بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فَسَلِّمْنِي، وَبِذُنُوبِي فَلاَ تَفْضَحْنِي، وَبِسَرِيرَتِي فَلاَ تُخْزِنِي، وَبِعَمَلِي فَلاَ تَبْتَِلْنِي، وَنِعَمَكَ فَلاَ تَسْلُبْنِي، وَاِلى غَيْرِكَ فَلاَ تَكِلْنِي.
روي عنه عليه السلام في دعائه: وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فَسَلِّمْنِي، وَبِذُنُوبِي فَلاَ تَفْضَحْنِي.
أن الكلام بعجائب مخلوقات الله الكثيرة التي نعلمها والتي خفيت عنا رحمة منه علينا، الجن من مخلوقات الله عز وجل عرفناها من خلال كتاب الله القرآن الكريم، وروايات أهل البيت عليهم السلام، قال تعالى في محكم كتابه العزيز بعدد من الآيات الكريمة منها:
قوله تعالى في سورة الذاريات: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
وقوله تعالى في سورة الإسراء: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}.
وقوله تعالى في سورة الأحقاف: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ}.
يتبين أن الجن كالبشر مؤمنين وكفار، ومقصدنا أن طائفة الكفر منهم كحال البشر من شرورهم وأذيتهم، روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: الجن ثلاثة أصناف: صنف حياة وعقارب وخشاش الأرض، وصنف كالريح في الهواء، وصنف عليهم الحساب والعقاب، وخلق الله الإنس ثلاثة أصناف: صنف كالبهائم، لهم قلوب لا يفقهون بها، وله آذان لا يسمعون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، وصنف أجسادهم أجساد بني آدم، وأرواحهم أرواح الشياطين، وصنف كالملائكة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله.
الإنسان في مراحل حياته يفعل الأشياء التي تحط من حسناته وتزيد في ذنوبه التي إن اطلع عليها غيره لما كلمه أو صافحه، روي عن الإمام الجواد عليه السلام قال: حدثني أبي، عن جدي عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لو تكاشفتم ما تدافنتم.
كل ذلك يكون بغضب الله على عبده بكثرة ذنوبه، ولها الآثار المهلكة في الدنيا والآخرة، روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: إن العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب، أو إلى وقت بطيء، فيذنب العبد ذنباً، فيقول الله تبارك وتعالى للملك لا تقضِ حاجته، واحرمه إياها؛ فإنه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني.
روي عنه عليه السلام في دعائه: وَبِسَرِيرَتِي فَلاَ تُخْزِنِي، وَبِعَمَلِي فَلاَ تَبْتَِلْنِي.
قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة غافر: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}.
أن الله يعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر، فيرشدنا الإمام عليه السلام أن نشتد بالدعاء ونجتهد لنكون كما أراد لنا، روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): ما ينفع العبد يظهر حسنا ويسر سيئا، أليس إذا رجع إلى نفسه، علم أنه ليس كذلك، والله تعالى يقول: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية.
فالخزي الذي يهرب منه الإنسان ما يخفي داخل سريرته ما لا يعلمه الا هو وربه، وبما أن العدل الالهي لابد أن يبين، روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: ما من عبد أسر خيرا فذهبت الأيام أبدا حتى يظهر الله له خيرا، وما من عبد يسر شرا فذهبت الأيام حتى يظهر الله له شرا.
فتكون كل النتائج التي خفيت تظهر من خلال عمل الإنسان حسنا أو شرا، روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من أصلح فيما بينه وبين الله أصلح الله فيما بينه وبين الناس، ومن أصلح جوانيه أصلح الله برانيه، ومن أراد وجه الله أناله الله وجهه ووجوه الناس.
إن الفساد الداخلي للإنسان عند ظهوره يؤثر على طبعه فيعطيه آفة سوء الخلق، فيبتلى لعله يرجع، فيكون كما روي الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل.
روي عنه عليه السلام في دعائه: وَنِعَمَكَ فَلاَ تَسْلُبْنِي، وَاِلى غَيْرِكَ فَلاَ تَكِلْنِي.
فقال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الأنفال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
إن من موجبات سلب النعمة عن الإنسان ما يروى عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): إن الله لم يعطِ ليأخذ، ولو أنعم على قوم ما أنعم وبقوا ما بقي الليل والنهار ما سلبهم تلك النعم وهم له شاكرون، إلا أن يتحولوا من شكر إلى كفر ومن طاعة إلى معصية.
يخاف الإنسان المؤمن من أن يخرجه الله من كنفه في التوكل إلى غيره، وفقده لثمرة التقرب الإلهية حيث روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها.
قد يقع الإنسان في غلط الاعتماد التَّامّ على الأسباب والوسائل وحدها، ويعد هذا نوع من الشِّرك الناتج عن ضعف الإيمان، والثِّقة بالله تعالى، ولا ينافي ذلك سعي الإنسان، والاستفادة من الأسباب الطَّبيعيَّة.
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله ) قال: يقول الله عز وجل : ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أبواب السماوات والأرض دونه ، فإن دعاني لم أجبه ، وإن سألني لم اعطه.
ونحن في هذه الأيام والليالي المباركة نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.
عن الإمام الصادق عليه السلام قال: إنَّ لنا دولةً يجيء الله بها إذا شاء.
ثم قال عليه السلام: من سرَّه أن يكون من أصحاب القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق، وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا وانتظروا هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.