الليلة الخامسة والعشرون

الشيخ حسين الشيخ علي المولى
Latest posts by الشيخ حسين الشيخ علي المولى (see all)

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

فَلَكَ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ، يَا مَنْ أقَالَ عَثْرَتِي، وَنَفَّسَ كُرْبَتِي، وَأجَابَ دَعْوَتِي، وَسَتَرَ عَوْرَتِي، وَغَفَرَ ذُنُوبِي، وَبَلَّغَنِي طَلِبَتِي، وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوِّي، وَاِنْ أعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرَائِمَ مِنَحِكَ لاَ أحْصِيهَا.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة النحل: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

عندما يتأمل الإنسان في نعم  الله  عليه، فيراها سابغة وشاملة واسعة، دينية ودنيوية، وإن حاول أن يعد  مفردات نعم  اللهِ عليه ، لَا يستطيع إحصاءها، لخفاء معظمها عليه، ولكثرتها كثرة  تفوق استطاعته على  الإحصاء.

روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: لم تخل من لطفه مطرف عين، في نعمة يحدثها لك، أو سيئة يسترها عليك، أو بلية يصرفها عنك.

إن  اللهَ كثير  الستر  لتقصيرنا في  القيام بشكر نعمته كما يجب علينا، واسع الرحمة بنا حيث وسع علينا النعم، ولم يقطعها عنا بسبب التقصير والمعاصي التي تصدر منا.

روي عن الإمام الصادق أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال: الحمد لله بمحامده كلها ما علمنا منها وما لم نعلم، على كل حال، حمدا يوازي نعمه، ويكافئ مزيده علي وعلى جميع خلقه، قال الله تبارك وتعالى: بالغ عبدي في رضاي وأنا مبلغ عبدي رضاه من الجنة.

من اعتقادنا أنّ النبيّ والعترة صلوات الله عليهم أفضل الناس في مكارم الأخلاق، كما أنّهم الأفضل في محاسن الصفات، وفضائل الأعمال، ومراتب الكمال.. هذه عقيدتنا.

فينبغي لنا أن نسعى في الاقتداء بهم والتأسّي بجميعهم في الأخلاق الكريمة، والمكارم الفاضلة.

لأنّ أهل البيت سلام الله عليهم ـ هم ليس سواهم ـ القدوة الصالحة، والاُسوة الحقّ من الله للخلق، والطاهرون المطهّرون من كلّ رجسٍ ورذيلة، كما قال تعالى في كتابه العزيز: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، وقال عزّ اسمه: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).

روي عن الإمام عليّ الهادي عليه السلام أنّه قال للمتوكّل في جواب كلام دار بينهما: لا تطلب الصفاء ممن كَدّرت عليه، ولا الوفاء ممّن غَدرت به، ولا النُصحَ ممّن صرفت سوء ظنّك إليه، فإنّما قلب غيرك (لك) كقلبك له.

فالمودّة بين الناس تعرف بما تضمره قلوبهم لبعضها بعضاً، وقد روي عن صالح بن حكم: سمعت رجلاً يسأل أبا عبد الله عليه السلام فقال: الرجل يقول: إنّي أودّك فكيف أعلم أنّه يودّني؟

فقال عليه السلام: “امتحن قلبك فإن كنت تودّه فإنّه يودّك.

نحن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) فتحنا أعيننا على الحب الفطري لهم والاعتقاد بولايتهم عليهم السلام، وهذه لا شك نعمة جاد علينا بها الخالق، دون غيرنا، فقلوبنا متعلقة بهم، تسعد النفس بما نتعلمه في سيرتهم المباركة.

روي عن عفيف الكندي قال:

كنت إمرأً تاجراً فقدمت الحجّ، فأتيت العباس بن عبد المطّلب لأبتاع منه بعض التجارة، فوالله إنّي لعنده بمنى إذ خرج رجل من خِباء قريب منه، فنظر إلى الشمس فلمّا رآها قد مالت قام يصلّي، ثمّ خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل، فقامت خلفه تصلّي، ثمّ خرج غلام راهق الحلم من ذلك الخِباء فقام معه يصلّي!

فقلت للعبّاس: ما هذا يا عبّاس؟

قال: هذا محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي،

فقلت: من هذه المرأة؟

قال: امرأته خديجة بنت خويلد،

قلت: من هذا الفتى؟

قال: عليّ بن أبي طالب ابن عمّه،

قلت: ما هذا الذي يصنع؟

قال: يصلّي وهو يزعم أنّه نبيّ، ولم يتبعه على أمره إلاّ امرأته وابن عمّه هذا الغلام، وهو يزعم أنّه سيفتح على اُمّته كنوزَ كسرى وقيصر.

وأدرك الإمام عليه السلام من النبي صلى الله عليه وآله العظيم حقائق الكون ونواميس الطبيعة، بل وأسرار الوجود، وأصبح المثل الأعلىٰ في جميع شمائله وأفعاله، وتحلَّىٰ بأعلىٰ ذروة من ذرىٰ الكمال الروحي والأخلاقي.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إنّ الله تعالی جعل لأخي عليّ بن أبي طالب عليه السلام فضائل لا تحصى كثرة، فمن قرأ فضيلة من فضائله مقرّاً بها غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة يستغفرون له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالسمع، ومن نظر إلى كتابة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر. ثمّ قال صلى الله عليه وآله: النظر إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام عبادة، ولا يقبل الله إيمان عبد إلّا بولايته والبراءة من أعدائه.

إن السيرة التي أرادها لنا أهل البيت عليهم السلام هي الالتزام التام بالإيمان، والابتعاد عما يضرنا في الدنيا والآخرة.

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا علي، قُلْ لأصحابك العارفين بك يتنزهون عن الأعمال التي يُقترفها عدوهم، فما من يوم ولا ليلة إلا ورحمة من الله تغشاهم، فليجتنبوا الدَّنس.

ونحن في هذه الأيام والليالي المباركة نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.

 أن عملنا في هذا العصر هو انتظار الفرج الذي هو بحد ذاته عباد، روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج من الله عزّ وجلّ)، وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح اللّه، فان أحب الاعمال الى اللّه عز وجل انتظار الفرج.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *