، و تداويهم بقلة الطعام وتتأهب لها من النهار، وتقول عليها السلام:محروم من حرم خيرها.
ففي هذه الليلة يقسم الله ويقدر كل شئ على العباد من الله تعالى، روي عن سليمان قال للإمام الرضا عليه السلام: ألا تخبرني عن ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر) في أي شئ نزلت؟ قال عليه السلام: يا سليمان ليلة القدر يقدر الله عزوجل فيها ما يكون من السنة إلى السنة، من حياة، أو موت، أو خير، أو شر، أو رزق، فما قدر في تلك الليلة فهو محتوم.
وليلة القدر هي ليلة غفران الذنوب وبها تنزل رحمة الله على عباده، روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: من أحيى ليلة القدر غفرت ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماء، ومثاقيل الجبال، ومكائيل البحار.
وفي ليلة القدر يقدر الله كل شئ حتى معرفتنا للأئمة الأطهار عليهم السلام، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لابن عباس: إن ليلة القدر في كل سنة وأن ينزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال ابن عباس من هم؟ قال عليه السلام: أنا وأحد عشر من صلبي.
البحوث وأقلامها تنفد وقراطيسها وأوراقها تنتهي ولا ينتهي الحديث عن فضل ومعاني وحقيقة ليلة القدر.
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَصَيِّر اُموري فيهِ مِنَ العُسرِ إلى اليُسرِ)، قال الله تعالى في سورة الشرح: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شرح الآيتين قال: لن يغلب عسر يسرين.
مهما طال العسر ينكشف باليسر، هذا وعد الله لعباده في كتابه، وقول أهل البيت عليهم السلام، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لو جاء العسر فدخل هذا الحجر، لجاء اليسر فدخل عليه فأخرجه.
الله محول العسر إلى يسر ليدخل راحة القلب الموعودة إلى عبده، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ما أقرب الراحة من التعب، ولكل هم فرج.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَاقبَل مَعاذيري، وَحُطَّ عَنّي الذَّنبَ وَالوِزرَ) قال تعالى في سورة الأعراف: {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ}، ومن غير الله يقبل العذر عن عباده من ذنوبهم وخطاياهم، فالاعتذار يدل على قدر خضوعنا وانكسارنا أمام الله عزوجل، هكذا يعلمنا أئمتنا عليهم السلام، فعن الإمام السجاد عليه السلام في بعض أدعيته قال: اللهم إني أعتذر إليك…
وقال عز ذكره في سورة غافر: {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ}، وقال تعالى في سورة الأنعام:{ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ}.
هذه الآيات الكريمة مصداق كامل أن الله هو الذي يحط الذنوب والوزر عنا، روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: أربع من كن فيه وكان من قرنه إلى قدمه ذنوباً بدلها الله حسنات: الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر.
ولكل ذنب ووزر شئ يهدمه ويمحوه، روي عن الإمام الرضا عليه السلام قال: من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلوات على محمد وآله فإنها تهدم الذنوب هدما.
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(يا رَؤوفاً بِعِبادِهِ الصَّالِحينَ)، إن الرأفة من الأسماء الجمالية الإلهية وقد بسطها وأعطاها لأكثر مخلوقاته، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: إن الله عز وجل خلقنا فأحسن خلقنا، وصورنا فأحسن صورنا، وجعلنا عينه في عباده، ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، و وجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدل عليه، وخزائنه في سمائه وأرضه.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

دعاء اليوم الثاني والعشرين

اللَّهُمَّ افتَح لي فيهِ أبوابَ فَضلِكَ، وَأنزِل عَلَيَّ فيهِ بَرَكاتِكَ، وَوَفِّقني فيهِ لِموجِباتِ مَرضاتِكَ، وَأسكِنّي فيهِ بُحبوحاتِ جَنَّاتِكَ، يا مُجيبَ دَعوَةِ المُضطَرّينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ افتَح لي فيهِ أبوابَ فَضلِكَ، وَأنزِل عَلَيَّ فيهِ بَرَكاتِكَ).

تتوالى أيام شهر رمضان المبارك ونحن نغرف من بحر علوم أهل البيت عليهم السلام لتحصيل الفضائل من الله عز وجل في شهره الشريف الفضيل، وتنزيل بركاته علينا الي نبتغيها، قال الله عز وجل في محكم كتابه المبين في سورة الجمعة{وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
أبواب فضل الله التي يفتحها علينا ونبغي فيها كل سبله التي يوصلنا بها إلى مفاتيحها مفتوحة بلطف منه، قال الله عز وجل في سورة الحديد: {سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}، كل أبواب فضل الله علينا أوردها في آياته الكريمة التي تفتح عقولنا وقلوبنا لمعرفة ان خلقه لنا فضلٌ وإيماننا فضلٌ والولاية والصحة والحياة والرزق لنحيا كلها فضائله وتأييداته على خلقه .
قال الله عزوجل في سورة الأنفال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }، والتقوى رأس كل فضائله علينا التي بها يوجب على المسلمين الالتزام بما أمرهم من صلاة وحج وصيام، وكثير هي فضائله على عباده، فمثلا: الصوم فضيلة أوجبها الله لتكون حاجزا للصائمين ، روي عن الإمام الرضا عليه السلام قال:وَ اعْلَمْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَّ الصَّوْمَ حِجَابٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْأَلْسُنِ وَ الْأَسْمَاعِ وَ الْأَبْصَارِ وَ سَائِرِ الْجَوَارِحِ ، لِمَا لَهُ فِي عَادَةٍ مِنْ سَتْرِهِ وَ طَهَارَةِ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ ، حَتَّى يُسْتَرَ بِهِ مِنَ النَّارِ ، وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ جَارِحَةٍ حَقّاً لِلصِّيَامِ ، فَمَنْ أَدَّى حَقَّهَا كَانَ صَائِماً ، وَ مَنْ تَرَكَ شَيْئاً مِنْهَا نَقَصَ مِنْ فَضْلِ صَوْمِهِ بِحَسَبِ مَا تَرَكَ مِنْهَا.
قال الله عز وجل في سورة الأعراف: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }
كل بركات الله تنزل على عباده المكرمين منه أيام شهر رمضان مضاعفة وسرعة استجابته للدعاء، روي عن الإمام الحسين عليه السلام قال – في حديث طويل في الرجعة -: ولتنزلن البركة من السماء والأرض، حتى إن الشجرة لتصيف بما يريد الله فيها من الثمرة، وليؤكل ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء، وذلك قوله تعالى * في الآية المتقدمة.
روي عن الإمام الرضا عليه السلام قال:أوحى الله عزوجل إلى نبي من الأنبياء: إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت،وليس لبركتي نهاية.
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَوَفِّقني فيهِ لِموجِباتِ مَرضاتِكَ، وَأسكِنّي فيهِ بُحبوحاتِ جَنَّاتِكَ)، قال الله عز وجل في سورة التوبة: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍلَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ }، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أخفى رضاه في طاعته فلا تستصغرن شيئا من طاعته، فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم.
كل رضا من الله يحتاج إلى موجب له، فمثلا لقمان يعلم ابنه عن كيفية بعض الأمور لوجوب رضا الرب، قال لقمان في وصيته لابنه: يا بني من يرد رضوان الله يسخط نفسه كثيرا، ومن لا يسخط نفسه لايرضى الله به.
مسعى الله الذي يسعى به الساعون إلى بحبوحة السكنى في جنته، التي هي من أبواب فضل الله تقدم ذكرها في كلامنا، قال الله عز وجل في سورة الصف: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: عدن دار الله التي لم ترها عين ولا يخطر على قلب بشر ولايسكنها غير ثلاث: النبين، والصديقين، والشهداء.
بحبوحات هي ديار المؤمنون التي بنوها من أعمالهم في دار الدنيا، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما سئل ما بناؤها؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وملاطها المسك الأذفر، وترابها الزعفران، وحصاؤها اللؤلؤ والياقوت، من دخلها يتنعم لا يبأس أبدا، ويخلد لا يموت أبدا.
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:( يا مُجيبَ دَعوَةِ المُضطَرّينَ)، ومن غير الله يجب دعوة المضطرين، وهو القائل في سورة النمل: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «نزلت في القائم من آل محمد ، هو والله المضطر، إذا صلى في المقام ركعتين،ودعا الله فأجابه، ويكشف السوء، ويجعله خليفة فيالأرض».
ونحن الذين ندعوا الله كما أمرنا في كتابه حيث قال عزوجل في سورة البقرة: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، دعاؤنا لرب الأرباب هو باب تعجيل الفرج،فنقول: اللهم كن لوليك الحجه ابن الحسن، صلواتك عليه وعلى آبائه، في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً، برحمتك يا أرحم الراحمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

دعاء اليوم الحادي والعشرين

اللَّهُمَّ اجعَل لي فيهِ إلى مَرضاتِكَ دَليلاً، وَلا تَجعَل لِلشَّيطانِ فيهِ عَلَيَّ سَبيلاً وَاجعَل الجَنَّةَ لي مَنزِلاً وَمَقيلاً، يا قاضيَ حَوائِجِ الطَّالِبينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(اللَّهُمَّ اجعَل لي فيهِ إلى مَرضاتِكَ دَليلاً)، أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المؤمنين معرفة الدليل إلى مرضاة الله عزوجل التي تدخلهم جنته ورضوانه، والبحث عميقٌ ودقيق، نورد ما وفقنا الله إليه باختصار، قال الله عزوجل في سورة
المائدة: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ الْفَوْزُالْعَظِيمُ }.
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قلوب العباد الطاهرة مواضع نظر الله سبحانه، فمن طهر قلبه نظر الله إليه.
إن الدليل القلبي لمرضاة الله هي من أعلى  مراتب التوفيق للمؤمن، روي عن نبي الله موسى بن عمران عليه السلام قال: يارب! أخبرني عن آية رضاك عن عبدك، فأوحى الله تعالى إليه: إذا رأيتني أهيئ عبدي لطاعتي، وأصرفه عن معصيتي فذلك آية رضاي.
ومن أعطوا الله الرضا من قلوبهم، يأتيهم الثواب من ربهم بما فعلوا، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أعطوا الله الرضا من قلوبكم تظفروا بثواب الله تعالى يوم فقركم والإفلاس .
لكل القلوب محل إعراب لها عواملها  وأدواتها بحسب ذكر الله وطاعته التي تنجي في معرفتها النفس مما تحذر، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: ” إعْرَابُ القُلوب على أرْبَعةِ أنْوَاعٍ : رَفْعٌ وفَتْحٌ وخَفْضٌ ووَقْفٌ، فَرَفْعُ القَلْبِ في ذِكْر الله، وفَتْحُ القَلبِ في الرِّضا عَنِ الله، وخَفْضُ القَلْبِ في الاشتِغَالِ بِغَيرِ الله، ووقْفُ القَلْبِ في الغَفلَةِ عَن الله.
سبيل دليل الراضين إلى الله عنهم لا يحصل العباد عليه إلا بما قاله أمير المؤمنين عليه السلام: هيهات لا يخدع الله عن جنته، ولا تنال مرضاته إلا بطاعته.
فالطاعة والمرضاة لها أعمال ٌ يبلغنا بها أمير المؤمنين عليه السلام قال : ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله تعالى: كثرة الاستغفار، وخفض الجانب، وكثرة الصدقة.
كل ما تقدم هو سبيلٌ يسعى فيه المؤمنون لتحصيل الدلائل لمرضاة الله، وأشرف وأسمى وأرقى تلك الدلائل معرفتهم بأسرعها وهي معرفة محمد وال محمد عليهم السلام، والحسين عليه السلام هو محور الدلائل الكبرى لمرضاة الله، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال:
: اقْرَءُوا سُورَةَ الْفَجْرِ فِي فَرَائِضِكُمْ وَنَوَافِلِكُمْ فَإِنَّهَا سُورَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما السلام وَارْغَبُوا فِيهَا رَحِمَكُمُ اللهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَكَانَ حَاضِرَ الْمَجْلِسِ: كَيْفَ صَارَتْ هَذِهِ السُورَةُ لِلْحُسَيْنِ خَاصَّةً؟ فَقَالَ عليه السلام: «أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}، إِنَّمَا يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما السلام فَهُوَ ذُو النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ، الرَّاضِيَةِ الْمَرْضِيَّةِ، وَأَصْحَابُهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله الرَّاضُونَ عَنِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ رَاضٍ عَنْهُم،ْ وَهَذِهِ السّورَةُ فِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَشِيعَتِهِ وَشِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّة،ً مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَةَ الْفَجْرَ كَانَ مَعَ الْحُسَيْنِ عليه السلام فِي دَرَجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيم».
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَلا تَجعَل لِلشَّيطانِ فيهِ عَلَيَّ سَبيلاً) قال الله عز ذكره في سورة فاطر: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.
إن المخالفين لمرضاة الله قد جعلوا  للشيطان عليهم سبيلا، يروي لنا أمير المؤمنين عليه السلام : إن رجلا كان يتعبد في صومعة، وإن امرأة كان لها إخوة فعرض لها شيء فأتوه بها، فزينت له نفسه فوقع عليها، فجاءه الشيطان فقال: أقتلها فإنهم إن ظهروا عليك افتضحت، فقتلها ودفنها، فجاؤوه فأخذوه فذهبوا به، فبينما هم يمشون إذ جاءه الشيطان، فقال: إني أنا الذي زينت لك فاسجد لي سجدة أنجيك، فسجد له، فذلك قول الله تعالى : {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }.التفريق بين سبيل الله والسبيل الذي يدخل الشيطان علينا معياره النية، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في رجل جلد ونشاطه لما قال أصحابه فيه: لو كان في سبيل الله، قال صلى الله عليه وآله وسلم :(إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان).
ما ركب أحد هذه السفينة إلا نجى من سبيل الشيطان، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أحب أن يركب سفينة النجاة، و يستمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين، فليوال عليا بعدي، وليعاد عدوه، وليأتم بالأئمة الهداة من ولده، فإنهم خلفائي وأوصيائي، وحجج الله على الخلق بعدي،  وسادة أمتي، وقادة الأتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي، وحزبي حزب الله عز وجل، وحزب أعدائهم حزب الشيطان.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَاجعَل الجَنَّةَ لي مَنزِلاً وَمَقيلاً، يا قاضيَ حَوائِجِ الطَّالِبينَ).
قال الله عز وجل في سورة الأعراف: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}.
الجنة مراد المؤمنين لتكون مقرهم الذي لطالما عملوا جاهدين لأجل الوصول لأعلى درجاتها فتستقر نفوسهم، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الجنة درجات متفاضلات، ومنازل متفاوتات.منازل هذه الجنة ينالها المؤمنون، فيتفاضلون بينهم، فمنهم من هو أعلى درجة من الآخر لسبب جليل يعلمنا به الرسول الكريم ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:إن الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى تنتهي أمانيهم ، وفوقهم قوم في الدرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون: ربنا إخواننا كنا معهم في الدنيا فبم فضلتهم علينا؟ فيقال: هيهات! إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون، ويظمأون حين تروون، ويقومون حين تنامون، ويشخصون حين تخفضون.
الذكر يبقى ويستمر بين المؤمنين في الجنة ويعبر عنه بالحب الإلهي في جنته وهو لذيذ ، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إنّ أطيب شيء في الجنّة وألذّه حبّ الله ، والحبّ في الله والحمد لله ، قال الله عزّ وجلّ :
{ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، وذلك أنّهم إذا عاينوا ما في الجنّة من النعيم هاجت المحبّة في قلوبهم ، فينادَون عند ذلك : أن الحمد لله رب ّ العالمين.
ونحن نقول في هذا اليوم اللهم العن قتلة أمير المؤمنين عليه السلام، واقض لنا كل حاجة فنحن الطالبين لمرضاتك وجنتك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شرح دعاء اليوم العشرين


بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُمَّ افتَح لي فيهِ أبوابَ الجِنانِ، وَأغلِق عَنّي فيهِ أبوابَ النّيرانِ، وَوَفِّقني فيهِ لِتِلاوَةِ القُرآنِ، يا مُنزِلَ السَّكينَةِ في قُلوبِ المُؤمِنينَ.
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ افتَح لي فيهِ أبوابَ الجِنانِ، وَأغلِق عَنّي فيهِ أبوابَ النّيرانِ)، النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا أعلى درجات الطلب من الله و أغلى منية لكل المريدين وأمنيتهم الأبدية وهي فتح أبواب الجنان لهم، قال الله عز وجل في سورة ص: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ}.
لذلك شهر الله مراد المريدين يتضرعون في دعائهم له فيه، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا استهل شهر رمضان غلقت أبواب النار، وفتحت أبواب الجنان وصفدت الشياطين.
فيلح الصائمون بالدعاء لدخولهم الجنان من باب علي عليه السلام، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فإذا دقت الحلقة على الصفحة طنت وقالت: يا علي.

هناك روايات متعددة وكثيرة تصف الجنان وأبوابها، فحينما ذكرنا باب علي قدحت في الأذهان رواية تصف باقي الأبواب ،روي عن الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه، عن جده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن للجنة ثمانية أبواب : باب يدخل منه النبيون والصديقون، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا، فلا أزال واقفاً على الصراط أدعو وأقول: رب سلم شيعتي ومحبي، ومن تولاني في دار الدنيا، فإذا النداء من بطنان العرش: قد أجيبت دعوتك وشفعت في شيعتك.
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: أحسنوا الظن بالله، واعلموا أن للجنة ثمانية أبواب عرض كل باب منها مسيرة أربعين سن.وهناك من المؤمنين من يتوسل لغلق أبواب النار، قال تعالى في سورة الحجر: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} ، روي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام عَلَى بَابِ دَارِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ يَمُرُّونَ‏ أَفْوَاجاً، فَقَالَ لِبَعْضِ مَنْ عِنْدَهُ: حَدَثَ بِالْمَدِينَةِ أَمْرٌ؟ فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وُلِّيَ الْمَدِينَةَ وَالٍ، فَغَدَا النَّاسُ يُهَنِّئُونَهُ، فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْدَى عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ تَهَنَّأَ بِهِ، وَإِنَّهُ لَبَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّار.ِ
تغلق أبواب النار بمعرفة الفوز الأكبر فتقيهم ما يحذرون، روي عن أبي حمزة قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام: فقلت جعلت فداك يابن رسول الله، قد يصوم الرجل النهار ويقوم الليل ويتصدق ولا نعرف من إلا خبرا إلا أنه لا يعرف! فتبسم عليه السلام، فقال: ياثابت أنا في أفضل بقعة على ظهر الأرض لو أن عبدا لم يزل ساجداً بين الركن والمقام حتى يفارق الدنيا ولم يعرف ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا.
روي عنه صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:(وَوَفِّقني فيهِ لِتِلاوَةِ القُرآنِ، يا مُنزِلَ السَّكينَةِ في قُلوبِ المُؤمِنينَ)

توفيق الرحمن الصائمين الصابرين أن يجعل الله لهم القرآن ربيعهم لنيل الحسنيين، روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: لكل شئ ربيع، وربيع القرآن شهر رمضان.
فقراء القرآن هم الموفون بعهدهم بما عاهدوا الله عليه، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده، وأن يقرأ منه كل يوم خمسين آية.
إن المداومين على تعاهده لهم مقامهم عند الله، إن سكينة الرحمن تنزل على قلوب من يتلون القرآن، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده.
لكل سكينة من الله على قلوب المؤمنين علو النفس فتطمئن بفوزها برضوان من الله قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ فالإيمان بالله يتممه الإيمان برسوله والثفلين ليزدادوا إيمانا على إيمانهم، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ لذلك فالسكينة تنزل بمبايعة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، والتمسك بهم عليهم السلام، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى ، فليتمسك بحب علي وأهل بيتي ،و روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: من أحبنا أهل البيت، وحقق حبنا في قلبه، جرت ينابيع الحكمة على لسانه، وجدد الإيمان في قلبه.
اللهم أنزل علينا من سكينتك واجعلنا من المتمسكين بالأطهار عليهم السلام.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

شرح دعاء اليوم التاسع عشر


بسم الله الرحمن الرحيم


 اللَّهُمَّ وَفِّر فيهِ حَظّي مِن بَرَكاتِهِ، وَسَهِّل سَبيلي إلى خَيراتِهِ، وَلا تَحرِمني قَبولَ حَسَناتِهِ، يا هادياً إلى الحَقِّ المُبينِ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ وَفِّر فيهِ حَظّي مِن بَرَكاتِهِ)، يتوجه صلى الله عليه وآله وسلم إلى إرشادنا أن في هذا الشهر حظٌ حسن وبركاتٌ كثيرة ينزلها الرب الكريم على عباده المحظوظين بوصولهم لها، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر.
لكل عبادة حظٌ في التوفيق إليها، وبركات شهر رمضان له توفيقاته وخصاله على الصائمين من الله سبحانه وتعالى، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما من مؤمن يصوم من شهر رمضان حاسباً محتسباً إلا أوجب الله تعالى له سبع خصال: أول الخصلة: يذوب الحرام من جسده،والثاني: يتقرب إلى رحمة الله، والثالث: يكفر خطيئته، والرابع: يهون عليه سكرات الموت، والخامس: آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادس: براءة من النار، والسابع: أطعمه من طيبات الجنة.
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: ( وَسَهِّل سَبيلي إلى خَيراتِهِ)،السالكون في مرضاة الله يتسابقون لنيل خيرات الله في شهره المبارك، فيجتهدون ويفعلون كل ثواب يسهل لهم الوصول إلى الكمال في تحصيل فيوضات الرحمن، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أدى فيه فرضاً كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور.
هذا الجهاد لتحصيل الخيرات وتسهيلها لنيل تعاليم الرحمن، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المعراج قال: قال تعالى : يا أحمد! إن العبد إذا أجاع بطنه، وحفظ لسانه، علمته الحكمة، وإن كان كافرا تكون حكمته حجة عليه ووبالا، وإن كان مؤمنا تكون حكمته له نورا وبرهانا وشفاء ورحمة، فيعلم ما لم يكن يعلم ، ويبصر ما لم يكن يبصر، فأول ما أبصره عيوب نفسه حتى يشتغل عن عيوب غيره، وأبصره دقائق العلم حتى لا يدخل عليه الشيطان.
خيرات الرحمن تتوالى على عباده الصائمين لتعتق لهم رقابهم، وتغفر لهم ذنوبهم، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من فطر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه.
قال الله عز وجل في سورة القدر: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.
ليلة! العمل فيها خيرٌ من ألف شهر! ويومها كليلته بالفضل والأجر! فالعابدون يتأملون من ربهم كل الخير في ليلة القدر ويومها، روي عن الإمام الصادق عليه السلام يُوصِي وُلْدَهُ إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ : ” فَاجْهَدُوا أَنْفُسَكُمْ ، فَإِنَّ فِيهِ تُقَسَّمُ الْأَرْزَاقُ ، وَ تُكْتَبُ الْآجَالُ ، وَ فِيهِ يُكْتَبُ وَفْدُ اللَّهِ الَّذِينَ يَفِدُونَ إِلَيْهِ ، وَ فِيهِ لَيْلَةٌ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ “.
وروي عن الإمام الجواد عليه السلام قال: من وافق ليلة القدر فقامها غفر الله له ماتقدم من ذنبه وما تأخر.
الراجون نيل التوفيق في إقامتها يتضرعون إلى ربهم بأن يكونوا من محييها، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة.
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَلا تَحرِمني قَبولَ حَسَناتِهِ، يا هادياً إلى الحَقِّ المُبينِ)، الخائفون من الحرمان من حسنات شهر رمضان يتوسلون إلى الله يهديهم إلى الحق المبين في ليلة القدر ويومها،
وإنها الليلة التي قدر فيها الله ولاية أهل البيت عليهم السلام، قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله؛ يا علي أتدري ما معنى ليلة القدر؟ فقلت: لا يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إن الله تبارك وتعالى قدّر فيها ما هو كائن الى يوم القيامة، فكان فيما قدَّر عز وجل ولايتك وولاية الائمة من ولدك الى يوم القيامة.
المؤمنون يتضرعون إلى بارئهم أن لا يحرمهم حسناته وهديه إلى صراطه المستقيم الحقيقي و هو معرفة علي عليه السلام، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن شأن علي عظيم، إن حال علي جليل، إن وزن علي ثقيل، ما وضع حب علي في ميزان أحد إلا رجح على سيئاته، ولا وضع بغضه في ميزان أحد إلا رجح على حسناته.
وهذا يوم يفجع فيه آل محمد وشيعتهم ، وهذا يومٌ أخبر النبي صلى الله عليه واله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام ما يجري عليه من تخضيب شيبته المباركة بدمائه، فينادي جبرئيل بين السماء والأرض تهدمت والله أركان الهدى.
ذكر العلّامة المجلسي ‘قده’ في كيفية استشهاد أميرالمؤمنين عليه السلام رواية و فيها _ماهو نصه_:
“فَاصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ وَ ضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ بِالدُّعَاءِ وَ هَبَّتْ رِيحٌ عَاصِفٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ وَ نَادَى جَبْرَئِيلُ ع بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ كُلُّ مُسْتَيْقِظٍ تَهَدَّمَتْ وَ اللَّهِ أَرْكَانُ الْهُدَى وَ انْطَمَسَتْ وَ اللَّهِ نُجُومُ السَّمَاءِ وَ أَعْلَامُ التُّقَى وَ انْفَصَمَتْ وَ اللَّهِ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى قُتِلَ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى قُتِلَ الْوَصِيُّ الْمُجْتَبَى قُتِلَ عَلِيٌّ الْمُرْتَضَى قُتِلَ وَ اللَّهِ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ قَتَلَهُ أَشْقَى الْأَشْقِيَاء.
اللهم العن قتلة أمير المؤمنين عليه السلام.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.