- تأملات في ميثاق أهل السبت - 14 مارس,2025
- ميثاق أصحاب السبت - 13 مارس,2025
- ميثاق أصحاب السبت - 12 مارس,2025
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
سورة البقرة، من آية 64، إلى آية 66
ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَ ما خَلْفَها وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ(1)
بقي الكلام في جهة واحدة: أن الإمام عليه السلام يوجهنا لمسألة مهمة جدا ألا وهي: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، حيث أن من عمل على ذلك _و هم العشرة ألاف من السبعين ألف_ لم يصبه عقاب الدنيا، و هناك رواية أنهم أحبار، و الذين أقدموا و تجرأوا و استمروا في بغيهم مسخوا، هم و الذين قد سكتوا على ذلك، و هناك جهات أخرى في عشر روايات يمكن للقارئ الكريم الرجوع فيها إلى كتاب بحار الأنوار، ليستخلص منها تلك الجهات، و نكتفي بهذا القدر.
حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام أن قوما من أهل أبلة (2) من قوم ثمود، وأن الحيتان كانت سبقت إليهم يوم السبت (3) ليختبر الله طاعتهم في ذلك، فشرعت إليهم يوم سبتهم في ناديهم وقدام أبوابهم في أنهارهم وسواقيهم، فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها ولبثوا في ذلك ما شاء الله، لا ينهاهم عنها الأحبار ولا يمنعهم العلماء من صيدها، ثم إن الشيطان أوحى إلى طائفة منهم أنما نهيتم عن أكلها يوم السبت ولم تنهوا عن صيدها، (4) فاصطادوا يوم السبت وكلوها فيما سوى ذلك من الأيام، (5) فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها، (6) فعتت وانحازت طائفة أخرى منهم ذات اليمين، فقالوا:
ننهاهم (7) عن عقوبة الله أن تتعرضوا بخلاف أمره، واعتزلت طائفة منهم ذات اليسار
فتنكبت (8) فلم تعظهم،
فقالت للطائفة التي وعظتهم: ” لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا؟”
فقالت الطائفة التي وعظتهم: ” معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون “
قال: فقال الله عز وجل: ” فلما نسوا ما ذكروا به ” يعني لما تركوا ما وعظوا به ومضوا على الخطيئة،
فقالت الطائفة التي وعظتهم: لا والله لا نجامعكم ولا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمنا معكم،
قال: فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء، فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية، فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوه، فلم يجابوا، ولم يسمعوا منها حس أحد، فوضعوا سلما على سور المدينة ثم أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون،
فقال الرجل لأصحابه: يا قوم أرى والله عجبا،
قالوا: وما ترى؟
قال: أرى القوم قد صاروا قردة يتعاوون، لها أذناب، فكسروا الباب،
قال: فعرفت القردة أنسابها من الإنس، (9) ولم تعرف الإنس أنسابها من القردة،
فقال القوم للقردة: ألم ننهكم؟
فقال علي عليه السلام: والله الذي فلق الحبة و برأ النسمة إني لأعرف أنسابها (10) من هذه الأمة لا ينكرون ولا يغيرون (11) بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا، وقد قال الله تعالى: ” فبعدا للقوم الظالمين ” فقال الله: ” أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون “.(12)
——————————————————
*-الطبرسي – الاحتجاج – ج1 – ص294.
1- البقرة : 64، إلى آية 66 .
2- هكذا في النسخ، وفي المصدر: أيكة، وكلاهما مصح. فان، والصحيح كما في سعد السعود وفى البرهان نقلا عن تفسير القمي والعياشي ” أيلة ” قال ياقوت: أيلة بالفتح: مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام، وقيل: هي آخر الحجاز وأول الشام، قال أبو زيد: أيلة مدينة صغيرة عامرة بها زرع يسير، وهي مدينة لليهود الذين حرم الله عليهم صيد السمك يوم السبت فخالفوا فمسخوا قردة وخنازير.
3- هكذا في نسخ وفى المصدر، وفى سعد السعود: فان الحيتان كانت قد سبقت لهم يوم السبت ولعل الصحيح كما في نسختين: أن قوما من أهل أيلة من قوم ثمود سبقت الحيتان إليهم يوم السبت قوله: (من قوم ثمود) أي من ذريتهم وأخلافهم.
4- في التفسير: إنما نهيتكم عن أكلها يوم السبت فانتهيتم عن صيدها؟
5- في التفسير وسعد السعود: وأكلوها فيما سوى ذلك من الأيام.
6- في سعد السعود: لا الا أن نصطادها.
7- في التفسير وفي نسخة: ننهاكم، وفي التفسير: لخلاف أمره. وفي سعد السعود: فقالوا:
الله الله ننهاكم. وفيه أيضا لخلاف أمره.
8-تنكب عنه: عدل. وفى المصدرين: فسكتت.
9- في سعد السعود: ولهم أذناب، فكسروا الباب، ودخلوا المدينة، قال: فعرف القردة أشباهها من الانس، ولم تعرف الانس أشباهها من القردة.
10- في سعد السعود: أشباهها.
11- في سعد السعود: ولا يقرون.
12-تفسير القمي: 226 – 228.