أرشيف التصنيف: موسم الإمام المنتظر عجل الله فرجه

نماذج ادعت المهدوية

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين.
إن القضية المهدوية عالمية في جميع المعتقدات وأغلب الأديان، كما وقد استرعت اهتمام الفلاسفة واعتقدوا بها، وهناك تصريحات متعددة فيما يخص وجود المصلح العالمي، هذه الفكرة والعقيدة قد استرعت انتباه بعض السياسيين لأنها تحتوي على فكرة السيطرة على العالم في نظرهم وتوحيد الحكم العالمي بنظام موحد، فجنحوا لادعاء المهدوية وانتحال إسمه وشخصيته.
وهناك الكثير من الأشخاص ممن قد انتحل هذا الإسم وتلقب به حتى قبل ولادته مستعملا النصوص المبشرة بظهور الإمام المهدي للإشارة إلى نفسه! في عدة فترات وعصور:
* عصر المعصومين عليهم السلام:
– السبئيون: ادعوا بأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف ليعطلوا إمامة باقي الأئمة المعصومين عليهم السلام.
– الحسنيون: ادعوا مهدوية محمد بن عبدالله بن الحسن المثنى.
– الكيسانيون: ادعوا بإمامة محمد بن الحنفية وولده عبدالله.
– الناووسية: ادعوا مهدوية الإمام الصادق عليه السلام.
– ذهبت الإسماعيلية إلى مهدوية إسماعيل بن الإمام الصادق عليه السلام.
– الواقفية: ذهبت إلى مهدوية الإمام الكاظم عليه السلام .
– المحمدية : ادعوا مهدوية محمد بن الإمام الهادي عليه السلام.
– وهناك من قال بمهدوية جعفر ابن الإمام الهادي عليه السلام
– وآخرون قالوا بمهدوية الإمام الحسن العسكري وأنه لم يخلف ولدا ..
ولو دققنا في الادعاءات السابقة للمهدويى لوجدناها محاولة لعرقلة الإعتراف بإمامة الأئمة الإثنى عشر وحاولة لتعطيل السلسلة بإسقاط الاعتراف بباقي الأئمة لأغراض شخصية وسياسية لمدعي الإمامة وخلق تيارات مناوئة لباقي الأئمة عليهم السلام.
* القرن الثالث:
– عبد الله المهدي أسس الدولة الفاطمية سنة ٢٩٧ للهجرة
* القرن السادس:
– المهدي الهرغي من المغرب أسس دولة الموحدين ٤٩٧ للهجرة
– الناصر لدين الله : سنة ٥٥٠ للهجرة من مدعي الخلافة العباسيين.
– مهدي تهامه : خرج في اليمن وادعى سنة ٥٥٣ هجرية وقضى على دولة النجاحية في زببد والحمدانية.
* القرن السابع:
– عباس الفاطمي من غمازة سنة ٦٩٠ للهجرة .
– التويزري خرج من الرباط وهو صوفي المذهب وادعى أنه المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف.
* القرن العاشر:
– إسحاق السبتي الزوي في تركيا سنة ٩٨٦ هجرية.

*القرن الثالث عشر:
– أحمد بن محمد الباريلي وهو سلفي العقيدة والمذهب، ادعى أنه من أحفاد الإمام الحسن عليه السلام قتل الهندوس والسيخ الهند.
– علي محمد الشيرازي ادعى أنه باب للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ثم ادعى أنه المهدي عج ثم النبوة حتى الألوهية فقتل.
– الميرزا غلام أحمد القادياني من البنجاب في الهند سنة ١٢٤١ للهجرة..
– في السنغال وسمى نفسه المهدي سنة ١٢٤٤ للهجرة، أراد قلب نظام الحكم كغيره فقتل.

*القرن الرابع عشر
– محمد بن عبدالله الصومالي سنة ١٣١٦ للهجرة من قبيلة أوجنادين قاتل المحتلين في بلده حتى مات.

* القرن الخامس عشر:
وفي عصرنا الحالي يوجد كثيرون..
عام ١٤٠٠ للهجرة
– المهدي القحطاني : من المملكة العربية السعودية خرج واحتل الحرم المكي مدعيا المهدوية وحاصر المصلين بالسلاح!
– الحسين بن موسى اللحيدي: ويسمى المهدي اللحيدي سلفي المذهب وحاليا معتزل عن الناس ويدعي أنه جد المهدي المنتظر يسكن الكويت. سنة ١٤١١ وهو حي يرزق معاصر.
– محمد عويس من سيناء ادعى أنه المهدي المنتظر سنة ١٤٢٠ حتى وضع في الطب النفسي .

في الحقيقة أن هناك أعداد كثيرة جدا ادعت المهدوية وقد رصدت في مراكز شرطة في عدة دول كالمغرب وتونس ومصر واليمن والمملكة العربية السعودية والعراق ، فلو تتبعناهم لوجدناهم إما أنهم يعانون من مرض نفسي أو مشاكل عقدية أو سياسيين يسعون للنفوذ والسلطة كما مر سابقا من مجموعة ذكرناها..
ولكن البعض يصر أن يحسب في القائمة حتى المختلين عقليا في حوادث منفردة ومتفرقة هنا وهناك لجعل القضية المهدوية موضع سخرية للناس.
إن ظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف له علامات واضحة وأوصاف معينة، وإن ادعى البعض توافر تلك الأوصاف فيه كشخص إلا أن العلامات السماوية لم تشر إليه لا من بعيد ولا قريب ، بجانب نسبه الواضح ووجود والده في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن الإمام عجل الله فرجه الشريف هو إبن الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
وقد أصر آخرون باتهام الشيعة لوحدهم من المدعين للمهدوية ولكن كما ترون أن أغلب المذاهب الإسلامية فيها من ادعى المهدوية وانطلت على كثيرين من تلك المذاهب فحاربوا مع المدعي وقاتلوا وقتلوا من أجله، بينما المذهب الإمامي سرعان ما يكتشف كذب الإدعاء لكثرة النصوص وتواترها عندهم ..
والحمد لله رب العالمين.

عباس العصفور
المعامير – البحرين

لا ظهور إلاّ بإذن الله

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

و الصلاة و السلام على أشرف الخلق محمد و آله الطيبين الطاهرين
اَللّـهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَة وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْنا حَتّى تُسْكِنَهُ اَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً .. برحمتك يا أرحم الراحمين
إن خروج صاحب الأمر يحتاج إلى إذن من الله عزوجل ، و الأذن لا يأتي إلا لمصلحة للناس،   و اللجوء إلى عدل السماء، بدون النظر إلى العلل الصريحة المنصوصة وهي ليست علة تامة ومن مفرداتها :
١-يقوم القائم عليه السلام وليس لأحد في عنقه بيعة .

ويشترك معها في المضمون خمس رويات.(٢)
٢-يخاف على نفسه.

ويشترك معها في المضمون أربع روايات(٣)_ وعدل السماء هي أقوى العلل وهي سنن الأنبياء وهي حجة الحجج السابقين من الأنبياء حتى نبينا محمد صلوات الله عليه و على الأنبياء السابقين مع الإذعان بعدم تمام العلل لصريح النص في كتاب إكمال الدين حيث جاء فيه:
حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار رضي الله عنه قال: حدثني ‎علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال:  حمدان بن سليمان النيسابوري قال: حدثني أحمد بن عبدالله بن جعفر المدائني، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق جعفربن محمد عليهما السلام يقول: إن لصاحب هذا الامر غيبة لابد منها يرتاب فيها كل مبطل، فقلت: ولم جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يؤذن لنافي كشفه لكم؟ قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار لموسى عليه السلام إلى وقت افتراقهما ياابن الفضل: إن هذا الأمر أمر من(أمر) الله تعالى وسر من سر الله، وغيب من غيب الله، ومتي علمنا أنه عزوجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف.(٤)


أيها المنتظرون، إذا تدبرنا في غيبات الحجج من الأنبياء السابقين إلى غيبة نبينا محمد صلوات الله عليه وآله والأنبياء أجمعين وجدنا إن إذن الخروج هو لجوء الناس إلى عدل السماء ففي غيبة إدريس عشرون سنة نأخذ منها شاهدنا في قصة طويلة يرويها إمامنا الباقر عليه السلام:
فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت المرأة كلام إدريس وقوله: ” انا إدريس ” ونظرت  إبنها قد ردت روحه بعد الموت قالت: اشهد انك إدريس النبي وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم، فمضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الاول فوجدها وهي تل، فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له: يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جاهدنا فيها و مسنا الجوع والجهد فيها، فادع الله لنا أن يمطر السماء علينا قال: لا ، حتى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك، فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له: إن الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه، فدعا عليهم فماتوا، فبلغ الجبار ذلك، فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فأتوه فقالوا له: يا إدريس إن الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه، فقال لهم إدريس: انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا له: يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت أمالك رحمة؟ فقال: ما أنا بذاهب إليه وما أنا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى يأتيني جباركم ماشيا حافيا و أهل قريتكم، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول إدريس وسألوه أن يمضي معهم وجميع أهل قريتهم إلى إدريس مشاة حفاة، فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه أن يسأل الله عزوجل لهم أن يمطر السماء عليهم، فقال لهم إدريس: أما الآن فنعم فسأل  إدريس الله عزوجل عند ذلك أن يمطر السماء عليهم وعلى قريتهم ونواحيها، فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم.(٥)


أقول :من شدة البلاء و قوة الإمتحان صدرت من أفواههم كلمات شيطانية(يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت أمالك رحمة؟ ) قبل اللجوء لعدل السماء ، و بعد الشدة و الترهيب من قبل أدريس قدموا التوبة بالذهاب والوقوف أمام الله عز وجل خاضعين له ولنبيه و بعدها جاء الفرج و تقرر نزول الخيرات
قال الله تعالى : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10 – 12 . وهذا أول فيض اللجوء إلى عدل السماء.

و من بعد ذلك جاء الحجة نوح عليه السلام وكانت حجته و انتظار الفرج على يديه بلاءا عظيما عليه وعلى شيعته كما يروي لنا قصته الإمام الصادق عليه السلام.حيث قال:
لما أظهر الله تبارك وتعالى نبوة نوح عليه السلام وأيقن الشيعة بالفرج اشتدت البلوى وعظمت الفرية إلى أن آل الأمر إلى شدة شديدة نالت الشيعة والوثوب على نوح بالضرب المبرح حتى مكث عليه السلام في بعض الأوقات مغشيا عليه ثلاثة أيام، يجري الدم من أذنه ثم أفاق، وذلك بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه، وهو في خلال ذلك يدعوهم ليلا ونهارا فيهربون، ويدعوهم سرا فلا يجيبون، ويدعوهم علانية فيولون، فهم بعد ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم، وجلس بعد صلاة الفجر للدعاء، فهبط إليه وفد من السماء السابعة وهم ثلاثة أملاك فسلموا عليه، ثم قالوا له: يانبي الله لنا حاجة، قال: وماهي؟ قالوا: تؤخر الدعاء على قومك فإنها أول سطوة الله عز وجل في الأرض قال: قد أخرت الدعاء عليهم ثلاثمائة سنة اخرى، وعاد إليهم فصنع ماكان يصنع، ويفعلون ماكانوا يفعلون حتى إذا انقضت ثلاثمائة سنة أخرى ويئس من إيمانهم، جلس في وقت ضحى  للدعاء فهبط عليه وفد من السماء السادسة(وهم ثلاثة أملاك) فسلموا عليه، وقالوا: نحن وفد من السماء السادسة خرجنا بكرة وجئناك ضحوة، ثم سألوه مثل ما سأله وفد السماء السابعة، فأجابهم مثل ما أجاب أولئك إليه، وعاد عليه السلام إلى قومه يدعوهم فلا يزيدهم دعاؤه إلا فرارا، حتى انقضت ثلاثمائة سنة تتمة تسعمائة سنة فصارت إليه الشيعة وشكوا ما ينالهم من العامة والطواغيت وسألوه الدعاء بالفرج،فأجابهم إلى ذلك وصلى ودعا فهبط جبرئيل عليه السلام فقال له: إن الله تبارك وتعالى أجاب دعوتك فقل للشيعة: يأكلوا التمر ويغرسوا النوى ويراعوه حتى يثمر، فإذا أثمر فرجت عنهم، فحمد الله وأثنى عليه وعرفهم ذلك فاستبشروا به، فأكلوا التمر وغرسوا النوى وراعوه حتى أثمر، ثم صاروا إلى نوح عليه السلام بالتمر وسألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل الله عزوجل في ذلك فأوحي الله إليه قل لهم: كلوا هذا التمر واغرسوا النوى فإذا أثمر فرجت عنكم، فلما ظنوا أن الخلف قد وقع عليهم، ارتد منهم الثلث وثبت الثلثان، فأكلوا التمر وغرسوا النوى حتى إذا أثمر أتوا به نوحا عليه السلام فأخبروه وسألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل الله عزوجل في ذلك، فأوحي الله إليه قل لهم: كلوا هذا التمر، واغرسوا النوي، فارتد الثلث الآخر وبقي الثلث فأكلوا التمر وغرسوا النوي، فملا أثمر أتوا به نوحا عليه السلام ثم قالوا له: لم يبق منا إلا القليل ونحن نتخوف على أنفسنا بتأخير الفرج أن نهلك، فصلى نوح عليه السلام ثم قال: يارب لم يبق من أصحابي إلا هذه العصابة وإنى أخاف عليهم الهلاك إن تأخر عنهم الفرج، فأوى الله عز وجل إليه قد أجبت دعاء‌ك فاصنع الفلك وكان بين إجابة الدعاء وبين الطوفان خمسين سنة.(٦)



ومن هنا نستشف أنه لابد من المنتظرين الصبر على البلاء و كسر أنياب الفتن و كسر لا يكون إلا بمعرفة كيف تعامل أِئمتنا مع الطغاة و كيف فرق أئِمتنا بين طاغي يريد محو الدين و طاغي يظلم الناس وكيف تعامل الأئمة معهم أو قل كيف تعامل الحجج معهم  من نوح إلى الحجة المنتظر بن الحسن عليهم أفضل الصلاة و السلام.

و من بعد نوح  هود عليهم السلام كان هو الحجة المنتظر ليفرج عن الشيعة حيث بشرهم نوح به ويروي لنا على بن سالم، عن أبيه قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: لما حضرت نوحا عليه السلام الوفاة دعا الشيعة فقال لهم: اعلموا أنه ستكون من بعدي غيبة تظهر فيهما الطواغيت، وأن الله عزوجل يفرج عنكم بالقائم من ولدي، اسمه هود، له سمعت وسكينة ووقار، يشبهني في خّلقي وخُلقي، وسيهلك الله أعداء‌كم عند ظهوره بالريح، فلم يزالوا يترقبون هودا عليه السلام وينتظرون ظهوره حتى طال عليهم الأمد وقست قلوب أكثرهم، فأظهر الله تعالى ذكره نبيه هودا عليه السلام عند اليأس منهم تناهى البلاء بهم وأهلك الأعداء بالريح العقيم التي وصفها الله تعالى ذكره، ‎فقال: ” ماتذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم ثم وقعت الغيبة(به) بعد ذلك إلى أن ظهر صالح عليه السلام.(٧)


 ومن هنا يتبين أن في هذه الغيبة لجوء الناس إلى عدل السماء واضح ، ويمكن أن يسأل السائل كيف يمكننا اللجوء إلى عدل السماء؟!

الجواب على ذلك في كتب آداب الأنتظار و كتب الممهدين و أفضل شيء في ذلك أي آداب الأنتظار و التمهيد لظهور الحجة بن الحسن عليه السلام بإختصار: الإلتزام بتعاليم أهل البيت في الأمور العبادية و الكسبيةُ والقضايا العامة.

و من بعد غيبة صالح غيبة إبراهيم  عليهما السلام ومن بعد إبراهيم يوسف عليهم السلام و في جميعها لجأ الناس حين فقد الحجة إلى عدل السماء بعد ما ملئت ظلما و جورا ونختم بموسى عليه السلام.


– وأما غيبة موسى النبي عليه السلام فإنه حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبوسعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي قال: حدثنا محمد بن آدم النسائي، عن أبيه آدم بن أبي إياس قال: حدثنا المبارك بن فضالة عن سعيد بن جبير، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما حضرت يوسف عليه السلام الوفاة جمع شيعته وأهل بيته فحمد الله وأثنى عليه ثم حدثهم بشدة تنالهم، يقتل فيها الرجال وتشق بطون الحبالى وتذبح الأطفال حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب، وهو رجل أسمر طوال، ونعته لهم بنعته، فتمسكوا بذلك ووقعت الغيبة والشدة على بني إسرائيل
‎وهم ينتظرون قيام القائم أربعمائة سنة حتى إذا بشروا بولادته ورأوا علامات ظهوره واشتدت عليهم البلوى، وحمل عليهم بالخشب والحجارة، وطلب الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر، وراسلوه فقالوا: كنا مع الشدة نستريح إلى حديثك، فخرج بهم إلى بعض الصحاري وجلس يحدثهم حديث القائم ونعته وقرب الأمر، وكانت ليلة قمراء، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم موسى عليه السلام وكان في ذلك الوقت حديث السن وقد خرج من دار فرعون يظهر النزهة فعدل عن موكبه وأقبل إليهم وتحته بغلة وعليه طيلسان خز، فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت فقام إليه وانكب على قدميه فقبلهما ثم قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أرانيك، فلما رأي الشيعة ذلك علموا أنه صاحبهم فأكبوا على الارض شكرا لله عزوجل، فلم يزدهم على أن قال: أرجو أن يعجل الله فرجكم، ثم غاب بعد ذلك، وخرج إلى مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى وكان نيفا وخمسين سنة واشتدت البلوى عليهم واستتر الفقيه فبعثوا إليه أنه لا صبر لنا على استتارك عنا، فخرج إلى بعض الصحاري واستدعاهم وطيب نفوسهم وأعلمهم أن الله عزوجل أوحى إليه أنه مفرج عنهم بعد أربعين سنة، فقالوا بأجمعهم: الحمد لله، فأوحى الله عزوجل إليه قل لهم: قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم ” الحمد لله “، فقالوا: كل نعمة فمن الله، فأوحى الله إليه قل لهم: قد جعلتها عشرين سنة، فقالوا: لايأتي بالخير إلا الله، فأوحى الله إليه قل لهم: قد جعلتها عشرا، فقالوا: لايصرف السوء إلا الله، فأوحى الله إليه قل لهم: لا تبرحوا فقد أذنت لكم في فرجكم، فبينا هم كذلك إذ طلع موسى عليه السلام راكبا حمارا.
‎فأراد الفقيه أن يعرف الشيعة ما يستبصرون به فيه، فجاء موسى حتى وقف عليهم فسلم عليهم فقال له الفقيه: ما اسمك؟ فقال: موسى، قال: ابن من؟ قال: ابن عمران، قال: ابن من؟
‎قال: ابن قاهت بن لاوي بن يعقوب، قال: بماذا جئت؟ قال: جئت بالرسالة من عندالله عزوجل، فقام إليه فقبل يده، ثم جلس بينهم وطيب نفوسهم وأمرهم أمره ثم فرقهم، فكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة.(٨)



تجري دموعي على شوق لقائك سيدي فلك مني إن أتبع تعاليمك و تعليم آبائك فهو الأنتظار و هو التمهيد لقيامك سيدي و أتمنى من الجميع أن يذعن لنداء الحق وأني أحب تلك الاجتماعات تحت السماء مثل صلاة العيدين و زيارات المخصوصة لجدك الأمام الحسين عليهم السلام لكي أدعوا لتعجيل الفرج كما كان يصنع المنتظرين لموسى عليه السلام وهم يقولون بعد ما عرفوا بقرب الفرج الحمدلله،كل نعمة من الله، لا يأتي بخير ألا الله ،لا يصرف السوء إلا الله.

و آخر دعوانا
للّـهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَة وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْنا حَتّى تُسْكِنَهُ اَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً .. برحمتك يا أرحم الراحمين و الصلاة و السلام على محمد و آلِِِِ محمد.





صادق الجفيري
الساعة ٥:٢٠ ص
١٤ شعبان  ١٤٣٨هجري
كربلاء المقدسة



———————————————————
١-الصدر / تاريخ الغيبة الصغرى/ صفحة ٤١٥
٣،٢-الصدوق / كمال الدين/ الجزء الثاني / باب علة الغيبة/صفحة ٤٨٠،٤٨١،٤٨٢.
٤- نفس المصدر صفحة ٤٨٣.
٥- نفس المصدر / الجزء الأول / باب غيبة أدريس عليه السلام / صفحة ١٦٣،١٦٤.
٦- نفس المصدر / باب في ذكر ظهور نوح عليه السلام بالنبوة بعد ذلك / صفحة ١٦٤.
٧- نفس المصدر / باب ذكر غيبة صالح عليه السلام / صفحة ١٦٨
٨-نفس المصدر / باب غيبة موسى عليه السلام / صفحة ١٧٧

العقيدةُ المهدوية في كلامِ النبي (ص) والأئمة المعصومين (ع)..

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والحمدُلله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتم أنبياءِهِ ورُسُلِهِ محمد بن عبدالله وعلى أهلِ بيتِهِ الهُداةِ الطيبين الطاهرين …
📚 روي عن عبدالله بن عمر أنّ النبيّ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) قال:
(( يَخْرُجُ في آخِر الزَّمانِ رجُلٌ مِنْ وُلْدي، اسمُهُ كإِسْمي، يَمْلَأُ الأَرْضَ عَدْلاً كمَا مُلِئَتْ جَوْراً )).

عقد الدرر: 56، الباب 2، الحديث 42.

إنَّ الباحثَ والمُتَتَبِع للقضية المهدوية، يجدُ أنها أمرٌ ثابِتُ، ومسألةٌ حقة، قدْ ذُكِرت في الأديانِ السماوية،

وقد ذكرها أنبياءُ الله ورسله (عليهم سلامُ الله)، وأنها وعدٌ إلهي لابُدَّ وأنْ يتحقق، وبشارةٌ بَشَرَ الإِسلامُ المُسلمينَ بهـا.

وأن القضية المهدوية لَثابِتةٌ في كتب المذاهب الإسلامية.
وعند تتبعِ القَضِيَةِ المهدوية في روايات المعصومين (عليهم السلام)،

وعلى رأسهم منقذ البَشريةِ من العمى والضلال النبي المصطفى (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم).

فيجدُ الباحِثُ أن النبيَّ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) والأئمة مِن أهلِ البيت (عليهم السلام) قد ركزوا تركيزاً بالغاً في تثبيت فكرة المهدي (عجل اللهُ تعالى فرجهُ الشريف)، وَوُرُود الأحاديث الكثيرة حول العقيدةِ المهدوية والظهور،

ويدل ذلك على أمورٍ ودلائِلَ عديدة:
1. القضية المهدوية وعدٌ إلهي ذُكر في القرآن الكريم وذكرهُ رسولُ الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) في أكثر مِنْ مكانٍ وزَمان، والنبي الخاتم هو الذي قال الله تعالى في حقهِ: ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إنْ هو إلا وَحْيٌ يُوحَى ) سورة النجم آية 3، 4.
2. القضيةُ المهدوية حقيقةٌ لا تقبل الإنكار.

3. القضية المهدوية هيَّ بشارة الخلاص مِنْ الظلم بجميعِ أصنافِه فَبِها يَتَحَقَق العدل والقسط لكلِّ البَشرية.
4. القضيةُ المهدوية مسألةٌ وعقيدةٌ بالغَةُ الأَهمِية.

5. القضيةُ المهدوية لها ثوابِتٌ وضَوابِط قد بينها رسولُ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) وأهلُ بيتِهِ (عليهُمُ السلام)، لكي لا يدعيها مُدَّعٍ كذاب فينخدِعُ الناسُ بِهِ.

وفي هذه المقالة نقفُ على الدورِ الكبير للنبيِّ الأَكرم (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) والأئمة من أهلِ بيت العصمة والطهارة (صلواتُ الله عليهم أجمعين)، في تربيةِ المُسلمين كافة والشيعة الإِمامية خاصة

على العقيدة المهدوية وحقيقتها وأهميتها، وكيفَ تداولها أهل العصمة (عليهم السلام) في أحاديثهم.
فقد أُثِرَتْ عن النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) وعن أوصيائِه الطاهرين (عليهم السلام) كوكبةٌ ومجموعةٌ مِن الأخبار التي تَحمُلُ البشرى إلى كلِّ العالم بِظهور الإمام المُنتظر المهدي (عجل اللهُ تعالى فرجه الشريف)، الذي يبين الحقَ لأهله، ويُقيمُ اعوجاج الحق، ويبسط الأمن والأمان والرخاء، وينقذ البشرية من شرور الظالمين وكيد المعتدين.

ويشيع المودّة بين جميع الناس في كلِّ أرجاء المعمورة، في ظِلال حكمهِ المُبارك.

# المبشرون بالإمام الخلف الحجة المنتظر (عجل اللهُ تعالى فرجه):
1. النبي الأكرم محمد بن عبدالله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم):-

جَمهرَةٌ كبيرة من الأخبار قد أُثِرت عن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) بظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، نذكر نماذج من تلك الأخبار:-
– روى الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام)، أن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) قال:

(( المهديُّ مِنْ وُلْدي، يكونُ لهُ غيبَةٌ وحيرة، تُضِلُّ فيه الأُمم، يأتي بذخيرة الأنبياءِ (عليهم السلام) فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلِئَتْ جوراً وظلماً )).

فرائد السمطين ج2، ص335، وروي بصورة موجزة في كتاب ينابيع المودة ج3، ص396.
لقد تكلم الرسول (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) في هذا الحديث الشريف عن غيبةِ الإِمام (عليه السلام)، وأنها تكون مصدر ذهول وحيرة لبعض الأمم، فيؤمن بها قومٌ، ويجحدها آخرون،

والبشارة الكبرى أنَّ المهدي (عجل الله فرجه) إذا ظهر سيأتي بذخائر الأنبياء، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
– روى حذيفة أن النبيَّ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) قال:

(( لَوْ لَمْ يَبْقَ منَ الدُنيا إلا يومٌ واحد لبعثَ اللهُ رجُلاً مِنْ وُلْدي اسمه اسمي، وخَلقُهُ خلقي، يكنى أبا عبدالله، يُبايعُ لَهُ الناسُ بين الركن والمقام، يَردُّ اللهُ بهِ الدين،

ويفتح لهُ فُتوحاً ولا يبقى على وجه الأرض إلا مَنْ يقول: ” لا إله إلا الله “.

فقام سلمان فقال: يا رسولَ اللهِ، مِنْ أي وُلْدِك ؟

فقال: مِن وُلْدِ ابني هذا، وضرب بيده إلى الحسين )).

عقد الدرر: 56، الباب 2، الحديث 41.

وهنا بين النبيُّ الأكرم (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) في هذا الحديث الشريف أموراً مرتبطةً بالمهديِّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وظهوره، وهي:-
1. أنَّ ظهور الإمام الحُجة وخروجه من الأمور الحتمية التي لابد أنْ تتحق في عالم الدنيا.
2. أنَّ الموعود (عجل الله فرجه) يكون مِن وُلدِّ النبي، واسمه اسم رسول الله، وخَلقُهُ خَلق الرسول، وهو مِن وُلد الإمام الحُسين.
3. تحديد مكان البيعة للإمام المهدي، (بين الركن والمقام).

4. في دولة المهدي (عجل الله فرجه) سَيَرفَعُ الجميع كلمة الحق، وهي كلمة ” لا إله إلا الله “.
– روى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) قال:

(( إنَّ علياً وصيّي، ومِنْ وُلْدِهِ المنتظر المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما مُلِئَتْ جوراً وظلماً،

والذي بعثني بالحقِّ بشيراً ونذيراً، إن الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأَعَزَّ من الكبريتِ الأحمر )).

فقام إليه جابر بن عبدالله فقال: يا رسول الله، وللقائمِ مِن ولدك غيبة ؟

قال (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم):

(( اي وربي لَيُّمَحِّصَ اللهُ الذين آمنوا ويمحقَ الكافرين )).

ثم قال: (( يا جابرُ، إنَّ هذا أمرٌ مِن أمرِ الله وسِرٌّ مِن

سِرِّ اللهِ فإِيّاكَ والشك، فإنَّ الشك في أمرِ الله عزَّ وجلَّ كُفْر )).

ينابيع المودة ج3، ص296 + ص297، الحديث 7.

وفي هذا الحديث الشريف ألمح النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) إلى قلة المؤمنين بإمامة صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

في حال غيبته، وأنهم قلة نادِرة ” لأعزَّ من الكبريت الأحمر “.

وأن غيبة الإمام الصاحب (عج) هي بمثابة اِمتحان إلهي للعباد، وتمحيص لهم، فلا يؤمِنُ بهِ إلا مَن اِمتحن الله قلبه للإيمان.

ولقد ذكر رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) لجابر (رضيَّ اللهُ عنه) أنَّ غيبةَ الإمامِ المُنتظر هي سِرٌّ مِن سرِّ الله، وحذرَ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) تحذيراً شديداً مِن مصير الشاكِ فيه أو المنكر لوجوده،

فَمَنْ شكَّ في أمر الله فقد كفر.
2. الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):

– روى الأصبغُ بن نباتة، عن الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنه قال:

(( المهدي منا في آخر الزمان، لم يكن في أمةٍ مِنَ الأمم مهديٌّ يُنْتَظرُ غيره )).

دلائل الإمامة ص479.

هنا يركز الأمير (عليه السلام) على أنَّ المهدي (عج) مِن دوحَةِ النبوةِ والإِمامة، وليس غيره يقوم بالإِصلاح العظيم الذي يسود الدُنيا كلها، والذي ينتظره الناسُ في كلِّ العالم.
3. الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام):

– في حديث طويل للإمام (عليه السلام) حينما صالح معاوية، وقد لامه جماعة من شيعته على صلحه، فقال (عليه السلام):

(( وَيْحَكُمْ، أَلا تَعْلَمون أَنّي إِمامُكُم، مفترضُ الطّاعةِ عليكم، وأحدُ سيّدَي شباب أهل الجنة بنَصٍّ مِنْ رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) )).

قالوا: بلى.

قال: (( أما علمتم أنَّ الخضرَ لمّا خَرَقَ السفينةَ، وأقامَ الجِدارَ،

وَقَتَلَ الغُلامَ كان ذلك سَخطاً لموسى بنِ عمران، إِذْ خَفِيَ عليهِ وجْهُ الحِكْمَةِ في ذلك، وكان ذلك عند الله تعالى ذِكْرُهُ حِكمَةً وصواباً.

أما علمتم أنَّهُ ما مِنّا إلا ويقعُ في عُنُقِهِ بيعةٌ لطاغِيةِ زمانِه، إلا القائِمُ الذي يُصلي روحُ اللهِ خلفَهُ،

فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُخفي وِلادتهُ، وَبُغَيِّبُ شخصَهُ لِئَلّا يكونَ في عنقهِ بيعَةٌ إذا خرجَ، ذلك التّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أخي الحُسينِ، ابْنُ سيدةِ النِّساءِ،

يُطيلُ اللهُ في عُمْرِهِ، وفي غَيبتِهِ، ثُمَّ يظهرُ بِقدرتهِ في صورةِ شابٍّ

دونَ أربعين سنة، وذلك ليعلم أنَّ الله على كلِّ شيءٍ قديرٌ )).

كمال الدين: 297. / كفاية الأثر: 225.

لما تكلم الإمامُ المُجتبى (عليه السلام) عن الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بين (عليه السلام) أموراً عديدةً، ترتبطُ بصاحب العصر والزمان (عج)، ومنها:-

أ. اخفاء ولادة الإمام المنتظر (عج) حفظاً على حياتهِ مِن حُكم بني العباس، كما حجبه عن أعين الناس لتلك الحكمة ولغيرها.
ب. إنَّ الإمام المهدي (عج) إذا خرج فإنَّ نبيَّ الله عيسى بن مريم يصلي خلفه.
ج. طول عمر وليِّ اللهِ الأعظم (عج)، ثم يظهره الله عزَّ وجلَّ بإِرادته إلى الناس بصورة شاب فيقيم العدل والحق في الأرض.
4. الإمام أبي عبدالله الحُسين (عليه السلام):

– عن الإمام الحسين (عليه السلام) قال:

(( في التاسع مِن وُلْدي سُنَّةٌ مِن يوسُف وسنةٌ مِن موسى، وهو قائمنا أهل البيت، يُصلحُ اللهُ تعالى أمرَهُ في ليلةٍ واحدةٍ )).

كمال الدين، ص297، الحديث 1.
يذكر الإمامُ الحُسين (عليه السلام) أنَّ الإِمام المنتظر (عج) لقد شابَهَ نبيَّ الله يوسف الصديق في سِجنِهِ وحجبِهِ عن الناس، وأنه شابه كذلك نبيَّ الله موسى في خفاءِ حملهِ وَوِلادَتِهِ خوفاً عليهِ مِن فرعون زمانِه.
5. الإمام علي بن الحُسين السجاد (عليهِ السلام):

– عن الإمام زين العابدين (عليه السلام):

(( في القائِم سُنَّةّ مِنْ سبعةِ أنْبِياءٍ:

سُنَّةٌ مِنْ أبينا آدَمَ، وسُنَّةٌ مِنْ نوحٍ، وسُنَّةٌ مُنْ إِبراهيمَ، وسُنَّةٌ مِنْ موسى، وسُنَّةٌ مِنْ عيسى، وسُنَّةٌ مِنْ أيوبَ،

وسُنَّةٌ مِن محمـد (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم).

فَأَمّا مِنْ أدمَ ونوحٍ فَطولُ العُمُرِ، وأما مِنْ إبراهيمَ فَخَفاءُ الوِلادَةِ

واعْتِزالِ الناسِ، وأما مِنْ مُوسى فالخوفُ والغَيبةُ،

وأما مِنْ عِيسى فاختلافُ الناسِ فيه، وأَما مِنْ أَيّوبَ فالفرجُ بَعْدَ البَلوى،

وأَمّا مِنْ محمـد (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) فالخروجُ بالسيفِ )).

كمال الدين: 352.

وتوجدُ كذلك أخبارٌ وأحاديث عن أئمةِ الهُدى (عليهم السلام) نقلها الرواة، ودونها الحفاظ.

فقد وَرَدَ عن إمامنا الباقر محمد (عليه السلام) في شأن الإمام الخلف (عجل اللهُ تعالى فرجَهُ الشريف) وحتمية ظهوره، كما في كمال الدين ص308، الحديث 11.

وَوَرَدَ كذلك عن إمامنا الصادق (عليه السلام) في شأن الإمام (عج) في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي ص42.

وعن إمامنا الكاظم (عليه السلام) في كتاب كفاية الأثر ص265، و ص266.

وعن إمامنا الرضا (عليه السلام) وردَ كذلك ما يبين أن الإمام المنتظر (عج) سيكون مصدر إشراقٍ ونور في جميع أنحاء الأرض، في كتاب ينابيع المودّة، ج3، ص297، الحديث 8.

وما نُقلَّ لما عن الرواة من أحاديث الإمام محمد الجواد (عليه السلام) بشأن حفيده الإمام المنتظر (عجل الله فرجه)، فنقل عنهُ (عليه السلام) قوله في حديث طويل: (( أَفْضَلُ أَعمالِ شيعَتِنا انتظارُ الفَرَج )). كتاب إعلام الورى ج2، ص242.

ونقل الرواة كذلك أخباراً عن إمامنا علي بن محمد الهادي (عليه السلام) في إمامة الإمام الحجة والتبشير بظهوره، فَراجِعْ كتاب كفاية الأثر وكتاب إعلام الورى.

وما رويَّ عن والد الإمام المهدي (عج) الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في كتاب كمال الدين ص357، ص358، في حديث طويل له مع الثقة أحمد بن إسحاق بن أحمد الأشعري، قال في ضمن ما قال عن غيبة الإمام الصاحب (عج):

(( هذا أمرٌ مِنْ أمر الله، وسِرٌّ مِنْ سِرِّ الله، وغيبٌ مِنْ غيبِ الله،

فخذ ما آتيتُكَ واكْتِمهُ وَكُنْ مِنَ الشاكرين تكُنْ معنا غداً في عِلّيّين )).
إذاً فمن التتبع إلى ما بشر به النبي وأوصيائه (عليهم جميعاً سلامُ الله) من الأحاديث والروايات، يتضح لنا حتميّة ظهور الإِمام المُنتظر (أرواحنا لِتُرابِ مقدمهِ الفداء)، وقيامه بالإصلاح الشامل لجميع نواحي الحياة، حتى تملأ الأرض قسطاً وعدلاً بِبَركةِ دولتهِ وحُكمهِ وعدله.
جعلنا اللهُ وإياكم مِنَ الثابتينَ على ولايتِهِ والمتمسكين بِإمامَتِهِ والمُنتظرين لدولته.

والحمدُللهِ رب العالمين ..

وصلى اللهُ على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الأربعاء 13 شعبان 1438 هـ.

النجف الأشرف

من المخلص؟ (الشيعة الإمامية)!

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين.
تواترت الروايات الصحيحة التي لو أخذت لوحدها لكفت حجيتها بكون الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف هو المنقذ للبشرية ومخلصها من البؤس.
ولكنها تميزت جميعها بكون الإمام المهدي المنتظر هو من ولد فاطمة عليها السلام، ومن التسعة المعصومين بعد الإمام الحسين عليه السلام، وعقيدتنا به من المعصومين الأربعة عشر.
وقد حوت الأخبار مؤكدة بنوته ونسله في كل عصر إمامي لإمام معصوم كما وقد وردت روايات تبشر به منذ عصر الأنبياء عليهم السلام، وقد قام صاحب منتخب الأثر بإحصاء هذه الروايات في جدول أدرجه في كتابه ، وهو كالٱتي:

1 ـ الروايات التي تشير إلى ظهوره عجّل الله فرجه، وهي 657 رواية.
2 ـ الروايات التي تبين أنّه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، وهي 123 رواية.
3 ـ الروايات التي تثبت أنّ المهدي المنتظر من أهل البيت(عليهم السلام)ومجموعها 389 رواية.
4 ـ الروايات التي تبين أنّه من ولد أمير المؤمنين(عليه السلام)، وعددها 214 رواية.
5 ـ الروايات التي تثبت أنّه من ولد فاطمة(عليها السلام)، و 192 رواية.
6 ـ الروايات التي تقول: إنّه من ولد الإمام الحسين(عليه السلام)، وبلغت 185 رواية.
7 ـ الروايات التي تذكر أنّه التاسع من ولد الحسين، وهي 148 رواية.
8 ـ الروايات التي تقول: إنّه من ولد علي بن الحسين، و مجموعها 185 رواية.
9 ـ الروايات التي تصرّح أنّه من ولد محمّد الباقر(عليه السلام)، وهي 103 رواية.
10 ـ الروايات التي تقول: إنّه من ولد الصادق (عليه السلام)، وعددها 103 رواية.
11 ـ الروايات التي تبيّن أنّه السادس من ولد الصادق (عليه السلام)، وهي 199 رواية.
12 ـ الروايات التي تقول: أنّه من ولد موسى بن جعفر(عليه السلام)، وبلغت 101 رواية.
13 ـ الروايات التي ذكرت أنّه الخامس من ولد موسى بن جعفر (عليه السلام)، وهي 98 رواية.
14 ـ الروايات التي تقول: إنّه الرابع من ولد علي بن موسى الرضا(عليه السلام)، ومجموعها 95 رواية.
15 ـ الروايات التي تحدّد أنّه الثالث من ولد محمّد بن علي النقي، وهي 90 رواية.
16 ـ الروايات التي تقول: أنّه من ولد علي الهادي(عليه السلام)، وعددها 90 رواية.
17 ـ الروايات التي بيّنت أنّه ابن أبي محمّد الحسن العسكري، وهي 146 رواية.
18 ـ الروايات التي تقول: إنّه الثاني عشر من الائمة وخاتمهم، وبلغت 136 رواية.
19 ـ في أنّ له غيبتين، 10 رواية.
20 ـ في أنّ له غيبة طويلة، 91 رواية.
21 في أنّه طويل العمر جداً، وهي 318 رواية

وفي ذلك طوائف كثيرة من الروايات :
* طائفة تدلل على وجوده.
* طائفة في الملاحم والفتن في عصره.
* طائفة في إمامته.
* طائفة في كونه المنقذ للبشرية.

والكثير من المواضيع المتنوعة من الروايات التي تناولته من قريب أو بعيد.
كما ولا يخلو مجال من مجالات العلوم في كتب الشيعة الإمامية من ذكره عجل الله فرجه في أي مجال من المجالات.
ففي التفسير هناك آيات متعددة يشار إليها أنها في الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف، منها : قوله تعالي: ﴿ وَلَقَد كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ (الانبياء:105) ففي التفسير علي بن ابراهيم: الكتب كلها ذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون أي القائم (عليه السلام) وأصحابه.
وفي الفقه حيث هناك تشريعات خاصة بالإمام عجل الله فرجه ومحل نقاش ، وفي العقائد أيضا هناك روايات كثيرة.. وغيرها من المجالات.
فالشيعة الإمامية أولى من غيرهم بأن تعج كتبهم وتستفيض بذكر الإمام عجل الله فرجه الشريف لكونه المعصوم الرابع عشر في عقيدتهم والإمام الثاني عشر.
وقد تعددت المذاهب المحسوبة على شيعة أهل البيت عليهم باعتقادهم بوجوده، فمنهم من قال أنه رفعه الله إلى السماء، والغريب اعتقادهم ذلك وهو حجة على أهل الأرض، واعتقادهم بأن الأرض لا تخلوا من حجة !
ومن المذاهب التي ولدتها السياسة وحسبت على شيعة أهل البيت عليهم السلام من قال بكون إسماعيل بن الإمام الصادق عليه السلام هو المهدي المنتظر، وغيرهم قالوا بأن الإمام موسى الكاظم عليه السلام هو المهدي المنتظر، وآخرون اعتبروا محمد بن الحنفية هو المهدي المنتظر ، ولكن أولئك اندثرت دعاواهم مع الوقت، لأن المذاهب السياسية تأفل مع أفول أصحابها، وقد روي عن زرارة ، قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : إن للغلام غيبة قبل أن يقوم ، قال : قلت ولم ، قال : يخاف وأومأ بيده إلي بطنه ، ثم قال : يا زرارة وهو المنتظر ، وهو الذي يشك في ولادته ، منهم من يقول مات أبوه بلا خلف ومنهم من يقول حمل ومنهم من يقول إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين ، وهو المنتظر غير أن الله عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة ، فعند ذلك يرتاب المبطلون.. رواية صحيحة في الكافي.

ولكن الإمامية الإثنى عشرية مجمعين عليه لما تظافرت من روايات وتواترت حيث الجدول الذي ذكرناه سابقا، فالعدد الكبير منها يلزم كافة المذاهب باعتباره المخلص الفعلي الحقيقي عبر طرق روايات شيعية معتبرة وواضحة، مثل رواية عن سلمان الفارسي رحمه الله ، قال : دخلت على النبي عليه السلام وإذا الحسين عليه السلام على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ، وهو يقول : أنت سيد ابن سيد ، أنت امام ابن امام أبو الأئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم. صحيحة في الخصال للشيخ الصدوق.
وكذلك عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم عليه السلام.
فالتاسع هو القائم عجل الله فرجه الشريف ولا طريق لمن يدعي الأقل والأكثر إلا أن يزيد غيرهم أو ينقص من عددهم وهذا ما حصل فعلا في المذاهب السياسية.
بقي أمر يجب الإشارة إليه..
قد مر في المقال السابق أن مذاهب المسلمين تختلف في تحديد هوية المهدي عجل الله فرجه الشريف، ولم نقل بأن هذه المذاهب المختلفة التي أولت المهدي واختلفت في تحديده وتعيينه حتى في علماء مذهب واحد أنهم لا يعرفون إمامهم، فكيف بالذي يأتي بمجموعة مذاهب سياسية نسبت للتشيع ويجمعها ثم يقول أن الشيعة لا يعرفون أئمتهم؟!
كنا ننتظر الإنصاف من الباحث المدعي لهكذا ادعاءات كما انصفناهم في البحث السابق!
والحمد لله رب العالمين.

عباس العصفور
النجف الأشرف

المهدي المنتظر (عج) وعدُ السماءِ وبشارةُ الأنبياء..

بسم الله الرحمن الرحيم

 

والحمدُللهِ رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على المبعوثِ رحمةً للعالمين النبيِّ الأمين محمد بن عبدالله وعلى أهل بيته سفن النجاة الطيبين الطاهرين ..
📚 روى أبو سعيد الخدري قال: سمعتُ رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) يقول على المنبر:

(( إن المهدي مِن عترتي، من أهلِ بيتي، يخرجُ في آخرِ الزمان، تُنزِلُ لهُ السماءُ قطرها، وتُخرِجُ لهُ الأَرضُ بذرها، فيملأُ الأرضَ عدلاً وقِسطاً كما ملأَها القومُ ظُلماً وجَوراً )). الغيبة / الطوسي: ص180.
📌 العقيدةُ التي اختصَ بها الشيعةُ الإِمامية من جِهَةِ أنَّ الإمام الحجة المنتظر (عليه السلام، وعجل اللهُ تعالى فرجَهُ الشريف) هو آخر الأئمة مِنْ ذُرِيةِ الإمامِ الحُسين (عليه السلام)، وأنهُ حيٌ يُرزق، وسوفَ يكونُ خلاصاً للبشرية مِنَ الإِستبدادِ والظُلم، بعدَ أن تمتلأ الدُنيا بالظُلمِ والجور، وليسَ ذلك إلا وعدٌ مِن قِبل اللهِ (عزَّ وجلَّ) وَعَدَ به المُضطهدين والمظلومين في جميعِ بِقاعِ الأرضِ.

فَفي الروايةِ الشريفة أنَّ الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) قرأ الآية الكريمة قول الله تعالى: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) سورة النور، آية 55.، فقال (عليه السلام): (( واللهِ هُم مُحبونا أهل البيت، يفعلُ الله ذلك بهم على يدِ رجلٍ منا، وهو مهديُّ هذه الأُمةِ.، قال رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم): لو لم يبقَ منَ الدُنيا إلا يومٌ لطوَّلَ اللهُ ذلك اليوم حتى يأتي رجلٌ من عترتي، اسمُهُ اِسمي، يملأُ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلئتْ ظلماً وجوراً )). ينابيع المودة ج3، ص245. / مجمع البيان ج7، ص267.
فالخلاصُ وَنِهايَةُ الظُلمِ والجورِ يكونُ بظهورِ هذا المُصلحِ العظيمِ (عجل اللهُ تعالى فرجه الشريف).
وهذهِ العقيدةُ ليست وليدةَ الإِسلامِ بل كانت الأديانُ السابِقة تُؤمِنُ بوجود مُخلِصٍ يكونُ الإِصلاحُ على يديه، والكُلُ يتطلعُ إلى ذلك اليومِ بِسَبَبِ انتشارِ الظُلم والفساد، ولا تُوجدُ قدرةٌ لدفعِ ذلك الظُلم، والناسُ في عَجزٍ أمامَ هذا الظُلم والإِضطهادِ ولا يوجدُ لديهم إلا هذا الأمل الموعود لِخَلاصِ البَشرية.
📌 وإذا نظرنا إلى الأهدافِ التي بُعِثَ مِنْ أَجلِها الأنبياءُ، والغاية مِن بعثهم، نجدُ أنَّ الهدفَ الرئِيس والأول هو إتمامُ الشُروطِ التي يلزم توفرها لرُشدِ البَشَرِ وَتَكَامُلهمُ الواعي، والذي يَتمُ مِنْ خِلالِ إِبلاغِ الوحي الإلهي للناس، وجعلَهُ بِمُتَناولِ أيديهم، حتى يهتدوا ويعملوا على وفق القوانين السَماوِية وَتُكتَبُ لهمُ السعادةُ في الدُنيا والآخِرة، وهذا هدفٌ إلهيٌ في قوله تعالى: ( يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) سورة المائدة، آية 16.
وهُناكَ هدفٌ وغايةٌ أرادَ أنْ يصلَ لها الأنبياءُ (عليهم السلام) وهي تشكيل “المجتمع المثالي” القائِم على أساسِ عبادَةِ الله والقِيم والتعاليم الإلهية ونشر العدل والقسط في جميعِِ أرجاءِ المعمورة، وأن يوجد تطبيقٌ لحُكمِ اللهِ سُبحانهُ ولا يُوجدُ حُكمٌ لغير حُكم الله عزَّ وجلَّ،

وقد سعى كلٌ مِنَ الأنبياءِ بِحَسَبِ وسعِهِ في هذا السبيل، وقد تمكن بعضُهم من إِقامةِ دولةٍ إلهيةٍ في منطقةٍ أو مرحلةٍ زَمَنِيةٍ مُعينة، ولكن لم تتوفر لأيٍّ منهم الظروف والشروط المُناسِبة لِإِقامَةِ الحكومة العالمية.

ولكن لم تكن الظروف مُآتيةً لكي تَتَحَقق هذه الغاية والأُمنية للأَنبياء ليرو العدل منتشراً بين الناسِ جميعاً، فلا يكون ظلم ولا استحوادٌ على الخيراتِ لجهةٍ دون جِهةٍ أُخرى، فتَتَحقق بذلك “الدولة الفاضلة”.
والمُلاحظ أنَّ عدم توفر مثل هذه الظروف والشروط المناسِبة لا يعني أنَّ الأنبياء (عليهم السلام) لم يبذلوا جهدهم ولم يسعوا في تحقيق هذهِ الغاية أو النقص في إِرادتهم وقيادتهم، بل بذلَّ الأنبياءُ كلَّ غالٍ ونفيسٍ مِنْ أجلِ الحقِ والعدلِ، ولكنَّ الناس لم يأخذوا بالنُظُمِ والقوانين بل اعرضوا عما جاءَ بهِ الأنبياءُ (عليهم السلام).
وكذلك أيضاً إنَّ الهدف الإلهي هو توفير الأجواء والظروف التي تتناسب مع حركةِ البشر الإِختيارية، قوله تبارك وتعالى: ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) سورة النساء، آية 165.

لا إِلزام الناس وقهرهم على اعتناق الدين الحق واتباع القادة الإلهيين وقد تحقق هذا الهدف.
ولكن الله سُبحانهُ وَعَدَ بِإِقامَةِ الحكومة الإلهية على الأرضِ كلها، والوعدُ الذي جاءَ بهِ الأنبياء (عليهم السلام) بأنَّ الله عزَّ وجلَّ سوف يستخلف المؤمنين وسوفَ ينصرهم، وهذا نوعٌ مِنَ الإِنباءِ عنِ الغيبِ بالنسبةِ لتوفر الأجواء المناسبة لتقبل الدين الحق ونشر العدل والقسط، ويمكن اعتبار هذه الغاية والهدف والوعد هو الهدف النهائي لِبعثةِ النبي الخاتم محمد بن عبدالله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) ودينه الخالد الذي قال عنهُ الجليل جلََ وعلا: ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) سورة التوبة آية 33، سورة الفتح آية 28، سورة الصف آية 9.
وبما أننا نؤمنُ وَنَعتقدُ بأنَّ الإمامةَ هيَّ اِمتدادٌ للنبوةِ ومُتَمِمَةٌ لها، فنتوصل إلى أن هذا الهدف والغاية والوعد الإلهي سَيتَحَقَقُ على يدِ الإمامِ الحُجةِ بن الحسن (عجل اللهُ تعالى فرجه الشريف).
والأدلة على ذلك كثيرة، منها:
# القرآن الكريم:
1. قول الله تعالى: ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) سورة الأنبياء، آية 105.

فهذه العقيدةُ وهذا الوعدُ ليس في القرآن الكريم فقط، بل ذكرها في الزبور وغيره من الكتب السماوية الأخرى، كما بشرت بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) الذي تكون النبوة ختامها على يديه، كذلك بشرت بالعدل الذي سيملئ الأرض.
2. قول الله تعالى: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ) سورة النور، آية 55.
في الرواية عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) قال: (( نزلت في القائم المهدي )).

ينابيع المودة ج3، ص245.
# الروايات الشريفة:

إنَّ الروايات التي نقلها الشيعة والسُنة عن النبي (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) حولَ الإمام المهدي (عليه السلام) تبلغ حد التواتر، بل إنَّ الروايات التي نقلها أهل السُنة وحدهم تبلغ حد التواتر بإعتراف جماعةٍ من علمائهم، مثل ابن حجر في الصواعق المحرقة ص99.، ونور الأبصار للشبلنجي ص155.، وغيرهم.
ومن تلك الروايات:
1. عن رسول الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم):

(( لو لَمْ يبقَ مِنَ الدَهرِ إلا يوم لبعثَ اللهُ رجلاً مِنْ أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً )).

صحيح الترمذي ج2، ص46. / مسند ابن حنبل ج1، ص378.
2. عن أم سلمة أنَّ رسول اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) قال: (( المهدي مِن عترتي ومِن وُلدِ فاطمة )).

اسعاف الراغبين ص134.، نقلاً عن صحيح مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة.
3. عن ابن عباس قال: قال رسولُ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم): (( إنَّ علياً إمامُ أُمتي مِن بعدي ومِن وُلدِهِ القائمُ المنتظر الذي إذا ظهر يملأُ الأرضَ عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً )). ينابيع المودة ص 494.
اللهم عجل فرجهُ وسهل مخرجه واجعلنا مِن أنصارِهِ وأعوانه، والمسارعين إلى خدمته، والمستشهدين بين يديه ..
والحمدُللهِ ربِّ العالمين ..

وصلى اللهُ على محمدٍ وآلهِ الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الإثنين 11 شعبان 1438 هـ.

النجف الأشرف

من المخلص؟ (المذاهب الإسلامية)!

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين..
عكفت المذاهب الإسلامية وكتب الصحاح على دراسة القضية المهدوية، وقد تعددت طرقهم وأسانيدهم وأدلتهم لإثبات ظهوره، ولكن الذي اختلف عن غيرهم من المبشرين هو اتفاقهم على إسمه بطرق نبوية.
وهناك من ضعف هذه الروايات فيما يخص آخر الزمان، بسبب أو آخر، كالطعن بسبب التفاوت بينها أو في إسنادها أو في لغتها، ولكن هذا لم يمنع حجية المضمون جمعا بين الروايات بأي حال من الحالات.
إن التصريح بكونه مخلصا للأمم من جور الاستبداد يكفي للاعتراف الكلي بالمهدي عجل الله فرجه من قبل المذاهب الإسلامية بشكل عام.
لم يكن الأمر بالسهولة التي يعتقدها البعض من كونها رواية صنفت تاريخية فحسب، بل تعدى الأمر لفتوى المذاهب بكفر من ينكره، ويرفض أن يتبعه في حال ظهوره، والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة.
قال ابن خلدون في تأريخه معبّراً عن عقيدة المسلمين بظهور المهدي : « اعلم أنّ المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرّ الاَعصار : أنّه لابدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت ، يؤيد الدين ، ويُظهر العدل، ويتبعه المسلمون ، ويستولي على الممالك الاِسلامية ، ويسمى المهدي »
ورغم ذلك فقد ذهب إلى تضعيف روايات الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، ولكن علماء السنة والعامة قد ردوا عليه بردود كثيرة، خصوصا بعد وجود فتاوى تؤثم من لا يعتقد بظهور المهدي عجل الله فرجه الشريف.
سئل ابن حجر عمن أنكر المهدي… فأجاب: أن ذلك إن كان لإنكار السنة رأسا فهو كفر يقضى على قائله بسبب كفره وردّته فيقتل…
وقد ذكر المتقي الهندي في كتابه البرهان: 178، هذه الفتوى، وأوردها المفتي ابن حجر مختصرة في الفتاوى الحديثية: 37. وقد روي حديث إنكار المهدي في عقد الدرر للشافعي السلمي: 157، ب 7، فرائد السمطين للحموي الجويني، ج2: 334، ح 585، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي، ج3: 295، باب 78، ح1… وغيرها من المصادر.

«من أنكر الدجال فقد كفر, ومن أنكر المهدي فقد كفر» استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وآله.ويعني انّ من ينكر المهدي ينكر ضرورة, ومن أنكر ضرورة من ضرورات الإسلام كافر ويُقتل. واستنادا لهذا أصدرت إدارة الفتوى في مكة فتوى وُقّعت من قبل العلماء عام 76: انّ من ينكر المهدي فهو إما جاهل بالسنّة أو مبتدع كافر لانّ الإعتقاد بالإمام المهدي من صميم عقائد أهل السنّة والجماعة, وانّ المهدي هو واحد من الخلفاء الإثني عشر, ولابد أن يظهر ويبايع ويمتلك الأرض، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
في مجلة الجامعة الإسلامية، العدد: 3، السنة الأولى: 161 _ 162المدينة المنورة..
الحاوي للفتاوي للسيوطي ج3 ص116 وأخرج أبو بكر الإسكاف في فوائد الأخبار عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كذب بالدجال فقد كفر ومن كذب بالمهدي فقد كفر. وقد أخبر (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الاَمـر عن الدجّال، وعن المهـديّ، وعـن عيسـى بن مريم، ووجـب تلقّي ما قاله بالقبول والاِيمان بذلك، والحذر من تحكيم الرأي والتقليد الاَعمى الذي يضرّ صاحبه ولا ينفعه لا في الدنيا ولا في الآخرة . انتهى.
وقد سُئل شيخ الاِسلام شهاب الدين أحمد بن حجر المكّيّ الشافعيّ عمّن أنكر المهدي الموعود به؛ فأجاب: أنّ ذلك إنْ كان لاِنكار السُنّة رأسا فهو كفر يُقضى على قائله بسبب كفره وردّته فيقتل.وإن لم يكن لاِنكار السُنّة وإنّما هو محض عناد لاَئمّة الاِسلام فهو يقتضي التعزير البليغ والاِهانة بما يراه الحاكم لائقا بعظيم هذه الجريمة، وقبح هذه الطريقة، وفساد هذه العقيدة، من حبس وضرب وصَفْعٍ وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح، ويرجعه إلى الحقّ راغما على أنفه، ويردّه إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعا عن كفره. انتهى.
وقد نشر تسجيل صوتي عن ابن باز في موقعه الرسمي في الرد على من لم يعتقد بالمهدي: وقد صحت وتواترت هذه الأخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في نزول المسيح ابن مريم من السماء في آخر الزمان، ومن خروج يأجوج ومأجوج وخروج الدجال في آخر الزمان، ومن مجيء المهدي، كل هذا الأربعة ثابتة: المهدي في آخر الزمان يملأ الأرض قسطا بعد أن ملئت جورا، ونزول المسيح ابن مريم، وخروج الدجال في آخر الزمان، وخروج يأجوج ومأجوج، كل هذا ثابت بالأحاديث الصحيحة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنكارها كفر وضلال نسأل الله العافية والسلامة..انتهى.
وهكذا فإن هناك فتاوى كثيرة فيمن ينكر هذا المخلص، ولكي نكون منصفين فلعل البعض منهم تغير عنده مضمون وشخص الإمام المهدي عجل الله فرجه ولكنهم يجمعون على ظهوره وتوحيد مذاهب الإسلام تحت رايته، وتوحيد الشريعة من خلال عمله.
كما وأن هناك متون ونصوص تدل على كون الإمام المهدي عجل الله فرجه هو المخلص:

* مسند أحمد بن حنبل وسنن أبي داود: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «لا تذهب الدنيا حتّي يملك العرب رجل من أهل بيتي»
* مطالب السؤال لكمال الدين الشافعي: ومنها أيضاً ما رواه القاضي أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي في كتابه المسّمى بـ(شرح السنّة) وأخرجه البخاري ومسلم كل واحد منهما بسنده في صحيحه يرفعه إلى (أبي هريرة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟)..
* سنن أبي داود : ما رواه (عبد الله بن مسعود) أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لو لم يبقَ من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جَوراً).
* كنز العمال: وجاء عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : (يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة)
وقد ظن البعض أن الشيخان لم يخرجا أحاديث المهدي لعلة فيها عندهما،ولكن هذا الظن ليس بصحيح. وذلك لأن:
قال البخاري: (ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول).
وقال مسلم: (ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا- يعني كتابه الصحيح- إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه)
وهذا يدل على انهما تتبعا الإجماع ولم يرويا كل الأحاديث بجانب أن هناك أحاديث كثيرة صحيحة عن أهل السنة والجماعة ولم يروياها البخاري ومسلم.. والاعتراض بوهن كل حديث لم يروه البخاري أو مسلم غريب!
إن الحديث عن المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف طويل وواسع ولكن هذا لا يمنعنا من الإشارة إليه بأي حال، فكتب المسلمين بمذاهبهم قد صرحوا باسمه وكونه هو المصلح الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا..
والحمد لله رب العالمين

عباس العصفور
النجف الأشرف

الأدلة على إمامة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)..

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين النبي الأمين محمد بن عبدالله وعلى أهل بيته سفن النجاة الطيبين الطاهرين ..
مع اقترابِ ذكرى ولادةِ المنقذ والمخلص المولى صاحب العصرِ والزمان (عجل اللهُ تعالى فرجهُ الشريف) في النصفِ من شهرِ شعبان المبارك،
أتقدم بأزكى التهاني والتبريكات لمقامِ رسول اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) وإلى أهل بيتهِ (عليهم السلام) بهذه الذكرى العطرة المباركة.

.. .. ..
📚 رويَّ في الحديث عن رسول اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم):

(( مَنْ مات ولم يعرف إمام زمانهِ مات ميتةً جاهلية )).

ينابيع المودة ج:3 ص:372. طبقات الحنفية ص:457.
🖊 إنَّ “الإِمامة” عند الشيعةِ الإمامية أصلٌ مِن أصولِ الدين، ولا يتمُ الإيمان إلا بالإعتقاد بها، وأنها كالنبوة، فكلُ الأدلة التي دلَّت على وجوبِ النبوة دلَّت على وجوبِ الإمامـة، فالإمامَةُ قائمةٌ مقامَ النبوة إلا في تلقي الوحي الإلهي بلا واسطة، وكما أن النبوة واجبةٌ على الله في الحكمة، فكذلك الإمامة.
لذلك قال الشيعة الإمامية بأن وجوب نصب الإمام بالنص أو التعيين مِنَ الله سبحانه وتعالى، لأن الإمامة عندنا هي امتدادٌ لوظيفة النبوة روحياً وسياسياً، فكما أنَّ النبي يعين من قِبل الله عز وجل كذلك الإمام.

والدليل على ذلك في قول الله سبحانه: ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ). سورة البقرة، آية 124.

فالآية الشريفةُ صريحةٌ في أن الإمامة لا تكون لأحدٍ إلا بجعلِ الله تعالى.

والإمامةُ عهدُ الله، أي مسؤولية إلهية مهمة، فلا تناط إلا لمن لديه أهلية القيام بها، وهي أن يكون غير ظالم لنفسهِ أو لغيرِهِ، وهذا لا يتحقق إلا إذا كان الإمام معصوماً، لأنَّ العصمة ملكةٌ ثابتةٌ ودائمة.

والإمامة هي لحفظ قوانين الشرع الحنيف.
📌 إذاً فالإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنصِ من الله سبحانه وتعالى على لِسانِ رسُولِهِ، أو لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام مِن بعدِهِ.
فقد نصّ النبي محمد (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) على خليفته والإمام من بعده على البرية، وأخذَ له البيعةَ بإمرة المؤمنين في يوم الغدير: (( ألا مَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه )). المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: ج3، ص109، 110.

ثم نصّ عليٌّ (عليه السلام) على إمامة الإمام الحسن (عليه السلام)، ثم الإمام الحسن (ع) نصّ على إمامة الإمام الحسين (عليه السلام) وهكذا إمامٌ بعد إمام، ينص المتقدم منهم على المتأخر، إلى آخرهم وهو أخيرهم إمامُ الزمان الحجة بن الحسن (عليه السلام) الذي نصَّ عليه أبوه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
والأدلة في النصّ على إمامة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجهُ الشريف) عديدة، ومنها النصوص الخاصة:
– في الرواية عن كلٍّ من معاوية بن حكيم، ومحمد بن أيوب، ومحمد بن عثمان، قالوا: ( عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي “عليهما السلام” ولدَهُ، ونحن في منزلهِ، وكُنا أربعين رجلاً، فقال (عليه السلام): هذا إمامكم مِنْ بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوهُ ولا تتفرقوا من بعدي في اديانكم فتهلكوا، أما أنكم لا ترونهُ بعد يومكم هذا ). ينابيع المودة: ج3، ص323. / كمال الدين: ص44.
وقد أكدت رواياتٌ كثيرةٌ على النص على إمامته وأنه الإمام الثاني عشر من خلفاءِ رسولِ الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم)، ومن بين تلك الأخبار التي نص فيها الإمام العسكري (عليه السلام) على إمامة ولده الإمام المنتظر (عجل الله فرجه):
– ما رواه الثقة الجليل محمد بن عثمان العمري، عن أبيه، قال: سُئل الإمامُ أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) وأنا عنده عن الخبر الذي رويَّ عن آبائه (عليهمُ السلام): (( إنَّ الأرض لا تخلو من حجةٍ للهِ على خلقه إلى يومِ القيامَةِ، وإنَّ مَنْ ماتَ ولم يعرف إمامَ زمانِهِ مات ميتةً جاهلية )).

وأكد الإمام على صحة الحديث، قائِلاً: ( إنَّ هذا حق، كما أنَّ النهار حق ).

وسارع شخص في مجلس الإمام قائلاً: يا بن رسول الله، فمن الحجةُ والإمامُ بعدك ؟

فدلّهُ الإِمامُ على حجةِ الله بعده قائلاً: ( ابني محمد هو الإمامُ والحجة بعدي، مَنْ مات ولم يعرفهُ مات ميتةً جاهلية، أما إنَّ لهُ غيبةٌ يُحارُ فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويُكذب فيها الوقاتون، ثم يخرجُ فكأني أنظرُ إلى الأعلامِ البيض تخفقُ فوقَ رأسِهِ بنجفِ كُوفان ).

كفاية الأثر: ص292.
والأدلة العامة التي يستدلُ بها على إمامة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هي الروايات الكثيرة التي رويت عن النبي محمد (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم ) في مصادر التراث الإسلامي التي حملت بين طياتها الأحاديث المستفيضة والصحيحة التي حصرت عدد الأئمة المنصوص عليهم اثنا عشرَ إماماً.

ومنها:

– عن النبي (صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلم): ( بعدي إثنا عشرَ خليفة ). ينابيع المودة لذوي القربى، الطبعة الأولى، ١٤١٦هـ، المجلد 3، الباب ( 77 ).
📌 فَمِنْ مقتضى ما مرَّ من أدلةِ لزومِ الإمامةِ والعِصمة هو عدمُ خلو كل عصر وزمان عن وجودِ الإمام المعصوم ( إن الأرض لا تخلو من حجة ) قامَ بالسيفِ أو لم يقم، ظهر أو لم يظهر.

📌 وعليهِ فنحنُ الشيعة الإِمامية نعتقدُ بوجود الإمامِ المعصومِ الحي في كل زمان.
🖊 وإن مقتضى الأخبار المتواترة أن الأئمة (عليهم السلام) هُم ( إثنا عَشَرَ )، لا أقل ولا أكثر، وإن فكرة وجود الإمام في كل عصر وزمان ليست فكرةً جديدةً، بل هيَّ أمرٌ لهُ سابقةٌ مِن لدن البشر، لما نعلم من البراهين التامة على لزوم الإرتباط بين الخلق وخالقهِ بالنبوة أو الإمامـة.

فالإعتقاد بالإمامة كانَّ مبتنياً على أساس برهاني قويم، والأدلة ثابتةٌ بالتواتر من الأخبار.
والحمدلله رب العالمين ..

وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الأحد 10 شعبان 1438هـ.

النجف الأشرف

من المخلص؟ (الأديان والمعتقدات)

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

مر ما يروج له البعض من حلول تطبيقية أو تياراتية أو حزبية أو علمية، وآن الأوان لمناقشة العقائد الدينية التي بشرت بالمخلص.
فالأديان بطبعها منها ما هو الوثني أوالإبراهيمي الموحد كأهل الكتاب، ومنها ما هو شبه سماوي حيث يدعي أنه يستقي الشريعة من الخالق جل وعلا، لذلك ترى المدعى المتشابه بينها وبين الأديان السماوية لما اقتبسته منها، كقصة النبي النوح المتشابهة مع البابليين وغيرهم مع تغيير الأسماء لتكون تلك القصة مذكورة في خمس أديان بتسميات مختلفة.
* فالبوذيين: ينتظرون بوذا الخامس الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
* الزرادشتيين: ينتظرون سوشيانت الذي سيقتلع جذور الطواغيت حسب المدعى.. مع العلم أن سوشيانت عندهم ثلاثة أشخاص فيها الأول المنقذ والثاني سينشر سلوكا والثالث المنتصر الذي سيخلص العالم من ألم المتجبرين، كما ورد في كتاب أوستا وزند ورسالة زرادشت..
كما أن الزرادشتيين يقدسون الكتب المانوية فقد ورد في كتاب شابوهرجان مثله، وقد دلت النصوص هناك نوعا ما بالتبشير بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وإبنه الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف.
* الهندوسية: في الهند والصين حيث ينتظر البراهمة شخصا يسمى يترتنكر ومعناه المبشر، بعد ظهور كريشنا الآلهة الذي سيؤسس به دولة العدل بمعية البراهمتيين، هذا ما ورد في كتاب الاوبانيشاد، وفي كتاب ريكودا وماندالاي يعتقدون بنزول الرب فيشنو وبيده سيف وفي الأخرى خاتما ، فتهتز الأرض وتنكسف الشمس وينخسف القمر.
واللطيف أن ينتظر البراهمة الخلاص في الوقت الذي يعتبرون أنفسهم فوق طبقات المجتمع ويستبيحونه لعلة علو طبقتهم!
* تجمع الديانات الهندية على ظهور كالي الإله الذي يأكل اللحم والذي سيوحد العالم أجمع وينتشلهم من الهبوط التام والرذيلة التي ستغزو العالم.
وإن كان هناك بحث آخر يثبت أن كالي هو النبي محمد صلى الله عليه وآله ليس هنا محله.
فلو نظرنا ودققنا مستقرئين هذه الأديان لوجدنا أن الأمل بالموعود موجود، وإن اختار كل دين تسمية منه، واختاروا شخصا معينا، إلا أنهم ينتظرون من يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
نأتي للأديان الابراهيمية:
اليهودية: انتظر اليهود موعودين ثلاثة في كتاب دانيال وكتاب أشعيا ، ولكن العناد جعلهم يفوتون من انتظروهم، فموعودهم الأول هو المسيح عليه السلام وقد تصدوا له والثاني هو النبي صلى الله عليه وآله وقد حاربوه، بقي الموعود الثالث وهو الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف، ولكنهم لا زالوا ينتظرون، وقد ظهر في الروايات أنهم سيحاربونه أيضا مع الدجال.
ورد في المزمور 72 من مزامير داود عليه السلام :
(اللهم أعط شريعتك للملك وعدلك لابن الملك ليحكم بين شعبك بالعدل ولعبادك المساكين بالحق فلتحمل الجبال والآكام السلام للشعب في ظل العدل ليحكم المساكين الشعب بالحق ويخلص البائسين ويسحق الظالم!
يخشونك ما دامت الشمس وما أنار القمر على مرّ الأجيال والعصور!
سيكون كالمطر يهطل على العشب وكالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشى!
يشرق في أيامه الأبرار ويعم السلام إلى يوم يختفي القمر من الوجود!
ويملك من البحر إلى البصر ومن النهر إلى أقاصي الأرض. … أمامه يجثوا أهل الصحراء ويلحس أعداؤه التراب… يسجد له كل الملوك، وتخدمه كل الأمم لأنه ينجّي الفقير المستغيث به والمسكين الذي لا معين له يشفق على الضعفاء والبائسين ويخلص أنفس الفقراء ويحررهم من الظلم والجور وتكرم دماؤهم في عينيه. … فليعش طويلاً وليعط له ذهب سبأ، وليصل عليه دائماً وليبارك كل يوم. …
فليكثر القمح والبر في البلاد حتى أعالي البلاد! ولتتمايل سنابل القمح كأشجار جبل لبنان! وليشرق الرجال في المدينة كحشائش الحقول! ويبقى اسمه أبد الدهر، وينتشر ذكره واسمه أبداً ما بقيت الشمس مضيئة! وليتبارك به الجميع، وجميع الأمم تنادي باسمه سعيدة.)
وإن كانوا يؤولون ذلك بداود عليه السلام إلا أنه ليس كذلك فهو للنبي صلى الله عليه وآله وإمامنا المنتظر عجل الله فرجه الشريف ولا يسع المقام لمناقشة ذلك بعمق، ولكن كيف لداود عليه السلام أن يقف متضرعا بين يدي الله ويسمي نفسه وابنه سليمان عليه السلام بالملك وهو يخاطب الله تعالى؟! كما أن المسيح لم يكن ملكا ولم يكن له جيش فقد اعتقله اليهود وقتلوه حسبما خيل لهم.
* المسيحية: فهم ينتظرون النبي عيسى عليه السلام وفرقطاليس الذي هو من صفات النبي محمد صلى الله عليه وآله وأنكروه على كل حال، فهم مازالوا ينتظرون فرقطاليس.
كما ورد في إنجيل يوحنا اسم المعزي كعنوان للمخلّص، ففي الإصحاح ١٥/٢٦-٢٧: -ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحقّ الذي عند الأب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضاً لأنّكم معنا في الابتداء.

وفي الإصحاح ١٦من نفس الإنجيل: -ولكنّي أقول لكم الحقّ إنّه خير لكم أن انطلق لأنّه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت سأرسله إليكم، ومتى جاء ذلك العالم على خطيئة وعلى بر وعلى دينونة…- إلى أن يقول: -إنّ لي أموراً كثيرة ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأمّا متى ما جاء ذاك روح الحقّ فهو يرشدكم إلى جميع الحقّ؛ لأنّه لا يتكلّم من نفسه بل كلّ ما يسمع يتكلّم به، ويخبركم بأمور آتية- [الإصحاح: ١٦/١٢-١٣].

فالمعزى والمحمي والفرقطاليس وأمثالها تسميات أشارت للنبي محمد صلى الله عليه وآله كما وأشارت لحفيده عبارات كثيرة بشرت بها الأديان السماوية، وغير السماوية..
فعند المزديين سوشيانت، وعند البوذيين بوذا الخامس وعند اليهود الملك، وعند المسيح عيسى عليه السلام وفارقليط والمعزى، وعند الهندوس كريشنا فهو المهدي المنتظر عجل الله فرجه وإن غيروا في مواصفاته العقدية وتسمياته الواضحة.

الحمد لله رب العالمين

عباس العصفور
النجف الأشرف

من المخلص؟ ( أفكار وتيارات)!

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين..
تعددت الأفكار والاعتقادات حول المخلص، كما تعدد زوايا رؤيته، فمنهم من قال أنها فكرة تبحث في علة الخلاص، والآخر قيدها بأشخاص، والنتيجة أنها تعددت على نحو ترويجي تارة وتسويقي لأفكار معينة تحت ذريعة النهوض بواقع البشرية، والأديان حددت أشخاصا بمواصفات متقاربة لتحديد من سيقود العالم، ومن هنا تظهر جهتان:
* جهة تروج لأفكار تياراتها وأحزابها الفكرية والسياسية لتقدمها كمخلص..
* جهة دينية لديها النصوص والتراث المتمثل بظهر شخص منقذ يخرج بالعالم لبر الأمان من مآزقه.
ففي الجهة الأولى :
الليبرالية:
كان الأبرز فيهم فوكوياما في كتابه (نهاية التاريخ) حيث اتخذ الليبرالية مخلصا للبشرية مدعيا ثبات ورتابة التأريخ في كلامه، والغريب أن هناك كثير من المؤاخذات على الليبرالية كالعلمانية وفضائعها، وتناقضاتها فيما يخص حرية الفرد وتقييده بأغلبية أفراد آخرين بقانون لا يقتنع فيه، وعدم ثباتها بين مركزية الفرد أو تقييده بقانون الجماعة، ففي الواقع أن المطبقين لها في أوروبا والهند وغيرهما لم يحلوا مشاكلهم فعلا ولم يخلصهم هذا الفكر من البؤس الذي يطلبون الخلاص منه، ومازالت أديان الناس تبحث عن المخلص متخطية ذلك، ولازالت هذه الليبرالية مبررا لسلب الأوطان والأراضي من الناس تحت ذرائع متعددة، كالهنود الحمر والأقليات فعلا وعلى أرض الواقع، وفي الأخير ادعى فوكوياما أن زمن الإسلام الذي تقدم على الليبرالية في ساحات كثيرة قد ولى لعجزه عن تقديم نفسه للعالم ! وإنه ليس له جاذبية ليغزو الناس ثقافيا!
بغض الطرف والنظر عن اتخاذ الليبرالية نفسها مسميات دينية كالليبرالية المسيحية والإسلامية واليهودية وأمثالها لترويجها بشكل ديني ، ولكن لم توفق في جعلها دينا..
وكان على فوكوياما قراءة الإسلام وفكره ومقارنته في كل الزوايا بعيدا عن اختيار نموذج تكفيري أو منحرف ليجعله مثالا للإسلام ومقارنته، فالفكرة تناقش بالفكرة لا بالأشخاص..
الماركسية:
وفي جهة أخرى يتطلع الفكر الماركسي ليجعل نفسه حلا ومخلصا للبشرية بأفكاره الوضعية، والسيطرة الفكرية المادية الواعدة بإلغاء الملكية الشخصية والدولة حيث اعتبرتهما من عوامل التسلط على البشرية لجعل الجميع سواسية، كانت انعكاسا واضحا لجحيم الشيوعية التي كلفت أكثر من خمسين مليون نسمة ضحية في الصين والاتحاد السوفيتي وتفككه بسبب ذلك، وظهرت حقيقة استعباد البشرية وقتل راحته وسلب ممتلكاته لتكون جميعا تحت تصرف الماركسيين إداريا!
المفكرون:
أنصار العلوم:
كثير من العلماء يروجون لقدرة العلم والاعتقاد به أنه قادر على كل شيء رغم عجزه عن تفسير وبيان ومعرفة كثير من الظواهر الطبيعية حولنا، واستمراره بالتغير والاكتشاف وعدم ثبوت نظرياته كلما تقدم البحث العلمي وتطور.
إن العلم وسيلة جيدة جدا للقيام باحتياجات البشر طبيا وتقنيا، وما توصل له البشر جيد أيضا ومفرح وقد تسبب بزيادة الراحة..
لكن!
لم يسهم هذا التطور بحفظ المجتمعات حيث كان سببا للقنابل والصواريخ والأسلحة المخيفة التي يهدد وجودها كوكبنا بأسره، وتعج وكالات الأخبار يوميا بالتهديدات التي ساهم العلم بإيجادها كمواد تم تركيبها لإبادتنا إن شاء مالكها ذلك! تلك الأسلحة استعبدت شعوبا وأبادت آخرين بسبب هذا التطور العلمي، فلا نتصور أن يعطي هذا الكابوس حلما جميلا فالتطور سيعطي نصيبا للتدمير أيضا وذلك مستمر عبر التاريخ العلمي.

حتى علم النفس الذي يعالج البشر تطور في جهة أخرى الدعارة والإغراء والتهتك والترويج لأمور محرمة شرعا ومدمرة اجتماعيا وبشريا..

وهكذا باقي العلوم في جانبها الآخر.
القانونيون:
قد روجوا لحلم وصول الخبرة البشرية للتكامل الذي يعتمد عليه في سن قانون موحد متكافيء سيجعل البشرية تحل جميع مشاكلها وتتخلص من البؤس، والوقت كفيل بتحقيق ذلك لكل البشرية.
ولكن!
الغريب أن هذا القانون المطلوب منه توحيد العالم قد تعرقله العرفيات المجتمعية من مجتمع لآخر، وقد تدهوره حالات النزعات بين البلدان بمدى قوة ولائهم لأراضيهم وأماكنهم وما يجمعهم من عرق أو لون، فمن الطبيعي أن يدافعوا عن تميزهم وسلبهم هءا التمؤز جناية في حق هويتهم وانتماءاتهم.
القانون نفسه لم يعط لنفسه الحق في نسف المدارس القانونية التشريعية المختلفة، بل قد يشكل هءا الفانون مشكلة حدودية بين بلدين أو فردين أو مجتمعين إذا ما وقف بإسم العدالة مثيرا ومتصادما مع تعدديته في مواطن الخلاف!
فمفهوم العدل عند المجتمع الإنساني يحمل في أحد كفتيه الميزان بين المنفعة والمضرة كما يحمل ميزان السواسية، فبعض الأحيان يرفض القانون مبدأ المساواة والسواسية نفسها ولا يراها عدلا دائما..
لذلك تكفل القانون السماوي بتوحيد ذلك، عبر شريعة تنظم الجميع بمواد شمولية واضحة تصلح لكل زمان ومكان وتحفظ الإنسانية من الفساد والأمراض والكوارث بأحكامها الصالح لكل فطرة سليمة..
وما مر يوضح أنه لا يمكن الترويج لجعل التيارات والعقول البشرية الوضعية والفكرية مخلصا للبشرية..وإنما لو راجعنا التاريخ لوجدنا عكس المدعى فيها.

والحمد لله رب العالمين

عباس العصفور

النجف الأشرف

كيف الخلاص وماهيته

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين..

حمل الخلاص أكثر من معنى في تأملات العقل البشري بحسب توجهات الناس والأديان، كما حمل معنى مغايرا بحسب التيارات والأنظمة العلمية والسياسية والاقتصادية وغيرها ممن بحث في معانيه وأسبابه.
ولو استقرأنا معاني الخلاص في الأمم والتيارات والأديان لوجدناها بعدة معاني على نحوين:
1_ متفائلون : جهة بحثت الخلاص بمعنى النتيجة والمآل والتطوير لتحقيق التغيير.
2_ متشائمون : جهة بحثت الخلاص بمعنى رفع البؤس .
فالجهة المتفائلة بشكل عام تسوق الأمل للناس في أطباق الخطط العلمية والأنظمة المزعومة حسب الاهتمامات ، فمن يرى الخلاص في الازدهار المادي يطرح الخطط الاقتصادية للوصول إلى الرخاء والسيولة، ويختلف هذا الطرح رغم كونه في نفس المجال بحسب تعدد الأنظمة الاقتصادية من رأسمالية أو اشتراكية أو حتى ماركسية ، ومن يرى الخلاص في النظام السياسي يطرح برامجه السياسية بما يدعي وجوده من الديمقراطية مع تفاوت مفاهيمها في مدارس الطرح السياسي سواء كانت ليبرالية أو جمهورية أو ملكية أو غيرها، ومن يبحث عنه في النظم الاجتماعية .. وهكذا دواليك، ولا يخفى على المتتبعين أطروحات كالجمهورية والمدينة الفاضلة وما شابهها من محاولات متفائلة لبناء مجتمع خالي من المشاكل ومتخلصا من الهموم البشرية.
والجهة المتشائمة تنظر للحياة أنها منبع البؤس ومكمن العذاب الإنساني الذي يجب أن تتحرر منه الروح البشرية وتتخلص، وفي ذلك لجأوا لكثير من البحوث التجريدية والتجردية استخدمت فيها آلات السحر أوروحانيات الأديان وقد وصلت لحالات متقدمة من جهة ومتخلفة من جهات أخرى، كالانتحار عند البوذيين والتجرد عند الصوفيين والرقص وبذل الجهود بالتقافز للوصول لحالة النشوة التي تفقدهم الشعور بالبدن.
وما مر سابقا قد يشير للخلاص على نحو النتيجة لاستمرار التطور والوصول للقمم والمتشائمون يشيرون له على نحو الموت والحياة والخلود والفناء..
وهنا نتوقف عند تقسيمهم للتفاؤل والتشاؤم بحسب الإيجاب والسلب ورمي الفكرة الدينية والعقدية بالتشاؤم، بينما الأمر بين الدنيوي وطول الأمل لدرجة وصلت لخيالية الإفلات من الموت بالتحرر من الزمن، وبين التعامل مع الخالق والخلاص من معصيته لتحقيق درجة الحصول على الجزاء بنفس العمل الإلهي والسرور بخدمته والانقياد إليه والتوحش من أي شيء غيره.

بمعنى آخر بسيط : الخلاص عند المتفائلين يعني الانتهاء من الشيء بعد الوصول للغاية القصوى..

وعند المتشائمين هو الخروج من البؤس والتخلص منه..

وقد يمكن الجمع بينهما عند المتدينين ولا خلاف في إمكانية ذلك في مذهب أهل البيت عليهم السلام..
ولكن !
هناك خلاص بالمعنى العام يتضمن التخلص من كل ما من شأنه أن يجلب البؤس، سواءا كان دنيويا أو أخرويا، حياة أو موتا ، وآخر يختص :
*بخلاص الفرد وخلوصه من أدرانه النفسية لتتحقق التخلية ليتسنى له بعدها التحلية.
* بخلاص المجتمع من مشاكله ومسببات تعاسته .
* بخلاص الروح مجردة واتحادها مع العالم الآخر رغم حياتها الدنيوية.
فهل يمكن تصور كل ما مر من المعاني منفردا كحل من الحلول الناجعة على نحو بسيط ؟
وهل يمكن أن يصنعها البشر بعقله دون الاستعانة من أحد؟

هذا ما لا يعتقده الشيعة الإمامية، فالخلاص عندهم يحتاج لأفراد مخلصة خلصت أنفسها من مشاكلها الفردية، ويتبعون قائدا ذو ولاية سماوية يقود الأمة بمنظومة تشمل كافة مجالات الحياة على نحو مترابط بقرار واحد حكيم منضبط واضح .
فالحيرة أن يقترح العالم للاقتصاد مئات الحلول وللاجتماعيات آلافها وللسياسة أنظمة مختلفة متعددة قد تتباين وتتداخل فيما بينها بقوانين متفاوتة قد تتعارض وتتصادم! وسنناقش ذلك إن وفقنا الله في المقالات القادمة..
لذلك فالخلاص الدنيوي والأخروي يحتاج لمخلص مبعوث من السماء..

والحمد لله رب العالمين..

عباس العصفور
النجف الأشرف